مع الدكتور فاضل الجمالي 1903-1997
ا.د.إبراهيم
خليل العلاف
أستاذ
التاريخ الحديث- جامعة الموصل
محمد
فاضل الجمالي ، سياسي عراقي، ومرب ، وأستاذ جامعي ، وباحث ، ومؤلف . سيرته وحياته
ونشاطاته مثيرة للجدل شغل مناصب عديدة في
الدولة العراقية ووصل إلى رئاسة الوزارة وبعد ثورة 14 تموز 1958 اعتقل وحوكم وبعد إطلاق
سراحه ذهب إلى تونس ليعمل أستاذا في جامعتها ، ولد سنة 1903 بمدينة الكاظمية وتوفي
في24 مايس –أيار سنة 1997 .
قال
صديقنا الأستاذ حميد المطبعي في" موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين"
أن الجمالي كان في بداية حياته ينهج
السياسة القومية، وكافح في سبيلها ،لكنه مال
يوم شكل الوزارة إلى النهج الذي يؤيد سياسة نوري السعيد المناؤئة للتيار
القومي والوطني .ومن مؤلفاته : " وجهة التربية والتعليم في العالم العربي
وخاصة في العراق " ،و" من واقع السياسة العراقية" ، و" ذكريات
وعبر " و"آفاق التربية الحديثة
في البلاد النامية " و" الأمة العربية ..الى أين ؟ " و"
فلتشرق الشمس من جديد على الأمة العربية " و" دروس من تفوق اليابان في
حقل التربية والتعليم " و" دور التربية والتعليم في تعريف الانسان
بحقوقه وواجباته"و"صفحات من تاريخنا المعاصر " و" الفلسفة
التربوية في القران " . كما صدر عنه كتاب لمجموعة من الباحثين بعنوان : " محمد فاضل الجمالي :
جهاد في سبيل العراق والعروبة والإسلام " .
ما اريد قوله هنا هو أنني عندما شرعت بكتابة أطروحتي للدكتوراه عن " السياسة التعليمية في
العراق إبان عهدي الاحتلال والانتداب
1914-1932" ، أرسلت إليه وهو في تونس رسالة فيها الكثير من الأسئلة عن توجهات التعليم العراقي وآراءه في واقع
السياسة التعليمية العراقية . وقد أجابني في 13 آذار –مارس 1979 . ومما قاله انه استلم رسالتي المؤرخة في
6-1-1979 ولكن أسفاره وانشغاله بالتدريس والمحاضرات والندوات جعلته يتأخر في النظر
في مراسلاته . وأضاف : " تخبرني انك تبحث في تطور السياسة
التعليمية من سنة 1914 -1932 وفي هذه الحقبة كنت شابا يافعا لاصلة لي بالسياسة وأسرارها
فقد درست في المدرسة الابتدائية سنة 1918 وكان عمري 15 سنة فقط ثم أرسلت في البعثة
الأولى 1921-1922لاني كنت الأول في المدرسة في الامتحانات في دار المعلمين
الابتدائية ..غادرت بغداد 1921 وعدت 1927 ثم غادرتها 1929 وعدت سنة 1932 أي نحو
العشر سنوات دراسة خارج العراق ولذلك لااستطيع أن أفيدك كثيرا عن هذه الحقبة أما
بعد سنة 1932 إلى سنة 1942 فقد كان لي دور في سياسة التعليم ولم أكن المسؤول
الوحيد ولايمكن أن افيدك في رسالة كهذه عن
السياسة التعليمية في تلك الحقبة اذ يتطلب الأمر حضورك إلى تونس أو انتظار قيامي
بتسجيل ذكرياتي عن هذه الحقبة ... " . ويضيف : " أما المقالات التي
كتبتها في (جريدة العالم العربي) بتوقيع (ابن العراق) ، فيزيد عددها على العشرة
ربما بلغت 14 مقالة " .وعندما سألته عن فلسفة تلك المقالات وأسباب نشرها قال إن
ذلك جاء "تعبيرا عن الاختلاف في السياسة التعليمية بين ما كنت اعتقده وبين ماكان سائدا قبل عودتي من أميركا ...لقد جئت
بفلسفة تعليمية تدعو إلى الشعبية ، والاتصال بالواقع الحياتي ، وإدخال الحياة
العملية، وتقليص المركزية ...الخ ...الأمر
يحتاج إلى شرح طويل لاتتسع له هذه الرسالة " وإجابة على سؤالي المتعلق بتأثره بالفلسفة
البرغماتية الأميركية وسعيه لنشرها في العراق والدعوة إلى تيار أميركي في التعليم
قال : " أما من يقول بوجود تيار أميركي فهو كالذي يقول بوجود تيار انكليزي أو
تيار نازي والحقيقة لم يكن هناك سوى تيار قومي عنيف متفتح على العالم ،فقد أدخلنا اللغتين الفرنسية والألمانية
إلى جانب الانكليزية في التعليم الثانوي وأرسلنا بعثات علمية إلى العديد من الدول الأوربية
كفرنسا وألمانيا والسويد وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية وايطاليا .أن دعاية
التيار الأميركي روجها الانكليز - حسب ما ظهر في الوثائق التي ظهرت حديثا وذلك عني
شخصيا - إذ لم أكن مماشيا لسياستهم في التعليم ثم اتهموني بالنازية ! "
ويختم
الدكتور الجمالي رسالته بالقول : " أعود فأقول أن رسالة كهذه لايمكن ان تحتوي
الأجوبة على رسالتك فإذا كنت بحاثة بجد فعليك تحمل المشاق مع تمنياتي لك بالموفقية
..." .
استفدت
من أجوبة الدكتور الجمالي في أطروحتي التي طبعت في كتاب سنة 1982 من قبل مركز
دراسات الخليج العربي –جامعة البصرة بعنوان : " تطور التعليم الوطني في
العراق " وقلت على الصفحة 313 " إن للدكتور الجمالي أثرا كبيرا في دفع
الحكومة العراقية لاستقدام لجنة الدكتور بول مونرو من جامعة كولومبيا بالولايات
المتحدة الأميركية بهدف دراسة واقع التعليم في العراق وقد وضعت اللجنة تقريرا مهما
عكس التوجهات التعليمية الأميركية وبالرغم من نقد الأستاذ ساطع الحصري مدير
المعارف العام آنذاك لتقرير اللجنة إلا أن الكثير من توجيهاتها وتوصياتها وضعت
موضع التنفيذ ، فانعقد المؤتمر التربوي الأول
ببغداد بين 9و15 نيسان –ابريل سنة 1932 ، وتمت إجراءات في وزارة المعارف –التربية
استهدفت إعادة النظر في مجمل النظام التعليمي العراقي . كما تأسست " كلية بغداد " في 30 حزيران –يونيو 1932 ومن
ثم " جامعة الحكمة " ، وأصبحت هاتان المؤسستان تداران من قبل الاميركان ،
لكن تنامي الوعي القومي في الثلاثينات من القرن الماضي حال دون استكمال تنفيذ تلك
التوجهات تلك ، وجاءت ثورة 14 تموز- يوليو 1958 لتضع نهاية لها .
*نشرت المقالة لاول مرة في جريدة فتى العراق
العدد 87 السنة 2 ،22 أيلول –سبتمبر 2005 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق