سياسة الرئيس الاميركي دونالد جون ترامب في الشرق الاوسط ..نظرة أولية
ابراهيم العلاف
هل من الممكن تقييم سياسات الرئيس الاميركي تجاه الشرق الاوسط عموما والعالم العربي خصوصا وهو لما يلبث في البيت الابيض سوى 13 يوما .لابل هل من المنطقي والصحيح ان نسبر غور سياساته التي اعلن عنها منذ ايام حملته للترشيح للرئاسة ، ومابعد تنصيبه رئيسا في العشرين من كانون الثاني -يناير2017 .أقول نعم ومن حق أي متابع أن يصدر حكما على الرجل ، وهو معروف من خلال سيرته ، ومؤلفاته ، وإداراته لامبراطوريته المالية بأنه عملي ، ويتعامل بعقلية جديدة واسلوب غير عادي يختلف عن أساليب غيره من الرؤساء الاميركان وهذه حقيقة يجب أن ندركها ونبني مواقفنا منه على أساسها .
من النقاط التي أود أن أذكر بها القراء ، أن الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب هو من طراز القادة ( الشعبويين) فهو مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، ومثل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان .والنزعة الشعبوية التي باتت اليوم معلما من معالم الحياة والقيادة في العالم لاتؤمن بالاعيب السياسيين التقليديين الذين كانوا يركزون على المؤسسات التي يسمونها ديموقراطية ، ويصلون في نهاية الأمر الى الشعور بالعزلة عن شعوبهم التي تعاني من نواقص حياتية كثيرة .
الامر الثاني هو موقفه من مواطني الدول الاسلامية السبعة الذين حرمهم من دخول الولايات المتحدة الاميركية ، واعتقد ان هذه قائمة اولى ؛ فثمة قوائم اخرى لكنه ابتدأ بهذه الدول التي تواجه مشكلات تهدد كيانات مؤسساتها الحكومية وانتشار الفساد فيها ، وعدم قدرتها على ان تقاوم كل التحديات التي تواجهها بسبب مشاكل داخلية وخارجية .
ومما ينبغي ان يلحظ في هذا الصدد أن السعودية لم تستنكر إجراءات ترامب وعدتها لاتمس مصالحها .كما ان الملك عبد الله الثاني ملك الاردن أسرع للذهاب الى واشنطن ليلتقي الرئيس ترامب ويتعرف الى سياساته عن كثب ، وكذلك استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنتخاب ترامب بفرح ، ووجد فيه صديقا متفهما لموقع مصر الاستراتيجي في المنطقة .
ومع ان الرئيس الاميركي ترامب منع مواطني العراق من دخول الاراضي الاميركية ، لكنه أكد على دعم الحكومة العراقية في حربها ضد الارهاب ، وتعهد بتقديم الاموال والاسلحة للعراق للقيام بذلك .
والشيء الاخر هو موقف الرئيس الاميركي ترامب من اسرائيل وبناء المستوطنات ؛ فمع انه قال ان بناء المستوطنات في الضفة الغربية لايعيق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين للوصول الى حل الدولتين الا انه قال وبصراحة لم نشهدها في غيره من الرؤساء الاميركيين وعلى لسان متحدث في البيت الابيض :" إن إنشاء مستوطنات جديدة أو توسيع المستوطنات القائمة لأبعد من حدودها ، ربما لا يكون مفيدا في تحقيق هدف الدولتين " .
وفيما يتعلق بسياسات أسلافه ، ومنذ بوش الابن حتى باراك اوباما ، إنتقد غزو العراق ، وقال ان المنطقة كانت اكثر أمنا قبل الغزو الاميركي وذهب أبعد من ذلك حين عد الغزو تسهيلا لايران لكي تتدخل في شؤون المنطقة وتثير فيها المشاكل وخاصة في سوريا واليمن والعراق .
