الأحد، 19 نوفمبر 2017

عندما إنعقد ببغداد المؤتمر الفكري الاول حول الصهيونية

عندما إنعقد ببغداد المؤتمر الفكري الاول حول الصهيونية 
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل 
بين 8-13 من تشرين الثاني - نوفمبر سنة 1976 ، انعقد ببغداد المؤتمر الفكري الاول حول الصهيونية ، وبمشاركة (214 ) مفكرا وصحفيا عربيا وعالميا من (49 ) بلدا من بلدان العالم . فضلا عن عدد كبير من الباحثين والصحفيين والاساتذة العراقيين .. وعندما صدر العدد ( 19 ) من مجلة مركز الدراسات الفلسطينية التي يصدرها مركز الدراسات الفلسطينية بجامعة بغداد في كانون الاول سنة 1976 ترافق صدور هذا العدد مع انتهاء اعمال هذا المؤتمر : " المؤتمر الفكري الاول حول الصهيونية" .
.وقد قدمت في المؤتمر ( 51 )احدى وخمسون دراسة لمفكرين عراقيين وعرب وأجانب .. وقد غطت تفاصيل المؤتمر السيدة سلافة حجاوي في المجلة المذكورة ، وقالت انه تحدث في جلسات المؤتمر الست (95 ) متحدثا بين باحث ، ومعقب او مشارك في مواضيع مختلفة شملت دراسة نشأت الحركة الصهيونية وايديولوجيتها وعلاقتها بالاستعمار والامبريالية وممارساتها العنصرية وابعاد مواجهتها .
افتتح المؤتمر بكلمة من رئيس جمهورية العراق الاسبق احمد حسن البكر .
وقد تميزت البحوث والدراسات التي قدمت الى المؤتمر بروح علمية اعتمدت التوثيق الدقيق ، واالتحليل الموضوعي المستند الى الواقع التاريخي لنشأة الحركة واستمراريتها ، وخطرها على مصير حركات التحرر العالمية والعربية والفلسطينية .
لقد استهدف المؤتمر دراسة ابعاد الحركة الصهيونية ،وفتح ابواب الحوار مع الكتاب والباحثين وكسب مواقع متقدم في مواجهة الصهيونية واساليبها السياسية والفكرية .توزعت ابحاث المؤتمر على محوريين فكريين ومنهجين مختلفين هما المنهج الليبرالي البراغمتي والمنهج المادي الديالكتيكي .
وبرزت من خلال البحوث والمناقشات الحاجة الملحة لدراسات فكرية تتناول العلاقة بين الصهيونية والامبريالية ، والعلاقة بين الصهيونية ويهود العالم ، والجواب على اسئلة متعددة من قبيل هل ان مواجهة الصهيونية مسألة صراع قومي أم صراع طبقي 
؟ وهل ان الصهيونية حركة برجوازية ؟ وما موقع الصراع في فلسطين من الفكر الانساني ؟ واين نضع الرأي العام العالمي من الصراع العربي -الصهيوني؟ وما مستقبل الفلسطينيين ؟ .
من ابرز الذين قدموا بحوثا الى المؤتمر هيلينا موردجنسكايا من الاتحاد السوفيتي السابق ، والان تيلر من الولايات المتحدة الاميركية ، ومايكل آدمز من المملكة المتحدة، ، وكيسليوف من الاتحاد السوفيتي السابق ، وبرنارد كورييه من فرنسا ،وغورانوف من بلغاريا ، وناووكي ماروياها من اليابان ، والدكتور يوزو ايتاكاكي من اليابان ايضا ، وقدم دراسة عن (اليابان والعرب ) ، وحامد محمد معروف من سيريلانكا ، واليزابيث ماثيو من فرنسا ، ويانوار نورد من اسبانيا ، ومايكل هدسون من الولايات المتحدة الاميركية ، وروجيه غارودي من فرنسا ، وفايز صائغ من فلسطين ، وسيد ياسين من مصر، وخالد القشطيني من العراق ، وغسان العطية من العراق ، وعبد الوهاب الكيالي من فلسطين، ورجينا شريف من المانيا ، وغلوريا لوبيز من المكسيك ،وعابدين جبارة من الولايات المتحدة الاميركية ، والياس فرح من سوريا ، وجو ستورك من الولايات المتحدة الاميركية، وعمر نصار من اوغندا ، وريتشارد ستيفنز من المملكة المتحدة ، وسعيد دودين من فلسلطين ، وشيلا رايان من الولايات المتحدة الاميركية، وايليا زريق من الولايات المتحدة، ويوسف ناوي من العراق، وعبد الرزاق الصافي من العراق ، ونبيل شعث من فلسطين، واسعد عبد الرحمن من فلسطين ، وجيمس ابو رزق من الولايات المتحدة الاميركية ، وحليم بركات من لبنان، وعبد الوهاب المسيري من مصر، وغسان الرفاعي من مصر .
الى جانب الشخصيات التي حضرت المؤتمر، كان ثمة حضور من منظمات وتيارات فكرية وسياسية وانسانية عالمية حضر ممثلوها المؤتمر منها على سبيل المثال لجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني الاميركية والمجلس اليوناني لمناهضة الصهيونية ولجنة مناهضة الامبريالية في هولندا ولجنة تحقيق العدالة في سيريلانكا ولجنة التضامن العربية -الفرنسية .
ثمة اشراقة كبيرة في المؤتمر هو صوت المغنية العالمية مريام ماكيبا وهي تغني لحركات التحرر في العالم مؤكدة دور الفن في مناهضة العنصرية والتطرف والظلم . 
