الاثنين، 31 أكتوبر 2022

مصطفى الكاظمي ما له و ما عليه بقلم : أ.د.قاسم حسين صالح


 

مصطفى الكاظمي

ما  له  و ما عليه

 

أ.د.قاسم حسين صالح 

توطئة

 

  تولى السيد مصطفى الكاظمي( 55 سنة) رئاسة مجلس الوزراء في غمرة احتجاجات وتصاعد أزمات اوصلت الأحزاب إلى اتفاق بتوليه  رئاسة الوزراء،فغادر منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي الذي شغله في (7 حزيران 2016) ليتولى المنصب الأعلى في العراق في (7 / 5/ 2020).

 وكان للعراقيين موقفان،الاول يرى أنه لا يختلف عن سابقيه لانه جاء بموافقة أحزاب السلطة المتهمة بالفساد،والثاني يرى أن الرجل مستقل وينبغي أن نعطيه فرصة.

 

ولقد تابعت أداءه  من يوم توليه السلطة الى يوم تكليف السيد محمد شياع السوداني..رئيسا لمجلس الوزراء في ( 13 تشرين الأول 2022)..دعوت في الحلقة الأولى إلى منحه مئة يوم،فاتهمني البعض انني انحاز له لأنه صديقي(بالمناسبه..بقيت بعيدا عنه طوال مدة حكمه رغم أنني كنت وسيطا بينه ومتظاهري تشرين ).ونشرت الثانيه بعد سبعة اشهر،والثالثة بعد سنة ونصف،في صحف عراقية والحوار المتمدن..وموثقة في غوغل.

 

استطلاع رأي..يوم غادر

    كان آخر الأستطلاعات بخصوص اداء الكاظمي يوم غادر السلطة،استهل بالنص:

 

  (لأنني أوثق للتاريخ والأجيال ما حدث ويحدث في العراق في كتاب يصدر قريبا..ارجو حضراتكم،بيان رأيكم في أداء السيد مصطفى الكاظمي خلال توليه رئاسة مجلس الوزراء من (مايس 2020 الى تشرين أول 2022) لتبيان اهم انجازين ايجابيين حققهما، واهم تقصيرين او عملين سلبيين ارتكبهما..و بموضوعية.(

ساهم في الأجابة: أكاديميون،مثقفون،إعلاميون، فنانيون،نشطاء..حددوا أهم انجازاته بالآتي:

    تعزيز العلاقات مع بعض الدول العربية،عمل على محاسبة (بعض الفاسدين)،اجراء الانتخابات بنجاح وارسال جرحى المظاهرات للعلاج في الخارج،واعادة الاعتبار للعراق دوليا افضل من سابقيه.  

 وحددوا اهم سلبياته بالآتي:

  تخفيضه سعر الدينار على حساب الطبقات الدنيا والمتوسطة،حيث فقد الراتب ما يقرب من 40% من قيمته،واطلاقه الكثير من الوعود ولم ينفذها مثل محاسبة قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة،تعيين الخريجين،تحسين الخدمات..ووصول الفساد الإداري والمالي في عهده الى اقصي درجاته منذ سقوط النظام السابق لحد الان.

  ولقد وصف اغلب المستجيبين( بحدود 70%) شخصيته بأنه (وُلِدَ بدعم صدري وانتهى مكشوف الجناح،ووعد بمحاربة الفساد وانفلات السلاح وانتهى منزوع الارادة بسيطرة السلاح المنفلت الذي قصف داره ولم يتجرأ على المحاسبة بل حتى على الافصاح عنهم).وأنه (لا يتمتع بكارزما القائد،ويفتفر الى الشجاعه والصرامه والجديه والذكاء والعقلية الأستراتيجية في ادارة الدولة..يحاول ان يحل بعض المشاكل الاجتماعية الصغيرة اولا ويركن للسلم ثانيا)..فيما ذهب آخرون الى وصفه بأنه(شخصية فاشلة وسلبية ولم يستطع ان يدير دفة الحكم بقوة،خضع لسيطرة حيتان الفساد ورضخ لهم..لم يقدر على مواجهة المليشيات المسلحة وفرضوا ارادتهم عليه في اكثر من مناسبة،وداسوا على صورته بأحذيتهم وضربوا بيته بالصواريخ ولم يحرك ساكنًا).واعتبر آخرون سكوته عن هذه الأهانة بأنه دمر ما تبقى من هيبة و كرامة الدوله،وأنه (بدل ان يركز جهوده لحل المشاكل المستعصية والخطيرة التي يواجهها الداخل،ذهب الى التوسط بين ايران و السعودية دون ان يكون في جعبته اي انجاز داخلي يمكن ان يسهل مهمته كوسيط،وانه ليس له اي تأثير او دور على الحكومات المحليه وخاصة البصره!،واسوأ  تصريح له عندما قال ان الصدر سيد المقاومه و على  راسي..وهو رئيس مجلس وزراء العراق!! ،وأنه تملص من كل وعوده بالقصاص من قتلة  ثوار تشرين و هشام الهاشمي و العشرات ممن تم اغتيالهم وهو يعرفهم..هل تريد المزيد دكتور قاسم؟!(

 

  وكان للأقلية من المستجيبين ( بحدود 25%) موقف ايجابي خلاصته انهم يرون الكاظمي  افضل رئيس وزراء بعد 2003،وأنه نزيه ولم يكن فاسدا كسابقيه.

 وكان هنالك موقف ثالث اتسم بالموضوعية،شخّص مدة حكمه بأنها(لم تتميز بإنجاز واضح،وهذا ليس ضده اذ لم يكن يمتلك اية ادوأت لازمة للعمل.واهم شى عمله انه ابتعد عن استخدام القوة مع كل الاطراف، وكرجل مخابرات فضل العمل غير المباشر لكن دون ان يهتم بالوصول الى نتائج.وكالعادة بقيت الحال على حالها واعطى وعودا كثيرة ابعد من مستوى النظر،ووقع في ورطة على مستوى السياسة المالية، وبعد ان ظن انه احسن الاختيار في وزير ماليته ولكن الامر انتهى الى زعل القيادات الخارجية مما تطلب استقالة وزير المالية ثم اسندها لمن لا تخصص له بها،وهي المرة الأول في البلاد يتولى المالية مهندس. واعتقد انه لم يرتكب اجراءات كارثية كما فعل بعضهم.وطبعا لا نستطيع تصديق ما اشيع عن تحويله مبالغ لصالحه او لصالح وزرائه وبعلمه فهذه الامور اصبحت تطلق على عواهنها دون ان يقدم احد دليلا).

