الاثنين، 25 أبريل 2011

العلم ..والثقافة


    العلم .. والثقافة



أ.د. ابراهيم خليل العلاف


استاذ التاريخ الحديث -جامعة الموصل


منذ سنوات ظهرت بعض الافكار التي ميزت بين العلم والثقافة، فهناك من يقول ان" الثقافة" ليست "علما "وانما هي اكبر من العلم .. وان من واجبات الثقافة توسيع مدارك الانسان، ومساعدته في ان يكون له موقف من الحياة والمجتمع..والفلسفة ،هي أس الثقافة .فالذي يقرأ الفلسفة ويتعامل معها يرى" الغابة" كلها في حين ان الذي لايقرأ الفلسفة لايرى الا "الشجرة" الواحدة .ومعنى هذا ان افقه يظل محدودا ونظرته الى الحياة تظل قاصرة .


المهم ان الجدل مايزال قائما ،حتى ان هناك من تحدث عن علوم انسانية وعلوم صرف.. واندفع البعض اكثر من ذلك ليقول ان العلوم الانسانية كالتاريخ والاقتصاد وعلم الاجتماع ليست من العلوم بالمعنى الدقيق .. مايهمنا التاكيد عليه ان المجتمع لايتقدم الا بالعلم والثقافة .. فالعلم مهم وضروري لبناء المجتمع والثقافة مهمة وضرورية للغرض ذاته فضلا عن ان الثقافة تهذب سلوك الانسان وتصقل تفكيره وتزوده بخبرات جديدة وتساعده على التصرف اللطيف غير الضار لغيره من بني البشر .


والطريف ان نشير هنا الى ان الكاتب الايرلندي الساخر برنادشو كان من اكثر الذين اهتموا بموضوع الفرق بين العلم والثقافة حتى انه اجاب عن سؤال يتعلق بمن هو المثقف قائلا: " المثقف هو الذي يعرف شيئا ما، عن كل شئ وكل شئ عن كل شئ ما" وهو في هذا ينطلق من مقته لاولئك الذين كانوا في زمانه يسرفون في التخصص الدقيق ودون ان تكون لهم وجهة نظر او رؤية متميزة لما يدور حولهم فهم يتجهون الى معرفة اكثر فاكثر عن اقل واقل، الى ان يعرفوا كل شي عن لاشئ.


ونحن نقول ان العصر الذي نعيش فيه اليوم هو عصر العلم والثقافة.. انه عصر المعلوماتية عصر الحاسوب والانترنت والفيسبوك والتويتر والستلايت والموبايل ....والعالم - بكل تلك الوسائل - صار كما يقولون قرية كونية صغيرة .. والانسان اليوم بات على معرفة دقيقة بكل مايجري حوله .. سواء في مدينته او وطنه او في العالم.. فخلال لحظات يصل الانسان من خلال اجهزة الاتصال الى مواقع الاحداث وهذا يتطلب منه ان يغير عقله لكي يستوعب كل هذه الامور وان لايبقى جامدا و ان لايفكر بعقلية جامدة .. الدنيا تغيرت وهو لوحده لايمتلك الحقيقة..وهناك امر اخر يجب ان يفهمه ويجب ان يتعامل معه..


والاسلام دفع الانسان للعلم وفوق كل ذي علم عليم، وللاسف فاننا مازلنا نرى البعض وهو عندما يتحدث او يكتب يصور نفسه وكأنه وحده يعرف الامور والحقائق في حين ان الحقائق نسبية وللعملة وجهان وماتراه انت صحيحا يراه غيرك غير صحيح ورحم الله الشافعي ورضي عنه عندما قال رأيك صواب الى ان يثبت خطاه، ورأيي خطأ الى ان يثبت صوابه.. وهذا فولتير يقول انني اخالفك بالرأي لكني مستعد ان اموت لاجعلك تعبر عن رأيك!!


الثقافة لم تعد ايها الاخوة والاخوات مجرد اصطلاح ومفهوم ولم تعد مجرد معرفة للمعلومات وانما هي سلوك وذوق فالانسان المثقف هو الانسان ذو السلوك القويم ..والعلم أداة ومنهج لفهم الحياة والكون واسرارهما..


وعلينا ان نتسلح ..بالعلم والثقافة اذا ما اردنا ان نكون وطنيين وان نبدا باسس قوية لاعادة بناء وطننا واسترداد سيادته واذا مااردنا ان نكون فاعلين منتجين .. اذ بدون (العلم) و(الثقافة) مجتمعين لايمكن لاي مجتمع ان ينهض ويعيد بناءه .. فلنكن متشبثين بالرؤية العلمية  الموضوعية ،والافق الثقافي الواسع  لنستحق الحياة ... والله سبحانه وتعالى جعل العلماء  ومن هم في مرتبتهم من الذين يعلمون ويفقهون وينظرون ويدركون  ويعقلون في مرتبة متقدمة .. ان اولئك هم حقا  ورثة الانبياء اليس كذلك؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...