الاثنين، 7 مايو 2012

القاص أنور عبد العزيز ..شهادة مؤرخ


 القاص أنور عبد العزيز ..شهادة مؤرخ
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
الموصل -العراق
    أحبه ويحبني مع أننا لم نجلس سوية كثيرا ..اكتب عنه ويكتب عني مع أنني بعيد عنه وهو بعيد عني ..اقصد بعيد بالمكان لكنه قريب من القلب ..اعرف قدره ، ويعرف قدري ..اقصد اعرف قيمته وما قدمه للناس وللمجتمع وهو كذلك بالنسبة لي لذلك .   لااعتقد أن هناك تناغما هارمونيا كالذي بيني وبين هذا الرجل المعطاء ..والغريب انه يتابعني فيما اكتب وأتابعه.. وقلما مرت مقالة أو قصة كتبها أنور عبد العزيز الا واطلعت عليها وكان لي فيها مقال ..أقول انه " ذاكرة الموصل " ، والموصل لاتغادر ذاكرتها لأنها تعرف بأن سادنها موجود،  وحي ، وفاعل ومن غير أنور عبد العزيز السادن ..لم يوثق للأحجار بقدر ما وثق للرموز وللاماكن التي تحمل دلالات ومعان ..وثق لحديقة الشهداء وما ادراك ما حديقة الشهداء ملتقى الطلبة والأحبة فلكل منا تاريخ في هذه الحديقة ..وثق لشارع ألنجفي ..شارع المكتبات في الموصل وما ادراك ما شارع النجفي ، وما يمثله لدى المثقفين ..من منا لم يقف عند عبد الرحمن كركجي والمكتبة العربية ..ومن منا لم يحاور عبد الرحمن نصار ومكتبة الأهالي ومن منا لم يحب إسماعيل أبو هيثم ومكتبته المنار انه تاريخ وسادن هذا التاريخ حي يرزق ..انه انور عبد العزيز أطال الله عمره ..
  يقينا اقول –وبكل ثقة  إنني –والله- لا اعرف كاتبا ، وباحثا ، وقاصا ، وناقدا دؤوبا مثل الصديق ،والإنسان المبدع أنور عبد العزيز .. فالرجل لم يقف لحظة واحدة .. يحث الخطى لتقديم الجديد في عالم الفكر والثقافة والأدب .. يتنقل بين الصحف والمجلات ، كما تتنقل النحلة بين الأزهار ، والهدف أولا وأخيرا هو إشاعة الوعي بقيمة الحياة ، وبقدرة البشر على ارتياد المجهول وتقديم ما ينفع .

أنور عبد العزيز موصلي .. ومن هنا جاءت قدراته العصامية التي لاتعترف بالعقبات والعراقيل .. يريد أن يظل شاهدا على عصره ، متفاعلا مع مجا يليه .. ولم يكن شيئا غريبا أن يولد أنور عبد العزيز في السنوات الأولى من الثلاثينات من القرن الماضي (6 مايس /أيار 1935) ، فهذه السنوات كانت على مستوى الحدث التاريخي مثقلة بالإحداث، وبتعددية الأفكار والنزعات ،وهذا مما جعل ثقافة أنور عبد العزيز ثقافة متسمة بالانفتاح والتسامح والمحبة .

