شارع غازي في الموصل ..الشارع القديم - الجميل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
شارع غازي.. وهو من الشوارع القديمة ، والجميلة في الموصل يربط بين شارع نينوى سيد شوارع الموصل واقدمها ، بساحة باب الطوب مركز مدينة الموصل .. افتتح شارع غازي سنة 1926 في عهد الملك فيصل الاول 1921-1933 وسمي بإسم ولده الامير غازي . وبعد ثورة 14 تموز سنة 1958 وسقوط النظام الملكي سمي بشارع الثورة لكن الناس منذ ذلك الوقت لايزالون يسمونه شارع غازي . طوله لايزيدعن 250 مترا وقد وسع عدة مرات واصبح عرضه الان قرابة 10 أمتار وتمتد على جانبيه محلات تصليح الساعات والاجهزة الكهربائية والمدافئ فضلا عن دكاكين الخياطين وصالونات الحلاقة والصيدليات وشقق الاطباء ذات الشناشيل (والتي يسميها الموصليون الكوشكات) .
أحب شارع غازي كثيرا وأجد بأنه من الشوارع التي يرتاح فيها الانسان عنما يسير فيه .. إذ يجد كل ما يحتاجه ، ومنذ ان كنت طفلا صغيرا في الاربعينات كنت ارتاد الشارع وأرى فيه من المعالم التي من الصعوبة اليوم ان تغادر مخيلتي فمقهى ابو داؤود التي تجدون صورتها الى جانب هذه السطور كانت في بداية الداخل الى شارع غازي من جهة شارع نينوى وعلى اليسار وقد هدمت وتحتل مكانها اليوم محلات لبيع الاجهزة الكهربائية منها محلات سالم حديد .. وكانت الى جانبها محلات باتا الشهيرة لبيع الاحذية ثم عيادات للاطباء ومنها عياة الدكتور سالم قاسم الجلبي وعيادة المضمد السيد صلاح السيد حمو ثم محل جار الله الساعاتي وبعدها ولده وعدالله لبيع وتصليح الساعات السويسرية الفاخرة ولاننسى محل ابو محمد لتأجير المايكروفونات ومكبرات الصوت وهناك شقة المحامي فخري الخيرو التي شهد( بلكونها ) وقوف عدد من الرجالات الوطنيين يلقون خطبهم امام حشود الناس التي تجمعت تأييدا للثورة ضحى يوم 14 تموز 1958 اي يوم اعلنت الثورة على النظام الملكي وقد القى عدد من الخطباء كلمات في تأييد الثورة وكنت حاضرا في ذلك التجمع الذي حدث قبالة البريد القديم وقبالة دورة شرطي المرور وتجدون صورة التجمع الى جانب هذه السطور .
كان مخزن الدباغ لصاحبه الحاج محمد صالح الدباغ والد الدكتور فخري الدباغ عميد كلية الطب في الموصل والاستاذ خيري من معالم هذا الشارع ..كما كان محل قريبنا زكي عبد الساعاتي (الساعة جي ) المقابل له من معالم الشارع.. وكذلك دكاكين احمد طه لتصليح وبيع المدافئ النفطية من معالم الشارع ..وكانت ثمة دروب من شارع غازي تصل الشارع بشارع النجفي وبسوق باب السراي وبعلوة الحنطة القديمة في الميدان .
وكان لجريدة فتى العراق التي صدرت لاول مرة سنة 1930 بجهود المحامي احمد سعد الدين زيادة ثم ابراهيم محمود الجلبي مكان في الشارع .وكان الى جانبها مطبعتهم مطبعة أم الربيعين .
في الثلاثينات كان عدد من الخياطين المسلمين والمسيحيين واليهود يجدون في شارع غازي مكانا لهم كما كان باعة الاحذية وصناعها مكانا لهم في هذا الشارع فثمة محلات بطرس جرجيس وحامد حمودي وسعيد دنان ومتي جرجيس ووصفي سامي ويونس نجات الذي كان يمتلك معملا صغيرا لصنع الاحذية في الشارع .