رأي علمي في أداء الكاظمي

تعدّ استطلاعات الرأي اصدق وسائل تقويم الأداء في مجالات الحياة المختلفة.وقد اعتمدتها من يوم تولى السيد مصطفى الكاظمي رئاسة مجلس الوزراء.


  وللتــذكيــر فأن الكاظمي واجه في بداية تكليفه وضعا معقّدا سياسيا،امنيا،اقتصاديا،صحيا،مجتمعيا..ما واجهها أحد من قبله،فهو استلم خزينة خاوية من سلفه عادل عبد المهدي،والعراق مدين للبنك الدولي،وتصاعد الأصابات والوفيات في الموجة الثانية لفايروس كورونا، وتهديد النظام الصحي،وتضاعف نسب البطالة والفقر،وتهديد امني يطال المنطقة الخضراء،وتعدد المليشيات وعدم قدرة الدولة بالسيطرة على السلاح،وعودة متظاهري انتفاضة تشرين،و(دكات!)عشائرية في البصرة وميسان وبغداد..وخطر يتهدد حياته من القوى الشيعية السبعة التي رشحته!

ومع ذلك اختار ان يبدأ بأخطرها واكثرها الحاحا جماهيريا..الفساد..مدركا بأنه سيكون امام خيارين:اما ان ينتصر بمعركته على الفاسدين ويكون المنقذ والمخّلص والبطل الذي سيدخل التاريخ السياسي للعراق الذي خلا من الابطال القادة من سنين،واما ان يكون (الشهيد الحي) حسب تعبيره.

 وكان هذا التصور هو الذي شاع عنه بين اغلب العراقيين لغاية اجتماعه بالسيد المالكي.فيومها اصيب الكثيرين بالأحباط واعادهم لسيكولجيا توالي الخيبات،واعيد ليكون بنظرهم كالسيد العبادي الذي وعد بضرب الفاسدين بيد من حديد وما ضرب،لأنه(العبادي) ادرك ان المسؤولين الكبار باجهزة الدولة وقيادات الكتل السياسية متورطة كلها بالفساد، مبررا خذلانه بخطابه بجامعة بغداد (27/11/2017) بأن (الفساد مافيا،يملكون المال،فضائيات،قدرات،يستطيعون ان يثبتوا انهم الحريصون على المجتمع،وهم الذين يحاربون الفساد، ولكنهم آباء الفساد وزعماء الفساد).

الاستطلاع الثالث

  في (5-6/9/2020) اجرينا الاستطلاع الثالث لتقويم اداء الكاظمي شارك فيه (3843) بينهم اكاديميون ومثقفون واعلاميون،توزعوا على ثلاثة مواقف،الأول:يثمن اداء الكاظمي ويصفه بأنه افضل رئيس وزراء حكم العراق،ولديه نية حسنة بتأسيس دولة مستقرة ناجحة.


والثاني:يرى فيه شخصية استعراضية،حكومته حكومة فيسبوكيه بدون تخطيط،وأننا  كنا ننتظر منه مسك اي رمز من رموز الفساد الكبيره،ولكنه لم يفعل،يتخذ قرارات ويتراجع عنها..وبأختصار هو ليس حازما وليس لديه الشجاعه الكافيه.


والثالث يتخذ موقف الشك المريب منه بقولهم: لقد ابتلعنا الطعم الذي ألقته الأحزاب الفاسدة ليسوقوه للشارع المنتفض فظن الناس أنه ضدهم وهم ضده فتقبلته الأكثرية،وبعد ثلاثة أشهر لم يقدم شيئا حقيقيا في مشروع بناء دولة المؤسسات،ولم يقدم شيئا في اتجاه محاربة الفاسدين.

والرابع يتخذ موقف الناقد والمتعاطف،بان لديه المنهج لكنه متردد او بطيء،وقول أحدهم:(والله انا من محبي الكاظمي بس لحد الان ماكو اي شي جيد تحقق بالواقع، صحيح الفترة قصيرة بس عدنه مثل بالريف (ما يلحك على الجوعان ناعم الثريد )، انا جوعان وتكول خل نعملك الثريد. بس الحجي والوعود،وهذا تخدير،والناس اذ اتضل هيج راح تسحب تاييدها).

المفارقة..ان هذه المواقف من اداء الكاظمي التي اجريت في استطلاع   
(5-6/9/2020 )متشابهة ان لم تكن متطابقة مع مواقف استطلاع ( 13 / 10/ 2022)
!..ما يعني أن الرجل اختلفت حوله الآراء والمواقف، وهذه حالة طبيعية،ان الشعب لا يرضى كله على أداء حاكم،لا سيما العراقيون لأنهم، في رأينا، اصعب خلق الله..فهم لم يرضوا عن عبد الكريم قاسم ولا عن احمد حسن البكر..فكيف بمصطفى الكاظمي الذي جاء متحديا بأنه سيكون(الشهيد الحي) الذي سيحقق للعراقيين ما يتمنونه،وما استطاع لأنه وجد نفسه امام مستبدين قتلة استهدفوه واهانوه..وسكت،لأن شخصيته ليست عدوانية،وانه – سيكولوجيا- يكره العنف ويتحمل ما يلحق به من حيف تفاديا لحصول فتنة،وهذه مواصفات لا تنفع حاكما بمنصب رئيس وزراء لحكومة عراقية تتطلب الشدة والحزم.فالقرارات هي التي تحدد نوعية الحاكم ما اذا كان يبدأ بالأصعب نزولا الى الأسهل،ام بالاسهل صعودا الى الأصعب،أم بالاسهل والتوقف عن تنفيذ الاصعب..فالقائد الذي يعتمد الآلية الأولى يتمتع بشخصية الواثق من نفسه ان اعتمد على جمهور واسع يمثل المجتمع لا على المغامرة،فيما تمتاز شخصية الذي يعتمد الثانية بالحكمة والتأني والعقلانية،وبعكسهما..تتصف شخصية من يعتمد الثالثة بالتردد.


وما حصل،ان الكاظمي اعتمد الآلية الثانية(البدء بالقرارات الاسهل صعودا الى القرارات الأصعب)،فأصدار قرارا يقضي بايقاف ازدواج الرواتب،تبعه في (25 حزيران 2020) اعلانه بأن الأيام القادمة ستشهد حملة تغييرات في المناصب المتقدمة في الدولة،وتجريد الأحزاب من المناصب التي حصلت عليها خلافا للقانون.ولأن الحدثين خطيرين فقد تساءلنا ليلتها في منشور بعنوان(الأنقلاب الأبيض هل سيحصل؟)،لتفيد فضائيات باقتحام مسلحي ميليشات حزب الله المنطقة الخضراء،وتجاوزت عليه اعتباريا دون رد حاسم منه.وانتهينا الى ان العبادي كان في قراراته (هاوي بس ما ناوي).وتمنينا على الكاظمي ان يكون (هاوي وناوي) فارغمته المواجهة مع قوى الفساد والدولة العميقة ان لا يتحرش بها مدركا ان السياسة  في العراق بلا مباديء،بلا اخلاق، بلا دين..فتخلص من شر طبقة سياسية مستبدة كان فيها سفينة انقاذها من طوفان غضب الشعب الذي خسر منه ملايين توسموا فيه خلاصهم من افشل وافسد واقبح طبقة سياسية تحكمت بها سيكولجيا الضحية فاستفردت بالسلطة والثروة وتقاسمت مؤسسات الدولة بين عوائل قياداتها!

  وبرغم ان السيد مصطفى الكاظمي يعدّ من أقل رؤساء الوزراء مدة حكم،الا انه سيدخل التاريخ السياسي العراقي التسعيني بوصفه من اكثرهم جدلا بخصوص ما له وما عليه.  

*


وللابداع عنوان وللبهاء عنوان :الاستاذ الدكتور السيد فليفل

                                                                الاستاذ الدكتور السيد فليفل 

وللابداع عنوان وللبهاء عنوان :الاستاذ الدكتور السيد فليفل


منذ سنوات طويلة إرتبطنا كأصدقاء ، وكان لي شرف المشاركة في بعض نشاطات معهد الدراسات الافريقية - جامعة القاهرة الذي كان يديره بتميز .. وبيننا مراسلات واصدقاء على الفيسبوك وأُحبه ويُحبني وقسم من الطلبة العراقيين في مصر ينقلون لي تحياته ، واقرأ واتابع كتبه العديدة .
الاستاذ الدكتور السيد فليفل رمز مصري ، وعلم بارز من اعلام المدرسة التاريخية المصرية الحديثة .. خبير بالشؤون الافريقية ، عمل رئيسا للجنة الشؤون الافريقية في مجلس الشعب المصري ، وحاضر في معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية ومن مؤلفاته :العلاقات الثقافية العربية -الافريقية - التاريخ الاجتماعي والاقتصادي لجنوب افريقيا -تاريخ الحركة الوطنية في جنوب افريقيا - مصر وجنوب افريقيا - العلاقات المصرية -الايرانية وله بحوث ودراسات ومقالات في ذات التخصص تعد ولا تحصى . ثمة يوتيوبات قدم فيها شهادته للتاريخ متوفرة كما كتبه في الانترنت .. انسان نبيل ، وعالم واكاديمي يشار اليه بالبنان ........أُحييه واتمنى له التقدم والبهاء دوما ............... اخوك الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل 31-10-2022 


 

الدكتورة لمى ابراهيم العلاف وولدها عبد الرحمن


 

 

الدكتورة لمى ابراهيم العلاف وولدها عبد الرحمن
ابنتي حبيبتي الدكتورة لمى ابراهيم خليل العلاف استاذة مساعدة في كلية الطب - جامعة الموصل مع ولدها حسن وابنتها زهراء في المنتدى العلمي والادبي بجامعة الموصل اثناء حفل تخرج ولدها عبد الرحمن - حفظه الله - من حضانة كلية الطب .31-10-2010

عبد الخالق ألركابي والكتابة الروائية لتاريخ العراق الحديث والمعاصر

                                                                  الروائي عبد الخالق الركابي 




عبد الخالق ألركابي والكتابة الروائية لتاريخ العراق الحديث والمعاصر 

 ا.د.ابراهيم خليل العلاف 

استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل 

    ليس كفؤاد التكرلي،  وعبد الخالق ألركابي من وثق لتاريخ العراق الحديث والمعاصر روائيا .ونكاد نستطيع أن نقرأ التاريخ العراقي الحديث والمعاصر بأجوائه " المعقولة "، و"الغرائبية " ، فيما دبجه يراع هذين الكاتبين الروائيين .ولقد كتبت عن الروائي فؤاد  التكرلي منذ زمن في كتابي "تاريخ العراق الثقافي " . وكان في بالي أن أكتب عن عبد الخالق ألركابي إلا أن بعضا من الأمور ، والانشغالات حالت دون ذلك وقد تيسرت الفرصة ألان .

    عبد الخلق محمد جواد علي محمود ألركابي ،وهذا هو اسمه الكامل ، من مواليد قضاء بدرة بمحافظة واسط أي الكوت سنة 1946 .درس في مدارس الكوت  ،ثم جاء بغداد ودخل أكاديمية الفنون الجميلة وحصل منها على شهادة البكالوريوس في النحت  سنة 1970 . عمل في التدريس قرابة تسع سنوات ومن المدارس التي درس فيها مادة التربية الفنية " ثانوية بدرة " في محافظة واسط   ..ثم اتجه نحو الكتابة فعمل مشرفا لغويا في مجلة آفاق عربية (البغدادية ) أواسط الثمانينات من القرن الماضي وسكرتيرا لتحرير مجلة "أسفار" ومحررا في "مجلة الأقلام "حتى سنة 2003 .انتخب عضوا في المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في إحدى الدورات ..وهو عضو في جمعية التشكيليين العراقيين، ونقابة الصحفيين العراقيين   .  نشر أولى قصائده في أواخر الستينيات من القرن الماضي  في مجلة الآداب (البيروتية) .

