الثورة الشعبية الاولى في مصر القديمة
د.باسم محمد حبيب
نائب رئيس إتحاد كتاب الانترنت العراقيين
هناك ثلاث برديات مدونة بالخط الهيروغليفي المصري ورد فيها ذكر ثورة شعبية قام بها المصريون القدماء ضد حكم الفراعنة ، وبالتحديد فراعنة الاسرة السادسة التي حكمت في الثلث أو الربع الأخير من الالف الثالث قبل الميلاد ، يُعتقد أن من أسبابها : معاناتهم من حكم الفراعنة الاستبدادي المستند إلى إعتقادهم بإلوهية الفرعون ، إذ أدى هذا الاعتقاد إلى تحول أراضي مصر الزراعية إلى ملك صرف للعائلة الفرعونية وبات فلاحوها مجرد أقنان يعملون في الارض دون أن يملكونها ، فضلا عن تفشي الفساد في اروقة السلطة ، وإثراء البعض من خلال عمله في مرافق الدولة ، كما كان للتفاوت الطبقي أثره الكبير في نمو مشاعر العداء ضد طبقة الحكام ومعيتهم من الضباط والكهنة والموظفين الكبار ، إذ كان المجتمع المصري منقسما إلى طبقتين : إحداهما مترفة وهي تمثل السلطة وزبانيتها ، والأخرى معدمة و تمثل غالبية ابناء مصر ، ومن أهم هذه البرديات التي تناولت هذه الثورة ك بردية الحكيم ( أيب أور ) التي يعتقد البعض انها زامنت الأحداث التي تحدثت عنها ، وهي بردية أمكن بوساطتها فهم الكثير من أسباب هذه الثورة وأحداثها ونتائجها ، ففيما يخص أثر الفساد في نشوب هذه الثورة ، يمكن إستقاء ذلك من المقطع الذي يتناول نصيحة الحكيم الموجهة للفرعون التي ورد فيها :
هناك ثلاث برديات مدونة بالخط الهيروغليفي المصري ورد فيها ذكر ثورة شعبية قام بها المصريون القدماء ضد حكم الفراعنة ، وبالتحديد فراعنة الاسرة السادسة التي حكمت في الثلث أو الربع الأخير من الالف الثالث قبل الميلاد ، يُعتقد أن من أسبابها : معاناتهم من حكم الفراعنة الاستبدادي المستند إلى إعتقادهم بإلوهية الفرعون ، إذ أدى هذا الاعتقاد إلى تحول أراضي مصر الزراعية إلى ملك صرف للعائلة الفرعونية وبات فلاحوها مجرد أقنان يعملون في الارض دون أن يملكونها ، فضلا عن تفشي الفساد في اروقة السلطة ، وإثراء البعض من خلال عمله في مرافق الدولة ، كما كان للتفاوت الطبقي أثره الكبير في نمو مشاعر العداء ضد طبقة الحكام ومعيتهم من الضباط والكهنة والموظفين الكبار ، إذ كان المجتمع المصري منقسما إلى طبقتين : إحداهما مترفة وهي تمثل السلطة وزبانيتها ، والأخرى معدمة و تمثل غالبية ابناء مصر ، ومن أهم هذه البرديات التي تناولت هذه الثورة ك بردية الحكيم ( أيب أور ) التي يعتقد البعض انها زامنت الأحداث التي تحدثت عنها ، وهي بردية أمكن بوساطتها فهم الكثير من أسباب هذه الثورة وأحداثها ونتائجها ، ففيما يخص أثر الفساد في نشوب هذه الثورة ، يمكن إستقاء ذلك من المقطع الذي يتناول نصيحة الحكيم الموجهة للفرعون التي ورد فيها :
" إن أصدقاءك قد كذبوا عليك
الناس تعمل والناس على شفا الهلاك
هذه السنوات سنوات حرب وبلاء
(...)
لديك الحكمة والبصيرة والعدالة
ولكنك تترك الفساد ينهش البلاد
الحقيقة أنك أوصلت البلاد إلى هذا الدمار
والحقيقة أن تتفوه كذباً.."
ومن الأسباب الأخرى التي اشارت البردية إلى أنها من الأسباب التي أدت إلى الثورة : ضعف الدولة ، وفشل أدارييها في فرض النظام في البلاد و تنظيم الواقع الحياتي ، وهذا ما يبرزه الحكيم بما نصه "
" ما هذا الذي حصل في مصر؟
إن النيل ما يزال يأتي بفيضانه
وليس يقوم هناك من يقوم بحرث حقله!
وفي مكان آخر يعرض النص نفور الناس من القوانين التي باتت في نظرهم قوانين خاطئة لا يجدر تنفيذها وذلك بما نصه :
لماذا حقاً ضُرب بقوانين البلاد عرض الحائط؟
وأخذ الناس يطؤونها بأقدامهم
لقد أدت الثورة إلى تحطيم البناء الأجتماعي فتحول كثير من الفقراء إلى أغنياء بعد ان استولوا على الممتلكات التي كانت تعود للأغنياء ، وتحول الأغنياء إلى فقراء بعد أن سلبت ممتلكاتهم ونهبت أموالهم ، يقول النص :
لماذا أصبح الفقراء حقاً يمتلكون الكنوز؟
إن من كان لا يملك نعلاً أصبح الآن من الأثرياء
لماذا أصبح الموتى يدفنون في النهر؟ إن النهر أصبح جبّانة وجعل الناس منه مكاناً للتحنيط
(...)
وفي مكان آخر يرد حول هذا الإنقلاب الإجتماعي ما نصه :
انظر كيف أصبحت نساء الأشراف متسولات!
ومن لم يمتلك خرقة ينام عليها أصبح هو اليوم صاحب السرير."
انظر ... القلوب عنيفة والشقاء يعم البلاد بأسرها
والدماء في كل مكان والموت لا ينحسر
(...)
انظر... الأغنياء ينتحبون والمعوزون في فرح
وكل المدينة تقول دعونا نطرد الأقوياء من جدارنا
وبعد إنجلاء غبرة الثورة أدرك الجميع سواء أكان الفقراء منهم أم الأغنياء ، أن وضع اللانظام الذي تعيشه البلاد لا يجب ان يستمر طويلا ، لإن الحياة حينذاك لن تكون ممكنة ، ولابد من إعادة الروح لمؤسسات الدولة حتى يمكن للحياة ان تستمر ، يقول النص حول هذا الأمر :
انظر... لقد اختفت البسمة ، فلا أحد يبتسم
إن الشكوى تعم البلاد مختلطة بالنحيب
حقاً فقد أصبح كل من العظيم والفقير يقول:
ليتني كنتُ ميتاً
والأطفال الصغار يقولون: كان يجب عليه ألّا يجعلنا على قيد الحياة!.
ولا يقتصر ذكر هذه الثورة على بردية الحكيم ( أيب أور ) ، بل وردت أيضا إشارات إليها في البردية التي أطلق عليها (بردية الرجل اليائس من الحياة ) ، إذ ورد فيها ما نصه :
لمن أشتكي اليوم؟ وقد أصبح الأخوة وضعاء والأصدقاء كارهين!
لمن أشتكي اليوم؟ لقد أصبحت القلوب حاقدة وأصبح الرجل يسرق زميله.
لمن أشتكي اليوم؟ لقد اختفت الرحمة وساد السوء في كل مكان.
لمن أشتكي اليوم؟ لقد أصبح الناس يعشقون الشر وأضحى الخير يداس تحت الأقدام!.
كذلك وردت إشارات إلى هذه الثورة الكبيرة في أغنية مصرية قديمة ، أطلق عليها : اغنية العازف على القيثارة ، يبدو أنها كانت جزءا من دعاية الدولة الموجهة ضد هذا النوع من الأعمال ، لأنها أشارت إلى المعاناة التي عاناها الناس في تلك الأحداث وما يجب عليهم أن يفعلوه لتناسيها :
" لقد سمعتم حكم أميحوتب ودرف رع (ملوك من العصر القديم) التي يرددها الناس في كل مكان!
فأين أمكنتهم الآن؟!.
لقد تهدمت مبانيهم، وتحطمت جدرانها، وأصبحت كأنها لم تكن.
ولم يحضر أحد من هناك فيحدثنا عمَّا أضحوا عليه أو يخبرنا بمصيرهم!
فتمتع ودع قلبك ينسى اليوم الذي ستدفن به
وضع كل الأشجان خلف ظهرك وامضي بسرور حتى يأتي يوم وفاتك
وسر وراء رغبات قلبك ما دمت حياً"
ملاحظة : أخذت نصوص البرديات من موقع بابونج مادة : الثورة الاجتماعية الاولى في مصر
شكرا جزيلا الدكتور العزيز على تفضلكم بنشر مقالي حول الثورة الشعبية الاولى في مصر القديمة في مدونتكم الرائعة .. تقبلوا فائق شكري وإمتناني
ردحذفالعفو اخي الدكتور باسم محمد حبيب مقالتك مهمة استوحيت منها الكثير لارد على الشاكين والمتأففين والعادزين عن التغيير وقلت (ان مسيرة التاريخ ليس الا صراع الانسان ضد الظلم والاستبداد وتحقيق العدالة والحرية ) ......دمت اخا عزيزا
ردحذف