الأربعاء، 2 يناير 2013

المؤرخ الاستاذ محمد شفيق غربال ...شيخ المؤرخين المصريين والعرب


     المؤرخ الاستاذ محمد شفيق غربال ...شيخ المؤرخين المصريين والعرب
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
    الاستاذ الكبير محمد شفيق غربال  1894-1961 ، شيخ المؤرخين المصريين والعرب  بلا منازع .مؤرخ مصري كبير .كتب عنه كثيرون لعل من ابرزهم تلميذه الاستاذ الدكتور احمد عبد الرحيم مصطفى مقالا في "المجلة التاريخية المصرية  "سنة 1963 بعنوان : "شفيق غربال مؤرخا . في سنة 1924 قدم  الاستاذ  محمد شفيق غربال اطروحته في جامعة لندن بأشراف البروفيسور ارنولد توينبي المؤرخ العالمي الكبير بعنوان :" بداية المسألة المصرية وظهور محمد علي " ونال عليها شهادة الماجستير في التاريخ الحديث .  
      عاد الى وطنه سنة 1925 ، وعين مدرسا للتاريخ الحديث في مدرسة المعلمين  العليا . وفي سنة 1929 عين استاذا مساعدا للتاريخ الحديث في قسم التاريخ الحديث –كلية الاداب جامعة القاهرة (المصرية سابقا ) ، وكان اكثر اساتذتها من الاجانب ، ثم رقي الى مرتبة استاذ كرسي التاريخ الحديث خلفا للمؤرخ البريطاني "كرانت " سنة 1936 . وفي سنة 1939 اصبح عميدا لكلية الاداب –جامعة القاهرة .
     اختير  سنة 1951 من بين 12 مؤرخا عالميا من اليونسكو ليكون معهم من مستشاري اليونسكو في شؤون تاريخ العالم .
لم يكن الاستاذ محمد شفيق غربال يهتم بالكم في التأليف بل كان يهتم بالنوع وكثيرا ما شغلته المناصب الادارية عن ان يقدم الكثير من الكتب والدراسات . ومن مؤلفاته : "مصر في مفرق الطرق" وقف فيه عند عوامل نهضة مصر في القرن التاسع عشر ودراسة  بعنوان : "الجنرال يعقوب والفارس لسكاريس ومشروع استقلال مصر"  تحدث فيه عن موضوع استقلال مصر عن الدولة العثمانية.اما في سنة 1944 فقد نشر كتابه :" محمد علي الكبير" ثم نشر سنة 1952 دراسة مهمة بعنوان : "تاريخ المفاوضات المصرية - البريطانية " وحقق مخطوطا بعنوان : "ترتيب الديار المصرية في عهد الدولة العثمانية" واخر ما نشر كتاب مهم بعنوان : " منهاج مفصل لدراسة العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم"  نشر  سنة 1961م، وهو  بالاصل محاضرات ألقاها على طلبة قسم الدراسات التاريخية في معهد الدراسات العربية العالية بالقاهرة والتابع لجامعة الدول العربية . ومن كتبه المترجمة : " المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر"  لمؤلفه بيكر. كما راجع عشرات الكتب المترجمة، وكتب مقدمات لعدد منها  ابرزها : " شكسبير وهنري السادس"  ترجمه مع آخرين، ونشر سنة 1959م، و«روميو وجوليت» ترجمه مع آخرين سنة 1960م، و«الملك جون» ترجمه مع مجموعة من المترجمين ، و«ادجار، تاريخ قديم» نشره سنة 1961م. وأشرف على إخراج أول دائرة معارف عربية صغيرة هي : " الموسوعة العربية الميسرة" .
      عمل الاستاذ محمد شفيق غربال في وزارات مختلفة ، وأسس المتحف المصري ، والجمعية المصرية للدراسات التاريخية . وكان أحد أعضاء المجمع العلمي المصري ومجمع اللغة العربية-القاهرة،  والجمعية الجغرافية المصرية .
         كتب سيرته بنفسه  وقال فيما كتب –رحمه الله -: "  ان الحي الذي ولدتٌ فيه في 4 يناير-كانون الثاني سنة  1894م يحمل اسم العائلة.. اسمه "حي غربال"، ويمتد على ضفاف ترعة المحمودية في الإسكندرية بمصر .. أيام ولدت كان معظم الحي بساتين فواكه وحقولاً تمون الإسكندرية كلها بالخضروات..أما الآن فقد انتشرت المصانع وشون القطن والغلال، ولا أثر للأرض الخضراء في حي غربال.
   دخلتٌ مدرسة "روضة التعليم" التحضيرية..كانت المدرسة "كتابًا" فضاعف صاحبها عدد المدرسين وحولها إلى مدرسة.  كان البلد يعاني من أزمة في المدارس..ولم تكن "نظارة المعارف" تنشئ أكثر من مدرسة جديدة واحدة كل عام، وربما كل عدة أعوام.
     وكًون الشعب جمعيات لتنشئ مدارس تعلم أبناءه..فظهرت "الجمعية الخيرية الإسلامية" في القاهرة و"جمعية المساعي المشكورة" في شبين الكوم، و "جمعية العروة الوثقى" في الاسكندرية. أما جمعية العروة الوثقى  فأنشأت مدرسة "سعيد الأول" بمحرم بك، فدخلٌتها ونجحتٌ في الابتدائية سنة 1908م. حصلت على الكفاءة من مدرسة رأس التين الثانوية سنة 1912 ، ثم دخلت مدرسة العباسية وكانت تشغل حصنا من الحصون القديمة على قمة تل في محرم بك، وحصلت على البكالوريا "قسم أدبي" وكان ترتيبي الثاني في القطر، وكان الأول "محمود زكي" وكيل وزارة التجارة سابقًا.
   .. دخلتٌ مدرسة المعلمين العليا سنة 1912م، تخرجت فيها بعد 3 سنوات. قامت الحرب العظمى (أي الحرب العالمية الاولى 1914-1918 ) ، وانتشرت الغواصات الألمانية في البحر الأبيض المتوسط وبحر الشمال.. سافرت في عز الخطر إلى انكلترا على ظهر باخرة. التحقت بجامعة ليفربول، ودرستٌ التاريخ الحديث، والاقتصاد، والفلسفة السياسية، والجغرافيا البشرية والطبيعية والاقتصادية، ودرست أيضًا عصور التاريخ، وكيفية العمل في الوثائق، ومناهج البحث في التاريخ.
        أمضيتُ في البعثة 4 سنوات، وحصلت على بكالوريوس الدرجة الممتازة في الآداب . اشتغلت لمدة 3 سنوات في التعليم الثانوي في مدارس الإسكندرية. أرسلتني "نظارة المعارف" إلى إنجلترا مرة أخرى لأحصل على درجة علمية أعلى في التاريخ. درست في جامعة لندن سنتين وكان أستاذي المؤرخ العالمي المعاصر "الدكتور أرنولد توينبي"(توفي سنة 1978 ) أخذتٌ  سنة 1924 درجة "ماجستير" في العلوم التاريخية.
    عينتٌ أستاذًا للتاريخ في مدرسة المعلمين العليا. كان من بين تلاميذي أحمد نجيب هاشم ...(اصبح وزيرا فيما بعد )  وزكي نجيب محمود أستاذ الفلسفة بآداب القاهرة. أنشئت الجامعة سنة 1925م، وبعد إنشائها بثلاث سنوات نقلتٌ إلى كلية الآداب أستاذًا مساعدًا للتاريخ الحديث، ثم أصبحت وكيلاً للكلية، وجلست على كرسي العمادة لعدة أشهر. عينت ٌوكيلاً مساعدًا لوزارة المعارف (التربية ) سنة 1940م، ثم وكيلاً لوزارة الشؤون الاجتماعية، وعدت وكيلاً لوزارة المعارف مرة أخرى. بقيت في المنصب حتى خرجت من الحكومة في 4 يناير-كانون الثاني سنة 1954م .
     عندما بلغت الستين من العمر ... لم تنقطع ... صلتي بالتدريس.. كنتٌ كلما شدتني مناصب الوزارة بعيدًا عن مدرجات الطلبة، أعود إليها منتدبًا أو أستاذًا غير متفرغ. درًست التاريخ الحديث لطلبة الماجستير، وساعدت طلبة الدكتوراه في تحضير رسائلهم واطروحاتهم في فروع التاريخ المختلفة ...وأحس بطوفان من السعادة كلما صادفت في الطريق أحد تلاميذي.. ألمح في عينيه معالم الولاء، وفي خلايا ذهنه جزءًا من تفكيري ومجهودي.. جزءًا مني.  لم أنقطع أبدًا عن التدريس، ولذلك لم أنقطع للتأليف بتفرغ...".
     بعد تقاعده تولى منصب مدير " معهد الدراسات العربية العالية"  في القاهرة التابع لجامعة الدول العربية، فبعث فيه الحركة والنشاط..
  كتب عنه الاستاذ الدكتور عبد الرحمن البيطار - وهو استاذ للتاريخ الحديث في جامعات سورية عديدة - في الموسوعة العربية يقول : استطاع غربال بفضل مقدرته العلمية ، وقوة تأثيره في طلابه توجيه الاهتمام إلى دراسة التاريخ الحديث وإعداد دروس في تاريخ مصر الحديث السياسي والاقتصادي وفي تاريخ الشرق الأدنى الحديث، وشجع طلابه على متابعة الدراسات العليا، وفتح لهم آفاق البحث في دور الكتب والوثائق.  لقد شارك محمد شفيق غربال في كتابة تاريخ مصر الحديث في الجوانب المختلفة وتخرج على يديه عدد كبير من المؤرخين المتميزين .رحم الله الاستاذ محمد شفيق غربال وجزاه خيرا على ما قدم لوطنه وامته .







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...