الخميس، 18 يوليو 2013

في متوسطة فتح في الشورة 1969-1972...صفحة من مذكراتي



 في متوسطة فتح في الشورة 1969-1972...صفحة من مذكراتي  
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
   في اليوم التاسع من آذار –مارس1969 صدر أمر تعييني مدرسا في متوسطة فتح في ناحية الشورة ، وهي مدرسة متوسطة استحدثت وألحقت بمدرسة الشورة الابتدائية . وقد التحقت بالمدرسة وكان القائم بالإدارة زميل  من الجنوب اسمه الأستاذ علي  نايف الكروي وتخصصه علوم الحياة  .وبعد فترة  قصيرة نقل  إلى مدرسة أخرى ، فتوليت إدارة المدرسة وكالة ثم أصالة  . وقد  قدر لي بعد معاونة أهل الناحية من الخيرين إنشاء بناية مستقلة للمتوسطة ضمن مشروع كان سائدا آنذاك بأسم "العمل الشعبي " .وقد افتتحت المدرسة من قبل معاون محافظ نينوى وكان آنذاك الأستاذ علي قاسم الجمعة والأستاذ عبد القادر عز الدين المدير العام للتربية في محافظة نينوى وقد جرى احتفال وصور الاحتفال من قبل تلفزيون نينوى وعرض في النشرة المسائية .
    كان من مدرسي متوسطة فتح الأساتذة فضلا عني والأستاذ علي  نايف الكروي ..حازم شاكر وهشام قاسم وعدنان القاضلي ،وربيع محمد القاسم (الدكتور فيما بعد والأستاذ في قسم اللغة الانكليزية بكلية الآداب –جامعة الموصل ) ، وحازم إبراهيم (أبو شاهر ) معلم منسب من مدرسة الشورة الابتدائية وكان يدرس اللغة الانكليزية ) ، وساجد طركي عباس، ومؤيد عبد الله  (الدكتور فيما بعد رئيس قسم الفيزياء في كلية العلوم –جامعة الموصل ) . وكنا نعود إلى الموصل يوميا. ومن الأحداث التي اذكرها أن المشرف التربوي الإداري عبد المحسن  توحلة زارني بعد فترة شهرين من تعييني مديرا للمتوسطة وسألني عن سجلات القيد العام والأثاث واللوازم الرياضية والإطعام  وما شاكل فأنكرت معرفتي بها وقلت لااعلم بوجود مثل هذه السجلات، ولم يحاسبني بل طلب مني الحضور إلى مخزن التربية بعد يومين وفي ساعة محددة وفي الموعد جئت إلى المخزن وأطلعني على السجلات وعلمني كيف أقوم يملئها وسوف يأتي إلى المدرسة ليطلع عليها ،وبالفعل جاء وأعجب بما فعلته وهنأني على جهودي .
     كما حضر السيد نجيب الخفاف المشرف التربوي المتخصص بالاجتماعيات لمشاهدتي وقد أعجب بتدريسي وبوسائل الإيضاح التي كنت قد أعددتها  وكتب تقريرا عني جاء فيه : "انك والله مدرس جيد ومتميز بالرغم من حداثة تعيينك " .وكان الأستاذ نجيب الخفاف معرفا بصرامته، وبعدم رضاه عن أحد منذ كان مديرا للتربية في الموصل .
    كانت أيام عملي في الشورة ، لذيذة  وممتعة ومفيدة ،فالجو السياسي والأمني  العام الذي كان سائدا في البلد ساعد على ذلك ..فعندما يأتي الدوام بعد انتهاء العطلة الصيفية،كنا نسارع إلى الاتفاق مع احد السواق لينقلنا إلى الشورة التي تبعد عن مدينة الموصل بقرابة 50 كيلومترا..وكنا نقضي في الذهاب ساعة  ومثلها في الإياب. ومن السواق الذين اذكرهم سائق من قرية الكوكجلي اسمه إدريس وآخر من القرية نفسها اسمه محيي وكان السائق يبقى معنا لحين انتهاء الدوام في الواحدة ظهرا أو قبل ذلك بقليل .وقد يستغرب القراء الاعزاء اليوم  إذا عرفوا أن مجموع ما يدفعه المدرس طيلة الشهر كاشتراك في السيارة لايتجاوز ال5 دنانير فقط حتى أن السائق إذا ما تعطلت سيارته في يوم من الأيام فأنه  كان ملزما بان يرسل بدله سائقا . وفي طول الطريق كنا نتبادل الأحاديث والنكات. وكان معنا عدد من معلمي مدرسة الشورة الابتدائية من أهل الموصل أبرزهم خالد العمري، وياسين البرهاوي  ومحمود شكر ،وفاضل الليلة وأبو قتيبة وشقيقه مدير المدرسة سعدي ومحمد هبالة ومحمد شفيق واحمد عبد الله ، وخالد ،وكثيرا ما كان الإخوان يمازحون زميلهم احمد عبد الله طول الطريق مزاحا ثقيلا من قبيل الاحتفاظ بسطلة ماء وصبه على رأسه على غفلة، ولم يبخل محمد شفيق بحركاته الغريبة داخل السيارة والكل يتضاحك. وقد احتفظت بعلاقاتي الجيدة مع كل زملائي سواء أكانوا من المعلمين أو المدرسين ..كانت أياما جميلة.ومما كنا نحرص عليه صباحا هو أن نقف في الباب الجديد لنشتري( قيمرا )وخبزا أو كبابا نفطر عليه حال وصولنا الشورة .وكانت المدرسة مشمولة ببرنامج الإطعام الدولي وقد رتبت  ،بأعتباري مديرا للمتوسطة ،نظاما يقوم فيه التلاميذ بالدخول إلى الغرفة المخصصة لذلك ويتناولون حصتهم من الجبن أو الحليب أو البيض أو الكباب ويخرجون بشكل نظامي لاياخذ وقتا طويلا من اليوم الدراسي .
