أوراقا تكاد أن تكون رواية موصلية الحلقة الثالثة والحلقة الرابعة
بقلم :الاستاذ محمد مناف ياسين
في يوم موصلي جميل ، جاءنا مدرس الرياضة ليعلن لنا اننا مدعوون للاشتراك في اليوم الرياضي لمدارس المدينة ٠٠ وهو ينصح ، ويحذر كان كل منا يفكر بما الذي سيكون فيه ؟ وما الذي يمكنه ان يتشارك فيه ٠٠ كان المدرس يوجه كلماته الى الرياضيين منا ، وكيف انً من الضروري ان نكون بمستوى البراعة الرياضية ، والتفوق ، فضلا عن اختياره اسماء من الصف كتبها على السبورة السوداء ودعاهم ان يبداوا بالتدرب وفق توجيهاته .وقد سبق لمدرستنا ان سجلت تقدما على كل المدارس في الرياضات الفرقية ٠٠ اضافة الى انها المدرسة الافضل في عموم مدارس اللواء في النتائج الرياضية ، وفي عدم صدور اية شكوى من سلوكيات الطلبه منهيا كلمته عن مدارس البنات انهم جميعا اخواتكم وانتم ستكونون رجال المستقبل ، وايا منكم سيمثل بيته وتربيته قبل تمثيله للمدرسه ورياضييها ٠٠ كان بعضنا يتبادل النظر مع الآخر في الرغبة ان يكون احد اللذين يختارهم وان يملك تفوقا في لعبة معينة وما كنا نصطلح عليه ب( الرياضات السويديه ) وقد اختار المدرس احدنا وهو الاشطر في القفز العالي والزانة وهو ايضا لاعبا مهما في كرة السله والكرة الطائرة ووضع اسمي طالبين اخرين كاحتياط ٠٠ لاباس فقد كانا معا يتفوقان ربما واحدهم يستند ايضا الى خبرة احد اقاربه في هذه اللعبة او تلك ٠٠
وقتها حكت لي قريبتي ان في مدرستها التي ذكرت في حديث المشاركين ، طالبة تجيد لعبة ( الطاولًة = المنضدة ) وستشارك ايضا في المهرجان ، وذكرت لي اسمها وقبل حضور الاسم في حديثنا ذكرت ايضا انها كانت معي في المدرسه العراقية الابتدائية الثالثة للاحداث التي كان مبناها في محلة النبي شيث ، ومديرتها سيدة كثيرة الحرص والود الذي حملته لطلابها وقبل ان تلغى مدارس الاحداث المختلطة ٠٠منتصف الخمسينات ٠٠ كان شعرها يحيط وجها مليئا بالطيبة يختلط فيه الشيب بالسواد يجعلني واكثر من صديق نشعر بالاحترام الشديد لها ٠٠وجاء يوم يتبارى فيه الطلبة تحت انظار مدرسيهم وقبل المباريات اكتشف كل منا عمق معرفتنا لبعضنا طلابا متبارين يتاكدون من انهم متفوقون ٠٠ وصارت الامهات وربما الاخوات الاكبر في البيت اكثر اعتناء بالملابس والهيئة العامة ٠٠
واظن ان تلك المباريات ، قد خلقت ودا واسعا بين عموم الطلاب ، وتجدد لقاءتهم وهم يكتشفون انهم قد اصبحوا كًبارا ويساهمون او يهتمون بالرياضة والتفوق في بعض ما يستطيعه وامكانياته ٠٠ كنت احمل في ذهني اسماء لعدد من ابطال المدارس واشتهروا حتى باسم عوائلهم فيذكر المتفوق واهله وتسبق ذلك اخلاقيات عائلته وتواصلاتها ٠٠ هكذا لم يكن المتفوق وحده المعروف ، انما أهله واخلاقيات الجميع فتكون الجيرة نوعا من الانتساب / بالصدفة / اذا صح التعبير وهي محرض أو محرك آخر جديد للشعور بالمسؤولية امام الناس مما كان احد اهم عناصر الامان والطمانينة بين الناس وايضا عنصر منافسه يدخل في قلب الطالب او العامل في مجال معين ٠٠ولابأس ان اخذ مثالا دون اسماء ، فقدغبت عن المدينة عقودا وبالتاكيد ومهما سمعت او عرفت هو الاقل عما جرى وتكون خلال هذه العقود التي تقلبت وتغيرت فيها كثير موازين ٠٠!
