الخميس، 23 نوفمبر 2017

عن القصة القصيرة في الموصل


عن القصة القصيرة في الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
مع ان بدايات القصة القصيرة في العراق كانت مع محمود احمد السيد (البغدادي ) في مطلع العشرينات ، الا ان قصص ذوالنون ايوب ( الموصلي ) شكلت في اواخر الثلاثينات من القرن الماضي الركيزة الاساسية لهذا الفن الجميل . وعندما جاءت سنوات الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي ، ظهر كتاب قصصيون موصليون إتبعوا الاساليب السردية الجديدة ، وكان من ابرز من مثل هذا في بغداد فؤاد التكرلي ، وفي الموصل غانم الدباغ .
ويقينا ان ثورة 14 تموز 1958 أحدثت الكثير من التغييرات في البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وقد نجم عن ذلك تغيير في البناء الفوقي المتثل بالاداب والفنون ، وشهد الفن القصصي العراقي تجديدا كبيرا في شكله ومضمونه وكان من ابرز كتاب القصة في الموصل تأثرا بالمتغيرات ( القاص محمود جنداري ) الذي يعد - كما يقول الاستاذ الدكتور عمر الطالب في بحث له قدمه الى مركز دراسات الموصل سنة 2008 بعنوان ( ركائز القصة القصيرة في الموصل ) - من المع كتاب القصة في العراق وتدل مجموعته القصصية ( أعوام الظمأ ) التي صدرت سنة 1968 على قدرته الفنية في التقاط الزوايا والتعمق في النفس الانسانية ، والمظاهر الاجتماعية ، والعلاقات الانسانية .
لقد جسد محمود جنداري في مجموعته القصصية الاولى طبيعة العلاقات في الريف سواء الاقتصادية أو الاجتماعية ، وانتقدها بقوة وركز على قضيتين مهمتين هما : قضية (الاستغلال ) وقضية ( الغلبة ) .
في قصصه التي تضمها هذه المجموعة ومنها قصة ( الوحل ) وقصة ( انتظار اللقاء الاخير ) تعرض الى قضايا الخيانة ، والانتكاسة ، والخوف .. هذه المظاهر التي كانت تسم المواقف العربية تجاه الصراع مع الاستعمار والصهيونية .
والشيء المفيد في كل هذه القصص وغيرها ، ان محمود جنداري استوحى شخوص وافكار قصصه من واقعه .كان جنداري يحارب الجهل ، ويحارب الخيانة ، ويحارب التشويه .
يقول استاذنا الدكتور عمر الطالب ان محمود جنداري كان يخطط لقصصه ، وكان يعكس من خلال هذه القصص حالة الهزيمة ، والاحباط الذي ولدته نكسة حزيران 1967 .. ومع انه وقف عند احد شخوص قصصه وعده مهزوزا ، الا انه لم يحرمه من القول انه كان يحلم بحياة أجمل ، وانه كان يحب ، وانه كان مهموما ، وانه كان يخوض صراعاته الابدية مع الزمن والوجود .
رحم الله الاستاذ الدكتور عمر الطالب الذي أرخ لبصمات محمود جنداري في مجال الابداع القصصي العراقي في الموصل واضافاته النوعية لهذا النمط من الادب ورحم الله الاستاذ محمود جنداري لقدراته في تطوير الفن القصصي واعطاءه كل هذا الدفق الانساني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فتح القسطنطينية ...................في كتاب

  فتح القسطنطينية ...................في كتاب -ابراهيم العلاف مما هو متوفر في مكتبتي الشخصية ، كتاب صغير بحجمه لكنه كبير بمضمونه ، صدر عن اله...