وكان لانطوان زبوني مكتب للاستيراد والتصدير في شارع غازي وكان متخصصا بتصدير الجلود .كما كان لجبرائيل زبوني وكيلا لشركة الشرق المصرية للتأمين على الحياة وكان شاؤول سيمانطوب يمتلك محلا لبيع التحف والانتيكات .
ومن صالونات الحلاقة في شارع غازي صالون ابراهيم عمر وصالون سيروب زادويان وصالون عبد القادر فتحي وصالون محمد بكر وصالون محمد عبد الرحمن وصالون يوسف حنا .
ومن الخياطين أحمد شاكر واحمد نجم وبهنان بني وارتين كيورك وجميل حنا وحسن ثابت وحنا غريب وزكريا آدمو وطاطول كريكور وطاويك كريكوريان وعبد الله جوادين ومحمد حاج اسماعيل ويعقوب حبالي وناصيف منصور الترزي وكان متخصصا بخياطة الملابس العسكرية وتقع دكانه على جهة شارع غازي اليسرى وقد نشر اعلانا يقول بأنه "خياط عصري مهيب فائق بفن الخياطة الاوربية " .
وكان في شارع غازي اثنان من التجار المتخصصين بإستيراد الدراجات (البايسكلات ) هما ايرم داؤود براز وفتحي جاقماقجي واولاده .في حين تخصص حبيب منصور فهمي ببيع الراديوات وكذلك فتحي جاقماقجي وولده . اما مصطفى سالم فكان يبيع الساعات السويسرية وتخصص سليم حاج بتصدير السجاد واستيراده وكان لنصري وقاقيان معمل صغير في شارع غازي لصنع سجاد المرعز .
وفيما يتعلق بالسيكائر وصنعها وبيعها فكان أحمد النجم وكيلا لاحد معامل السيكائر في الشارع ..كما كان لزبوني وشركاه مكتبا للقومسيون والوكالات العامة وكان لحبيب منصور فهمي وحمدون ملا علي وحميد عبد المجيد وعزيز بدرية وميكائيل داؤود وفائق عمر وفتحي جاقماقجي وولده ومنصور فهمي واولاده محلات لبيع الكرامافونات والاسطوانات .وبشأن محلات بيع المواد الكهربائية والتعهدات والمقاولات في هذا المجال فكان هناك حبيب منصور فهمي وسركيس صائغ وشريف عزيز وهاشم رشدي ..كان محل شريف عزيز وهاشم رشدي متعهدا بمد الاسلاك الكهربائية وبيع ادواتها .
وكان ايرم داؤود براز متخصصا بإستيراد المطابخ والمدافئ .وكان لشركة سنكر الشهيرة مكتبا لاستيرادوبيع مكائن الخياطة بالمفرد ..وكان يعقوب ساعاتي متخصصا بإستيراد وتجارة المنسوجات وله محل في شارع غازي في الثلاثينات .كما كان لجميل داؤود معملا صغيرا للنجارة . وكان لفضيل محفوظ وهو صاحب مطبعة في الموصل محلا لبيع وطبع ورق اللعب والتجارة فيه .
من مكاتب المحامين في شارع غازي في الثلاثينات مكتب المحامي احمد النجم ومكتب المحامي جرجيس سرسم ومكتب المحامي عمر خلوص الراشد .كل هذا كان في الثلاثينات من القرن الماضي .
أما في الاربعينات والخمسينات وقد ادركت شارع غازي وكان مزدحما ايضا بالمكاتب والصيدليات والدكاكين ..كان مكتب المحامي فخري الخيرو في بداية الشارع من جهة باب الطوب والساحة التي عرفت لاحقا بساحة صقور الحضر وقد ازيلت للاسف الشديد كانت ساحة جميلة تزينها تماثيل من الصقور الحضرية ..