إذا لايحق للعرب ان ينتقدوا غيرهم ، ولكن من حقهم ان تكون لديهم أجندة خاصة بهم تضع مصالحهم القومية في المقدمة .أنت عندما تضبط أمور دارك وتكيف احوال ساكنيها وفق السياقات المنطقية والعملية سوف تجد ان الاخرين ليسوا بقادرين على التدخل في شؤونك ..لكن اذا كانت قيادتك لدارك فاشلة ووضعك مع أهلها ليس على مايرام ، فتوقع التدخل ليس من الجار الاقرب لابل حتى من الجار السابع .
ولابد ان يقف الرؤساء والملوك العرب عن إنتهاج سياسات الاستنكار والشجب لابل انهم بحاجة الى سياسات هادئة وحكيمة وواضحة وهم وقد اقاموا الحواجز امام مواطنيهم بين مدينة ومدينة وشارع وشارع نجدهم ينتقدون غيرهم عندما يمنع مواطني دول تعاني من الفوضى وعدم الاستقرار والحروب من الدخول الى بلدانهم .
على العرب ان يعيدوا النظر في سياساتهم تجاه انفسهم وشعوبهم وجيرانهم قبل ان ينتقدوا سياسات غيرهم عليهم ان يتوحدوا ،ويكون لهم موقف موحد من خلال جامعة الدول العربية وان يكفوا عن مطالبتهم غيرهم ان يغير سياسته تجاههم وهو عاجزون بل مترددون عن اتخاذ مواقف جديدة واقعية عملية تلبي طموحات شعوبهم وعلى من يطبل للسياسات القطرية العربية من اعلاميين ومفكريين ان يتوقفوا عن قول الزور وان يتعلموا قول الحقيقة فقول الحقيقة هو ما يفيدهم ويفيد شعوبهم .
وفيما يتعلق بموقف الرئيس الاميركي ترامب من ايران فقد ظهر ذلك واضحا وجليل فهو لايريد الغاء الاتفاق النووي لسنة 2015 وانما قال ان اختباراتها الصاروخية البالستية " سلوك ضار" وقد وجه البيت الابيض تحذيرا شديد اللهجة لها من خلال ناطق بإسم البيت الابيض الذي قال بالنص :" نوجه تحذيراً إلى إيران ابتداء من اليوم".وقد عدت إدارة ترامب اختبار ايران الصاروخي انتهاكاً للقرار الدولي2231 الذي يطالب ايران بعدم القيام بأي نشاط له علاقة بالصواريخ البالستية قادرة على حمل رؤوس نووية. ووصف مستشار الأمن القومي الأمريكي موقف إدارة أوباما التي توصلت إلى الاتفاق المبرم في عهد إدارة أوباما بأنه" ضعيف وغير فعال" . وأضاف "عوضاً عن إسداء الشكر للولايات المتحدة للتوصل للاتفاق النووي فإن إيران تشعر بالجرأة".
بخصوص المسيحيين والاقليات في المنطقة ، فإن الرئيس ترامب يستشعر الخطر الذي يهددهم ووعد بحمايتهم وخاصة في سوريا والعراق وعبر عن ذلك في أحد خطبه .
وبشأن الموقف مما يجري في سوريا من حرب وصراعات ، فقد انتقد سلفه اوباما وقال -حسبما نقلت صحيفة الغارديان اللندنية - أن تحالفا مع روسيا وسوريا لهزيمة التنظيمات الاسلامية المتشددة هو السياسة التي يفضلها للتعامل مع الأزمة السورية.ونقلت عن ترامب قوله لصحيفة وول ستريت جورنال إنه لا يحب الأسد مطلقا، "لكن تعزيز نظامه هو الطريق الأفضل للقضاء على التطرف الذي إزدهر في فوضى الحرب الأهلية والذي يهدد أميركا ايضا ".
هذه هي ملامح من سياسة ترامب العربية ويقتضي الامر من العرب ان يكونوا موحدين في مواقفهم من هذه السياسة ، وان يحددوا ما يريدونه من الولايات المتحدة كأكبر قوة في العالم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق