الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

حازم سعيد أحمد من شعراء الموصل الافذاذ بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف




                                                           الاستاذ حازم سعيد احمد الحمداني


حازم سعيد أحمد من شعراء الموصل الافذاذ
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل

شهدت مدينة الموصل خلال الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي القرن العشرين ، نخبة من الشعراء الافذاذ منهم ذو النون الشهاب وحسين الفخري وحازم سعيد احمد ومن حسن الحظ ان الشاعر والمربي والصحفي المرحوم الاستاذ ذو النون الشهاب كتب مرة مقالة عن رفيقه الشاعر حازم سعيد احمد في جريدة (الحدباء ) وفي العدد الصادر في 5 حزيران – يونيو سنة 1984 وقال في مقالته ان حازم سعيد شاعر منسي ومع انه شاعر مجيد وكثيرا ما كنت اسمعه وهو يلقي قصائده اثناء تجمع الشعراء في واحدة من مقاهي الموصل ومرة القى قصيدة وجدانية فسأله الشاعر ذو النون الشهاب عما نظمه غيرها فأجابه انه ينظم الشعر لكنه يتردد في تقديمه خشية من نقد الادباء المشهورين فطلب منه قصيدة لنشرها في مجلة ( الجزيرة ) الموصلية المرموقة فسر لذلك وعد الامر مجاملة لااكثر ولااقل وقد نشرت القصيدة في مجلة الجزيرة وفي اول عدد بعد ذلك اللقاء وهكذا استمر يتحف المجلة بقصائد عديدة خلال السنوات مابين 1946 و1948 ثم اخذ ينشر في صحف ومجلات موصلية وعراقية فذاع صيته ونبه ذكره في عالم الشعر وهو لما يزل طالبا في كلية الحقوق ببغداد .
وبعد تخرجه عين في وزارة العدل وتدرج في المناصب القضائية فصار قاضيا يجمع بين نزاهة القاضي وبراعة المحقق وافق الاديب الاريب .
الشاعر والقاضي حازم سعيد احمد من مواليد محلة رأس الكور سنة 1924 وكان والده يأخذه الى مجلس الشيخ أحمد الجوادي فتعلم كثيرا من هذا المجلس وحازم سعيد احمد من مجايلي والدي رحمهما الله ومحلة رأس الكور هي ايضا محلتي التي ولدت فيها .اكمل دراسته الابتدائية في دار النجاح والمتوسطة في الغربية في ثانوية الموصل وبعدها سافر الى بغداد ودخل كلية الحقوق ببغداد وتخرج وهو يحمل شهادة الليسانس في الحقوق سنة 1948 وخلال وجوده ببغداد التقى عددا من الشعراء من زملاءه وابناء جيله منهم الشاعر السوري سليمان العيسى الذي كان يدرس في دار المعلمين العالية وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري ومع انه داوم لفترة في دار المعلمين العالية قبل انتقاله الى كلية الحقوق فإن علاقته بالشاعر بدر شاكر السياب لم تكن جيدة .
وبعد تخرجه عاد الى الموصل ومارس مهنة المحاماة لفترة قصيرة مابين سنتي 1950 1953 .ثم حبذ الوظيفة فعين ملاحظا في مديرية الاستيراد والتصدير العامة ثم انتقل مستخدماً في مديرية الإعاشة العامة وانتقل الى كركوك سنة 1956 وأصبح كاتباً في محاكم كركوك ثم كاتباً أول في محاكم بعقوبة بين سنتي 1957-1961 فانتقل محققاً عدلياً في حاكمية تحقيق الرصافة، ثم عين سكرتيراً لمجلس القضاء في محكمة تمييز العراق بين 1970-1971 . وعين حاكماً في محكمة العمل العليا سنة 1973 ثم رئيساً لمحكمة العمل العليا.
عندما تأسست ( جمعية الكتاب والمؤلفين) في بغداد بعد ثورة 14 تموز 1958 اصبح نائبا لرئيس الجمعية لكنه للاسف تعرض لحادث مروري مؤسف وتوفي سنة 1976 وهو في قمة عطاءه وهكذا اسدل الستار عن هذا القاضي والاديب والشاعر وقد رثاه الشاعر الكبير الاستاذ هلال ناجي رئيس جمعية الكتاب والمؤلفين واقيم له حفل تأبيني ببغداد وقيل بحقه الكثير من الكلمات الطيبة والقصائد منها قصيدة (ملحمة الوفاء ) لهلال ناجي تتكون من (200) بيتا .
في موسوعته ( موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين ) وقف استاذنا الاستاذ الدكتور عمر الطالب عن الشاعر والقاضي حازم سعيد فقال ان والده توفي سنة 1945 مما إضطره الى استئجار مخبز وخاض غمار الحياة العملية لإعالة أسرته .
قرأ الشعر العربي القديم والحديث واعجب بالرصافي والزهاوي والجواهري" .
كما كتب عنه الاستاذ ماجد حامد الحسيني في موسوعة ( شعراء الموصل في العصر الحديث) .
ترك الشاعر حازم سعيد احمد ارثا شعريا متمثلا بما نشره ومن ذلك :
1- ديوان (صوت من الحياة) 1968 ويضم ثلاثاً وثلاثين قصيدة وثماني مقطوعات.
2- قصيدة ( جحيم الثورة ) طبعت في كراس (أربعة شعراء وشاعرة) سنة 1970.
3- قصائد هجاء للسياب طبعت في كتاب (أضواء على شعر وحياة بدر شاكر السياب) لمحمود العبطة.
4-مقالة (ساق على الدانوب) طبعت في كتاب (شاعر اللمحات المضيئة) سنة1961. ومقالة (حول مرفأ الذكريات) نشرت في كتاب (مقالات في النقد الأدبي) سنة 1971..
يتسم شعر حازم سعيد بأنه شعر عمودي ناصب الشعر الحر العداء واهم ما يميز شعره: ( التأمل) فهو يتساءل عن الوجود قلقاً محتاراً أمضه سر الحياة حيث يقول:
أتينا الحياة فلا غاية تريح ولا مأمل ينتظر
ويقول من قصيدة بعنوان : ( شاعر يحتضر)
وعشرين من نقم الحادثات
تناهى الشقاء بها والضرر
حملت بها مثخنات الجروح
وطوفت في الأرض نضو السهر
طعين الجوانح لا إستقر
أسير الحياة صريح الفكر
واجه الشاعر حازم سعيد تحديات الحياة وخاض غمارها وقد انعكس كل ذلك في شعره الذي طغت عليه مسحة فلسفية حزينة .
تودعني امنيات الحياة
وترعش في مقلتي الحفر
كأني طفل يقيء السنين
ويلفظ من شفتيه العمر
وذا جسدي جرحته المنون
وفي كل جرح هوى يحتضر
يضيق بي الحاضر المستحب
وتمتد نحوي أيدي العصر
الشاعر والقاضي الاستاذ حازم سعيد احمد كان شاعرا وطنيا عروبيا قوميا له مواقف مشرفة تجاه قضايا بلده العراق وامته العربية وخاصة في عهد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 وكان في كل قصائده التي قالها في تلك الحقبة يعبر عن آراءه ومنطلقاته الوطنية والقومية ودعوته الى العدالة والحياة الكريمة . ومن الطريف ان الاستاذ ذو النون الشهاب وهو يعرفه معرفة يقينية يقول ان حازم سعيد احمد كانت له افكار ورؤى فلسفية يعبر فيها عن موقفه من الحياة والكون والمجتمع وله قصيدة جميلة بعنوان ( الليل) اهداها الى الفيلسوف الوجودي العربي المصري الدكتور عبد الرحمن بدوي الذي سبق ان التقاه . وفي قصيدته ( شاعر يحتضر ) اهداها للشاعر العراقي معروف الرصافي ضمنها اراءَ حزينة .
كانت له قصائد عن قضية العرب المركزية قضية فلسطين وله قصائد وجدانية وقصائد عن الشهداء فمن قصيدته (من وحي فلسطين ) يقول :
تطربي تطربي
ياخير بنت لاب
دوري على التار
يخ فيه دوران اللولب
واكشفي عن وجه مروا
ن وظل مصعب
وفي قصيدة وجدانية يقول :
ان كنت اوسعت جراح الهوى
يا ثغرة سبحان من لملمك
او شاءت الفتنة ان ابتلى
بالسقمى ياخصر فما اسقمك
وبالذي اجرى برود اللمى
ياماء ذاك الخد من اضؤمك
يافجر يا مرضع وجناته
من اشغل الورد بها فإتهمك
ويصف شهيدا من اصدقاءه فيقول :
بدم الشهيدة والشهيد
أنر الطريق الى الخلودِ
وإمسك بناصية الذرى
شرفا لعهدك في العهود
يا رائد الجيش العظيم
عظمت بالفتح المجيد
خل السماء على الطغاة
تصب سيلا من حديد
اريد ان اقول ان المرحوم الاستاذ حازم سعيد احمد الحمداني 1924-1976 كان موضوعا لرسالة ماجستير قدممها الدكتور محمد صالح رشيد  ال حافظ  الى مجلس كلية الاداب – جامعة الموصل بإشراف المرحوم الاستاذ الدكتور سالم الحمداني واصدرها مركز دراسات الموصل ضمن سلسلة (اعلام الموصل ) في كتاب حمل عنوان ( القانوني والاديب حازم سعيد احمد الحمداني 1924- 1976 ) حياته وادبه) 
رحم الله الشاعر والقاضي والاديب الاستاذ حازم سعيد احمد وجزاه خيرا على ماقدم .







هناك تعليق واحد:

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...