     بدأ عبد الخالق الركابي ، حياته الأدبية  فنانا تشكيليا  ، وشاعرا ، واصدر مجموعة شعرية سنة  1976 بعنوان : (موت بين البحر والصحراء) . و بعد هذه المجموعة الشعرية  اليتيمة بدأ بكتابة القصة القصيرة والرواية  ، فأصدر سنة 1977 روايته الأولى : (نافذة بسعة الحلم) ، ثم اصدر (من يفتح باب الطلسم) وهي رواية سنة 1982 ، و(مكابدات عبد الله العاشق) وهي رواية سنة 1982، و(حائط البنادق) سنة 1983وهي مجوعة قصصية. و(الراووق) 1986  وهي رواية أحرزت المرتبة الأولى  من بين الروايات العراقية سنة  1987، و(قبل أن يحلق الباشق)وحازت جائزة أفضل رواية عراقية سنة  1990 ومسرحية البيزار 1990و(سابع أيام الخلق) وهي رواية، سنة 1994  و( اطراس الكلام ) 2002 و( سفر السرمدية) 2005  ،.كما اصدر مسرحية في ثلاثة فصول بعنوان: (نهارات الليالي الألف) 2001.

    يقول الأستاذ قيس كاظم الجنابي في كتابه " ثلاثية الراووق :الرؤية والبناء دراسة في الأدب الروائي عند عبد الخالق ألركابي " الصادر عن دار الشؤون الثقافية ببغداد سنة 2000 إن سبب تحول ألركابي من الشعر إلى الرواية هو انه "أحس بأن الشعر غير قادر على استيعاب تجربته " ،ولعل ولعه بالتاريخ العراقي الحديث وخاصة الفترة العثمانية 1516-1918 والصراع العثماني – ألصفوي الفارسي حول الاستحواذ على العراق  وما نجم عن ذلك من احتلال بريطاني وتشكيل حكم وطني وماتبع ذلك من متغيرات سياسية واجتماعية ، جعله يكتب بتأن وتأمل كبيرين "يقرأ التاريخ العراقي ...ويتأمل الصراعات العديدة فيه ،فهو يستعرض احتلال إيران للعراق في عهد الشاه إسماعيل ألصفوي (914-930 هجرية -1508-1523 ميلادية ) .ثم يحاول الإحاطة بتاريخ العراق تحت حكم الدولة العثمانية مع إعطاء أهمية خاصة للوالي المصلح المتنور مدحت باشا خلال توليه لولاية بغداد 1286-1289 هجرية -1869-1872 ميلادية ) ،ثم يكمل الأحداث حتى الاحتلال البريطاني 1914-1918 فيستمر في ذلك مارا بحرب حزيران –يونية سنة 1973 .وهذا العرض التاريخي عبر ثلاثة أعمال روائية يشكل التفاتة مهمة لقراءة تاريخ العراق الحديث وهو ما دعاه إلى إعادة صياغتها مجددا في ثلاثية الراووق " . ومن الطريف أن ألركابي يقرأ التاريخ العراقي الحديث وفق منهجية تاريخية لا يعمل بها إلا في جامعة السوربون فهم هناك يبدأون  تدريس التاريخ بالفترة المعاصرة عندما يدرسونه للطلبة ويعودون إلى الفترتين الوسيطة ثم القديمة ..وهكذا نرى بأن الركابي ابتدأ بروايته الموسومة " نافذة بسعة الحلم " والتي نشرت سنة 1977 والتي تتعرض لمرحلة زمنية تمتد من حرب حزيران –يونيو 1967 حتى حرب تشرين –اكتوبر 1973 .

   يقف الأستاذ الدكتور شجاع العاني في كتابه " البناء الفني في الرواية العربية في العراق " عند هذه الرواية ، ويطلق على ما فعله ألركابي في روايته : " نافذة بسعة الحلم " حين اختصر أحداثها في يوم واحد فقط ، مصطلح " الكثافة الزمنية " ويقول أن زمن هذه الرواية لايتجاوز بضعة ساعات ، وهي تتركز حول بطلها (حازم ) وقد جعل زمنها الروائي يبتدأ عند (الصباح) حيث مرحلة الطفولة ثم يبلغ (الظهيرة )حيث مرحلة الشباب وينتهي عند (المساء) حيث إصابته بالعوق في حرب  اكتوبر -تشرين الأول.             ويقينا ان الروائي الركابي أراد القول أن  الزمن لايدور في صالح الأمة ، فالحرب قد انتقلت بها من  النهضة إلى السقوط ، ومن الحركة إلى السكون ، ومن الاستقرار إلى الفوضى ، ومن الحلم إلى المأساة .بطل الرواية يتعوق في الحرب ويخفق في الزواج لكن مع هذا فالبطل الكلكامشي يظل يقظا في شخصية (حازم )الذي يروي الأحداث بطريقة متوازنة .يقول الجنابي ان حازم بطل الرواية حينما يروي الأحداث فأنه استطاع ان يعبر عن أزمته بطريقة أمنت له التوازن بين جو الهزيمة الخانق الذي يعيشه ، وأفق الانتصار الذي يصبو إليه .أما رواية " من يفتح باب الطلسم " فأنها تطرح فكرة نهاية الحكم العثماني للعراق مشيرة إلى احد أبواب مدينة بغداد وهو " باب الطلسم " الذي حسب السلطان مراد الرابع 1638 انه بسده سيمنع أي فاتح آخر من دخول بغداد ولكن بغداد  ظلت عرضة للغزو والاحتلال ..ولم ينس الروائي ألركابي أن يوثق لكثير مما أصاب العراقيين جراء أعمال الغزاة وولاتهم من ماس كبيرة  . وفي " مكابدات عبد الله العاشق " يشير ألركابي الى تأثير بلدته الحدودية : بدرة والى وادي الكلال والى ما اختزنته ذاكرته عن انقطاع المياه وسعي الفلاحين إلى تعميق صدور الأنهار عند خط الحدود العراقية –الإيرانية، ومصرع احد الفلاحين نتيجة ذلك، وتلك هي خلفية هذه الرواية وخلفية معظم روايات الركابي التي قال عنها الركابي نفسه في شهادته التي سجلها الناقد والأديب باسم عبد الحميد حمودي في نصه : " الناقد وقصة الحرب"  أنها تعتمد تنوير التاريخ العراقي بل تثويره من خلال التركيز على الواقع الاجتماعي .ومن الطريف أن يكون عنوان ثلاثية ألركابي الراووق تعني مخطوطة كتبها احد أبناء عشيرة البواشق لكنها فقدت  ..والراووق المصفاة التي ينقى فيها الماء من كل شائبة ولابد من أن تبذل الجهود للعثور على الراووق لتكون أساسا لمعرفة الأصول،  وأداة للنهوض،  والتخلص من الظلم والاستبداد والاستعباد ،  والبدء بالثورة ومن هنا فأن الرواية تتوقف عند ثورة العراقيين الكبرى ضد المحتلين الانكليز وهي المعروفة ب"الثورة العراقية الكبرى " التي أجبرت الانكليز على تغيير سياستهم والشروع بالاستجابة لمطالب العراقيين في إقامة الحكم الوطني .  

    أقام نادي القصة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق  بمقره في بغداد احتفالية خاصة بالروائي ألركابي تحدث فيها عدد من النقاد وأدارتها السيدة هند القيسي وفي هذه الاحتفالية التي نقل لنا أحداثها الأستاذ محمود النمر في جريدة المدى يوم 26 آذار-مارس  2011 تحدث ألركابي عن منجزه فقال :  " إن جدية الحداثة ، والسخرية منها  أمر سبق  فيه العراقيون العرب الآخرين ، فقد عرفوا الحداثة قبل غيرهم تاركين لنا أيضاً أزمة الحداثة ونحن نخوض أزمة الحداثات في الفن التشكيلي والشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد...".
وأضاف الركابي لقد بات أن الحداثة من الأمور البديهية حتى أن الروائيين انتظروا طويلاً إلى سؤال مفاده ،أتصح كتابة الرواية على طريقة روائيو القرن التاسع عشر  قرن  الروايات العظيمة والروائيين العظام..؟ أم على الطريقة الحديثة طريقة ايريك وكافكا وجويس ،وكما هو متوقع لابد من تبني الاتجاه الأول في مجتمع لا يزال غارقا في ظلام الأمية، وكما حدثت في مجال العلوم الدقيقة قطيعة ابستمولوجيا ، حسب مصطلح باشلار مع الاتجاهات القديمة ، حدث الأمر نفسه في مجال العلوم الإنسانية والرواية من ضمن هذه الأمور ، وعلى هذه الشاكلة مثلت لدي في روايتي – سابع أيام الخلق – هذه القطيعة ،وبعد كتابة خمس روايات هي : نافذة بسعة الحلم ، ومن يفتح باب الطلسم ، ومكابدات عبد الله العاشق ،  والراووق ،  وقبل ان يحلق الباشق . وانسياقا مع قراءاتي التي كانت تنساق إلى الفلسفة المعاصرة وجدت نفسي منهمكا إلى كتابة رواية جديدة في 1992هي  - سابع أيام الخلق – لتظهر  سنة  1994 ... " .

    كتب عنه عدد من النقاد العراقيين منهم: الأستاذ عبد الرحمن طهمازي ، والدكتور علي جواد الطاهر ،والدكتور  محسن الموسوي ، والأستاذ قيس كاظم الجنابي والأستاذ حاتم الصقر ، والأستاذ عيسى حسن الياسري ،  والأستاذ حسين سرمك حسن ، والأستاذ مهند يونس   والأستاذ حمزة الحسن .كما حاوره  كثيرون منهم الأستاذ منذر عبد الحر في " جريدة الشرق الأوسط " وقال عنه انه من المبدعين الذين تميزوا بغزارة النتاج الأدبي، فقد قدم عددا من الروايات والمجموعات القصصية، وبدأ عالم الكتابة والنشر بمجموعة شعرية، سرعان ما تجاوزها إلى عالم الرواية.  وتعد أهم مسألة تطرق إليها ألركابي في الحوار هي الحديث عن تكوينه الفكري والثقافي  وقراءاته الدائمة والجديدة حين قال أن قراءاته اليومية تتوزع بين كتب التراث، والفلسفة ، والشعر والرواية في الغالب.  يقول  ألركابي : " ما أنا منهمك في قراءته هو كتاب محمد عابد الجابري (تكوين العقل العربي) الذي سبق أن قرأته منذ أعوام، إلا أنني أعدت قراءته الآن لكي أتواصل  مع الأجيال الثلاثة الأخرى من هذه الموسوعة الفكرية الرائعة والمتمثلة لبنية الفكر العربي، والعقل السياسي العربي، والعقل الأخلاقي العربي... " .

    وأضاف أن كتاب "ألف ليلة وليلة" ،  يلازمه منذ طفولته، إذ انه لا يتذكر عدد المرات التي قرأ فيها هذا الكتاب الذي يحسب انه الكتاب الأول في تأريخ هذا الكوكب. وهناك أيضا "ديوان المتنبي "بطبعاته وشروحاته المتعددة، الذي يلازمه باستمرار، فضلا عن "حماسة أبي تمام" . وهناك «الصخب والعنف» لفوكنر، وهناك بالتأكيد" القرآن الكريم،" و"الكتاب المقدس" لا سيما "التوراة"، من دون ان ينسى  ملحمة كلكامش والأساطير العراقية القديمة عموما، سواء أكانت سومرية أم بابلية أم آشورية.  

   يرى الناقد طراد الكبيسي أن رواية " سابع أيام الخلق"  لعبد الخالق ألركابي ، هي رواية مكان " يتهرب من الزمن المحسوس عبر الزمن المتخيل، ويتموضع في جماليات تعتمد الحركة التصويرية في متابعة الحدث" . وتدور أحداث الرواية حول البحث عن مخطوط " الراووق" ، الذي ضاع  الأصل منه، واختلف الرواة في ما جاء فيه وذلك بهدف الوصول إلى الحقيقة في السيرة المطلقة  .  

  إن الشيئ الذي أكده الناقد الكبيسي هو أن معظم روايات ألركابي  تستلهم "التراث"، أو "التاريخ" ، لتنحو عبره إلى قراءة الحاضر.وهنا يمكن القول –تماشيا مع ما قاله فيلسوف التاريخ الايطالي كروتشة أن هذا الحكم يعد صحيحا  ، فالتاريخ كله ،في نهاية الأمر ، تاريخ معاصر أي أننا ننظر إلى الماضي بعين الحاضر .. ندرس التاريخ لنفهم الحاضر ونستكشف المستقبل .  ويقدم   الناقد الكبيسي للقارئ مقدمة  ضافية لعمله الذي يتناول فيه  رواية "سابع أيام الخلق " من جوانبها المختلفة بقوله : في (سابع أيام الخلق) ليس هناك حدث بمعنى الحدث في رواية القرن التاسع عشر مثلا، لذا لا نجد الشكل الروائي يتخذ تسلسل البداية، الوسط. النهاية، الذي يراه البعض عاكسا للزمن والتاريخ.. إننا إزاء (شكل مكاني) يتهرب من الزمن المحسوس عبر الزمن المتخيل، ويتموضع في جماليات تعتمد الحركة التصويرية في متابعة البحث عن مخطوط (الراووق ( وتحقيقه للوصول إلى حقيقة ما حدث في اليوم الذي سمي بـ(دكة المدفع) ودكة أو دقة بلهجة العراقيين الشعبية تعني "الحادثة " أو "الواقعة " ، ولذا فإن القارئ للرواية لا بد أن يحس التكرار واللاتزامن، فالرواية مقيدة بموضوع مغلق، والأحداث اليومية المتماثلة والشخصيات تتحرك في حركة دائرية مغلقة هي الأخرى بحكم المكان المحدد.

    ليس من شك في أن ألركابي أثرى  الحياة الثقافية  المعاصرة في العراق ، وفتح آفاقا واسعة لفهم المجتمع العراقي وإشكالاته وعقده النفسية .وفي هذا المجال يقول الناقد مالك المطلبي انه درس بعضا من روايات ألركابي ، وسلط الضوء على تراكيب السرد الروائي فأكتشف بأن الكلام عن روايات ألركابي هو كلام عن العالم المكتظ ويضيف : " في تقديري أن ألركابي يلعب لعبة داخل اللعبة ، فالفنون والآداب كلها العاب وانساق  ،وان استمدت لغتها من الواقع وان اتجهت إلى القارئ الواقعي ..إنها تبدأ بالواقع وتتجه إلى الواقع لكن مابين البدء والاتجاه يوجد نسق من الألعاب وهو يلعب بموضوعه داخل اللعبة ويتعامل مع قضية الزمن على أنها قضية أساسية .وإذا قلنا بأن الأعمال الروائية تقوم على الحكايا أو ما يسمى ب"المتن الحكائي " والسرد فأن النص هو مرجع عبد الخالق ألركابي .أما الناقد فاضل ثامر فيرى أن ثمة طرقا عديدة لقراءة عبد الخالق الركابي روائيا .ففي إحدى رواياته وهي "سفر السرمدية " نجد ان شخصا طلب منه أن يدخل إلى أربعين غرفة ، وحذر من الدخول إلى غرفة واحدة . ويقينا أن هذا الشخص يعمل جاهدا للدخول إلى مثل هذه الغرفة لأنها غرفة الإسرار . ان عبد الخالق ألركابي في هذه السيرة الروائية يكشف منحى مهما فيما يسمى "ماوراء السرد أو " الميتافكشن" ، ومعنى هذا أن ألركابي بدأ رواياته الأخيرة منذ الراووق ، على التمحور على كتابة الرواية بشكل واع أو وجود رواية داخل الرواية

