مسألة إسقاط الجنسية العراقية في تاريخنا المعاصر
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
كثيرا ما أقرا تعليقات للبعض من الاخوة عن اسقاط الجنسية العراقية وكيف انها مرتبطة بإسقاط الجنسية عن هذا السياسي أو عن ذلك الشاعر أو ذلك الكاتب أو ذلك المربي او كما حدث للعراقيين اليهود .
يقول اللواء الحقوقي المتقاعد عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي في مقالة له منشورة في شبكة اخبار الناصرية الالكترونية انه صدر في العراق اول قانون للجنسية برقم (42 ) لسنة 1924 .
وقد حرصت جميع الدساتير العراقية على إن (الجنسية العراقية وإحكامها يحددها القانون – المادة الخامسة المعدلة من دستور 1925 والمادة الثامنة من دستور 1958 والمادة 18 من دستور 29 نيسان 1964. ) لكن دستور 21 أيلول 1968 أضاف مبدأ وهو (لا يجوز إسقاط الجنسية العراقية عن عراقي ينتمي إلى أسرة عراقية تسكن العراق قبل 6 آب 1924 وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية واختارت الرعوية العراقية) .
لكنه نص على أنه ( يجوز سحب الجنسية من المتجنس في الأحوال التي يحددها قانون الجنسية) . وعاد دستور 16 تموز 1970 إلى نهج الدساتير العراقية السابقة واكتفى بالنص على (الجنسية العراقية وأحكامها ينظمها القانون ).
وتأسيسا على ذلك أقول ان (مرسوم اسقاط الجنسية العراقية) لم يكن مرتبطا باليهود ، ولا ببعض من اسقطت الجنسية عنهم من السياسيين او الكتاب او الشعراء ، وانما هو مرسوم رقم 62 صدر سنة 1933 اصدرته الحكومة العراقية جاء فيه :" ان لمجلس الوزراء الحق في ان يقرر اسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي لم ينتم الى اسرة ساكنة عادة في العراق قبل الحرب العامة [طبعا يقصد الحرب العالمية الاولى 1914-1918 ] إذا أتى او حاول ان يأتي عملا يعد خطرا على امن الدولة وسلامتها ...ولوزير الداخلية ان يأمر بإبعاد من اسقطت عنه الجنسية ...الى خارج العراق اذا تراءى له ابعاده مما يستدعيه الامن او الراحة العامة " .
وكما هو معروف ؛ فإن مرسوم اسقاط الجنسية العراقية صدر ليعالج آثار حركة الاثوريين (التيارية وتسمى في أيامنا هذه الحركة الاشورية ) خلال الثلاثينات من القرن الماضي وصدر في عهد وزارة رشيد عالي الكيلاني الثانية ( تألفت في 9 ايلول 1933 واستقالت في 28 تشرين الاول 1933 ) ، التي اضطرت الى اصدار هذا المرسوم ولأول مرة في تأريخ العراق المعاصر..من اجل التخلض من قادة الحركة الاثورية من العراق وقد طبق لأول مرة على المار شمعون ال (21 ايشاي ) ووالدته ( سرما خاتون دبيت شمعون ) لتزعمهما الحركة بإعتبارهما هددا أمن العراق ووحدته .
وقد يكون من المناسب الاشارة الى ان مجلس قيادة الثورة المنحل بجلسته المنعقدة في 25-12-1972 اصدر قرارا ينص على ان يعفى عفوا عاما عن كافة الجرائ المرتكبة من قبل الاثوريين المرتبطين بالحركة الاثورية سنة 1933 وتعاد الجنسية العراقية لمن اسقطت عنه من الاثوريين المشتركين في تلك الحركة وتتخذ الاجراءات المقتضية لتسهيل هودة من يرغب من الاثوريين بالعودة الى العرق وقد وجهت الدعوة الى مار شمعون في 21 ايار 1970 لزيارة العراق وحلوله ضيفا على الحكومة العراقية وقد قبل مار شمعون الدعوة وفي 24 نيسان 1970 استقبلته جماهير غفيرة من الاشوريين وزار كركوك والموصل والبصرة وتكريت وصدر مرسوم اعادة الجنسية اليه قبيل مغادرته العراق ببضعة ايام وفي 2 ايلول 1971 زار بغداد ثانية وصدر مرسوم جمهوري بتعيينه رئيسا للطائفة الاشورية .لكنه عاد الى الولايات المتحدة ليظل فيها ويمارس واجباته تجاه رعيته من هناك قائلا ان الاشوريين منتشرون في جميع انحاء العالم .
