الجمعة، 30 مايو 2014

القانون رقم 80 بين نوري السعيد وأحمد مختار بابان ؛ و عبد الكريم قاسم ومحمد حـــديد بقلم : سليم شاكر الامامي


القانون رقم 80
بين نوري السعيد وأحمد مختار بابان ؛ و
عبد الكريم قاسم ومحمد حـــديد

                                              
 1
  ’’ كانت  البحرية البريطانية تؤكد عام 1919م ؛وبدون أية دلائل أومؤشرات أضافية أن حقول نفط  ’مابين النهرين  Mesopotammian ‘هي الاكبر في العالم .لذا فمن السخف و الجنون التنازل عن أي جزء منها لفرنسا وبغض النظر عما نصت عليه [أتفاقية] سايكس –بيكو . وقد أوضح ليو أيمري ؛مساعد لويد جورج (رئيس وزراء بريطانيا ) الامر كثر بقوله ’تمتد أكبر حقول النفط في العالم على طول الطريق الى الموصل وما حولها ؛وما بعدها ‘ . أما اللورد جورج كيرزون (وزير الخارجية والاستعماري الخبير والعريق والمثقف جداً فقد فاق الجميع في تحديد أهمية النفط قائلاً ’ أن قضية (سفينة ) التحالف الغربي أبحرت نحو النصر على أمواج النفط ‘[1][1]. أما وزير النفط الفرنسي هنري بيرنجيه فقال وبالفرنسية أنه يعتقد أن ’النفط هو دم الارض و دم النصر ؛حققت المانيا تفوقاً في الحديد والفحم ولكنها لم تتحسب لتفوقنا في النفط .لذا وكما كان النفط دم الحرب فسيكون دم السلام .ففي هذه الساعة ,ومع بدء السلام فكل  شعوبنا المتحضرة , وصناعاتنا؛ وتجارتنا وفلاحونا يطالبون بالمزيد من النفط ؛ ودائماً المزيد من النفط ؛المزيد من البنزين ( الكازولين) ؛ودائماً بالمزيد من البنزين ثم أنفجر وبالانكليزية ؛ ’’ مزيداً من النفط ؛ والى الابد مزيداً من النفط [2][2] ‘ .
العهد الملكي وقانون رقم /80
    كتب الي الصديق العزيز( الدكتور رمزي برنوطي) مشكوراً عن بعض ما أطلع عليه المرحوم والده حول نفط العراق من خلال ترجمته نص أنكليزي لمطالب الحكومة العراقية عام 1958م؛ باستعادة مالم يستغل للتنقيب عن النفط من أراضي الامتياز داخل العراق :-
    ’’ عمل والدي المرحوم (نايف برنوطي ) عمل منذ سنة 1941 رئيسا لشعبة الترجمة في شركة توزيع المنتجات النفطية في العراق ( مجاورة لسينما الخيام في شارع) ثم انتقل بعد مؤتمر أوبك الأول الذي عقد في بغداد  بنفس عنوان وظيفته في شركة نفط العراق ’’ومقرها حينذاك البناية المجاورة لوزارة التخطيط ‘‘.
  كان رحمه الله أول مترجمين اثنين في مؤتمرمنظمة أوبك المنعقد في بغداد للترجمة من الإنكليزية إلى العربية ، بينما تولى الاخرالترجمة من العربية إلى الإنكليزية وهو موظف أرمني ويعمل  في شركة توزيع المنتجات النفطية أيضاً.
  يتميز والدي  بذاكرة قوية جدا ودقة بالغة في تعابيره وترجمته .. كما أنه كان نبيهاً جداً في ملاحظاته عما يرى ويسمع من أحداث .وكنا -أي -أفراد العائلة ،ومنذ ما بعد ثورة 14 تموز 1958، نشتري 3-5 صحف يومية لكافة الاتجاهات ، ومنها الصحيفة الإنكليزية (بغداد تايمز ؟ أو عراق تايمز؟) . وفي مساء اليوم الذي نشر فيه القانون رقم  80 في الصحف المحلية ، وبعد  قراءة والدي النص  باللغة العربية بدقة ،التفت إلي قائلاً :
رمزي: لقد ترجمت أنا هذا القانون قبل 3 سنوات !!! .
ثم أضاف :
سنة 1958 حضر مقر عملي في شركة توزيع المنتجات النفطية (وكنت في أكثر الايام أعمل بعد الظهر أيضاً ) حضر شخص وأبلغني أن نوري السعيد يطلبني، وأن سيارة بأنتظاري لأخذي اليه !!. قلقت جداً كوني لا أتعاطى نهائيا بالسياسة ولست موظفاً فنياً أوإدارياً أضافة الى أنني  لم التق  نوري السعيد (الباشا ) طوال حياتي الا أنني لم استطع الرفض. وصلت داره في جانب الكرخ وكان الباشا في استقبالي . وبعد الترحيب التقليدي والمجاملات ، قال أنه سمع عن كفاءتي كمترجم كما تـأ كد من إخلاصي الوظيفي وأمانتي.  وبعد أن شكرته قال أن لديه كتاب سري للغاية ويرجوني  ترجمته وطبعه على الالة الطابعة بيدي ، أي ألا أسلمه لكاتب الطابعة . ثم علي أن احرق المسودات وحتى الكربون المستخدم لطبع النسخ الاخرى. واضاف انه وبعد انتهائي من ترجمة الكتاب وطبعه بعدد ( محدود ) من النسخ ، أن أجلبه شخصيا إلى داره وأكد علي بان أسلم الترجمة له شخصيا أو للهانم فقط ( يقصد زوجته) وكرر تاكيده بأن لا أسلمه إلى أي شخص ثالث بتاتاً حتى لو كان أبنه صباح .. ثم لمح لي بان عدم الالتزام بالسرية سيضرني كثيراً ، وهو تهديد مبطن واضح . يقول المرحوم الوالد قائلاً : تبين لي فيما بعد بأن الكتاب المطلوب ترجمته هو قانون يتعلق باسترجاع حقول نفط غير مستثمرة من شركة نفط العراق ..