المؤتمر ُعقد بإشراف جامعة بغداد وعلى هامشه اصدر العراق قرارا سمح فيه بعودة العراقيين اليهود الذين تركوا العراق منذ سنة 1948 مالتمتع بجميع الحقوق المشروعة للمواطنين العراقيين ونص القرار على ان تضمن الحكومة العراقية لجميع اليهو العراقيين الحقوق الدستورية الكاملة للمواطنين العراقيين بما في ذلك المساواة والعيش الآمن دون تمييز .وللاسف لم يحظ القرار على صعيد الاعلام العربي والعالمي بما يستحقه من اهتمام مع انه كان من القرارات الاستراتيجية العربية المعاصرة التي صدرت لمصلحة يهود العراق وضد الحركة الصهيونية التي ما انفكت تريد ابقائهم مع ان قلوبهم لاتزال تهفوا الى بلدهم وهذا امر يعرفه القاصي والداني . 
وفي ختام انعقاد المؤتمر صدر بيان عن المؤتمر اشار الى انه انعقد في ضوء قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 3379 في دورتها ال(30) الصادر في 10 تشرين الثاني -نوفمبر 1975 ، ويؤكد المؤتمر ان الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية، والتمييز العنصري وانها مفهوم استيطاني امبريالي توسعي ، وان مجرد دعوة اليهود للهجرة الى اسرائيل يكشف الجوهر التوسعي للصهيوني ، وان اسرائيل تتجاهل حقوق العرب ، وتحاول ان تتخلص منهم بأي شكل من الاشكال وهي تمارس بحقهم تمييزا عنصريا ، وتتعامل معهم بعنف ، والمؤتمر يتعاطف مع الفلسطينيين ويدعم حقوقهم ، والصهيونية هي عقبة امام السلام في الشرق الاوسط، ولابد ان يدرك العالم طبيعتها الحقيقية ، وان يخوض حملة على كل اشكال التطرف والعنصرية في العالم ، ولابد من وضع برنامج فكري واقامة مركز بحثي دولي له فروع في بعض دول العالم لتنفيذ توصيات المؤتمر، ونشر بحوثه وتبادل المعلومات في المستقبل .
نشرت بحوث المؤتمر الفكري الاول حول الصهيونية اكثر من مرة ؛ فقد نشرت في بيروت، ونشرت في القاهرة ، ونشرت في بغداد منها تلك التي نشرت في القاهرة بعنوان : ( الصهيونية والعنصرية : موجز أبحاث المؤتمر الفكري حول الصهيونية -مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام- القاهرة 1977 ) وبواقع (124 ) صفحة وبتحرير الاستاذ الدكتور احمد يوسف احمد من مركز الأهرام، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية.كما قامت المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت سنة 1977 بإصدار ابحاث المؤتمر ، وضمن مجلدين بعنوان ( الصهيونية والعنصرية :ابحاث المؤتمر الفكري حول الصهيونية ) وضم المجلدان (39 ) بحثا فضلا عن البيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر في حينه .
كما قامت ( مجلة مركز الدراسات الفلسطينية ) في جامعة بغداد ، بنشر عدد من البحوث في اعدادها التالية للعدد (19 ) ومن البحوث التي نشرتها بحث غلوريا لوبيز الموسوم : ( المكسيك في اطار الصهيونية والامبريالية ) العدد 25 تشرين الثاني -كانون الاول 1976 وبحث اليزابيث ماثيو الموسوم : ( التطورات الجديدة في الرأي العام الاوربي ) في العدد ذاته السابق وبحث الدكتور يوزو ايتاكيكي الموسوم (اليابان والعرب ) في العدد 20 لسنة 1977 من المجلة .وبحث مايكل ادامز الموسوم : ( معاملة اسرائيل للعرب في الارض المحتلة ) في العدد 21 السنة 1977 وبحث الدكتورة رجينا شريف الموسوم ( الصهيونية غير اليهودية في انكلترا ) في العدد 23 للسنة 1977 وبحث جو ستورك الموسوم ( الابعاد الاقتصادية للمقاومة العربية ضد الصهيونية ) في العدد 24 للسنة 1977 .
وكذلك نشرت مجلة (آفاق عربية ) العراقية ، عددا من بحوث المؤتمر منها على سبيل المثال بحث البروفيسورة ميلينا مودجينسكايا الموسوم : ( نقد ايديولوجية العنصرية واصهيونية ( العدد 5 من السنة الثانية كانون الثاني 1977 ، وبحث المفكر الفرنسي روجيه غارودي الموسوم : ( عن الذرائع الدينية والتاريخية للصهيونية ) في العدد ذاته ، وبحث السيد ياسين الموسوم : ( الصهيونية ايديولوجية عنصرية ) في العدد ذاته ، وبحث الدكتور عبد الوهاب الكيالي الموسوم : ( الجذور التاريخية للتحالف الصهيوني -الامبريالي ) في العدد ذاته ، وبحث الدكتور عبد القادر ياسين الموسوم : ( الخلفية التاريخية للحركة الصهيونية ) في العدد 3 السنة الثالثة تشرين الثاني 1977 .
تلك هي قصة هذا المؤتمر الفكري ، والذي انعقد في بغداد حول الصهيونية قبل (41 ) سنة . فهل تعود بغداد لتحتضن هكذا مؤتمرات عالمية تناقش قضايا تهم الانسان وتهم الانسانية ؟ نأمل ذلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...