الخميس، 16 مارس 2017

يحيى قاف الشيخ عبد الواحد 1894-1966 المربي والمناضل الموصلي ا.د. ابراهيم خليل العلاف



يحيى قاف الشيخ عبد الواحد  1894-1966 المربي والمناضل الموصلي
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
قبل أيام ارسلت لي الاخت  سينا سامر المخرجة السينمائية رسالة تطلب فيها مني صورة للمربي المعلم والمناضل اليساري الاستاذ يحيى قاف الشيخ عبد الواحد .وقد تنبهتُ الى انني لم انشر عنه مقالة قائمة بذاتها مع انني كنت أتابعه منذ كتابتي لرسالتي للماجستير سنة 1975 والتي قدمتها الى كلية الاداب –جامعة الموصل بعنوان :" ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922 " . كما انني ومن اجل استكمال بعض ملامح تاريخ الموصل  المعاصر خلال  السنوات الاخيرة من عهد الحكم   العثماني رحت أقابل ولده المحامي سعد في مكتبه في شارع المتنبي وكان ذلك سنة 1974 وكان الرجل كيسا استقبلني بكل كياسة وتحدث لي عن والده .
في رسالتي للماجستير تطرقتٌ الى الاستاذ يحيى قاف الشيخ عبد الواحد عندما كان عضوا في أحدى الجمعيات السرية في الموصل سنة 1914 بهدف الكفاح المسلح ضد الحكام الاتراك الاتحاديين وكان يحمل اسما مستعارا هو (قحطان ) وكان الى جانبه ثابت عبد النور (حسان )  ورؤوف الغلامي  ( نادب الحق ) ومكي الشربتي (طارق )  ورؤوف الشهواني (المغيرة ).
واتذكر انني  في بداية الخمسينات من القرن الماضي عندما كنت أذهب الى مدرستي الابتدائية (أبي تمام ) في محلة عبدوخوب كنت اشاهده في طريقي وهو مدير للمدرسة القحطانية ومدرستي ابي تمام والقحطانية الابتدائتين كانا من المدارس الابتدائية العريقة مع المدرسة الحسينية والمدرسة العراقية والمدرسة العدنانية . كان رجلا قصير القامة ، أصلع وبدين ، وملابسه بسيطة وقديمة ، وكان يمشي ببطء ، ويسلم على من يراه في طريقه
وخلال حركة الموصل في 8 آذار 1959 والتي كانت ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 برز اسم يحيى قاف الشيخ عبد الواحد كقائد شيوعي وعرف الناس في الموصل بذلك .
ومما يمكن ذكره ايضا انني كثيرا ما كنت اتحدث مع الاستاذ مثري العاني عن ما لديه عن الاستاذ يحيى قاف وكان مهتما بحيى قاف ومجهوداته في الكتابة للمسرح وفعلا اصدر الرجل كتابا عنه  ..كما سبق ان نشر  عنه مقالة في مجلة (الثقافة ) البغدادية لصاحبها الدكتور صلاح خالص .
اذا ؛ فالاستاذ يحيى قاف الشيخ عبد الواحد من مواليد الموصل سنة 1894 ، وانه خريج دار المعلمين في الموصل  سنة 1919  ، وانه عين معلما ، وانه كان مولعا بالقراءة  ، وقد حفظ القرآن الكريم وتعلم شيئا من الحساب في الكُتاب شأنه شأن مجايليه ، وانه كان تقدميا اطلع على بواكير الكتابات عن الاشتراكية في الصحف العراقية والشامية والمصرية وانه كان يجهر بمبادئه التقدمية  مع انه من اسرة دينية وكان والده شيخا متدنيا معروفا بتقواه وكان يعمل في الزراعة ، لذلك عانى الكثير من العنت والاضطهاد من قبل السلطة الهاشمية الحاكمة وانتهى به الامر في سجن الحلة ومن قبل ذلك في نقرة السلمان حيث توفي في سجن الحلة يوم 17 نيسان –ابريل سنة 1966 عن عمر ناهز ال 72 سنة وكان قد حكم عليه في المجلس العرفي العسكري لمشاركته في احداث الموصل 1959 بالسجن (15 ) سنة .وخلال سجنه كان يبدو مريضا وعاجزا عن ان يقضي ابسط احتياجاته  ولم يأل السجناء جهدا في مساعدته وتخفيف وطأة معاناته .
