آل مراد وقلي وبيع الكرزات ومنها السسي في الموصل

 

آل مراد وقلي وبيع الكرزات ومنها السسي في الموصل

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

وعندما تحدثتُ عن (جرزات) أو كرزات الموصل ، وقفتُ عند (السسي) ويبدو ان هناك من يحب تناول السسي ، وسألني الاخ الاستاذ تحسين عمارة عن اصل كلمة السسي ، وسألني احد الاخوان عن مصدر السسي وهكذا وردتني اسئلة عن (السسي) وكما قلت في مقالتي فان السسي من جرزات الموصل الشهيرة ، وانه يُقلى بالجافوف ، وهناك اسر معروفة تقوم بتحضيره ليكون في متناول من يحب ان يتلذذ بأكله . واصل كلمة السسي على مايبدو تركية süssü سُسّو ، وتعني (اللذيذ والطيب ) ، وتلفظ باللغة العربية (سسي) .

وللاسف لم اجد لها ذكرا في كتاب المرحوم الدكتور داؤد الجلبي الموسوم ( كلمات فارسة مستعملة في عامية الموصل ، وفي انحاء العراق تليها كلمات كردية وهندية ) المطبوع سنة 1960 .

و(السسي) في اصله بذرة لنوع من الكعوب والكعوب ادغال عريضة الاوراق تؤكل جذوره في المراحل الاولى من النمو وكما اشار الاخ الاستاذ مرتضى صادق فان " نبات الكعوب" هو من نباتات الأدغال الشوكية التي تنمو في المناطق الجبلية الممطرة وشبه الجافة وينمو في حقول الحنطة والشعير ويسبب أذى لتلك المحاصيل. يؤكل بالحالة الطازجة وله (قلب) لذيذ الطعم وعند إكتمال النضج لنبات الكعوب يخرج له راس شوكي كبير يحمل بذور تسمى (السسي) ذات قشرة صلبة وداخله (لب أبيض اللون) ويتم طبخ بذوره مع الملح وبعدذلك تشوى بأفران حرارية ويباع في محلات الجرزات باسعار جيدة يعرف اصحاب الجرزات كيفية اعداد السسي فسيقان الكعوب التي يؤخذ منها السسي والذي يملح وينشر على الهواء ثم يقلى بالجافوف ويتم تنقية حبات السسي وتمييز الحبة الكبيرة المليئة باللب الابيض عن تلك الحبة الصغيرة ويتفاوت سعر الاثنين وللسسي عندما يقلى رائحة زكية يشمها كل من يمر بالمحل الذي يضم جافوفا لقلي السسي . وكان لدينا في الموصل اكثر من جافوف . ولدينا في الموصل بيت في محلة باب الجديد متخصصين ببيع السسي يعرفون ببيت عبو السسي .والان السسي موجود في محلات بيع الجرزات المنتشرة في مدينة الموصل بجانبها الايمن والايسر.

وردتني أمس 30 من تشرين الثاني 2023 ، رسالة من الأخ الأستاذ هاني عبد الكريم الطائي وهو باحث في التراث الموصلي ومحب له يقول لي فيها انه حصل على معلومات عن (آل مراد في الموصل)من الأخت الدكتورة نهال يونس آل مراد وهي أستاذة متخصصة في علوم الحياة كانت تعمل في جامعة الموصل والان في فرنسا مع زوجها لاكمال الدراسة ، وهي حفيدة السيد محمد احمد مراد من ابنه يونس ، وهو الجد القريب لآل مراد فيها معلومات جميلة عن ( بيت مراد ) ، وتخصصهم بقلي السسي وبيعه مع الكرزات في محلات امتلكوها وما زال بعضها في الموصل قائما .

وعدت الى سجلاتي ، والى ما يتوفر لي من مصادر عن ( آل مراد) ، ومنها كتاب الأخ اللواء الركن المتقاعد الأستاذ ازهر العبيدي (موسوعة الاسر الموصلية في القرن العشرين ) . وكما هو معروف فإن آل مراد من الاسر الكريمة والعريقة في الموصل وهم حمدانيون أبناء مراد بن عزاوي بن كشكو بن محمد بن سفر بن عوسج من محلة الامام عون الدين منهم حسن محمد مراد صاحب معمل ثلج الساعاتي واللواء حسيب مراد وحكمت مراد ويونس مراد وذنون مراد تجار وبائعي جرزات في باب الطوب ومنهم أيضا الدكتور نبراس يونس مراد والدكتورة نجلاء يونس مراد والاستاذة الدكتورة نوال مراد والشهيد الرائد نشأت يونس مراد وعبد محمد مراد بائع جرزات في بداية شارع حلب وجاسم محمد مراد والنقيب الطيار عامر محمد مراد والدباغ حميد سعيد مراد والدباغ مجيد سعيد مراد ومنهم يرتبطون مع العزة .

كما قلت جدهم القريب محمد احمد مراد1890 -1952 وترون صورته الى جانب هذه السطور ، من أوائل الذين امتهنوا مهنة قلي وبيع الجرزات في الموصل ، وهو والد كل من يونس ، وجاسم ، وحسن ، وعبد ، وذنون ، وحكمت آل مراد ، وكان بيتهم - كما قلت في محلة امام عون الدين قرب بيوت آل البكري - ودكانه امام المركز العام للشرطة في باب الطوب ، هو وابنه يونس 1927 - 1997 وابنه حكمت . وكان لدى ذنون ابن يونس ال مراد وكالة لعصير نادر .وقد أضاف الاخوين جاسم وحسن لعملهما بيع الجكليت .

ومحل عبد آل مراد كان بجانب سينما الحمراء ثم انتقل الى جوار سينما الجمهورية ، ومحل ولده ذنون في باب السراي .اما محل ولده حسن فكان في السرجخانة .ومن الطريف ان الاحفاد امتهنوا المهنة ذاتها وهي بيع الجرزات حتى يومنا هذا ومنها (جرزات ابن مراد ) و(جرزات لبنان) كما ترون في الصورة المرفقة .

والاحفاد الذين امتهنوا مهنة بيع الجرزات لحد الان هم نوفل يونس صاحب جرزات بعلبك مع ابن عمه محمد ذنون ، ونبراس يونس صاحب جرزات ابن مراد

ومحمد حكمت ومهند حكمت أصحاب جرزات لبنان وريان حكمت صاحب محل جرزات آل مراد.

أيضا من المعلومات التي تحدثت عنها الدكتورة نهال يونس آل مراد ان اسرتها ومنهم جدها كانوا يجلبون السسي واللوز من شمال العراق ، والحب الاحمر من ايران ، والفستق من الموصل و(القضامي ) الحمص القوية من داخل العراق والهشة من تركيا ، وفستق العبيد من هيت والسعدية ، والبندق ، والكازو من خارج العراق .وكما ذكرت في مطلع المقال واكدته الدكتورة نهال فإنه قديما كان يتم قلي الجرزات بواسطة الجافوف وهو يشبه الصاج وكان الفرن مصنوع من الطين وتتلخص طريقة تهيئة السسي ب:

* اولا تدق السسي بالجاون لنزع الاشواك عنها

* ثانيا تنقع السسي بالماء حتى الليل حيث يتم فصل السسي الرديئة لانها تطوف بالماء ( تكون بدون لب)

* ثالثا تغربل بالساغود لعزل الحبات ىالخشنة عن الناعمة بعد اضافة الملح الخشن عليها

*رابعا تنشر على السطوح حتى تجف ومن ثم يتم تحميصها

شيء جميل ان يتم تداول المعلومات عن جرزات الموصل بأنواعها المختلفة ، وهي صناعة عريقة في الموصل ، ولدينا ما يدل على انها كانت ولحد يومنا هذا تقدم كهدايا للمحبين سواء في داخل العراق وخارجه فجرزات الموصل لها سمعة وسمعة طيبة والحمد لله .

*صورة السيد محمد أحمد مراد رحمه الله - صورة يونس ال مراد في دكانه قرب المركز العام - جرزات ابن مراد - السسسي