    ومما اذكره أنني اضطررت لتدريس مواد بعيدة عن اختصاصي كالرياضة وعلم الحياة  واللغة العربية وقد ذكرني احد طلابي بعد سنوات  بأني  كلفتهم بكتابة مواضيع في الإنشاء بعد أن أخرجتهم من الصف إلى الفلاة وطلبت منهم أن يتأملوا السماء والشمس ويكتبوا ما يعن لهم وهكذا كنت أدرب الطلاب على  كتابة الموضوعات كما كنت أشجعهم على القراءة .وعندما شعرت أن مكتبة المدرسة فقيرة بالمصادر جلبت لهم الكتب من مكتبتي ، وعملت بالتعاون مع مديرية التربية على أغنائها بالكتب كما لجأت إلى طريقة عملية وهي إنني كلفت كل طالب بأن يكتب عن قريته حيث أن في المدرسة طلاب من الشورة، ومن قرى  شويرات وصفية، والرصيف ،وصف التوث وغيرها من القرى المجاورة وقد أعطيتهم محاور للموضوع من قبيل اسم القرية وموقعها وبعدها عن الموصل ومن هو مختارها  ومن هم وجهاؤها والى أي العشائر ينتسب أبناء القرية ، واهم حاصلاتها الزراعية  وما الحيوانات المعروفة فيها .وقد كتب الطلاب مواضيع ممتازة واعتقد أن مكتبة المدرسة لاتزال تحتفظ بنماذج من تلك الموضوعات. هذا إلى جانب اهتمامي بان ينجز الطلاب نشرات جدارية أدبية ورياضية وعلمية ويتم ذلك من خلال لجان أدبية وعلمية ورياضية شكلتها بإشراف أحد المدرسين وتضم عددا من الطلاب .
    ارتبطت بصداقات واسعة مع أهل الشورة ولازلت محتفظا بها ومن الذين عرفتهم عن كثب المرحوم صالح الملا منصور –والد تلميذي الشيخ عذال والأستاذ ادهام الملا منصور  والأستاذ  الحاج فرمان والأستاذ حازم إبراهيم  وكنت اعرف والده إبراهيم (الكصيد )وقد جالسته مرات عديدة  وتحاورت معه في شؤون تاريخية وعشائرية وكنت اعرف فيصل الملا منصور وكثيرين ومما يسجل في هذا الصدد أنني حظيت من الجميع بالمحبة والاهتمام بحيث ان هذه المحبة انتقلت إلى أولادهم الذين اعتز بصداقتهم اليوم عبر صفحتي في الفيسبوك .كما بعضهم لايزال يزورني في مكتبي بمركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل ويقينا ان  أهل الشورة أناس وطنيون عروبيون لهم ثقة كبيرة بأنفسهم مخلصين لبلدهم ويميلون إلى التصالح والتعاون ويظهرون محبتهم للآخرين وفوق هذا فأنهم أذكياء لماحون مستقيمون متدينون يحترمون الكبير ويعطفون على الصغير.. ولهم ميل للثقافة والعلم وقد نبغ منهم الكثيرون في مختلف مفاصل الدولة والمجتمع  وأستطيع ان أجيئ  بالعديد من الأمثلة على ذلك .
  بقيت مديرا لمتوسطة فتح في الشورة قرابة أربع سنوات ونصف .وقد قبلت في الدراسات العليا بقسم التاريخ –كلية الآداب –جامعة بغداد سنة 1972 والتحقت بالدراسة مجازا  بموجب الأمر الوزاري المرقم 55862 والمؤرخ 13 تشرين الثاني –نوفمبر 1972 . ومن الطريف ان اذكر أن الأمر الوزاري حمل توقيع الاستاذ الدكتور احمد عبد الستار الجواري وزير التربية .
    أكملت الدراسة وحصلت على شهادة الماجستير وعدت الموصل ونسبت إلى ثانوية بعشيقة في15 شباط –فبراير 1975  وبقيت حتى 18 أيلول –سبتمبر 1975  وهو موعد نقل خدماتي من وزارة التربية إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبموجب الأمر الوزاري المرقم 55775 في 14 ايلول 1975 وقد عينت  مدرسا مساعدا في قسم التاريخ بكلية الآداب –جامعة الموصل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...