الأستاذ عبد القادر عز الدين .. رمز في
التربية والإدارة التعليمية العراقية المعاصرة
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
الأستاذ
عبد القادر عز الدين حمودي وهذا هو اسمه الكامل مرب ، ومدرس ، ومدير مدرسة ، ومدير
عام للتربية في محافظة نينوى ، ووكيل وزير التربية ، ووزير للتربية ووزير للتعليم العالي والبحث العلمي ..عرفته منذ
أكثر من 40 عاما ، وعملت معه حينما كنت مديرا لمتوسطة فتح في الشورة بين 1969-1972
.. إنسان طيب ، ومتواضع ، ومخلص ، ودؤوب ، وواقعي ، وإداري ناجح ، ومدرس متميز ، ووزير
متمكن من عمله .ألف كتابه الموسوعي
"تاريخ الشرقاط "بأربع مجلدات من القطع الكبير ونشره على نفقته الخاصة
في الموصل 2012 . ويعد من الكتب المهمة والمفيدة أرخ فيه للشرقاط ووقف كثيرا عن آشور
وقلعة آشور الشرقاطية .
ولد
سنة 1934 ودرس في مدرسة الشرقاط الابتدائية، وأنهى الدراسة الابتدائية سنة 1946 ثم
ذهب إلى تكريت ودخل مدرسة التفيض الثانوية
الأهلية فيها وتخرج سنة 1949 وأكمل الإعدادية
في ثانوية تكريت ، وحصل على الشهادة الثانوية سنة 1952 ، وسافر إلى بغداد ، ودخل
كلية الآداب والعلوم –فرع الاقتصاد السياسي ، وحصل على البكالوريوس سنة 1956 .أكمل
خدمة الاحتياط العسكرية الدورة 11 في السنة 1956-1957 وبعد أن أنهى الخدمة العسكرية المعتادة عين مدرسا في المتوسطة
الغربية في مدينة الموصل في 26 -3-1957 وبقي حتى ايلول 1958 . ثم أصبح مديرا
لمتوسطة الشرقاط 1958-1961 ومديرا لثانوية الشرقاط 1961- 1964 ومدرسا لثانوية قره قوش1964 ومدرسا لمتوسطة عقرة 1964-1965 ومديرا لها
ومدرسا لمتوسطة الفاروق في الموصل 1965-1966 ومديرا لمتوسطة المثنى 1968 ..وفي
16-9-1968 عين معاونا لمدير التربية في الموصل ثم مديرا للتربية في 16-11-1969
ولغاية آذار 1975 وبعدها عين وكيلا لوزارة التربية في 27-3-1975 ووزيرا للتربية
منذ 27 -7- 1981 .
يقول الأستاذ عبد القادر عز الدين في بعض أوراقه الخاصة ولدي نسخة منها :
" أسندت لي مسؤولية وزارة التعليم العالي وكالة بموجب
المرسوم الجمهوري 920 في 22 كانون الأول 1983 وقد استمرت الوكالة للفترة من 22-12
-1983 ولغاية 25 -7-1985 ...وأعفيت من المنصب بالمرسوم الجمهوري ذي الرقم 285 في
23 -3-1991 وكانت مدة استيزاري تسع سنوات وثمانية شهور وكانت أطول مدة قضاها وزير
للتربية في العراق خلال العهدين الملكي والجمهوري لحد ذلك التاريخ " .
انتخب عضوا في المجلس الوطني عن المنطقة الانتخابية الرابعة في الموصل من
20-6-1980 ولمدة أربع سنوات .كما انتخب عضوا في المجلس الوطني عن المنطقة
الانتخابية السادسة في بغداد من 20 -10-1984 ولمدة أربع سنوات .شغل منصب عضوية
المجلس الأعلى لمحو الأمية الإلزامي اعتبارا من 9-7-1976 وشغل منصب نائب رئيس
المجلس الأعلى لمحو الأمية الإلزامي منذ تموز 1981 حتى انتهاء مهام ذلك المجلس .