أكملت الترجمة خلال أيام وكنت أقوم بالترجمة بعد أوقات الدوام حيث لا يتواجد موظفو شعبة الترجمة ، وطبعت أوراقها بيدي ثم مزقت المسودات وأوراق الكاربون ..
بعدها ؛ ذهبت عصرا إلى بيت الباشا الذي استقبلني مرحبا وطلب مني البقاء لشرب الشاي.
وخلال فترة تواجدي معه سألته قائلا : باشا ،لماذا كل هذه السرية ,وما موجب تأكيدك المتكرر علي بالتكتم على الموضوع  طالما أنه سينشر يوما ما بالتأكيد .
أجاب بما لم أكن أتوقعه فقال : حال عودة المجلس النيابي للأنعقاد ( وكان المجلس في عطلة أيامها ) سافاجيء النواب بتقديم القانون للحصول على موافقتهم ’’ وقبل أن يحرك الإنكليز عملائهم لإيقاف تشريع القانون !!! ‘‘ ..
   ترك والدي منزل نوري السعيد مستغرباً تعليقات الباشا وتكتمه ؛وهو المعروف بعلاقاته وتعاونه مع الانكليز ( قبل أن يحرك الإنكليز عملائهم لإيقاف تشريع القانون !!! ).
وأضيف أنا ما يلي: في مذكرات محمد حديد طبع دار الساقي سنة 2006 وفي الصفحة 434 ، وتحت عنوان قانون الرقم 80 كتب ما يلي حرفيا:
 ’’... ووضعت شخصياً صيغة القانون المذكور، والذي لا تزال مسودته محفوظة لدي ... " ,  والذي صدر فيما بعد باسم القانون الرقم 80 لسنة 1961 في 11/12/1961.
    المؤكد أن السيد محمد حديد دقيق وصادق فيما كتبه في مذكراته ، ولا أشك بتاتاً بما كتب.
 ولكني واثق من مصداقية والدي كما أثق بمصداقية ما سجله محمد حديد فكيف أفسر هذين الجانبين للموضوع ؟ . فهل أعد القانون المقترح في بيت نوري السعيد أو في مقر رئيس الوزراء (عبد الكريم قاسم ؛أو عند محمد حديد أو حتى أعد كما يقول أخرون من قبل الاستاذ أبراهيم كبة ؟ ) .
  أم أن مصدر النص الإنكليزي هو نفسه في الحالتين ( ويعتقد والدي أن واضع ذلك النص  قد يكون نديم الباجهجي) ثم ترجمت انا مسودة أو أوليات هذا القانون نفسه .
ارجو ان أستفيد من تعليقات واراء من يستطيع افادتي بهذا الموضوع ‘‘.
د. رمزي برنوطي
1/9/2008م ..
                                        -------------
يورد المرحوم الاستاذ عبد الرزاق الحسني في كتابه ’تأريخ الوزارات ‘مايلي :
               
                          بيان من مدير الانباء والتوجيه العام :
’’ تعديل أمتيازات النفط ‘‘.
   ’’ لما عدلت الحكومة العراقية أمتيازات شركات النفط العاملة في أراضيها على أساس مناصفة الارباح ؛أشترطت على هذه الشركات أن تزيد في حصة العراق من هذه الارباح أذا ما حصلت الدول المجاورة على زيادة في أرباحها من نفطها ..ولما كانت بعض الدول قد حصلت على مثل هذه الزيادة فعلاً . طالبت الوزارة تنفيذ هذا الشرط ؛ وتصفية بعض الحسابات الموقوفة ؛ وأموراً أخرى ؛ وقد وصل ممثلون عن الشركات التي يعينها الامر الى بغداد للقيام بالمفاوضات المطلوبة مع الجانب العراقي ؛فأجتمعوا برئيس الوزراء أحمد مختار بابان فأوضح لهم هذا أن أمتياز النفط المعطى عام 1925؛ والمعدل في عام 1932م؛ يعتبر غير مشروع من ناحية القانون الدولي ؛ لأنه عقد بين قصير [ قاصر] ووصي .والقانون لا يجيز مثل هذا العقد ..فأدركوا الغاية من قوله وأجابوا : ’’ لا تعتقد الشركة بأن شرف الحكومة العراقية يسمح بمثل هذا التمحل [ المكر والكيد ؟]؛ ومثل هذا التنصل ‘‘. فعدّ رئيس الوزراء هذا الكلام تراجعاً من الشركة ؛ وقال للممثلين :’’ ولكن ليس من المروءة أن يكون الضخ من الكويت أعلى منه في العراق ؛ في حين أن نفوس الكويت لا تتجاوز ربع المليون نسمة بينما نفوس العراق زهاء سبعة ملايين ؛وطالب بأمرين :
1.     زيادة الضخ لتأمين موارد كافية للبلاد ..
2.     التنازل عن الاراضي غير المستثمرة [ الى ] الحكومة .
فأجاب الممثلون أنهم يوافقون على هذين الشرطين أذا أعطت الحكومة العراقية الاراضي المتنازع عليها للشركات الانكليزية . فرد رئيس الوزراء ’’ أنها تعلن بصورة عالمية وتعطى لمن يقدم أفضل الشروط ؛وتفضل الشركات البريطانية على غيرها أذا تساوت العروض ‘‘. وعلى هذا تم الاتفاق على أصدار البيان الآتي :
بيان رسمي :
’’ عقدت خلال  الاسبوع  المنصرم أجتماعات عديدة في مكتب معالي وزير الاقتصاد مع ممثلي شركات النفط ؛وقد تراس الجانب العراقي السيد رشدي الجلبي وزيرالاقتصاد ,وجرى البحث خلال هذه الاجتماعات بالمواضيع التي تهدف الى زيادة أنتاج النفط من العراق ,وزيادة حصيلة الحكومة من واردات النفط , وحسم الخلافات بين الحكومة والشركات بصدد حسابات حصة الحكومة للسنوات الثلاث الماضية ,وتبادل الجانبان وجهات النظر بصدد هذه المواضيع ,وتم التوصل الى النتائج التالية :
   1.’’طلبت الحكومة من الشركات أن تتخلى [ لها] عن الاراضي المشمولة بالامتياز ؛والتي لا تقوم الشركات بأستثمارها حالياً ,وأبدى ممثلوا الشركات موافقتهم المبدأية على مبدأ التخلي . وسيشرع الجانبان بوضع الخطة التي بموجبها سيتم التخلي عن هذه الاراضي ليتسنى للحكومة دعوة شركات النفط العالمية لتقديم عروض أستثمار تلك الاراضي ؛على غرار الاتفاقيات التي عقدت مؤخراً مع الاقطار المجاورة المنتجة للنفط ..
   2.’’تقرر مبدئياً مضاعفة الانتاج الحالي للنفط خلال فترة لا تتجاوز عام 1961م ,[ أي عام أصدار القانون رقم 80] , وطالبت الحكومة أن تقوم الشركات من الآن بوضع الخطط اللازمة لزيادة الانتاج بعد 1961م؛بحيث يتناسب مع القابلية الانتاجية الجيدة لحقول العراق النفطية وما تصدره البلدان المجاورة من كميات لئلا يتخلف العراق عن اللحاق بها .
   3.’’ تبودلت وجهات النظر النهائية بصدد الخلافات القائمة بين الحكومة وبين الشركات ومن ضمنها حسابات تكاليف الانتاج للسنوات الثلاث الماضية ؛وتقرر أن تتقدم الشركات بمقترحاتها الاخيرة حول الموضوع قريباً؛ في ضوء بيانات الجانب العراقي؛ ليتسنى للحكومة تقرير ما يجب أتخاذه من أجراءات بهذا الشأن [3][3]‘‘ أهـ .
                                                                           
                                                   الزعيم الركن محسن محمد علي
                                                   وكيل مدير الانباء والتوجيه العام    
                         ------------------------
بعده يورد الاستاذ الحسني رسالة توضيح ضافية أرسلها اليه المرحوم رشدي الجلبي وزير الاقتصاد موضوع الاشارة .ولطول الرسالة وسهولة مراجعتها في المصدر المذكور نكتفي بتلخيص أهم ماجاء فيها :
1.     التأكيد وبشكل خاص على دعم  نوري باشا السعيد القوي جداً لجهود لوزارة الاقتصاد مقابل شركات النفط العاملة في العراق .
2.     لم تقتصر مساعي وزارة أحمد مختار بابان على استعادة غير المستثمر من أراضي أمتيازات النفط بل شملت موضوعات عديدة أخرى لمصلحة العراق .
3.     تأكيد المرحوم رشدي الجلبي أن المفاوضات حول أمتياز النفط الممنوح عامي 1925؛1932؛ ’’بأن أطراف هذه الاتفاقيات في ذلك الوقت كان طرفاً واحد اً ,وهو الطرف البريطاني بحكم الانتداب ؛الذي كان يخضع اليه العراق في ذلك الوقت .......  وكان المفروض أن يتم [تتم] أستعادة 90% ؛ من مجموع هذه الاراضي ‘‘ .
4.     ’’ ومن الجدير بالذكر أن النقاط التي تم التوصل اليها في المفاوضات المشار اليها لم تثر أو يجري بحثها في أي مفاوضات سابقة وأن هذه النقاط قد أعتمدت فيما بعد ,كما علمت من مصدر مسؤول في المفاوضات التي جرت مع شركات النفط والتي سبقت أصدار قانون رقم 80  في سنة1961م؛ وتفضلوا في الختام بقبول فائق تقديري.
                        بيروت في 7/8/1974              المخلص : رشدي الجلبي [4][4]                   
                                             -----------------
  ملاحظات 
  1. وضعت رسالة السيد رشدي الجلبي اللمسات الاخيرة على محاولة وزارة أحمد مختار بابان وبدعم وتشجيع نوري السعيد على مضاعفة حصة العراق من الاراح وتحقيق زيادات كبيرة في الانتاج النفطي وبالتالي المردود المالي لدعم النهظة العمرانية في العراق ..السؤال الذي يفرض نفسه :هل أطاح القانون رقم 80 ؛( أي ؛أستعادة العراق لجميع الاراضي التي لم يستثمرها أصحاب أمتياز التنقيب عن النفط في الاراضي العراقية وأعادتها دون مقابل الى العراق وفقاً لنصوص الامتياز نفسها) ؛علماً بأن العهد الملكي لم يكمل مشروعه ,وسنرى أدناه كيف عجلت مطالبة نوري السعيد بضم أمارة الكويت الى الاتحاد الهاشمي بتسريع الاحداث  ؟؟؟.
2. هل أطاح القانون رقم 80 ؛وبعد خروجه الى النور برحيل عبد الكريم قاسم ؛ والذي و لأجادته اللغة الانكليزية  تولى أدارة وترؤس المفاوضات بنفسه كما لعب دور الرائد والمبادر في أنشاء منظمة ’أوبك ‘ للدول المنتجة للبترول وهدفها الرئيسي حماية هذه الدول أمام أخطبوط الكارتل النفطي ؟؟. وهل كان تأميم حزب البعث العربي الاشتراكي للنفط عام 1972؛وراء التشدد والعداء والحصار الذي فرضته الولايات المتحدة والغرب على العراق حتى أنهوا حكم البعث الذي تمرد على الخضوع بل وربنا أنهوا العراق نفسه .الملاحظ أن حقائق التأريخ ثابتة ولا تتغير ولكن قيمتها وأولياتها وتأثيراتها على الاحداث هي التي تتغير ..وكم من حدث يجبرنا على العودة الى هذا الحدث أو ذاك .وكمثال بسيط على ذلك قول نوري السعيد بأنه : ’’ كان الغطاء الكابح لما يخفيه الخزان العراقي من روائح ومكايد ومطبات قد تحرق الأخضر واليابس ,وهل يحق لنا أن نعتبر مامرّ على العراق من بعد زوال الحكم الملكي لا أكثر من تصديق لنبوؤة أو تحذير ثعلب الشرق4 الاوسط نوري باشا السعيد ؟؛أسئلةٌ لعل لها أول ولكن بلا نهاية ولا أخر!.  