كان هناك دكان محمد الحاج جاسم التوتونجي وفوقه مكتب حمو القدو للتجارة يليه دكان الخياط يونس ذنون ثم دكان مصلح الراديوات احمد عبد المجيد والى جانبه دكان الحلاق محمد علي ودكان الحلاق قاسم يحيى وحل جار الله الساعاتي وولده وعد الله ومكتب المحاميان غربي الحاج احمد وقاسم المفتي ..ثم يأتي الزقاق الذي يؤدي الى شارع النجفي وبعدها وكالة سيكائر غازي لصاحبيها محمد وفاضل عبد العزيز الرحاوي وفوقه مكتب المحامي جرجيس فتح الله وعيادة الدكتور عبد الاله الجوادي وعيادة الطبيب بشير يونس الدباغ وتحته دكان خليل التوتنجي ودكان مصطفى صالح الساعاتي وكيل ساعات شهرزاد ودكان محمد الكردي صباغ الاحذية ودكان محمد مرعي بائع الشربت وهكذا كان هناك دكان محمد اسماعيل صاحب مخزن محمد لبيع الراديوات وتأجير مكبرات الصوت واتذكر ان جامعة الموصل كانت تؤجر منه المايكروفونات ومكبرات الصوت .
ذكرت دكاكين يونس الحاج طه الدباغ وهو ابن أحمد طه الذي ذكرته انفا عندما تحدثت عن الشارع في الثلاثينات وهو الان من ابرز مصلحي وباعة الطباخات والبريمزات النفطية وتحتل دكاكينه ركنا في أس زقاق يؤدي الى شارع النجفي وكان في داخل الزقاق مكتب جريدة فتى العراق التي كانت قد صدرت لاول مرة سنة 1930 ثم اصدرها احمد سعد الدين زيادة سنة 1934 وتنازل عنها فيما بعد الى مدير الادارة ابراهيم الجلبي وولديه محمود واحمد سامي والذي اعاد اصدارها سنة 2003 وتوقفت سنة 2010 .
اتذكر دكان نجم الحلاق وعيادة الاشعة للدكتور سالم قاسم الجلبي ومخزن الدباغ لصاحبه خيري الدباغ بن الحاج صالح الدباغ ،وكان مخونا راقيا متخصصا ببيع افضل القمصان (هاليفاكس ) وافضل اللاربطة والبدلات الرجالية .
واتذكر صيدلية مطلوب وعيادة الدكتور محمد ياسين الدبوني ومقهى ابو داؤود ومحل حميد نجيب وكان يبيع الكرزات الموصلية واتذكر عيادة الدكتور مارسيل بيو وعيادة الدكتور كما يونس شريف ومخزن ريفولي لعز الدين محمد كركجي وكان متخصصا ببيع قمصان ألفا الشهيرة وعيادة صديقنا الدكتور كره بيت والذي كان يروي لنا حين كان يجالسنا في المركز الثقافي والاجتماعي التابع لجامعة الموصل في القاضية قصصا من تجاربه في العيادة مع المرضى ولاننسى محلات شهاب الحمامي لبيع الاجهزة الكهربائية وكانت ابنته الاخت الاستاذة مزاحمة (زوجة الصديق الاستاذ الدكتور محمد شرتوح الرحبي استاذ الجغرافية ) طالبة معنا في كلية التربية –جامعة بغداد.
في شارع غازي اليوم بناية لمصرف الرشيد ومحلات لبيع الملابس وقبل ايام كنت في زيارة لصديقي الحارث بن معد الجبوري وقد جلسنا عنده صدفة ولديه دكان لبيع الملابس الجاهزة وكان الدكتور وليد الصراف الشاعر الكبير معنا ايضا والى جانبه محل قديم لشوي الكباب والتكه فضلا عن محلات كثيرة متنوعة منها محل ممدوح الصواف لبيع الاجهزة الكهربائية ، ورأيته شارعا يعج بالحركة ومما يزيد في صعوبة التجول فيه كثرة الباعة المتجولين واصحاب البسطات .
شارع غازي فيه من عبق التاريخ الكثير .. إرتبطت به الكثير من الاحداث الوطنية فكل التظاهرات المناؤئة لانظمة الحكم كانت تمر به .كما كانت مواكب مهرجانات الربيع تجد لها طريقا فيه وهي متجهة الى بناية المحافظة ... أدام الله لنا شارعنا الجميل والعريق وأدام اهله ومرتاديه .
*https://www.youtube.com/watch?v=nklgk4sRf1k11-1-2018
*الان 29-11-2019 الشارع يعود والحمد لله