كان الحي او المحلة ، هي البيت الاكبر والمدرسة هي المدينة كلها بالاخص حين تنتقل من مرحلة الى اخرى ؛ فالمرحلة الابتدائية هي غير المتوسطة مثلا ، واعرف ان البعض سيحتج نوعا ما بأني اذكر بديهيات
نعم انها بديهيات المجتمع وتواصلاته ، قد كان ابي مثلا يعرف حتى المدرسين والمدرسة وتجري مناقشة المدرس لعائلة الطالب بشكل او بآخر ، وحسب امكانيات الاتصال ٠٠
وعديد الشواهد ، ومكانتها لدى كل منا وعائلته والعوائل الاخرى ٠٠ واذا كان البعض اليوم يسخر من توصيات الوالدين في ان تضع عينيك على الارض اذا شاهدت فلان او فلانة ٠٠
تكاثر فخر العوائل بنجاح اولادهم في شان ما ٠٠ومازال كثيرنا يرتاح حين يكتشف أن ابن جاره ، هو الذي يستطيع ان يساعده في حل اشكالية تمر به ، وذكرياتنا جميعا مليئة بهذه الاقاصيص حتى ونحن او كثيرنا في غربة لم يتخيلها احد ولم يتوقعها ..... انه عالم جميل ، ببساطته ، وثقافته الاولية ٠٠ وليس الغرض البحث عن التأويلات انما أن يقف أي منا امام مرآة نفسه اولا ، وقوف حاد وحقيقي ٠٠ ليس المطلوب ان يشبه بعضنا الاخر اولا ، ولكن ماذا لو كان هو بديلا للآخر فيجري عليه ما يجري٠٠
والى كلمات اخرى وسلام طيب٠٠
حين يقترب الشتاء في موصلنا ، كنا نحلم بالمنقلة ونارها الجميلة وتزاحمنا عليها ٠٠ انها ليال الدفء والتجمع الحنون جدا ٠٠ المنقلة ، ونارها مركز الاحلام والتشويق ٠٠ فالكل يتجمع ، والضيف قريب متالف
وكان احد الاقارب يعمل على سيارات النقل الكبيرة الى الشمال ، ومع كل سفرة كان يصل ومعه كثير من عطاءات الشتاء ٠٠ الثمار الشهية التي تجمل ليل البرد وناره متحولة الى الاجمل ٠٠ قد كنت على استعداد لتلك اللحظات احاول تجميع اكبر قدر من تلك الثمار التي تملك انواع لذة نادرة وخاصة هئ ونوع من لذة تملك الافضل ٠٠ الكستناء او البلوط وصديقي الحميم هو البلوط بشكله النادر والجميل ٠٠ ما ان ادخل المنقلة الى غرفتنا المتسعة الفضاء حتى اخرج حصيلتي من البلوط واضعها وبكل عناية اشتاق اليها حتى الان ٠٠ لحظات وتبدا الثمرة بالتمرد على النار ، فتنتفخ ثم تنفجر داعية لمن يرغب ان يتقدم اليها وباستعداد ان لاتمسه النار او يخاف فيتساقط منه بعض غلاف الثمرة كثير الاناقة جميل وما تنتشر رائحة الشواء حتى يتقاطر ابناء العمومة وسكان البيت كي يشاركون وانا فرح باني اقدم شيئا يجلب الكبار والمختلفين عني ٠٠ كان الوالدين يراقبان النار ان لا تؤذي ايا منا ولا نستعجل فناخذ احداها ساخنة فتؤذينا ٠٠