3. لو لاحظنا قصر المدة مابين مطالبة العهد الملكي بأستعادة الاراضي غير المستغلة والاطاحة بالعهد ,سنلاحظ أن عهد قاسم لم يطح به بهذه السرعة ؛وربما لأنه لم يبفذ القانون 80 فعلاً ولم تشكل شركة النفط الوطنية الا في عهد المرحوم عبد الرحمن عارف ..
4 .أما في عهد أحمد حسن / صدام حسين فقد تحقق ما هو أكثر من تنفيذ القانون ؛أي التأميم ؛ بل وضم الكويت للعراق ليتربع صدام أو العراق على أكثر من 25%من أحتياطي نفط العالم.
5. كانت رسائل الغرب الى العراق صريحة وواضحة وخلاصتها :النفط خط أحمر ومن يتحرش بأمتيازات الغرب فيه ,فهذا على أستعداد لخوض حرب عالمية ثالثة لأجله .النفط  يعني  القوة Power ,والمال (والكثير ؛الكثير ؛الكثير جداً من المال !!!) .
 أ .قالتها القيادة السوفيتية بعد ثورة 58 في العراق ؛لعبد الناصر يوم ترك هذا بريوني وضيافة تبتو وطار الى موسكو يسألهم حماية ثورة العراق فقالوا له :’’ ما لم يتحرش النظام الجديد بأمتيازات الغرب في النفط فلاخوف عليه ‘‘ –تناول هيكل هذا بتفصيل ..
  ب .بعد نكسة حزيران 1967؛حدث تململ وتحركات غاضبة في العراق تبحث عن حل لأزمة العرب أو برد سياسي ’’  تغيير أنظمة النكسة ‘‘ لأستعادة الكرامة المفقودة وتواصل النشاط السياسي المحموم في لماذا جرى ماجرى ؛وما العمل .طرحت مشروعات تظاهر وقيام جبهات وطنية و... ..و ؛يومها تحث الينا أحد ضباط كلية الاركان وكان برتبة مقدم ركن ( سأحتفظ باسمه ومنصبه لأسباب خاصة) ؛الغريب أنه ركز كلمته على نقطتين ’’ الاولى ..أن نترك الامر بيد المسؤولين فهم أعرف منا بما يجري أو يجب عمله ( ولا غبار على ذلك في الشرق الأوسط  )؛أما الثانية. فكانت بأعلامنا أن القيادة السوفيتية بعثت برسالة الى حكومة عبد الرحمن عارف تحذر فيها من التعرض لمصالح الغرب النفطية ؛لأنه –أي الغرب –على أستعداد لخوض حرب عالمية ثالثة , وأنهم –أي السوفيت – ليسوا على الاستعداد للوقوف معنا أو خوض حرب مع الغرب لأجلنا ‘‘. يومها أستغربت أن تصل معلومات مثل هذه الى مقدم ركن مثله وأن يسمح له بتحذيرنا بهذه الصراحة المتناهية .
ج أقرأ فيما أقرأ هذه الايام ؛ كتاباً عن مؤتمر الصلح عام 1919م [5][5],والملاحظ أن معظم دول التحالف الغربي (بريطانيا ؛فرنسا ؛أيطاليا والولايات المتحدة + اليونان)  أنشغلت بهموم ما يجب أن تحصل عليه من أراضٍ جديدة في أسيا ؛بأستثناء  أميركا التي ركزت على التهرب من أي تدخل عسكري في آسيا ( لا فيتنام ,لا كوريا ؛لا أفغانستان ؛ لا عراق و البقية تأتي ) .حتى فرنسا فقد ركزت همها ( عدى سوريا الكبرى والساحل اللبناني ) على ضمان الحصول على أكبر مايمكن من أراضي وصناعات في المانيا ..بريطانيا وحدها أحتفظت –رغم غضب فرنسا – بما يقرب من نصف مليون جندي من دول الامبراطورية لهدف واحد و وحيد هو : النفط ؛النفط ثم النفط ؛وكأن رئيس وفدها ورئيس وزراءها ممثل لشركات النفط لا أكثر ولا أقل ؛ بالمناسبة كان أسمه ......ديفيد لويد جورج ..
                                        -----------------------
   ليس هدفنا تزكية أحد أو أضفاء الصفات الوطنية على أخرين رغم أهمية ذلك أنصافاً لمن ضحوا  لأجل  العراق ولكنها  محاولة لمعرفة حقيقة ماجرى في العراق .ولا حاجة بنا لتأكيد ما تعرض له العراق في الفترة مابين 1954- 1958 كأنشاء حلف بغداد وخلال العدوان الثلاثي على مصر وقيام الجمهورية العربية المتحدة ؛والاتحاد الهاشمي ؛وشروع أخر حكومات العهد الملكي برئاسة المرحوم أحمد مختار بابان بمفاوضة شركات النفط لأستعادة ما لم يستغل من مناطق وأراضي أمتياز شركات النفط  الغربية ( وهي ما يعنيه القانون الرقم 80)   ثم وأخيراً  وليس أخرا (الانقلاب العسكري) الذي أطاح بالعهد الملكي مفتتحاً بذلك مرحلة كوارث وويلات مرعبة  في تأريخ العراق مازلنا نعيش بعض فصولها دون أن يبدو في الافق ما يوحي أو يشير الى نهايتها أو لومضة ضوء في النفق الطويل الذي بدأ يوم 14تموز 1958؛ ولم تلح لنا نهايته حتى اليوم  ؛فيا شعب العراق , و’’ يا أعداء المحتل أتحدوا ‘‘وتبينوا ما يراد بكم قبل أن يفوت الاوان ؛ أتحـــدوا عسى أن نصنع أو نعيد الامل .