وفيما يتعلق بإسقاط الجنسية عن اليهود يقول الاستاذ عبد الرزاق الهلالي (رحمه الله ) في كتابه (معجم العراق ) - ان الحكومة العراقية بعد ان تأسست (دولة اسرائيل ) في 15 ايار سنة 1948 لاحظت ان يهود ان يهود العراق اخذوا يتذرعون بشتى الوسائل غير المشروعة لترك العراق نهائيا .
كما وان البعض منهم سبق ان غادر العراق ولم يعد اليه وهذه العملية خلقت اضطرابا في الحياة العامة وخاصة الامنية والاقتصادية ، لذلك وجدت الحكومة العراقية انه لابد من معالجة هذا الامر فتقدمت في يوم 2 اذار سنة 1950 بلائحة اسقاط الجنسية العراقية عن اليهود فقبلها المجلس بصورة مستعجلة ولذلك صدر قانون ذيل مرسوم اسقاط الجنسية العراقية رقم 62 لسنة 1933 رقم (1 ) لسنة 1950 حيث جعلت مدة العمل به سنة واحدة من يوم نفاذه وهو يوم 9 اذار 1950 وقد اعطى القانون لمجلس الوزراء امر البت في اسقاط الجنسية العراقية عن اليهودي الذي يرغب بإختيار منه ترك العراق نهائيا بعد توقيعه في استمارة خاصة .
ونص التعديل ايضا على ان العراقي اليهودي الذي يغادر العراق او يحاول مغادرته بصورة غير مشروعة تسقط عنه الجنسية العراقية بقرار من مجلس الوزراء وكذلك اليهودي الذي سبق ان غادر العراق بصورة غير مشروعة يعتبر كأنه ترك العراق نهائيا اذا لم يعد خلال مهلة شهرين من نفاذ هذا القانون .
وقد ارتبط بهذا قانون رقم (12) لسنة 1951 وهو ذيل قانون مراقبة وادارة اموال اليهود المسقطة عنهم الجنسية العراقية رقم (5) لسنة 1951 المنشور في جريدة الوقائع العراقية في عددها ( 2949 ) الصادر في 22 اذار 1951 .
كما ان اسقاط الجنسية العراقية لم يتوقف عند اليهود، بل ان حملة ( الفكر الشيوعي ) وحملة (الفكر القومي العربي ) وحملة (الفكر اليساري التقدمي ) كان لهم نصيب من هذا القانون المجحف . ففيما يتعلق بحملة الفكر القومي العربي اسقطت الجنسية العراقية عن المربي والمفكر القومي الاستاذ ساطع الحصري والذي اسهم في بناء الدولة العراقية من خلال مواقعه المختلفة ومنها منصبه كمعاون لوزير المعارف ومدير المعارف العام ومدير الاثار العراقية واسقطت الجنسية عن عدد من المدرسين العرب الذين كان لهم دور في تأسيس وزارة المعارف –التربية ومنهم المربي درويش المقدادي وغيره .
واسقطت الجنسية عن بعض من حملة الفكر اليساري التقدمي ومنهم شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري في عهد نظام الرئيس السابق صدام حسين 1979-2003 وقد نفى احد الشعراء ذلك وهو الاستاذ رعد بندر لكن ابنة الشاعر السيدة خيال الجواهري قالت بالنص لموقع (إيلاف ) الالكتروني :" ان الحقيقة هي ان النظام السابق قد اسقط الجنسية العراقية عن الجواهري، واعلن ذلك من خلال الصحف كما قرأناه وكان إسقاط الجنسية عام 1994عن ثلاثة هم: محمد مهدي الجواهري وعبد الوهاب البياتي وسعد البزاز، وكما اتذكر ان ذلك جاء عبر بيان نشرته الصحف كما قلت، كما اذيع عبر الاذاعات، واتذكر ان الجواهري الأب قال حينما بلغه الخبر: (تبا لهم)، والناس كلها عرفت بالخبر ولم يكن كذبة ابدا، بل حقيقة واضحة، واضافت خيال: لتذكر ان رعد بندر جاء الى الجواهري في دمشق والطريف انه قرأ امامه قصيدة كان قد كتبها لصدام لكنه غيرها لتكون للجواهري " . .
الا ان الاستاذ رواء الجصاني رئيس مركز الجواهري قال للاستاذ نبيل الحيدري معد ومقدم برنامج (حوارات ) في قناة الحرة (الفضائية ) إن قصة إسقاط الجنسية العراقية عن الجواهري "فبركها" البعض. واضاف :" ان البعض عمل على نشر هذه القصة المثيرة إعلاميا لينتفع منها شخصيا"
وفيما يتعلق بحملة الفكر الشيوعي وهكذا سموا في الاربعينات والخمسينات فإن هناك قانون ذيل العقوبات البغدادي رقم 51 لسنة 1938 والمتعلق بإسقاط الجنسية عن المحكوم عليهم وفق هذا القانون وقانون ذيله رقم 11 لسنة 1945 فقد رأت الحكومة العراقية ان المحكوم عليهم وفق قانون الذيل رقم 51 لسنة 1938 وقانون ذيله رقم 11 لسنة 1945 يعتبرون ممن اعتنقوا المذهب الشيوعي الذي يحتم على معتنقيه ، خدمة الدولة الشيوعية الاجنبية بترويج مبادئها وتعزيز حركة منظماتها السرية التي تستوحي تعليماتها من المراكز الشيوعية خارج العراق .
ولذلك فقد اصبح حيازة هؤلاء على الجنسية العراقية مما يتعارض مع مقتضياتها التي تستلزم الولاء للوطن والتقاليد الدينية والمحافظة على استقلال البلاد لاسيما وان قانون الجنسية العراقية قد نص في مادته الخامسة عشرة على انه " اذا قبل عراقي خدمة ملكية او عسكرية لدى دولة اجنبية وابى ان يتركها متى طلبت اليه ذلك الحكومة العراقية ،فيجوز اسقاط الجنسية العراقية عن ذلك الشخص " .
وعلى هذا الاساس ،صدر مرسوم ذيل قانون الجنسية العراقية رقم (17 ) لسنة 1954 الذي نص على ما يلي : " لمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية اسقاط الجنسية العراقية عن العراقي المحكوم وفق قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم (51 ) لسنة 1938 .
وبعد أول قانون للجنسية في العراق رقم 42 لسنة 1924 ، صدر قانون ثانٍ للجنسية برقم 43 لسنة 1963، ثم صدر قانون ثالث هو (قانون الجنسية والمعلومات المدنية رقم 46 لسنة 1990) لكنه لم ينفذ .
ولأن قانون الجنسية العراقي الأول لسنة 1924م والثاني لسنة 1963م تم استخدامهما في العهدين الملكي 1921-1958 والجمهوري في مواجهة الخصوم السياسيين للحكومة كما في التسفير التعسفي للأجانب المقيمين في العراق بصورة مشروعة ، أو في إسقاط الجنسية العراقية عن بعض العراقيين خلافا لرغبتهم ، وما اقترن بالتطبيق السيء لقانون الجنسية من مظالم وماسي إنسانية ، فقد حرص واضعو دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على النص في المادة الثامنة عشر منه على إن ( الجنسية العراقية حق لكل عراقي ، وهي أساس مواطنته) و(يعد عراقياً كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية ) و( يحظر إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لأي سبب من الأسباب ، ويحق لمن اسقط عنه طلب استعادتها ، وينظم ذلك بقانون ) و(تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون ) .
وقد أقر الدستور مبدأ استثنائيا وهو ( يجوز تعدد الجنسية للعراقي ) ، و( على من يتولى منصبا سياديا أو امنيا رفيعا ، التخلي عن أي جنسية أخرى مكتسبة ، وينظم ذلك بقانون ) (ولا تمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق ) و(تنظم إحكام الجنسية بقانون ، وينظر في الدعاوى الناشئة عنها من قبل المحاكم المختصة ) .
موضوع الجنسية العراقية وتاريخها يحتاج الى عودة اخرى، بل يحتاج الى ان يكون موضوعا لرسالة ماجستير في التاريخ الحديث نظرا لما التصق به من احداث وما نتج عنه من امور لم تكن دوما في صالح البلاد والعباد .
_______________________________
*علق الاستاذ عبد المنعم حمندي عن قضية اسقاط الجنسية عن شعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري فقال :تحياتي : قصة إسقاط الجنسية العراقية عن الأساتذة محمد مهدي الجواهري وعبدالرهاب البياتي وسعد البزاز مفبركة ، أشاعها الاعلام المعارض في حينها، ويومها كنت موجوداً في عمان مشاركاً في مؤتمر الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب عام ١٩٩٢، لقد كان الجواهري وقتها في عمان بعد حضوره حفل ميلاد الملك الحسين بن طلال وقراءة قصيدة بالمناسبة مطلعها : ياسيدي أسعف فمي لأقوالا في يوم مولدك الجميل جميلا، زرناه في مقر إقامته مجموعة من الادباء بينهم حميد سعيد ومحمد مبارك وعبد الامير معلة ومحمد البدري وكان ولده فرات الجواهري حاضرا وبعد أن اعتذر عن فكرة العودة الى العراق التي كانت ملحة عنده وبناءً على رغبته ، قرر زيارة السفارة العراقية وذهب بصحبة الاستاذ حميد سعيد والمستشار الصحفي الاستاذ عادل ابراهيم وقد استقبله السفير الاستاذ نوري الويس وبقي في السفارة أكثر من ساعة ونشر الخبر في الصحافة الاردنية وهناك أكثر من صورة التقطت ولا أنسى قوله كما ذكر لي الاستاذ حميد زيارتي السفارة كأني زرت العراق وهناك تم تجديد جواز سفره ولهذا الموضوع حكاية اخرى بسبب ضغط أولاده عليه بعدم العودة لبلده ، أما حكاية الاستاذ عبد الوهاب البياتي الذي كان مقيماً في الاردن فقد كان يحضر احتفالات السفارة العراقية في كل المناسبات ويوم اشيع خبر إسقاط الجنسية عام ١٩٩٤ اتصل الاستاذ فخري قعوار رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب ورئيس رابطة الادباء الأردنيين حينها بالمستشار الصحفي في السفارة العراقية مستفسرًا عن صحة الخبر فقام بنفسه توصيل جواز سفر مجدد ياسم عبدالوهاب البياتي الى فخري قعوار الذي أعطاه الى البياتي وكذَّب الخبر.. هذا الموضوع كتب عنه كثيراً وإثارته ليست في صالح التوثيق والتاريخ والحمد لله لازال بعض الشهود أحياء، لكم منا خالص التقدير
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
كثيرا ما أقرا تعليقات للبعض من الاخوة عن اسقاط الجنسية العراقية وكيف انها مرتبطة بإسقاط الجنسية عن هذا السياسي أو عن ذلك الشاعر أو ذلك الكاتب أو ذلك المربي او كما حدث للعراقيين اليهود .
يقول اللواء الحقوقي المتقاعد عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي في مقالة له منشورة في شبكة اخبار الناصرية الالكترونية انه صدر في العراق اول قانون للجنسية برقم (42 ) لسنة 1924 .
وقد حرصت جميع الدساتير العراقية على إن (الجنسية العراقية وإحكامها يحددها القانون – المادة الخامسة المعدلة من دستور 1925 والمادة الثامنة من دستور 1958 والمادة 18 من دستور 29 نيسان 1964. ) لكن دستور 21 أيلول 1968 أضاف مبدأ وهو (لا يجوز إسقاط الجنسية العراقية عن عراقي ينتمي إلى أسرة عراقية تسكن العراق قبل 6 آب 1924 وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية واختارت الرعوية العراقية) .
لكنه نص على أنه ( يجوز سحب الجنسية من المتجنس في الأحوال التي يحددها قانون الجنسية) . وعاد دستور 16 تموز 1970 إلى نهج الدساتير العراقية السابقة واكتفى بالنص على (الجنسية العراقية وأحكامها ينظمها القانون ).
وتأسيسا على ذلك أقول ان (مرسوم اسقاط الجنسية العراقية) لم يكن مرتبطا باليهود ، ولا ببعض من اسقطت الجنسية عنهم من السياسيين او الكتاب او الشعراء ، وانما هو مرسوم رقم 62 صدر سنة 1933 اصدرته الحكومة العراقية جاء فيه :" ان لمجلس الوزراء الحق في ان يقرر اسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي لم ينتم الى اسرة ساكنة عادة في العراق قبل الحرب العامة [طبعا يقصد الحرب العالمية الاولى 1914-1918 ] إذا أتى او حاول ان يأتي عملا يعد خطرا على امن الدولة وسلامتها ...ولوزير الداخلية ان يأمر بإبعاد من اسقطت عنه الجنسية ...الى خارج العراق اذا تراءى له ابعاده مما يستدعيه الامن او الراحة العامة " .
وكما هو معروف ؛ فإن مرسوم اسقاط الجنسية العراقية صدر ليعالج آثار حركة الاثوريين (التيارية وتسمى في أيامنا هذه الحركة الاشورية ) خلال الثلاثينات من القرن الماضي وصدر في عهد وزارة رشيد عالي الكيلاني الثانية ( تألفت في 9 ايلول 1933 واستقالت في 28 تشرين الاول 1933 ) ، التي اضطرت الى اصدار هذا المرسوم ولأول مرة في تأريخ العراق المعاصر..من اجل التخلض من قادة الحركة الاثورية من العراق وقد طبق لأول مرة على المار شمعون ال (21 ايشاي ) ووالدته ( سرما خاتون دبيت شمعون ) لتزعمهما الحركة بإعتبارهما هددا أمن العراق ووحدته .
وقد يكون من المناسب الاشارة الى ان مجلس قيادة الثورة المنحل بجلسته المنعقدة في 25-12-1972 اصدر قرارا ينص على ان يعفى عفوا عاما عن كافة الجرائ المرتكبة من قبل الاثوريين المرتبطين بالحركة الاثورية سنة 1933 وتعاد الجنسية العراقية لمن اسقطت عنه من الاثوريين المشتركين في تلك الحركة وتتخذ الاجراءات المقتضية لتسهيل هودة من يرغب من الاثوريين بالعودة الى العرق وقد وجهت الدعوة الى مار شمعون في 21 ايار 1970 لزيارة العراق وحلوله ضيفا على الحكومة العراقية وقد قبل مار شمعون الدعوة وفي 24 نيسان 1970 استقبلته جماهير غفيرة من الاشوريين وزار كركوك والموصل والبصرة وتكريت وصدر مرسوم اعادة الجنسية اليه قبيل مغادرته العراق ببضعة ايام وفي 2 ايلول 1971 زار بغداد ثانية وصدر مرسوم جمهوري بتعيينه رئيسا للطائفة الاشورية .لكنه عاد الى الولايات المتحدة ليظل فيها ويمارس واجباته تجاه رعيته من هناك قائلا ان الاشوريين منتشرون في جميع انحاء العالم .
وفيما يتعلق بإسقاط الجنسية عن اليهود يقول الاستاذ عبد الرزاق الهلالي (رحمه الله ) في كتابه (معجم العراق ) - ان الحكومة العراقية بعد ان تأسست (دولة اسرائيل ) في 15 ايار سنة 1948 لاحظت ان يهود ان يهود العراق اخذوا يتذرعون بشتى الوسائل غير المشروعة لترك العراق نهائيا .
كما وان البعض منهم سبق ان غادر العراق ولم يعد اليه وهذه العملية خلقت اضطرابا في الحياة العامة وخاصة الامنية والاقتصادية ، لذلك وجدت الحكومة العراقية انه لابد من معالجة هذا الامر فتقدمت في يوم 2 اذار سنة 1950 بلائحة اسقاط الجنسية العراقية عن اليهود فقبلها المجلس بصورة مستعجلة ولذلك صدر قانون ذيل مرسوم اسقاط الجنسية العراقية رقم 62 لسنة 1933 رقم (1 ) لسنة 1950 حيث جعلت مدة العمل به سنة واحدة من يوم نفاذه وهو يوم 9 اذار 1950 وقد اعطى القانون لمجلس الوزراء امر البت في اسقاط الجنسية العراقية عن اليهودي الذي يرغب بإختيار منه ترك العراق نهائيا بعد توقيعه في استمارة خاصة .
ونص التعديل ايضا على ان العراقي اليهودي الذي يغادر العراق او يحاول مغادرته بصورة غير مشروعة تسقط عنه الجنسية العراقية بقرار من مجلس الوزراء وكذلك اليهودي الذي سبق ان غادر العراق بصورة غير مشروعة يعتبر كأنه ترك العراق نهائيا اذا لم يعد خلال مهلة شهرين من نفاذ هذا القانون .
وقد ارتبط بهذا قانون رقم (12) لسنة 1951 وهو ذيل قانون مراقبة وادارة اموال اليهود المسقطة عنهم الجنسية العراقية رقم (5) لسنة 1951 المنشور في جريدة الوقائع العراقية في عددها ( 2949 ) الصادر في 22 اذار 1951 .
كما ان اسقاط الجنسية العراقية لم يتوقف عند اليهود، بل ان حملة ( الفكر الشيوعي ) وحملة (الفكر القومي العربي ) وحملة (الفكر اليساري التقدمي ) كان لهم نصيب من هذا القانون المجحف . ففيما يتعلق بحملة الفكر القومي العربي اسقطت الجنسية العراقية عن المربي والمفكر القومي الاستاذ ساطع الحصري والذي اسهم في بناء الدولة العراقية من خلال مواقعه المختلفة ومنها منصبه كمعاون لوزير المعارف ومدير المعارف العام ومدير الاثار العراقية واسقطت الجنسية عن عدد من المدرسين العرب الذين كان لهم دور في تأسيس وزارة المعارف –التربية ومنهم المربي درويش المقدادي وغيره .
واسقطت الجنسية عن بعض من حملة الفكر اليساري التقدمي ومنهم شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري في عهد نظام الرئيس السابق صدام حسين 1979-2003 وقد نفى احد الشعراء ذلك وهو الاستاذ رعد بندر لكن ابنة الشاعر السيدة خيال الجواهري قالت بالنص لموقع (إيلاف ) الالكتروني :" ان الحقيقة هي ان النظام السابق قد اسقط الجنسية العراقية عن الجواهري، واعلن ذلك من خلال الصحف كما قرأناه وكان إسقاط الجنسية عام 1994عن ثلاثة هم: محمد مهدي الجواهري وعبد الوهاب البياتي وسعد البزاز، وكما اتذكر ان ذلك جاء عبر بيان نشرته الصحف كما قلت، كما اذيع عبر الاذاعات، واتذكر ان الجواهري الأب قال حينما بلغه الخبر: (تبا لهم)، والناس كلها عرفت بالخبر ولم يكن كذبة ابدا، بل حقيقة واضحة، واضافت خيال: لتذكر ان رعد بندر جاء الى الجواهري في دمشق والطريف انه قرأ امامه قصيدة كان قد كتبها لصدام لكنه غيرها لتكون للجواهري " . .
الا ان الاستاذ رواء الجصاني رئيس مركز الجواهري قال للاستاذ نبيل الحيدري معد ومقدم برنامج (حوارات ) في قناة الحرة (الفضائية ) إن قصة إسقاط الجنسية العراقية عن الجواهري "فبركها" البعض. واضاف :" ان البعض عمل على نشر هذه القصة المثيرة إعلاميا لينتفع منها شخصيا"
وفيما يتعلق بحملة الفكر الشيوعي وهكذا سموا في الاربعينات والخمسينات فإن هناك قانون ذيل العقوبات البغدادي رقم 51 لسنة 1938 والمتعلق بإسقاط الجنسية عن المحكوم عليهم وفق هذا القانون وقانون ذيله رقم 11 لسنة 1945 فقد رأت الحكومة العراقية ان المحكوم عليهم وفق قانون الذيل رقم 51 لسنة 1938 وقانون ذيله رقم 11 لسنة 1945 يعتبرون ممن اعتنقوا المذهب الشيوعي الذي يحتم على معتنقيه ، خدمة الدولة الشيوعية الاجنبية بترويج مبادئها وتعزيز حركة منظماتها السرية التي تستوحي تعليماتها من المراكز الشيوعية خارج العراق .
ولذلك فقد اصبح حيازة هؤلاء على الجنسية العراقية مما يتعارض مع مقتضياتها التي تستلزم الولاء للوطن والتقاليد الدينية والمحافظة على استقلال البلاد لاسيما وان قانون الجنسية العراقية قد نص في مادته الخامسة عشرة على انه " اذا قبل عراقي خدمة ملكية او عسكرية لدى دولة اجنبية وابى ان يتركها متى طلبت اليه ذلك الحكومة العراقية ،فيجوز اسقاط الجنسية العراقية عن ذلك الشخص " .
وعلى هذا الاساس ،صدر مرسوم ذيل قانون الجنسية العراقية رقم (17 ) لسنة 1954 الذي نص على ما يلي : " لمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية اسقاط الجنسية العراقية عن العراقي المحكوم وفق قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم (51 ) لسنة 1938 .
وبعد أول قانون للجنسية في العراق رقم 42 لسنة 1924 ، صدر قانون ثانٍ للجنسية برقم 43 لسنة 1963، ثم صدر قانون ثالث هو (قانون الجنسية والمعلومات المدنية رقم 46 لسنة 1990) لكنه لم ينفذ .
ولأن قانون الجنسية العراقي الأول لسنة 1924م والثاني لسنة 1963م تم استخدامهما في العهدين الملكي 1921-1958 والجمهوري في مواجهة الخصوم السياسيين للحكومة كما في التسفير التعسفي للأجانب المقيمين في العراق بصورة مشروعة ، أو في إسقاط الجنسية العراقية عن بعض العراقيين خلافا لرغبتهم ، وما اقترن بالتطبيق السيء لقانون الجنسية من مظالم وماسي إنسانية ، فقد حرص واضعو دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على النص في المادة الثامنة عشر منه على إن ( الجنسية العراقية حق لكل عراقي ، وهي أساس مواطنته) و(يعد عراقياً كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية ) و( يحظر إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لأي سبب من الأسباب ، ويحق لمن اسقط عنه طلب استعادتها ، وينظم ذلك بقانون ) و(تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون ) .
وقد أقر الدستور مبدأ استثنائيا وهو ( يجوز تعدد الجنسية للعراقي ) ، و( على من يتولى منصبا سياديا أو امنيا رفيعا ، التخلي عن أي جنسية أخرى مكتسبة ، وينظم ذلك بقانون ) (ولا تمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق ) و(تنظم إحكام الجنسية بقانون ، وينظر في الدعاوى الناشئة عنها من قبل المحاكم المختصة ) .
موضوع الجنسية العراقية وتاريخها يحتاج الى عودة اخرى، بل يحتاج الى ان يكون موضوعا لرسالة ماجستير في التاريخ الحديث نظرا لما التصق به من احداث وما نتج عنه من امور لم تكن دوما في صالح البلاد والعباد .
_______________________________
*علق الاستاذ عبد المنعم حمندي عن قضية اسقاط الجنسية عن شعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري فقال :تحياتي : قصة إسقاط الجنسية العراقية عن الأساتذة محمد مهدي الجواهري وعبدالرهاب البياتي وسعد البزاز مفبركة ، أشاعها الاعلام المعارض في حينها، ويومها كنت موجوداً في عمان مشاركاً في مؤتمر الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب عام ١٩٩٢، لقد كان الجواهري وقتها في عمان بعد حضوره حفل ميلاد الملك الحسين بن طلال وقراءة قصيدة بالمناسبة مطلعها : ياسيدي أسعف فمي لأقوالا في يوم مولدك الجميل جميلا، زرناه في مقر إقامته مجموعة من الادباء بينهم حميد سعيد ومحمد مبارك وعبد الامير معلة ومحمد البدري وكان ولده فرات الجواهري حاضرا وبعد أن اعتذر عن فكرة العودة الى العراق التي كانت ملحة عنده وبناءً على رغبته ، قرر زيارة السفارة العراقية وذهب بصحبة الاستاذ حميد سعيد والمستشار الصحفي الاستاذ عادل ابراهيم وقد استقبله السفير الاستاذ نوري الويس وبقي في السفارة أكثر من ساعة ونشر الخبر في الصحافة الاردنية وهناك أكثر من صورة التقطت ولا أنسى قوله كما ذكر لي الاستاذ حميد زيارتي السفارة كأني زرت العراق وهناك تم تجديد جواز سفره ولهذا الموضوع حكاية اخرى بسبب ضغط أولاده عليه بعدم العودة لبلده ، أما حكاية الاستاذ عبد الوهاب البياتي الذي كان مقيماً في الاردن فقد كان يحضر احتفالات السفارة العراقية في كل المناسبات ويوم اشيع خبر إسقاط الجنسية عام ١٩٩٤ اتصل الاستاذ فخري قعوار رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب ورئيس رابطة الادباء الأردنيين حينها بالمستشار الصحفي في السفارة العراقية مستفسرًا عن صحة الخبر فقام بنفسه توصيل جواز سفر مجدد ياسم عبدالوهاب البياتي الى فخري قعوار الذي أعطاه الى البياتي وكذَّب الخبر.. هذا الموضوع كتب عنه كثيراً وإثارته ليست في صالح التوثيق والتاريخ والحمد لله لازال بعض الشهود أحياء، لكم منا خالص التقدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق