الاثنين، 12 أبريل 2021

العراق والولايات المتحدة الامريكية ودول الجوار*


 


العراق والولايات المتحدة الامريكية ودول الجوار*

- ابراهيم خليل العلاف **
قد يستغرب البعض من عنوان هذا المؤتمر (العراق والولايات المتحدة الامريكية ودول الجوار ) و( الذي عقد في جامعة الموصل قبل 10 سنوات وطلب احد الباحثين اليوم 12-4-2021 كلمتي التي القيتها في افتتاح المؤتمر ) .
ومن يستغرب له حق في ذلك، إذ ما العلاقة التي تربط العراق والولايات المتحدة الأميركية ودول الجوار.. وهل ثمة واقع لهذه العلاقة، وإذا كان هناك واقع فما هي المتغيرات ؟ .
يقيناً أن العراق منذ التاسع من نيسان سنة 2003 ، وسقوط النظام السابق ، دخل في مرحلة جديدة .. كما أن ماحدث في العراق، والذي يعده البعض زلزالا ، بدأنا نتلمس أثاره في كثير من دول الجوار سواء القريبة والبعيدة .. تركيا مثلا بدأت تنتهج سياسة جديدة تعتمد حسبما يقول الدكتور احمد داؤد اوغلو في كتابه : ( العمق الاستراتيجي) بعض الركائز المهمة منها اعتماد التوازن السليم بين الحرية والأمن ، وتصفير المشكلات مع دول الجوار والتأثير في الأقاليم الداخلية والخارجية لدول الشرق الأوسط والبلقان واسيا الوسطى وأخيرا الدبلوماسية المتناغمة والسياسة الخارجية المتعددة الإبعاد. أما إسرائيل فقد أصبحت تتأثر بإحداث المنطقة سلبا وإيجابا أكثر من أي وقت مضى ، وباتت لاتستطيع الصمود كثيرا إزاء التحولات التي تشهدها المنطقة وهاهي تونس ومصر تعيش ثورة شعبية، حيث انتفض الشباب لإثبات وجودهم، ولمنع الانهيار السياسي والأخلاقي والاقتصادي والأمني الذي تواجهه بلدانهم بعد عقود من التفكك والحرمان والظلم والاستبداد..
ومع أننا نحترم التاريخ ونشعر بقيمته ، ونؤكد بأن إحداثه ليست إلا نتائج لتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية يختلط فيها أحيانا الذاتي بالموضوعي، إلا أننا لابد أن نؤكد حقيقة مهمة وهي أن" مشروع الشرق الأوسط الكبير" الذي بشرت به الولايات المتحدة واستندت في أركانه على تقارير التنمية البشرية العربية بدأ يؤتي ثماره.. فلقد تحدثت التقارير عن البطالة، وسوء الخدمات، واحتقار الإنسان وظلمه، والحكم الفاسد المستبد وظهور طبقة متخمة مرتبطة بالسلطة، وتوريث في الحكم وتعسف وطغيان الجوانب الأمنية على جوانب التنمية، وتركز السلطة بيد حفنة أوليكاركية قليلة..وأقول وأنا مطمئن بأن من وضع أسس مشروع الشرق الأوسط الكبير، مع أن هناك وزيرا أو وزيرة أميركية تشرف على تنفيذه بدأ يدرك بأن ملامح التنفيذ أصبحت تمسك مسك اليد، لم يكن يتوقع مثل هذا الانفجار الشعبي الكبير.. لقد كانوا يعتقدون أن عصر الشعوب انتهى، وان الشباب منغمس في الملذات، واللامبالاة ، وان الثقافة والوعي الثقافي انحدر إلى أدنى مستوياته ولكن ( ثورة الشباب الجليلة) هاهي تذكرنا بالثورات الشعبية الكبرى في التاريخ .. تذكرنا بالثورة الفرنسية، وتذكرنا بالثورة البلشفية، وتذكرنا بالثورة الانكليزية .. الشباب في مصر لم يظهر بالمظهر الذي حرصت فيه السينما المصرية والإعلام المصري ،للأسف الشديد ، على إبرازه.. ظهر الشباب متماسكا ،واثقا من نفسه ، جريئا، عالماً بخبايا السياسة ،عارفا أهدافه، وما يريده حق المعرفة .
في مؤتمرنا العلمي السابع هذا، وكما في كل مؤتمرات مركز الدراسات الإقليمية منذ تأسيسه في الرابع والعشرين من آب 1985، نسعى لان نضع النقاط على الحروف.. نسعى، مدفوعين بعاملي الرؤية العلمية الدقيقة، والثوابت الوطنية الصادقة، لان نقدم لصانع القرار في بلدنا العزيز مايمكن أن يساعده على فهم المتغيرات الإقليمية والدولية وبما يصب في مصلحة الوطن.. نريد أن نضعه في صورة أحداث الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها.. التبعية الاقتصادية وأزمة المديونية الخارجية للبلدان النامية .. اتجاهات تطورات التجارة والاستثمار بين العراق ودول الجوار .. محددات السياسة الأميركية تجاه دول الخليج وتأثيراتها على العراق ودول الجوار، أزمة العلاقات التركية- الإسرائيلية والمواقف الأميركية منها، المفاوضات بين سوريا وإسرائيل والوساطات التركية والموقف الأميركي، احتمالات التوظيف الأميركي للعراق تجاه دول الجوار والأبعاد المستقبلية لهذا التوظيف، مسؤولية الولايات المتحدة ودول الجوار تجاه إخراج العراق من الفصل السابع، إستراتيجية الانتشار الأميركي والموقف من البرنامج النووي الإيراني، تحديات الأمن الوطني والقومي ونظريات المجال الحيوي الإسرائيلية في قضايا المياه والحدود والمستوطنات واللاجئين والدولة الفلسطينية المستقلة والاندماج بالمحيط العربي ، انفصال السودان وانعكاساته على الإقليم.. كل هذه الموضوعات وغيرها من التي سوف يناقشها المؤتمر تهدف إلى مسألة محددة لخصها احد الباحثين المتميزين وهذه المسألة التي اسماها الإبداع.. والإبداع الذي نقدمه هنا ليس الا (( الاستغلال الاقتصادي المثمر والناجح للأفكار الجديدة )) فهل سنستطيع فعلا أن نجعل مؤتمرنا هذا قادرا على أن يقوم بدوره الفاعل في مجال توليد معارف وافكار جديدة ؟! نأمل ذلك .
______________________________________________________
* كلمة الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف مدير مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل (آنذاك) في افتتاح المؤتمر العلمي السابع للمركز يوم 16 شباط 2011 وعنوانه (العراق والولايات المتحدة الامريكية ودول الجوار ) والذي انعقد في القاعة الرئيسية في المنتدى العلمي والادبي بجامعة الموصل – العراق



 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بديع الزمان الهمذاني ومقاماته - ابراهيم العلاف

  بديع الزمان الهمذاني ومقاماته - ابراهيم العلاف وكما وعدتكم في ان اتحدث لكم في كل يوم عن شاعر ، واقول انني اعود الى كتب تاريخ الادب العربي ...