    مع ذلك هناك سياسات ومواقف تحتاج كما أرى الى الكثير من الجهد لأجلاء غوامضها ؛ دون تجاهل غرابتها وصعوبة تصديق أحداثها ومجرياتها أو حتى كيف أمكن تمريرها مثل :
                                                    
                                                             2                         
                        
الاتحاد العربي/الهاشمي  مع الاردن
1 .كان سلوين لويد وزير خارجية بريطانيا آنذاك هو صاحب أو مبتكر  فكرة أقامة الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن .لم يكن  نوري باشا السعيد مؤيداً لمشروع أتحاد فيدرالي أو\ كونقيدرالي مع الاردن حتى انه وأمام المصاعب  المالية قدم أستقالته تخلصاً من أعباءه وليتولاها من أرادوا الاتحاد !!؟ ؛ وعدّ الامر بكامله تكليفاً لم يقتنع به وغاية بريطانيا الوحيدة والاساسية هي التخلص من أعباء ميزانية الاردن والقاء ذلك على كاهل العراق الذي بدأ يتسلم وحديثاً القليل جداً من أرباح نفطه الذي كان ومازال معظم خيره يصب في خزائن الغرب.
  أ. وصف جودت الايوبي – من رؤساء الوزارات العراقية السابقون -؛ وصف الاتحاد بين العراق والاردن كــ’’ المشاركة بين الحمال المعدم والمثري الاميركي الشهير روكفيلر ‘‘ ..
       ب.أما ’’ الوزير المزمن المرموق جمال بابان فقال لنا [ أي للحسني] ؛ ’’ أن هذا الاتحاد
    يعني بلع الاردن للعراق ‘‘ ..الحسني ج/ 10؛ ص216.
       ج . بتأريخ 24شباط1958,أبلغت مديرية أمن بغداد الاستخبارات العسكرية بتقرير
     خاص وسري بأن الجنود من طلبة المدارس الثانوية هاجموا الاتحاد الهاشمي وحثوا
الجنود [الاخرين !!؟ ]؛ على التمرد ضده .
      د . وضعت قنبلة موقوتة في سيارة السيد باسل رؤوف  الكبيسي التي كانت تقل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الاردني سمير الرفاعي لتقضي عليه وعلى نوري السعيد ؛ولكنها أنفجرت قبل أن يركبا السيارة بخمس دقائق ..10/216.
  هـ .’’ صرح المرحوم أحمد مختار بابان أمام محكمة العسكرية [محكمة المهداوي]؛ أن دستور الاتحاد يخالف صميم الدستور العراقي [ الحسني /1/ص 208-16,ومحاضر المحكمة الخاصة ج/4؛ ص 1543] .لذا سعى السعيد الى ,أقناع أميركا وبريطانيا بمواصلة مساعدة الاردن مالياً  مساعداتها  تخفيفاً عن كاهل العراق .ولكن[ وكما توقع نوري باشا ] ؛وقد طلبت بريطانيا من العراق ذلك فعلاً حال عقد الاتحاد الهاشمي في 14شباط 1958.
   هناك نقطتان هامتان بقد تعلق الامر بمستقبل العراق وما ستمر من أحداث شديدة التأثير حتى اليوم وهما :
2.الطائفية والوحدة العربية
  بعد أن يورد الاستاذ الحسني أن المبادرة الاردنية لأقامة الاتحاد كانت تنفيذاً لأقتراح وزير خارجية بريطانيا سلوين لويد لذا لبى الملك فيصل دعوة ملك الاردن ولعدم تحمس الوصي للأتحاد مع الأردن رفض السفر الى عمان ؛ألا أنه اضطر كما يبدو للسفر الى عمان وشكل مجلس نيابة بدلاً عنه للألتحاق بالملك فيصل .يرى الحسني أن الاتحاد الهاشمي ليس سوى لعبة لأمتصاص النقمة الشعبية و’ كجواب على قيام الجمهورية العربية المتحدة .....وبأيعاز من أميركا وبريطانيا قابلته الاوساط القومية بالاستنكار ؛بزعم أنه لم يكن نابعاً من فكرة أصيلة , ولم يكن يستهدف غرضاً شريفاً .....‘‘ ؛ثم يضع علامة أو رقم حاشية عند ’شريفاً ‘, ويفسر ذلك في أسفل الصفحة قائلاً  :
  ’’الملاحظة الجديرة بالعناية أن العراقيين لم يتحمسوا للأتحاد الهاشمي لسببين : أولهما تقسيم العراق الطائفي والعنصري ؛ذلك التقسيم الذي لا ينظر الى تغيير الواقع بأرتياح خوفاً من تبديل نسبة التمثيل القائمة ؛وثانيهما شعور العراقيين بالحيف الاقتصادي من جراء أتحاد غير متكافئ أقتصادياً بالاضافة الى أن عدداً من العراقيين أعتبر هذا الاتحاد تحدياً  لزعامة عبد الناصر العربية . ثم يضيف وبلون مغاير في هامش ج/10 ص195:-
   ’ وهنا يقتضيني الحق أن أقول أن الكثيرين من ساسة العراق كانوا يريدون أبعاد العراق عن الاضطلاع بأية مسؤوليات قومية خوفاً من أن تكلفه هذه المسؤوليات بعض التضحيات المالية . عن ’’تاريخ من ذكريات العراق ص 580- .هـ ‘‘ الحسني 10/ ص 194- 5 .
  تعليـــــق  . لا أعتراض ولا جدال حول أستخفاف العراقييين بالاتحاد لأنه فعلاً وكما وصفه الحسني لعبة أميركية- بريطانية لأمتصاص النقمة أو كجواب على وحدة مصر وسوريا فشتان ما بين الحدثين وكيفية تحققهما ,وصحيح أن أعباءً أقتصادية لا تطاق ستلقى على عاتق العراق بسبب هذا الاتحاد الهاشمي وقد بدأها الاردن وكما ذكر الحسني في مكان أخر من ج/10؛كيف أن الاردن بدء شراء المنتجات النفطية بأسعار مخفضة وبالآجل وأن نظام عبد الكريم قاسم طالبه بأكثر من نصف مليون دينار قيمة تلك المشتريات .وصحيح أن جميع القوى الوطنية لم تجد سوى السخرية من هذا الاتحاد ودعاته ؛ويكفي القول أن أثنين من أكبر أصدقاء بريطانيا والغرب لم يتحمسا بل وربما تشاءما منه وهما الوصي على العرش و نوري باشا .أما فكرة التنويع الطائفي فقد أثارت دهشتي  لأننا لو وضعناها في الحسابات القومية لقضينا على فكرة الوحدة العربية لأنها تريد أبتلاع طوائف وقوميات تظل أقليات رغم تعدادها الكبير أو لبعضها على الاقل .أرى أن هذه نقطة جديرة بالبحث لتأكيد أن الحسني رحمه الله لم يرد بها وهو القومي العربي وأحد مناصري  حركة رشيد عالي الكيلاني –وجه الله ..
