الأحد، 3 أبريل 2011

ليكن عراقنا واحدا

ليكن عراقنا واحدا



أ.د.إبراهيم خليل العلاف


أستاذ التاريخ الحديث_جامعة الموصل


نقرأ ونسمع، منذ سنوات عن مخططات أجنبية تستهدف تجزئة العراق ،وتقسيمه إلى دويلات عديدة... ومع أننا لسنا من دعاة أو مؤيدي مايسمى في الأدبيات السياسية (اليوم) بنظرية المؤامرة، إلا أن مانحسه ونلمسه في عراق مابعد التاسع من نيسان 2003 يجعلنا نقف أمام تلك المخططات التي بدأ البعض يتحدث عنها وكأنها (اكتشاف وترياق شاف لكل علل العراق وكوارثه المادية والنفسية)... وليت الأمر وقف عند هذا الحل بل أن هناك من يدعو إلى تجزئة العراق، وانفصال بعض (أقاليمه)، والحصول على حصص من خيراته وثرواته بحجج وذرائع تدخل في خانة (كلمة حق أريد بها باطل).


• ولانريد هنا أن ندخل في تفاصيل وجذور مخططات تقسيم العراق، وإذا ضربنا صفحا عن ماتم في مؤتمرات باريس ولوزان والعقير ومانجم عن اتفاقيات سايكس_ بيكو ومفاوضات الشريف حسين_مكماهون ومعاهدة سيفر وماتلاها من تسويات معروفة تركت آثارها العميقة في مستقبل العراق نقول: أن محاولات إضعاف العراق وتحجيم دوره وتقسيمه ليست جديدة . ولنعد إلى المشروع الذي قدمه المستشرق البريطاني المعروف السير هاملتون جب إلى وزارة الخارجية البريطانية بتاريخ 16 كانون الأول 1942 وفيه يقترح تقسيم العراق إلى ثلاث دول. واحدة في الشمال وعاصمتها الموصل وأخرى في الوسط وعاصمتها بغداد والثالثة في الجنوب وعاصمتها البصرة.


• وحين احتل البريطانيون العراق (1914- 1918) ظهر نفر من العراقيين يطالبون بفصل البصرة وبعد تشكيل الدولة 1921 ، طالبت تركيا بفصل الموصل عن العراق والمحاولتان فشلتا بفضل عزم العراقيين وإصرارهم على رفض التفتيت والانقسام.


• وللأسف فان ذهنية التقسيم ظلت في عقول المستعمرين والإسرائيليين فمشروع (اوديد ينون) مستشار مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق لشؤون الأمن القومي وصاحب الدراسة المعروفة التي صدرت سنة 1982 بعنوان (إستراتيجية إسرائيل) وقد كشفها أستاذ إسرائيلي متعاطف مع العرب وقضاياهم وهو الدكتور (إسرائيل شاهاك) .


• يتضمن مشروع (اوديد ينون) الدعوة إلى تفتيت الوطن العربي إلى دويلات (كانتونات) عديدة ولم يسلم أي بلد عربي من التجزئة فالعراق يقسم إلى ثلاث دول (دولة كردية في الشمال ودولة سنية في الوسط ودولة شيعية في الجنوب) ومصر إلى دولتين (إسلامية ) و(قبطية) والسعودية إلى ثلاثة دول (الحجاز) و (نجد) و (الإحساء) وهكذا .. وقد أكدت كل الدراسات خطل مثل هذه المخططات.


• إن الهدف الإسرائيلي المدعوم من قبل بعض الأطراف الإقليمية يلتقي مع الهدف الاستعماري في تقسيم المنطقة وهو فرض الهيمنة وإلغاء الهوية والسيطرة على العقول والثروات.


• ختاما نود التأكيد على أن العراق، وفي كل تاريخه القديم والوسيط والحديث، كان موحدا وقد استعصى على التقسيم لان شعبه يرفض التقسيم والتجزئة .. ولان ذلك يتناقص ليس مع (ثوابت الجغرافيا) و (حقائق التاريخ) وحسب بل مع (طبائع العمران).


العراق كان واحداً أيام السومريين والبابليين والكلدانيين والأشوريين.. وكان مما يتفاخر به ملوك العراق أنهم حافظوا على وحدته..


وفي العصور الإسلامية كان العراق: ارض السواد واحدا .. وكانت الكوفة في عهد الخليفة الراشد على ابن أبي طالب رضي الله عنه عاصمة للدولة الإسلامية.. وكانت بغداد عاصمة العباسيين وظل أيام الأمويين من قبلهم موحدا وحتى في عهد العثمانيين 1516_1918 كان العراق مع انه مؤلفا من ولايات ثلاث (الموصل، بغداد، البصرة) موحدا... كانت هذه الولايات تعرف في الأدبيات والوثائق العثمانية (ألخطة العراقية) وكان لوالي بغداد سلطة على ولايتي البصرة والموصل..


لنعمل من اجل أن يظل العراق موحدا ..ويقينا أن العراقيين وهم ذوو حضارة ،ومقدرة ،وكبرياء لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام من يريد تقسيم بلدهم.. ففي الاتحاد قوة.. وإنما تأكل الذئب من الغنم القاصية تلك هي سنة الله.. ولن تجد لسنة الله تبديلا..






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...