الثلاثاء، 27 مايو 2014

سامي مهدي في حي مونمارت Montmartre بباريس

سامي مهدي في حي مونمارت Montmartre بباريس
*************************************************
عام 1973 عقد اتحاد الأدباء العرب مؤتمره في تونس ، وحضره وفد عراقي كبير برئاسة شفيق الكمالي رئيس اتحاد الأدباء في حينه . أتذكر جيداً أن فؤاد التكرلي وإبراهيم اليتيّم كانا من أعضاء هذا الوفد ، ولكنني لا أتذكر من أعضائه الآخرين سوى الشبان منهم : محمد مبارك ومالك المطلبي وعبد الأمير معلة .
كان حضوري هذا المؤتمر أول زيارة لي إلى تونس ، وباريس . فبعد أن انتهى كان على الوفد أن يسافر إلى العاصمة الفرنسية ليطير منها إلى بغداد .
كان إبراهيم اليتيّم يعرف باريس جيداً ، لأنه أقام فيها سنوات عدة ، فرجوناه ، نحن الشباب ، أن يكون دليلنا هناك ، فاستجاب لرجائنا بأريحية ونبل ، وطاف بنا في أنحاء المدينة ، فزرنا معه شتى معالمها : مونبرناس ، والأوبرا ، والحي اللاتيني ، وكنيسة نوتردام ، وبيغال ، ومونمارت ، فضلاً عن أشهر أسواقها : لافاييت ، وبون مارشيه ، وتاتي . غير أنها كانت في الواقع جولات سريعة وخاطفة أكثر منها زيارات . فالوقت محدود وعبء الرجل ثقيل ، وهو يسير بنا على عجل وكأنه أم يتبعها صغارها في سوق مزدحمة . أما أنا فلم يثر فضولي من كل ما رأينا سوى مونمارت .
ومونمارت حي من أحياء باريس ( باريس 18 ) كان في الماضي البعيد ضاحية من ضواحيها ، وهو في زماننا معلم من أهم معالمها السياحية . ويقع هذا الحي على تل يبلغ ارتفاعه نحو مائة وثلاثين متراً ، يُرقى إليه بسلالم كونكريتية وأزقة ضيقة منحدرة . وفي أعلى هذا التل تنتصب كاتدرائية مبنية على الطراز البازليكي هي كاتدرائية القلب الأقدس Sacre _ Coere. ومن يقف أمام هذه الكاتدرائية يطل على مشهد رائع ( بانوراما ) لمدينة باريس ، وتتجلى روعة هذا المشهد وقت الغروب .
ومونمارت هو حي الرسامين أيضاً ، فقد كان كل من سلفادور دالي ، وجورج براك ، وبابلو بيكاسو ، وإميليو موندلياني ، وكلود مونيه ، يسكنون هذا الحي في شبابهم . وغير بعيد عن الكاتدرائية ثمة ساحة تدعى ساحة ترتر Tertre وهي فضاء ينتشر فيه عدد كبير من رسامي الأرصفة ( ربما مائة أو أكثر ) يرسمون للسياح صورهم ( بورتريهات ) لقاء مبالغ زهيدة .
حين نقلت إلى العمل في باريس عام 1977 كنت أزور هذا الحي من شهر إلى آخر ، وخاصة في الصيف ، وأقضي فيه ساعة أو ساعتين . فهو يكتظ بمقاه تحيط بالساحة وبالرسامين والناس والجلوس في إحدى مقاهيه والتجوال في الساحة متعة كبيرة . فأنت ترى فيه أناساً من جنسيات مختلفة ، والكثير منهم ، وخاصة السياح ، يود أن يتحدث ويسمع ويرى .
الرسامون أنفسهم من مختلف الجنسيات ، وبعضهم عرب . وفي الحقبة نفسها كنت أرى الرسامين العراقيين فيصل لعيبي وصلاح جياد هناك . هما زميلاي في مجلة ألف باء منذ تأسيسها حتى أواسط عام 1975 ، هاجرا من العراق عام 1976 في ما أظن ، فكنت أتحدث إليهما أو إلى أحدهما مرة ، ومرة أخرى تكفيني رؤيتهما من بعيد . وقد فرحت حين علمت أنهما لم يضيعا الوقت فدرسا في مدرسة الفنون الجميلة المعروفة بـ ( البوزار Ecole des Beaux-Arts) وواصلا دراسة تاريخ الفن في إحدى الجامعات الباريسية . وهما اليوم من كبار فنانينا ، ولكل منهما شخصيته الفنية الخاصة ، ففيصل يستلهم رسومه من بيئتنا الوطنية الشعبية ، وصلاح معني بدراسة الجسد البشري وتفكيكه .
زرت باريس آخر مرة عام 2000 ، وذهبت عصر أحد الأيام إلى مونمارت ، فوجدته كما هو ، لم يتغير إلا قليلاً ، ولكنني علمت من أحد الرسامين أن السلطات الفرنسية الرسمية فرضت عليهم ، ابتداء من عام 1990 ، ألاّ يعملوا إلاّ بموجب تصريح عمل ، وأن يقدموا معلومات عن أنفسهم وعن مؤهلاتهم ، على أن يجدد هذا التصريح سنوياً ، وخصصت لكل منهم متراً واحداً من الساحة لكي لا يتجاوز بعضهم على بعض . إنه النظام والتنظيم .
*قالت ابنة الشاعر الكبير الاستاذ سامي مهدي(صبا ) انه كانت له مع ابنتيه زيارة خاظفة لباريس سنة 1990 وارفقت بذلك صورة جميلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة وهذه صورة للزقورة وفيها مكان للمعابد العراقية وترتفع بالانسان المتعبد الى الاعلى حيث السم...