  أما عن ملاحظ الحسني عن رغبة بعض ساسة العراق بابعاده عن الاضطلاع بمسؤولياته القومية فمسألة فيها نظر وتحتاج الى وقفة تأمل ومقارنة بين مواقف حكومات العراق أزاء المواقف والقضايا القومية وموقف الحكومات والانظمة والشعوب العربية من العراق في أزمته الخانقة والمستمرة منذ 1991 والتي تتفاقم وتتضاعف كل يوم وحتى اليوم .ولتحيا القومية العربية ولتظل راياتها خفاقة الى الابد !!.
                                             3
الاكراد والاتحاد الهاشمي ..
   1. لم يقف الاكراد مكتوفي الايدي أمام تحول كبير في الواقع العراق كصيرورته عضواً في أتحاد عربي قد يتوسع وقد يتحول الى وحدة عربية لايجد أو لايعرف الشعب الكردي فيها مصيره أو وضعه كما أن أحداً كما يبدو لم يتصل بالقوى الكردية والتركمانية والمسيحية ,أو يصدر بياناً موجه الى هذه القوى يؤكد لها فيها أن الاتحاد ؛ومالم يؤدي الى أسعادها وزيادة رفاهيتها فهو وعلى الاقل لن يمس مصالحها ولامكانتها ولا وجودها في العراق بأية أضرار . أمام  ذلك بادر الاخوة الاكراد الى ......
  بعد نشره فقرات وبنود دستور الاتحاد الهاشمي بمواده الثمانون ؛ينتقل وكأنه فقرة لاحقة بنص الدستور وهي ليست كذلك فيقول :
  و ’’نظراً لأغفال " دستور الاتحاد العربي " موضوع الاكراد فقد دب القلق في صفوفهم وقامت العناصر المتطرفة في " الحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني " بعقد أجتماعات سرية تمخضت عن أرسال وفد الى بغداد لمعرفة موقف الاتحاد من الاكراد (1) . كما أن الاكراد في حلبجة والسليمانية وغيرهما من ىالمدن الكرديو أبرقوا الى المقامات العليا في بغداد للأعراب عن قلقهم .ونص الهامش الذي كتبه الحسني على :
   ( 1) .كان الوفد مؤلفاً من السيد حمه خانقاه والاساتذة : أبراهيم أحمد ؛ومسعود محمد ؛وأحمد محمد أمين ,وعمر مصطفى المشهور بلقب’ دبابة ‘, وزيد أحمد عثمان . ( كتاب مدير أمن كركوك الى متصرفية كركوك برقم 1382 وتأريخ 9مارت/آذار 1958.
دالنقطة  ذا لم يجد\ نوري أمامه سوى أقتراح :-
4
ضم الكـــــويت الى الاتحاد .
أو ’’ وكر الدبابير أو بوابة الجحيم ‘‘.
 1. توهم نوري السعيد بأن الكويت[ ولأسباب غير واضحة ؛أو وربما بتوجيه أو ضغط بريطاني فالأتحاد الهاشمي مشروعها وهي التي أوجدت فكرته ] ستـنضم الى الاتحاد الهاشمي لتتحمل والعراق أعباء الاردن المالية.  لذا فعند وصول سلوين لويد[ صاحب فكرة الاتحاد نفسه ]؛الى بغداد في 9آذار/مارت 1958؛ فاتحه نوري بوجوب أعلان استقلال ’ أمارة الكويت ‘ تمهيداً لضمها للأتحاد ,و فعرض الامر على مجلس الوزراء البريطاني بعد عودته فطالبت بريطانيا الحكومة العراقية برتسيم الحدود مع الكويت أولاً ؛على أن يترك لها حرية القرار في الانضمام الى الاتحاد . . ’’ أوفد توفيق السويدي الى مصيف شتورة بلبنان حيث يصطاف أمير الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح وأجرى معه مفاوضات سرية مطولة بضرورة دخول الكويت في الاتحاد المرتقب على أن لا يمس الوضعين المشيخي والداخلي لأمارة الكويت ‘‘,فكان رد الامير انه لا يملك حرية التصرف في أمور خطيرة كهذه بلمحة بصر وألا بد من استشارة بيت الامارة في الموضوع . و’’ كانت عقيدة القائمين !!!؟ ؛عليه أن الاتحاد لا يمكن أن ينجح ويدوم ؛ مالم تنضم الكويت اليه فتدعمه بأمكانياتها المالية الجسيمة ؛ولا سيما في ناحيتي الدفاع والخارجية ؛ إذ لا يريد الباشا  ’’ في أخر حياتي أن أحمل الكشكول وأستجدي بريطانيا وأميركا المساعدات لتمويل جيشنا – الحسني 10/276‘‘ ؛كما عمل نوري السعيد على أقناع أمير الكويت لزيارة العراق زيارة رسمية للوقوف على مشروعاته العمرانية الحديثة ؛ونهضته المرموقة ؛فتوجه هذا الى بغداد في العاشر من  مايس/أيار 1958م ؛وأستقبل أستقبال الملوك ولما فاتحه السعيد بأمر أنضمام الكويت الى الاتحاد العربي أجابه  :ألابد من الاتصال بالانكليز و أستطلاع رأيهم في   الموضوع قبل كل شيئ .فقابل عبد الوهاب مرجان رئيس مجلس النواسب السفير البريطاني في بغداد بأيعاز من نوري السعيد وعرض على مسامعه الموضوع عرضاً  مفصلاً وألمح الى وجوب منح الكويت أستقلالها ليتسنى دعوتها للألتحاق بالاتحاد العربي كعضوٍ مساوٍ الى الاعضاء الاخرين ؛فقال سيتصل بحكومته ويوافي الحكومة العراقية بالنتيجة .’’وقد تكونت لدى المسؤولين العراقيين قناعة تامة بأن بريطانية كانت تضع العراقيل في سبيل تحقيق ذلك الهدف الامر الذي نجم عنه بعض الجفاء ؛بل التوتر ؛في العلاقات بين بغداد ولندن وجعل العراقيين يضاعفون مساعيهم وضغطهم على بريطانية  وتحميلها مسؤولية ما ينتج ‘‘ ..
   وكان في نية الامير الكويتي مغادرة العراق الى دمشق ؛والقاهرة في السابع عشر من مايس/أيار ؛فأعرب نوري السعيد عن رغبته في أن لا يزور هذين البلدين العربين في الوقت الحاضر ؛فلم يقر الامير هذه الرغبة ؛لأنه كان حذراً ومتيقظاً وسافر اليهما فعلاً .فأعدت الوزارة مذكرة خطيرة حول ضرورة دخول الكويت في الاتحاد العربي بين العراق والاردن في ضوء المفاوضات التي جرت بين الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير الكويت ؛والحكومة العراقية من جهة , وبينهما وبين الحكومة االبريطانية من جهة أخرى ؛وقد أشترك في أعداد هذه المذكرة موظفون مختصون في وزارتي الدفاع والخارجية؛ودعموها بجميع الحجج والوثائق و المعلومات التي تقنع الخاص والعام بسلامة هذا التد بير .
  كان من المقرر نشر هذه المذكرة في الثاني عشر من تموز 1958؛ولكن السفير البريطاني زار وزير خارجية الاتحاد توفيق السويدي في داره يوم 11تموز ؛وأخبره أن الحكومة البريطانية توافق على دخول الكويت في الاتحاد ؛بعد حصوله على الاستقلال ؛وأن جميع التفصيلات ستبحث في لندن يوم 24تموز 1958؛بين رئيس حكومة الاتحاد ووزارة خارجية انكلترا ؛وطلب تأجيل  نشر المذكرة [6][6]؛ألا أن قيام الثورة في 14تموز من تلك السنة جعل ضم الكويت الى الاتحاد خبراً من أخبار التأريخ  ‘‘ ..
  2.  ينقل لنا الحسني عن ’’ولدمار كولمان ‘‘ في كتابه ’’Iraq under General Nuri  ‘‘ . أن نوري السعيد كان فيأيامه الاخيرة متمسكاً بموضوع الكويت وقد ألح على سلوين لويد حين توقف هذا في بغداد سنة 1958وهو في طريقه الى الفليبين بمنح الكويت أستقلالها تمهيداً لضمها الى الاتحادي المنوي أنشاءه ..ويؤكد الكاتب أن السعيد ’’ دهش حين وجد أن لحاكم الكويت أرادة مستقلة !!؟ ؛عن الانكليز ؛وأنه يحسب حساباً كبيراً للرأي العام الداخلي في بلاده ,ومع ذلك ظلّ مهتماً بموضوع الكويت بدليل أنه طلب من السفير ؟؟ ؛ أن يقنع حكومته الاميركية بالضغط على بريطانية لتضغط  بدورها على شيخ الكويت  .الحسني 10ص 223-4‘‘ .
  لابد لنا هنا من وقفة وتعليق قصيرين عن :
    أ . بريطانيا والنفط ..
    ب ..التعامل العربي مع دول وأمارات الخليج ..
5
بريطانيا والنفـــــط
  1. كانت البحرية الالمانية تجري التجارب العملية على التحول من الفحم الى النفط وقوداً لسفنها مطلع القرن العشرين من جهة ؛ثم وحين وصل أسماع ونستون شرشيل وزيربحرية بريطانيا ’’ لورد أول للأسطول ‘‘؛ أن زورقاً حربياً المانياً يسمى ’النمر Panther‘ قد زارت ميناء أغادير المغربي في 1,تموز 1911؛ أدرك شيرشيل أن العالم مقبل على مرحلة بحرية جديدة ولابد من بناء أستراتيجية نفط  تتلائم وزيادة سرعة سفن الاسطول؛ولخص أستراتيجيته هذه  في رسالته الى رئيس اللجنة الملكية لهذا الغرض الادميرال فيشر بـ ’’ يجب الحصول على النفط ؛والقرار على كيفية تخزينه بتكلفة زهيدة ؛وضمان تدفقها بأنتظام وأستمرارية  و بأرخص ما يمكن في السلم وبشكل أكيد وحاسم في الحرب .وعليكم وبكل الوسائل والقدرات المتوفرة تطوير أستخدامه بافضل الطرق في السفن الحالية وفي الجديد المقبل منها ..... [7][7]‘‘.
     تؤكد لنا مركريت ماكميلان( حفيدة ديفيد لويد جورج ) في كتابه :" ا ’باريس 1919"  [8][8]‘أن النفط كان القوة الرئيسية وربما الوحيدةلجميع سياسات ودبلوماسية واستخبارت وتجارة بريطانيا منذ منتصف القرن التاسع في أيران والعراق والخليج والمشرق العربي وتركيا واليونان [9][9], وبحر القرم وجميع (الولايات العثمانية النفطية)  وجمهوريات أسيا الوسطى ( نفط بحر قزوين) ,أما ماعدى ذلك فدهاء ومؤامرات وأنفاق الكثير من الذهب والاموال وخطط لا أول لها ولا أخر لأ ضعاف خصوم بريطانيا – وهم العالم أجمع - ؛ لذا كانت تقترب أو تبتعد وتصالح وتعادي على ضوء ماتحتاجه من نفط . حتى قال جواهر لال نهرو (لو أختصمت سمكتان في أعماق البحر فلا بد أن بريطانيا وراء الخصومة ) .أما المؤرخ الشهير أرنولد توينبي ,وكان أحد مستشاري ديفيد لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا في مؤتمر الصلح في باريس عام 1919؛ وكان عليه تسليم بعض الاوراق فيقول ....’’ نسي لويد جورج ولحسن حظي وجودي وواصل تفكيره بصوت مسموع .ميزوبوتيميو [العراق ] .......نعم ..النفط ...الري ... يجب أن نأخذ ميزوبوتيميو؛ فلسطين .....نعم .......الاراضي المقد سة ..... الصهيونية ... .. يجب أن نأخذ فلسطين ؛ سوريا .....هٌـــم .....ماذا يوجد في سوريا ؛؟ فليأخذها الفرنسيون !!‘‘. وبمثـل هذه السهولة كان يتقرر مصير دول وشعوب وأمم ..بل قد تقرر فور أنتهاء الحرب العالمية الاولى ’الكبرى‘ ؛في نوفمبر 1918؛ فبعد شهر واحد فقط أي في’’ ك1/ديسمبر‘‘ ؛ وفي  حوارقصير بين لويد جورج وجورج كليمنصورئيسا وزراء بريطانيا وفرنسا ولحظات صداقة ودودوة :
   كليمنصو  : ’’حسناً ماذا سنبحث ؟ ‘‘. لويد جورج : ’’ ميزوبوتميا وفلسطين ‘‘.كليمنصو : ’’ قل لي ماذا تريد ؟ ‘‘. لويد جورج ’’أريد الموصل ‘‘ .. كليمنصو: ’’ ستأخذها .أتريد شيئاً أخر ؟‘‘ .لويد جورج :’’أريد القدسJerusalem؛ أيضاً ‘‘. كليمنصو : ’’ستأخذها ؛ولكن ستفان بيشو[ وزير خارجية فرنسا ] سيثير بعض المصاعب بخصوص الموصل .(ستغدو الموصل مهمة بسبب النفط ) ..
   من المؤكد أن لويد جورج قد أعطى وعوداً بالمقابل :فبريطانيا ستدعم موقف فرنسا ضد أميركا ؛في مطالبها في الساحل اللبناني وسوريا الداخل ,كما ستحص فرنسا وبالاضافة الى ذلك على حصة مما سينتج من نفط الموصل ......‘‘ ..
  2. فالنفط أذن وكما قال عنه أحد كبار الساسة الغربيين كما يقول الدكتور أبراهيم علاوي في كتابه:  ’ النفط ومسألة التحرر الوطني ‘‘؛ ’’ من يسيطر على منابع النفط يحكم العالم طوال القرن العشرين ‘‘.والمرعب هي هذه البساطة المتناهية التي تقرر فيها القوى العظمى مصير وتقادير الامم ؛ ولعل جارلس مكاي لم يذهب بعيداً بقوله ’’ ماذا تلقي أوربا بنفسها مرة بعد أخرى على اسيا [10][10]‘‘.
  انا لا أؤمن بنظرية المؤامرةولسبب بسيط هو :لا حاجة بالغرب للتأمر على أحد فكل خيرات الارض التي خص بها الله العرب وكل نضف الكرة الجنوبي مشاعة ومبعثرة بقضها وقضيضها على سطح الارض وأهلها لا غافلون عنها بل على أستعداد لحراستها وتولي العمليات الصغيرة من حفر وتنقيب مقابل أجور حراسة وعمل بسيطة وبعض ما نصت عليه الشريعة السماوية من حق أهل الارض بحصة ريعها ( 12,5% ) .لقد صفقنا بأدينا وبقلوبنا لنوري باشا السعيد يوم فرض أو أضاف ’ ريع الأرض ‘. ويستغرب الغرب منا ثوراتنا ومماحكتنا والمطالبة بحقوقنا في ثرواتنا التي ظلت مدفونة في أعماق الارض لولا مجيء ’الصاحب والصوجر ‘ ليستخرجها لنا .كل المطلوب منا أن نتعلم كيفية أستغلال ثرواتنا لخير شعوبنا لا لنليقها في جيوب وحسابات حكامنا ليلقوا بها بدورهم على موائد الخمرة والميسر وتحت سيقان وأسرة نوم غانيات أوربا وأسرائيل وما أضيف لهن من قوائم الجائعات من بنات كوسوفو  والبانيا و الجنس السلافي من بنات الاصفر والاحمر وما لحق بهن أخيراً وليس أخراً المضطهدات والجائعات وأرامل ويتيمات ربيعة ومضر.’’ أفتح مدرسة تغلق سجن ؛ولكنا والحمد لله أغلقنا جميع مدارسنا وحولنا جميع مدننا الى سجون  - متى نرى الله في أعماق قلوبنا ‘‘ .
  كنت قررت البحث في في دور الجيش في وضع النهاية الدموية   للعهد الملكي وبعض أكبر رموزه متصوراً أن البحث لن يأخذ أكثر من أحدى الموضوعات أعلاه ,ولكن أتضح لي أن الامر أطول وأعقد وأكثر غرابة مما يبدو على السطح وأكثرمن مجرد ترديد روايات وشهادات وبضعة تحليلات لذا سأبحثه منفصلاً في حلقة قادمة أو بعد أن أكمل بحثي في القضية الكردية على ضوء أحداث العراق اليوم . 
                                                                           سليم شاكر الامامي
                                                                            لندن 9/أيلول/سبتمبر 2008
مراجع ورد ذكرها
1.د.أبراهيم علاوي .النفط والتحرر الوطني زدار الطليعة (على ما أذكر).
2...Daniel Yergin .The Prize , A Touchstone Book. London ,1991.                               3..Maragret Mackmillan Paris 1919 . Touchston Book ,London 2007 ..
4.P.W.Galbraith.  The End of Iraq .Simon &Schunter , London ,2006.
5.. Charles Makay, Extraordinary Popular Delusion & Madness of coward .London
 *وصلتني عبر الايميل من الصديق السفير العراقي لاسبق الاستاذ فاروق أحمد سعد الدين زيادة فشكرا له 



   أ .تمنح الكويت أستقلالها ودخولها الاتحاد الهاشمي وتقديمها معونة سنوية للأتحاد .
  ب .في حالة عدم الاخذ بالاقتراح الاول ؛يعاد النظر في حدود الكويت لتعود الى ماكانت عليه عندما كانت مرتبطة بالعراق ..
  ج .في حالة عدم الاخذ بالاقتراح الثاني ؛يحتفظ العراق بحرية العمل ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...