الثلاثاء، 5 أبريل 2011

العراق : الرقم الذي لايقبل القسمة

العراق : الرقم الذي لايقبل القسمة



ا.د.إبراهيم خليل العلاف


أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل


سبق لمجلس الشيوخ الأمريكي ، قبل سنوات قليلة ،أن أصدر قراراً غير ملزم حول (خطة) لتقسيم العراق على غرار خطة تقسيم البوسنة، ويعتقد الذين تقدموا بهذه الخطة أنها الحل الوحيد للمشكلة التي أطلقوا عليها: (المشكلة العراقية).


ومع أننا لانريد الدخول في مماحكات ،ومجادلات ،وتفسيرات من شأنها إثارة القلق لدى أبناء شعبنا العزيز، فان الذي يهمنا- ونحن قد الينا على أنفسنا أن نوقف أنفسنا لخدمة بلدنا، أهله وتراثه وقيمته وتاريخه الحضاري العظيم- القول أن كل محاولات تقسيم العراق لابد أن تذهب أدراج الرياح لان العراق رقم صعب لايقبل القسمة، فقد سبق أن طرحت بعد الحرب العالمية الأولى من قبل الحاكم السياسي البريطاني للعراق بعد الاحتلال ،وتكرر طرحها في مطلع أربعينات القرن الماضي.. وبعد الاحتلال الأخير للعراق في التاسع من نيسان 2003 تكرر الحديث عن مشاهد (سيناريوهات) لتقسيم العراق.. وسمعنا معزوفات تضرب على هذا الوتر.


ولقد جرب المحتلون والغزاة للعراق عبر العصور مثل هذه الخطط المريبة لكنهم فشلوا فقد سبق للاسكندر المقدوني أن فكر - عند احتلاله للعراق- بتقسيمه وإبادة شعبه فاستشار أستاذه (أرسطو) بذلك.. فأجابه: (وهل باستطاعتك أن تغير مياههم وهواءهم وتربتهم ؟!)، فعدل الاسكندر عن تحقيق مادار في رأسه وخرج يجر أذيال الهزيمة، واندحرت فكرته القائمة على جعل العراق مركزاً لإمبراطورية مترامية الإطراف.


وخلال العصور التالية ، شهد العراق أكثر من محاولة لتمزيقه ،وطمس هويته إلا أن تلك المحاولات قوبلت بالرفض بكل شجاعة، وظل العراق موحداً وإذا ماتصفحنا سير الكثير من بناة حضارات العراق ، وحكامه وملوكه البارزين ،وجدنا أن من أبرز انجازاتهم هو سعيهم المستمر للحفاظ على وحدة العراق من شماله إلى جنوبه.فضلا عن قيامهم بإخماد الفتن والاضطرابات التي كانت تنشب بين الفينة والأخرى .


وعندما اختار العراقيون الأمير فيصل بن الحسين شريف مكة ملكا عليهم عام 1921 جرت محاولات لفصل "الموصل "عن العراق ، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل وردد الملك فيصل الأول 1921-1933 ، ومن خلفه وطنيو العراق المقولة المعروفة :( أن الموصل رأس العراق وتاجه) وظلت الموصل جزءا لايتجزا من العراق. ولاننسى محاولات فصل "البصرة "بعد الحرب العالمية الأولى وفشل تلك المحاولات بسبب وطنية أهل البصرة،وتلاحمهم مع أشقائهم العراقيين .ونستطيع القول أن قوة العراق ووحدته ظهرت بأجلى صورها في "الثورة العراقية الكبرى 1920" ، وفي كل الانتفاضات التي وقعت ومنها انتفاضة 1936 وانتفاضة 1941 وانتفاضة 1948 وانتفاضة 1956 وثورة 1958 .


العراق إذن غير قابل للقسمة ،وشعبه المؤلف من تكوينات اجتماعية،وقومية ،ودينية ،ومذهبية متعددة موحدة ، قوي وموحد بتعدديته ،وهو لايريد إلا أن يعيش أبناءه أقوياء وموحدين لذلك فهو يعمل بكل مايملك من قدرات وطاقات لمقاومة كل المحاولات الرامية إلى تقسيمه من أي جهة خرجت ، فهو لم يكن في الماضي، ولن يكون في الحاضر، ولا في المستقبل إلا بلد واحدا وموحدا إن شاء الله، فهو رقم غير قابل للقسمة كما قلنا وان إي محاولة لتقسيمه وتمزيق وحدة نسيجه الاجتماعي وإضعاف دوره الإقليمي، والعربي، والدولي ستلقى الرفض القاطع من كل أبناءه الطيبين المخلصين الذين أكدوا ولا يزالون يؤكدوا في كل مناسبة وفي كل محفل وعلى أكثر من صعيد أنهم موحدون معتصمون بحبل الله ولن يتفرقوا لأنهم يعلمون كل العلم (أن يد الله مع الجماعة) ويؤمنون كل الإيمان بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : " بسم الله الرحمن الرحيم: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم اعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) صدق الله العظيم .


ونحن على يقين قاطع بان العراقيين طالما تمسكوا بإيمانهم بالله سبحانه وتعالى،والتزموا بقيمتهم ومثلهم ،وعملوا من اجل وحدتهم وتماسكهم والحفاظ على كيانهم الموحد ومصيرهم الواحد فان الله سبحانه وتعالى ناصرهم لامحالة وما النصر إلا من عند الله العلي العزيز الحكيم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...