عمل الاستاذ يحيى قاف الشيخ عبد الواحد مديرا للمدرسة القحطانية في الموصل  كما عمل  مديرا لمدرسة الفري في النجف الاشرف . وقد زرع في نفوس تلاميذه الحس الوطني والشعور الطبقي وكان هو نفسه قد شارك في كل الانتفاضات التي شهدها العراق ابتداءا من ثورة 1920 والتي ابتدأت في تلعفر حيث كان يعمل معلما في 4 حزيران 1920 وانتهاءا بثورة 14 تموز 1958 .
عندما زار الملك فيصل الاول ملك العراق الاسبق 1921-1933 في العشرينات التقى بعدد من رجالات الحركة الوطنية الذين عملوا من اجل صيرورة الموصل جزءا من العراق ، ورفض مطالبة تركيا بها ووقف امام الملك فيصل ليتحدث بصراحة وشجاعة مرددا :"أنا يحيى قاف أقول وما أخاف " .
كتب الاستاذ عبد القادر العيداني وكان يعرفه وزامله في السجن مقالا  جميلا عنه منشورا في موقع (الناس ) الالكترونية قبل سنوات ، وقال ان الاستاذ يحيى قاف ناصر العناصر الوطنية عندما رشحت لانتخابات النيابية في الخمسينات وتعرض للاضطهاد بسبب افكاره اليسارية فترك الموصل وسكن  النجف  الاشرف سنة 1923 ، وعين معلما في مدرسة الغري ثم مديرا لها ، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عاد الى الموصل وعين مديرا للمدرسة القحطانية،  واعتقل سنة 1948 اثناء وثبة كانون الثاني ، ومعارضته لمعاهدة بورتسموث بين العراق وبريطانيا .كان الرجل ينشر افكاره التقدمية اينما حل وإرتحل ، وقد ثقف نفسه بنفسه ، وكان يقرأ ما يصل اليه من الكتب والصحف والمجلات وكان ينشر ما يؤمن به بين تلاميذه وزملاءه وكثيرا ما تعرض للاضطهاد والعنف والعنت ، وكان يكتب لبعض المجلات ومنها مجلتي (المجلة ) و(العصر الحديث ) ، وكانت صلته مستمرة بالحزب الشيوعي والحركة الوطنية وانصرف بعد ذلك لكتابة المسرحيات التي اخذ بعضها طريقه للعرض على مسارح مدارس الموصل .. ولعل من ابرز ما كتب من المسرحيات ::
1.مسرحية   (فتح مصر)    1924
2.مسرحية  (فتح القادسية)   1934  
3.مسرحية  (فتح الشام)   1936 .

كذلك أصدر كتابا عن  (محو الأمية لدى كبار السن ) في سنة  1947 .

بعد وفاته – يقول الاستاذ عبد القادر العيداني -  ان جريدة (طريق الشعب ) نعته  وقال تحت  عنوان  : ( استشهاد المربي الكبير يحيى قاف في سجن الحلة ) ان المربي ، والمناضل يحيى قاف الشيخ عبد الواحد يجب ان يكون أمثولة للرجال الصادقين ، وسمته بطل المعلمين ومعلم الابطال ، ووجهت تحية للموصل التي انجبت هذا الرجل الشجاع ، واشادت بمواقفه الوطنية المشهودة له ، ومهاجمته الحكام الطغاة بعبارات لاتزال مضرب الامثال .












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...