   وأكد المسرحي والناقد عباس لطيف علي " أن هناك في حياة كل مبدع عملاً واحداً يتمحور عليه  ، بدليل أن الروائي المصري نجيب محفوظ في كل أعماله (يشتر) زقاق المدق وظل (يشتر) الثلاثية ،ولكني أرى في سرديات  عبد الخالق ألركابي أن هناك  روحاً تجريبية تسري في كل رواية ولا يستكين إلى قالب معين يذهب إلى أقاصي المغامرة كي يمسك نسقا روائيا يتماش مع الواقع بمنظور وبمدخل جديد" .              في بحثه الموسوم: "اثر الزمن المفترض في خلق البنية الدلالية في رواية
(سابع أيام الخلق) للروائي عبد الخالق ألركابي"   يقول   الأستاذ حسن كريم عاتي :
"إن  المنجز الإبداعي للروائي عبد الخالق ألركابي  يتميز بميزتين أساسيتين، هماالتنوع والغزارة. فهو منذ صدور مجموعته الشعرية الأولى (موت بين البحر والصحراء)، تواصل في نتاجه الأدبي ، ورفد المكتبة العربية بالعديد من الأعمال الأدبية، بل زاد في ذلك من خلال انتقاله في مختبره الإبداعي بين الأنماط الأدبية من قصة قصيرة ورواية ومسرحية. هذا فضلا عن  نصوص قصصية منفردة ولقاءات صحفية عبر فيها عن رؤياه الجمالية في منجزه و في غيره.غير أن ما يلفت النظر في ذلك المنجز على تنوعه. إن ألركابي لم يكن به ميلاً إلى تكرار الإنتاج في نمط واحد يقدم فيه عملاً سوى الرواية. فقد اصدر مجموعة شعرية واحدة، آنفة الذكر، وهي البكر في إنتاجه الأدبي، ومجموعة قصصية واحدة هي (حائط البنادق) . ومسرحية (البيزار) التي كرر في نمطها مسرحية (نهارات الليالي الألف). في حين اصدر روايات عدة هي على التوالي: (نافذة بسعة الحلم)، (من يفتح باب الطلسم)، (مكابدات عبد الله العاشق)، (الراووق)، (قبل ان يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق), التي تعد من بين أعماله الروائية الأكثر تميزا، و (اطراس الكلام) وأخيرا (سفر السرمدية) التي نشرت على حلقات في إحدى الصحف. مما يؤكد ميله إلى استخدام الرواية أداة تعبير يحقق من خلالها قدرة القول ، ويفصح عن رؤياه الجمالية عبر تقنيات كتابتها.
وقد استثمر في ذلك التنوع بين الأنماط، تنوع آخر في أساليب كتابتها، بين المستل من عمق التراث، وبين المستحدث على وفق أخر التطورات التقنية في فن الكتابات السردية.
اعتمد الركابي في تلك الاعمال جميعها التعبير عن " البيئة العراقية " على المستويين المحلي والوطني. كانت من بينها الأعمال الروائية الثلاث (الراووق)، (قبل أن يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق). التي اعتمدت - ومثل ما اعتمدت سابقاتها وفي إطارها الجغرافي - على البيئة المحلية العراقية نفسها . وتحديداً منطقة طفولته وصباه، غير أنها إتصلت مع بعضها عبر وشائج تحاول بها ان تحيل القارئ الى أماكن أكثر اتساعاً والى زمن اكبر مما استغرقه فعلا . فأصبحت بذلك أعماله ترتبط بتاريخ واسع لجغرافية محددة قابلة للانفتاح.. وقد كانت روايته (سابع أيام للخلق) إضافة نوعية مهمة للرواية العربية والعراقية معا. لما تمتاز به من خصائص فنية على مستوى البناء والسرد فيها، والذي قال عنها قبل سنوات أنها تمثل  النقطة الأساسية في نتاجه الروائي خاصة وأنها اعتمدت الأسانيد التراثية والمعارف الصوفية، وتحديداً نظرية وحدة الوجود.
لم يتوقف الروائي الكبير الاستاذ عبد الخالق الركابي يوما عن متابعة الاحداث في العراق وقد وثق في روايته "ليل علي بابا الحزين " ما مر به العراق من تخريب وتدمير وسلب ونهب جراء الاحتلال الاميركي واسقاط النظام السابق يوم 9 نيسان 2003 والى شيء من هذا القبيل يشير الاستاذ سامي مهدي في مقال كتبه عن هذه الرواية اذ يقول :"تعد روايته ( ليل علي بابا الحزين ) امتداداً لرواياته السابقة أو لبعضها في الأقل . فهذه الرواية قراءة خاصة متأملة لحقبة معينة من تاريخ العراق الحديث ، هي الحقبة التي ما نزال نعيش اليوم امتداداتها ونتائج أبرز أحداثها ، أعني الإحتلال الأمريكي للعراق ونتائجه . فهي من هذه الناحية شهادة أدبية – تاريخية على ما أصاب العراق من جراء الإحتلال ، شهادة تنطق بها شخصيات الرواية . فهي تدين الغزو والإحتلال وأسبابهما الملفقة ونتائجهما المباشرة وتأثيرهما على الوطن وعلى قيم المواطن وسلوكه وحياته اليومية ، وتؤكد بوضوح أن السبب الحقيقي للغزو والإحتلال هو الهيمنة على نفط الشرق الأوسط ومنه : نفط العراق ، وتذكّر بالصراع الأمريكي – البريطاني القديم من أجل الوصول إلى هذا الهدف ، وتقدم صوراً عما عم العراق من فوضى بسبب الإحتلال ، ومن ذلك أعمال السلب والنهب التي شملت المؤسسات والدوائر الرسمية وبيوت الناس وممتلكاتهم ، والسطو على المتاحف ونهب موجوداتها تحت نظر الأمريكان وبتشجيع منهم ، والتهريب المتواطئ عليه عبر الحدود ، وجرائم القتل والإختطاف وغيرها . وفي ظني أن السبب الجوهري في استبعاد الرواية والحيلولة دون صعودها إلى القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة ، هو أنها تدين الغزو الإحتلال بصراحة لا مواربة فيها وتدين الدول " الشقيقة " التي انطلقت منها طائرات الغزاة وجحافلها التي غزت العراق " . 

   إن ما قدمه الروائي عبد الخالق ألركابي ، عبر السنين الماضية وخاصة رواياته التي وثق فيها تاريخ العراق  الحديث ،يعد انجازا ثقافيا متميزا يرتقى في كثير من جوانبه الشكلية ، والجوهرية إلى الأعمال الروائية العالمية  التي أحدثت نقلة نوعية في مسيرة الرواية التاريخية .والاهم من ذلك كله انه صار بمقدورنا –كمؤرخين –اعتماد "النص الركابي " مصدرا لكثير من بواطن الأحداث التاريخية العراقية الحديثة .ولا يمكن إغفال الروح الجمالية التي تميزت بها روايات ألركابي ولغته القوية وأسلوبه الواضح ونفسه الوطني وغيرته على بلده وتصديه لكل من يحاول العبث بمقدراته .لقد عاش الرجل بعيدا عن السلطة والسلطان طيلة أربعين عاما ..كنت أراه وهو يستخدم عكازه نتيجة حادث تعرض له كاد يودي بحياته ، وجعله  طريح الفراش سنوات عديدة  ، يجلس بعيدا  عندما يضطر لحضور ندوة أو مؤتمر لا يتقرب أحدا من المسؤولين  ..كان بسيطا في ملبسه ، متواضعا في جلسته ، يصغي ، ويناقش بصوت هادئ ..كنت أحبه عن بعد وأراقبه بعين مؤرخ ، وأقول بيني وبين نفسي بمثل هذا الإنسان يرتقي العلم وتتسع دائرة الثقافة ويبنى الوطن .     ومن الأمور المفرحة أن الرجل ، حظي بالاحترام من الجميع ، وان بعض رواياته حصلت على جوائز وتكريمات في العراق . كما أن بعضا منها قرر في المدارس  والجامعات العراقية ، وترجم عدد من هذه الروايات إلى اللغات العالمية الحية ،ورشحت لجوائز عالمية في الرواية التاريخية ،واختيرت بعض رواياته وقدمت سينمائيا وتلفزيونيا ومن ذلك ، على سبيل المثال ، فيلم العاشق   عن روايته "مكابدات عبد الله العاشق "وفيلم "الفارس والجبل "عن قصته الخيال  تحية لك أيها الروائي العراقي الكبير ، وجزاك الله خيرا على ما قدمت .