بحكم مهامه الوظيفية ، حضر ندوات ومؤتمرات عديدة داخل العراق وخارجه وكان
معظم تلك الندوات والمؤتمرات ذات طابع تربوي وأبرزها مؤتمرات اليونسكو، ومكتب
التربية العربي لدول الخليج ،واجتماع وزراء التربية العرب ،وندوات مستقبل التربية في الوطن العربي .فضلا عن
المؤتمرات التربوية الخاصة بوزارة التربية
والتي كانت تعقد سنويا ولحد سنة 1990 كان عددها 10 مؤتمرات .وكان من مهام
تلك المؤتمرات مناقشة واقع العملية التربوية في العراق والمشكلات التي تواجهها
مسيرة التربية وخطط الوزارة لتطوير التربية ومناقشة الأهداف التربوية والخطط
التدريبية للمعلمين والمدرسين والقيادات الإدارية
التربوية وتطوير المناهج والكتب المدرسية وما شاكل ذلك . يقول في أوراقه الخاصة :
" حققت 98 زيارة خلال فترة استيزاري إلى كل محافظات العراق ...وكانت في
غالبها زيارات تفقدية لأعمال المديرات العامة للتربية أو حضور فعاليات خاصة بها أو
افتتاح أبنية مدارس أو رعاية مهرجانات مدرسية رياضية " . وقد التقى شخصيات
عربية ودولية وزار دولا عديدة في العالم وحظي بمقابلة رؤساء دول منهم الحبيب
بورقيبة رئيس تونس والدكتور محمد مزالي رئيس وزراءه والسلطان قابوس بن سعيد سلطان
عمان والشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت والشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الإمارات
العربية المتحدة وجاك شيراك الرئيس الفرنسي الأسبق والملك الحسين ملك الأردن ومهاتير
محمد رئيس وزراء ماليزيا .
يقف في مذكراته عند اسباب تعيينه وزيرا للتربية ويقول إن ذلك جاء نتيجة لما
تمخضت عنه مناقشة ورقة عمل قطاع التربية والتعليم العالي والتي جرت للمدة من 1-6
تموز 1981 وأضاف كان " علي أن أنفذ الاتجاهات والمؤشرات التي تمخضت عنها تلك
الندوة خلال الأعوام الخمسة القادمة وكان ذلك عبئا ثقيلا يزيده وطأة امتداد عمل
وزارة التربية الى كل زاوية من زوايا مجتمعنا في المدينة والقرية في السهل والجبل
في الاهوار والصحاري بل له صلة في كل أسرة وبيت في العراق "
يقول إن من أولى الواجبات التي عمل من اجلها عندما كان وزيرا للتربية تطبيق إلزامية التعليم الابتدائي ومحو الأمية
وتحقيق التكامل بين التربية والتنمية والسعي بأتجاه ديمقراطية التعليم وإعادة
النظر في فلسفة التربية والتزامها بالأهداف التربوية الصحيحة التي تخدم بيئة
العراق .وقال انه جرى تطوير للمناهج والكتب المدرسية سنة 1987 .كما طبقت في عهد استيزاره تجربة القدر الخليجي
المشترك في اللغة العربية والعلوم الاجتماعية وتوحيد كتب الرياضيات للصفوف
الابتدائية وكتب العلوم في الصفوف الثانوية .وجرت عملية تطوير المعلم وفتحت اربع
معاهد مركزية للمعلمين وهيئت لها أبنية ذات مواصفات هندسية وتربوية عالمية ومن
الطريف ان بعضا من هذه الابنية تحولت الى
كليات للتربية الأساسية .كما جرى الاهتمام بمعاهد الفنون الجميلة وفتحت
معاهد جديدة في الموصل والسليمانية والبصرة .وقد وضعت قواعد لاختيار المشرفين
التربويين ، وجرت عملية تنشيط مجالس الآباء والمعلمين ، وطبقت انسيابية المتخرجين
من المدارس المتوسطة إلى المرحلة اللاحقة لتلافي النقص الكبير في الأطر المتوسطة
من القوى العاملة المطلوبة لمشاريع
التنمية الشاملة وقد فرض هذا التطبيق توسعا في نشر المدارس المهنية حتى ارتفع
عددها ليصل إلى 305 مدرسة مهنية في السنة 1992-1993 .كما تمت توسعة أقسام التربية
المهنية في المدارس المتوسطة وتطوير المشاغل اليدوية في المدارس الابتدائية .وقد
اعتمدت البطاقة المدرسية ، واستحدث نظام الإرشاد التربوي والتوجيه المهني في مدارس
التعليم العام ، وشرع في إخراج مشروع خاص برعاية الموهوبين من الطلبة وعقدت ندوات
لذلك وخلصت إلى إقرار مشروع " مدرسة الموهوبين " ووضع نظام خاص بها .كما استحدثت مدارس المتميزين سنة
1990-1991 وطبق مشروع تسريع الطلبة سنة 1987-1988 وجرى توسع في فتح الصفوف الخاصة
للعناية بالأطفال بطيئ التعلم وكان إدخال مشروع البرمجة للحاسبات الالكترونية ضمن
مناهج المدارس الثانوية في السنة الدراسية 1983-1984 واستمر تطبيقه ليشمل المدارس
المتوسطة في السنة 1985-1986 .وأدخلت رياض الأطفال في تجربة وحدة الخبرة المتكاملة
منذ سنة 1981-1982 وتحولت الصفوف إلى ورش لبناء شخصية الطفل كما طبقت تجربة تدريس
اللغات الفرنسية والروسية والاسبانية في السنة الدراسية 1980-1981 وجرى توسيع
التجربة في السنوات اللاحقة ووصل عدد المدارس المشمولة إلى 51 مدرسة في السنة
1992-1993 .ولغرض تطوير المكتبة المدرسية طبق مشروع المكتبة الشاملة السنة 1984-1985
يهدف إلى تحويل المكتبة التقليدية الى مركز معلومات الكترونية وبلغ عدد المدارس
المشمولة بهذا المشروع 342 مدرسة .واعتمدت تجربة نظام القاعات في السنة 1982-1983
لغرض تهيئة الأجواء الدراسية المناسبة التي تتيح للطلبة الانتفاع من البرنامج
الدراسي مع منح المدرس فرصة لأداء دوره على الوجه الأكمل .
يتحدث الأستاذ عبد القادر عز الدين عن تجربته في تطبيق قرار تولى مهام أخرى
غير مهامه ومن ذلك تكليفه بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي اعتبارا من
22-12-1983 حتى آب 1985 بمدة عام واحد وسبعة أشهر وقال : " كانت تجربة جديدة
فتحت أمامي آفاقا واسعة انتفعت منها وزارة التربية فقد توطدت علاقتي مع رؤساء
الجامعات والعاملين فيها وهذا ما مكنني من المشاركة معهم في المؤتمرات والحلقات
والندوات وتقديم الدراسات والبحوث كان لها الاثر الكبير في دفع العمل إلى الأمام".
يقينا أن الأستاذ عبد القادر عز الدين وهو يمارس كل تلك المهام والنشاطات
بحيوية وصدق ومحبة يظل واحدا من الرجال الذين قدوا الكثير لوطنهم ..كانت له بصمة
واضحة في جدار الحركة التعليمية والتربوية العراقية المعاصر ..انه يستحق كل تقدير
واحترام ، أمد الله في عمره ، ومتعه بالصحة والعافية .
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفما كتبه الدكتور ابراهيم العلاف عن الاستاذ عبد القادر عزالدين وزير التربية الاسبق هو غيض من فيض فبالإضافة الى ما عرضه في مدونته الرائعة اود ان اضيف: ان الاستاذ عبد القادر عز الدين كان ولايزال علما سامقا من اعلام العراق نظر لما قدمه لهذا الوطن من خدمات جليله اثناء توليه اداره وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي وكذلك بعد تقاعده بما اثرى به المكتبة الوطنية من كتابات.
ردحذفكان للأستاذ عبد القادر عز الدين دور كبير وواضح في ارساء نظام تربوي رصين ومستقر في العراق حقق طفرة كبيره في ميدان التربية والتعليم حيث اصبح النظام التربوي في عهده من الأنظمة المتطورة والمتقدمة والذي شهدت له الدوائر والمؤسسات التربوية العالمية وفي مقدمتها منظمة (اليونسكو) التابعة للأمم المتحدة.
لقد عاصرت الرجل ابان توليه منصبي وكيل الوزارة الاقدم ووزير التربية من خلال العمل بمعيته عرفت فيه انسانا تتمثل فيه كل السجايا الطيبة سواء في مجال العمل او في التعامل الانساني . كان يعمل بصمت وهدوء بعيدا عن البهرجة الاعلامية التي كان يتعامل بها غيره ولم اره يوما يسعى الى وسائل الاعلام من اجل دعاية لنفسه او لما قدمه من انجازات لقد كانت انجازاته هي التي تحكي عن نفسها في قطاع التربية والتعليم والذين لهم صله في المجتمع يعرفون ما وصلت اليه وزارة التربية وما تحقق من انجازات في كل مفاصلها . لقد كان متواضعا الى ابعد الحدود ولكن بدون ضعف وصدره رحبا يستمع لكل صغيره وكبيره ويتعامل بأسلوب واضح ودقيق فيه من الجد الممزوج احيانا بطرفه او ملحة عززت محبة العاملين معه وتوطيد علاقته بهم .وهو على مستوى عال في الالمام بمعارف شتى اضافة الى مهارته المهنية في ميدان عمله الذي تميز به وكان ملما بالأحداث التاريخية وعارفا طبيعة المجتمع ومهتما بمسألة التدوين والتأليف اضافة الى اهتماماته الاخرى ومنها متابعة المخترعات والانجازات العلمية وهو يمتلك الكثير من المبتكرات في مجال الصوت والتسجيل والتصوير والطباعة ويتتبع كل ما هو نادر وجديد من اجل تحقيق ثقافة علمية واسعة .
واذا ما استعرضنا من تولوا وزارة التربية يكاد يكون الرجل هو الاول في هذه الوزارة نظرا لما يمتلكه من قدرات وما حققه من انجازات .
ومما يتميز به في مجال علاقات وزارة التربية مع مثيلاتها في بعض الدول وخاصه العربية منها فإضافة الى توطيده تلك العلاقات وتحقيقه مستوى كبير من التعاون فقد كانت له علاقات شخصيه مع وزراء تلك الوزارات – وهذه تحسب له فقد سخرها في تقدم تلك العلاقات وتطورها وبمردودات ايجابية واضحة
واخيرا ازاء كل ما قدمه هذا الرجل لم ينصف وفقا لما يستحق كغيره من الذين لم يرقوا الى مستواه والملفت للنظر انه لم يطالب بما يستحق اسوة بالذين يسعون من اجل الحصول على مستحقاتهم بكل من الوسائل .فقد كان راضيا وقانعا بما هو عليه وهذا هو السمو الاخلاقي بعينه .
العمر المديد لابي ثائر المربي الكبير متعه الله بالصحة والعافية من اجل عطاء مستمر خدمه للعراق والثقافة العراقية .
منذر نعمان الدوري
2014/8/21
Mundher.noaman@gmail.com
هذه الشخصية العبقرية الفذة المفروض الافادة منها ومن تجاربها..انا أتذكر زيارته لنا في ثانوية نبويه نصر في عام ١٩٨٦..
ردحذفثانوية نبوخذ نصر للبنين في منطقة الدورة
ردحذفيقول فيلسوف العصور الأمام علي بن ابي طالب - ع-: ما خاب من أستشار ولا عال من أقتصد
ردحذفعندما يكون في بلدك شخصيات ذات تجارب علميه وعمليه وممارسه مهنيه حقيقيه في أختصاص يعاني حاليا" الويلات فيا ترى مالذي يمنع المسؤولين من أستشارة هكذا قمم والأستفادة من كنوز خبراتهم لتحريك عجلة التعليم؟
والله من المؤسف أن نرى الكثير من الخبرات العراقية تركن على جنب عمدا" أو سهوا" بينما البلد والشعب بأمس الحاجة لهم.