تكون الوالدة او احدى سيدات البيت قد جلبن قوري الشاي لتخديره على نار المنقلة الهادئ حيث ان مايصله من نار خفيفة تحعل الشاي اكثر رسوخا ، وتصبح رائحته عطرا مضافا ومطلوبا الى ذاك التجمع يثير اسئلة ومناقشات تختلط موضوعاتها وتتباين ٠٠ ويوما اثارني ان نار المنقلة ودخانها يتصاعد وينتشر في فضاءالغرفة وسقفها العالي نوعا ٠٠ سالت ابي كيف يستطيع ( البناء ) ان ينظم هذه العقدة ؟ ولم تكن لديهم امكانات تقنية مساعدة ؟ وما نسميه ببغداد اليوم (عكاده أو عقادة ) ٠
كان ابي رحمه الله يهتم كثير ا بالاسئلة ويقول دوما : اجعل سؤالك ممكن الاجابة واضحا فنصف الاجابة هي في سؤالك ٠٠ فلا تموه ولا تتحايل كأنك الاذكى من الاخر ٠٠ ! وهذا ما استفدته في عملي الصحفي والاعلامي فيما بعد ٠٠
حُكى لًي انه وعمي قبالته كانا يمسكان الحجر ، وهما يقوسان السقف بعناية وتؤدة حتى يجف الجص اللاصق ولفترة لاتطول حتى يصل البناء الى حدود اخيرة وتتكون من البقية فتحة يسدها الحجر الذي كان قد هيئاه ( النقار ) وهو فنان يعمل على أية صخرة بقدومته طوال الوقت مع ( البنا ) ويرافقه عاملا وفق توجيهاته وبمهنية دقيقة مكتسبة مع الوقت وما يمر به العمل هنا او في اي مكان
تلك الحجارة المهذبة تمسك السقف قبل ان تاتي موضوع. التسليح بالحديد والاسمنت التي الغت ادوار عاملين فنانين تنامت عبر قرون ٠٠
لم يتكاثر الدخان في المكان الحميم بسبب وجود رازونة في احدى اركان السقف والتي يكلف صغار البيت عادة بفتحها من عند اول الحائط من السطوح ٠٠ يكون السطح عادة كثير الطيور والحمام الذي نسمع غنائه مع اول الفجر كذلك طيرانه وعودته ويترجم لنا الغناء بشكل مختلف ؛ فمرة يقولون ان هذا الحمام يحن الى اخواته فيقول (كوكو اختي ٠٠ وين اختي ؟ )ويتساءل اين ذهبن منذ أن احتل الموصل غزاة وقتلة طاردوا الناس ونهبوهم فهاجرت فصيلة قوية من ذلك الحمام الى بلاد بعيدة جدا وبطيران مستمر حتى استطاعت ان تنزل على بحيرة امنة بين الهند والصين وابتعدت عن الغزاة والقتل’ فاصبح الحمام يحن اليها والى اخواته اللذين هاجروا ولم يعودوا ابدا لعدم توقف الغزاة والقتلة عن المحاولات المستمرة لأخذ خير الموصل ومزارعها الكثيرة الانواع .
كانت جدتي الممتلئ ذهنها بالأقاصيص والحكايات قد انهت صلوات العشاء ، ونحن بانتظار قصة اخرى جديدة
الا ان ساعات النوم قد حلت وعلى اي منا ان يذهب متكاسلا متناوما راغبا البقاء فتناوله الجدة او الام
وسادته المنقوشة بشكل خاص به وما كان يرغبه كي لا تتداخل الوسائد وربما كي يكون لكل منا احلامه
الخاصة ٠٠٠ فلقد. عدتنا الجدة بقصة اخرى اجمل ،ولكن مدارس الجميع لا تحب السهر الكبير وكل شئ
بوقته وسلام لكل من احب الاهل والحياة ٠٠