الخميس، 13 أكتوبر 2022

أهمية العلوم الانسانية ..........محاضرة الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف في افتتاح المؤتمر الدولي الثاني لكلية التربية للعلوم الانسانية والمنعقد في مسرح الجامعة الكبير بجامعة الموصل الآن الاربعاء 12 تشرين الاول -اكتوبر الجاري 2022

محاضرة الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف في افتتاح المؤتمر الدولي الثاني لكلية التربية للعلوم الانسانية والمنعقد في مسرح الجامعة الكبير بجامعة الموصل الآن الاربعاء 12 تشرين الاول -اكتوبر الجاري 2022

أهمية العلوم الانسانية
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -امعة الموصل
وعندما نتحدث عن اهمية العلوم الانسانية هل يعني هذا ان العلوم الصرف ليست مهمة .انا اريد في هذه المحاضرة ان أُذكّركم بأهمية العلوم الانسانية ليس إلا .. خاصة ، وان مؤتمركم العلمي المبارك هذا يدور حول موضوع مهم وحيوي يتعلق ب( العلوم الانسانية ، وآفاق المستقبل ) .
ويقينا ان العلوم الانسانية ، والعلوم الصرف كليهما يتناولان الانسان ، ويخدمان الانسان سواء من حيث بنيته وتركيبه ، أم من حيث وظائفه وما يمكن ان يقدمه من اجل الحياة استجابة لغائية الحياة واهدافها "أفحسبتم انما خلقناكم عبثا " .
والعلوم الصرفة تهتم بصحة الانسان ، وتمكينه من ان يكون قويا ليبني المدن ، وليقيم الحضارات .. ليزرع ، ويصنع ، ويتاجر في حين تنصرف العلوم الانسانية لتلبية احتياجاته في مجالات الاجتماع والاقتصاد والنفس والتربية والفلسفة والآداب والفنون والاعلام . والعلوم الانسانية تساعد الانسان في تنمية وعيه ، وتعميق معرفته بما يدور حوله ، وتيسير فهمه لحركة الحياة ، وحسن ادارتها سياسيا ، وعسكريا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، وثقافيا .
والانسان منذ ان خُلق ، فهو يتعلم .. تعلم الاسماء كلها ، وبرع في فهم اساليب العيش ، وانماط الحياة ، وابتدع لنفسه دورا ، واتخذ موقفا من نفسه ، وأهله ، ومن يدور حوله والبعيدين عنه واهم ما استطاع ان يفعله هو تكوين رؤيته للكون ، وللحياة الدنيا ، وللحياة الاخرة ونستطيع من خلال دراستنا للبرديات وللُرقم الطينية والمنحوتات ان نكتشف كيف استطاع هذا الانسان من الوصول الى اسرار الحياة واسرار الموت وابتدأت معرفة الانسان بسيطة ثم تعمقت يوما بعد آخر الى ان وصل الى وضع القواعد والنظريات والرؤى التي اعانته على ان تتكون لديه ثروة في اللغة وثروة في الافكار وثروة في المفاهيم .
ويوما بعد يوم ، وسنة بعد اخرى، وقرنا بعد قرن استطاع الانسان ان يُفسر ما يدور حوله من احداث ووقائع ، ووصل الى التوحيد كما وصل الى سلسلة من الآراء بشأن اصله ، وفصله ، واجتماعه وعلاقاته مع رفاقه فنظم الاسرة ونسج العلاقات وابتدأت اولية وجها لوجه ، ثم انتهت ثانوية من خلال التواصل واليوم نحن نعيش عصر التواصل الاجتماعي ، وهو نوع من العلاقات الثانوية التي كنا نجدها في مجتمعات الغرب قبل عقود طويلة وصرنا اليوم نعيشها بدقائقها وظواهرها وملابساتها وعُقدها .
العلوم الانسانية مهمة في فهم المعاش ؛ معاش الانسان اقتصاده ، ومهمة في فهم العلاقات الابوية الاسرية ، ومهمة في فهم إرثه ، وما يراكمه حضاريا من معرفة .. ومهمة من حيث ما يدركه ، ويحسه ويعانيه .
اذُاُ هي علوم الاقتصاد والاجتماع والتربية والنفس والفنون والآداب والتاريخ وليس عجبا ان نرى المؤرخ والفيلسوف البريطاني روبن جورج كولنجوود Collingwood وقد توفي سنة 1943 ان يؤلف كتابين احدهما بعنوان (فكرة الطبيعة ) والثاني بعنوان ( فكرة التاريخ ) ، وملخص الكتابين الكبيرين هو انه كما ان الطبيعة تحكمها قوانين ؛ فإن التاريخ تحكمه ايضا قوانين .. ومعرفة قوانين الطبيعة تعيننا على فهم الشكل ، في حين معرفة قوانين التاريخ تعيننا على فهم المضمون . الطبيعة بما فيها من امطار وفيضانات وزلازل وبراكين والتاريخ بما فيه من حروب وصراعات وامراض اجتماعية وبناء اجتماعي واقتصادي .
اقول وانا اريد ان اختم كلمتي هذه ، وهل اننا نحتاج الى العلوم الانسانية فقط او العلوم الصرف والتطبيقية فقط .الجواب ببساطة هو اننا نحتاجهما كليهما لان الحياة معقدة والطبيعة معقدة والكون معقد والانسان نفسه معقد فهو جسد وهو روح ولا يمكن ان نبني جسدا بدون روح ولا يمكن ان نبني روحا بدون جسد ، والعمل يتراوح بين ان نسعى من اجل أن نظل قادرين على تطويع عناصر الطبيعة كما نسعى من اجل ان نظل قادرين على تطويع عناصر التاريخ ، والهدف هو اقامة العدل وتحقيق المصالح والمنافع ودرء المفاسد وهنا تكمن اهمية ان نكون مؤمنين بالقدرة الالهية اولا ، وبقدرة الانسان ثانيا ؛ فالله خلق الانسان من اجل ان يعبد ولكن اية عبادة نقصد العبادة التي اقصدها ليست اقامة الطقوس فقط بقدر ما هي بناء الحياة من اجل تحقيق كرامة الانسان ، وضمان حريته ، وعيشه الكريم ؛ لذلك فالسعي والنضال الابدي هو ان يتصدى الانسان للظلم والاستبداد والتمييز والتعصب والجهل والمرض والفقر والتاريخ يبقى ابدا وهو من اهم العلوم الانسانية ، الاداة في فهم ما يريده الانسان هذا الانسان الذي هو بنيان الله ؛ لذلك نقول دوما ونردد الانسان بنيان الله ملعون من هدمه والعلوم الانسانية هي علوم الانسان تدعمها العلوم الصرف ، والهدف النهائي هو خير الانسان ومن هو هذا الانسان انه ببساطة خليفة الله في الارض ، فلنعمل جميعا لخدمة الانسان واعلاء شأنه وتحقيق مستوى لائق به للعيش والاسهام في بناء حضارة الانسان بجانبيها المادي الذي تهتم به العلوم الطبيعية والتطبيقية والمعنوي الذي تهتم به العلوم الانسانية .
فقط أُريد التذكير بحقيقة لها علاقة بمؤتمركم ، وموضوعه : (العلوم الانسانية وآفاق المستقبل ) ، وهذه الحقيقة - كما اراها مرتبطة بعملي كمؤرخ وكاتب - وهي أن المؤرخ ليس مقتصرا في واجبه المهني على " رواية الاحداث والتثبت من صحتها " ، وانما هو الدراية بمهمته في تعميق التفكير التاريخي ، والمعرفة التاريخية من اجل مواجهة الحاضر والتطلع نحو المستقبل نظرا للارتباط الوثيق بين الماضي والحاضر والمستقبل ، فمعرفة الماضي اي معرفة تاريخنا تتحقق بفهم الحاضر ، والاعداد للمستقبل وكل هذا اقصد تدريسنا للتاريخ كمادة في التعليم العام والتعليم الجامعي عمل (تربوي) و(العمل التربوي) ، كما يوافقني زملائي في قسم العلوم النفسية والتربوية ، وانا من كتب اطروحته للدكتوراه عن السياسة التعليمية في العراق ، أن العمل التربوي هو (عمل مستقبلي) بإمتياز لسبب بسيط وهو انه يستهدف تهيئة النشء الجديد للحياة المقبلة واعداده لكي يسهم في صنعها ، والمربي ان لم يدرك كل هذا يعجز عن فهم رسالته ، وتأدية مهمته بشكل صحيح ، ومهمته الحقيقية تتعدى تخصصه المهني لترتبط بتكوين المستقبل ، واعداد جيل وطني بناء ، وايجابي قادر على مواجهة الازمات والتحديات الخطيرة .
تمنياتي لمؤتمركم بالموفقية ، والنجاح في أداء وظيفته واهدافه وهي اولا واخيرا خدمة الانسان وشكرا لكل من أسهم في إنجاح هذا المؤتمر وبوركت قيادة كلية التربية للعلوم الانسانية بجامعة الموصل ، هذه الكلية التي خدمتها وكنت واحدا من مؤسسيها قبل عدة عقود ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وشكرا لإعطائي هذه الفرصة لتقديم ما لدي في هذا المؤتمر العتيد .
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏الي وزير التعليم العالي والبحث العلمي دكتور نبيل كاظم عبد الصا سيد رئيس جامعة الموصل Repu oHipher 1 ار_زدد كتور قصي كمال الدين لأحمدي لاستاذ الدكتور حازم ذنون إسماعيل لية التربية للعلوم الإنسانية علمي الدولي الثاني تحت شعار الإنسانية وآفاق (المستقبل‏'‏‏


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...