 

 

الأحد، 30 أكتوبر 2022

محمد جمال الدين حسين العلوي قبل 22 عاما

                                                   ابراهيم خليل العلاف ومحمد جمال الدين العلوي 



محمد جمال الدين حسين العلوي قبل 22 عاما
صورة تذكارية تاريخية تجمعني بتلميذي المرحوم الاستاذ الدكتور محمد جمال الدين العلوي الاستاذ في كلية العلوم السياسية ومدير مكتب رئيس جامعة الموصل لسنوات طويلة وهو اكبر مني سنا رحمه الله وقد أشرفتُ على اطروحته للدكتوراه وقبلها درسته في السنة التحضيرية وكان عنوان اطروحته : (الصراع العربي -الاسرائيلي في السياسة الخارجية الامريكية 1973-1979) والتي قدمها سنة 2000 اي قبل 20 سنة الى كلية التربية للعلوم الانسانية - جامعة الموصل وحصلت على تقدير ممتاز وقمت عندما كنت مديرا لمركز الدراسات الاقليمية بطبعها على نفقة المركز وظهرت في كتاب .في الصورة يقبلني بعد الانتهاء من مناقشته .رحم الله اخي وصديقي ورفيق عمري ودربي الاستاذ الدكتور محمد جمال الدين العلوي ابو علي وطيب ثراه ..ابراهيم العلاف

 

قصيدة حكمت شّبر في صديقه ابراهيم العلاف


 

قصيدة حكمت شّبر في صديقه ابراهيم العلاف
في ديوانه الجميل ( ديوان ما قبل الغروب)وصدر عن الرافد للمطبوعات ببغداد 2021 قصيدة للاستاذ الدكتور الشاعر النجفي الكبير حكمت شبّر بعنوان (الى صديقي الاعز الاستاذ ابراهيم العلاف ...شكرا شكرا كبيرة اخي الحبيب وصديقي الاستاذ الدكتور حكمت شبر على هذه القصيدة التي اسعدتني جدا وفيها تقول :
يا ايها العالمُ والانسانُ والصديق **وجدتُ فيكم بهجة الطريق
قدمتَ للناس شذى علمكم **تنفس النشأ نقاء الحريق
ملأت تأريخ العراق رؤى ** جديدةً تملك زهو البريق
وكنتَ للموصلِ خيرَ فتى ** وكنتَ في سعيك نِعمَ الرفيق
أراكَ محموما لتبني العراق **وانت تدعو عالما كي يفيق
والموصل الحدباء معشوقة ٌ**جَعلتها مُضيئة كالشروق
حملتَ في سبيلها العناءُ **أيام كانت في سعير الحريق
وكم دعوتَ شعبها لوحدة ٍ**تُعيد امجادا لشعبٍ عريق
ابراهيمُ أنتَ الحُر في عالم ٍ ** غدا شتاتا في زحام المضيق
ابراهيمُ أنتَ العالم الجليل **عطية ُ السماء فينا تليقْ



ديوان ماقبل الغروب للشاعر حكمت شبّر


 


غلاف ديوان ماقبل الغروب للشاعر حكمت شبّر


ديوان ماقبل الغروب للشاعر حكمت شبّر
-ابراهيم العلاف
كم أنا سعيد وفرح ، والديوان الجديد للأخ والصديق الحبيب الاستاذ الدكتور حكمت شبّر (ديوان ماقبل الغروب ) بين يدي ، وقد وصلتني نسخة مهداة والديوان هذا يأتي بعد سلسلة من الدواوين العديدة للشاعر الكبير وهو شاعر مجيد واستاذ للقانون الدولي . وللديوان عنوان فرعي جميل وهو (أشهد أني قد عشت حياتي ) وما اجمل ان يعترف الانسان انه عاش حياته بالطول والعرض رغم ما واجهه من مشكلات وعقبات ومنغصات .
وكم كنت سعيدا وانا أرى على الصفحة (175) قصيدة مهداة لي وبعنوان ( الى صديقي الاعز الاستاذ ابراهيم العلاف) جاء في مطلعها :
يا ايها العالم والانسان والصديق ***** وجدتُ فيكم بهجة الطريق
وفرحتي إزدادت وانا اقلب الديوان ان ارى قصيدته ( قادمون ياموصل) ، وقصيدته (الناصرية ايقونة الثورة) ، وقصيدته (الى شهيد التحرير صفاء) ، وقصيدته (بغداد موطن حبي ) وقصيدته ( لن انسَ حبيبتي ايمان ) وقصيدته (في ذرى كردستان) وقصيدته (رسالة حب للاحفاد) وقصيدته (العمر لن يهزمنا ) وقصائد عديدة رائعة ومعبرة وخالدة خلود الحب والنضال والصدق والحرية .
في شعر حكمت شبّر ابعاد وطنية وعاطفية واجتماعية ويقينا ان النقاد نقاد الادب سيقفون طويلا عند قصائد هذا الديوان وقصائد الدواوين الاخرى لما تتضمنه من رؤى وافكار تنبئ بالمستقبل المجيد للعراق وما يحمله الشاعر من رسالة تنويرية ثورية تقدمية .في قصيدته (الناصرية ايقونة الثورة ) يقول :
قبس أنار طريقنا يتنادى ***في الناصرية ضوؤه يتهادى
ويجلل الهامات فجر شامخ *** سطع الطريق ينّور الاحفادا
يا ايها الاحفاد هذا دوركم *** في ثورة فاقت ذرى الأجدادا
يا ايها الثوار مِلء صدوركم *** حب العراق ورفعة الاسيادا
جمع الطغاة صفوفهم لقتالكم ***خسئوا فكنتم قوة وعنادا
اني أحيي يومكم في ثورة *** انتم لاصحاب الهوى اندادا
لم يعرف الاعراب أية ثورة ***قد جاوزت اقدارهم وجهادا
وكان لصفاء السراي شهيد تشرين حصة في شعر حكمت شبّر نسمعه يقول :
ماذا اقول لمن عشق الشهادة ***ضحى على درب الحسين بلا زيادة
ايه صفاء وانت اصفى من قلادة *** يامن عشقت الوطن الغالي وقد نلت الشهادة .
ويمضي الديوان ، وللبنان نصيب ولبطل التحرير عبد الوهاب الساعدي نصيب ، وللدكتور كمال مظهر احمد المؤرخ الراحل وللصديق المشترك بيني وبينه الاستاذ احمد عبد الرحيم الساعدي وللاحفاد لكل هؤلاء نصيب من شعر هذا الشاعر المجيد .
أمد الله بعمره ومتعه بالعافية والبركة .


صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...