في مدرسة بدرة في لواء الكوت ( محافظة واسط الحالية) أنهى سنة 1950 دراسته الابتدائية حيث كان والده موظفا هناك، وبعد ذلك عاد إلى الموصل، ليكمل دراسته الثانوية في الإعدادية الشرقية سنة 1957 وقد سافر إلى بغداد، ودخل دار المعلمين العالية ( كلية التربية) بجامعة بغداد، وتخرج فيها سنة 1961 وهو يحمل شهادة البكالوريوس في اللغة العربية . ومن زملائه في الكلية، نخبة من الأدباء والكتاب الذين قدر لبعضهم أن يكون له دور فاعل في حركة العراق الثقافية المعاصرة ، ونذكر من هؤلاء جليل كمال الدين، وعبد اللطيف اطيمش، ومحمود الجادر ،وعز الدين مصطفى رسول، وياسين طه حافظ، وفاضل العزاوي، وصلاح نيازي، وصاحب جعفر أبو جناح، وفائز الزبيدي وزهير رسام ونور الدين فارس . وقد أعجب أنور عبد العزيز وزملائه بأساتذتهم وعدوهم قدوة لهم .. كان من أساتذة ذلك الزمان الدكتور على جواد الطاهر، الدكتور عبد الرزاق محي الدين، الدكتور نوري جعفر،والدكتور كمال إبراهيم ،والسيدة نازك الملائكة ،والدكتور صالح جواد الطعمة ،والدكتور علي الهاشمي ،والدكتور احمد حقي الحلي ،والدكتور نوري الحافظ ،والدكتور صفاء خلوصي، والدكتور عبد الجليل الزوبعي، والدكتور محمد مهدي البصير، والدكتور مصطفى جواد، والدكتورة عاتكة الخزرجى، والدكتورة سهيلة اسعد نيازي، والدكتور عبد العزيز البسام ،والدكتور سليم النعيمي وغيرهم .. وقد عقد أنور عبد العزيز صداقات أدبية مع بعض زملائه الذين كانوا يترددون على دار المعلمين العالية أمثال القاص غازي العبادي وكان طالبا في معهد اللغات ( كلية اللغات حاليا)، والشاعر رشدي العامل الطالب في كلية الآداب ،والشاعر حسب الشيخ جعفر.

ابتدأ أنور عبد العزيز النشر سنة 1955 ، وكانت جريدة فتى العراق(الموصلية ) قد فتحت صفحاتها له ولزملائه .. وأول مقالة نشرها في الجريدة كان عنوانها : (من وحي العيد) وقد نشرت يوم 8 آب سنة 1955 . وبعد ثلاث سنوات بعث للجريدة ذاتها بأول قصة كتبها ، وكانت بعنوان( شروق) وقد نشرتها سنة 1958 . وبعدها عرف الطريق إلى النشر فحاول الكتابة في صحف بغداد وغيرها وكان له ما أراد .

لانورعبد العزيز مجاميع قصصية كثيرة نستطيع أن نعد منها ستة وهي مرتبة حسب تواريخ نشرها :

1 .
الوجه الضائع ( مطبعة الجمهور ، الموصل 1976)

2 .
طائر الجنون ( اتحاد الكتاب العرب ، دمشق 1993)

3 .
النهر والذاكرة ( دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 1997)

4 .
طائر الماء ( دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 2001)

5 .
جدار الغزلان ( دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 2003 .

6 .
ضوء العشب ( دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 2005)

كما أسهم مع غيره من الأدباء في إصدار سبع مجموعات قصصية مشتركة منذ صدور ( قصص 69) في الموصل التي اشرف على إصدارها سنة 1969 القاص والناقد المسرحي الأستاذ حسب الله يحيى .

ليس من السهولة رصد كل كتابات أنور عبد العزيز، فذلك يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين ، لكن مما ينبغي ذكره أن لأنور عبد العزيز أكثر من 800 مقالة ودراسة منشورة منذ سنة 1955 . وتدور معظمها حول موضوعات في اللغة والأدب والنقد والقصة ولا يزال يواصل نشاطه حتى كتابة هذه السطور أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية. وكان من المجلات التي نشر فيها نتاجه ، الأقلام والطليعة الأدبية والموقف الثقافي ( العراقية) والمعرفة والموقف الأدبي ( التونسية) وعلوم (اللبنانية) فضلا عن صحف موصلية وعراقية وعربية مختلفة وكثيرة .
*جريدة عراقيون العدد 404 الاربعاء 2 ايار 2012وقد كتب لي الاستاذ أنور عبد العزيز رسالة مؤرخة في 6-5-2012 جاء فيها :":تحياتي شاكرا لأخي المبدع الكبير : تاريخا وصحافة وثقافة ،نبله وطيبه وكرمه بشهادته التي تدلل على عمق متابعاته وبكل تفاصيلها ..والاهم الأهم انها تكشف ابدا عن أصالة وأخلاقيات الإنسان الرائع في البحث ،وفي حفرياته الإنسانية لجهود الآخرين وبما يعمق النهج العلمي المنصف لأبناء هذه المدينة ..الموصل بعراقتها وتراثها الحضاري مع وافر محبتي وامتناني .أنور عبد العزيز 6-5-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...