في منزله بمحلة الغزلاني بالموصل حزيران 1960 حيث يستقبل الضيوف من وجهاء الموصل
في معمله معمل النسيج بحلب سنة 1980
على سطح الجامع الازهر الشريف من اليسار الشيخ محمد محمود الصواف ثم عبد الرحمن السيد محمود سنة 1946
في مصيف بحمدون سنة 1956 مع الدكتور عبد الجبار الجومرد
مع الاستاذ خليل ابراهيم الزوبعي وزير الصناعة سنة 1968 يفتتح معمل الببسي كولا الجديد
مع اسرته واولاده 1961
زيارة الرئيس العراقي عبد السلام محمد عارف لمعمل الكوكا كولا في الموصل برفقة السيد عبد الرحمن السيد محمود سنة 1964
لدى افتتاح جامع البقظة في الموصل الجديدة والرئيس العراقي الاسبق عبد السلام محمد عارف ويظهر في الصورة فتاح اللاوند والشيخ بشير الصقال واالعميد الركن سعيد قطان وعبد الرحمن السيد محمود واخيه عبد القادر السيد محمود
عبد الرحمن السيد محمود بلباس الشرطة 1936
معمل كوكوكولا القديم
في مطار البصرة الدولي 1961
في الكويت سنة 1986 مع عبد الغني الصلح وابو جورج
عبد الرحمن السيد محمود 1917-2003 الوطني الاقتصادي والسياسي الكبير
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وأنا اكتب عن الوطنيين الاقتصاديين العراقيين ، بصورة عامة ، والوطنيين الاقتصاديين الموصليين بصورة خاصة ، حاولت ُان اؤكد مقولة مهمة وهي ان نضال هؤلاء من اجل استقلال العراق ، وتقويته ورفعته عبر ال ( 100 سنة ) الماضية لم يكن يقل عن نضال السياسيين الذين انتموا للاحزاب والجمعيات السياسية العراقية التي رفعت اهدافا عديدة ابرزها تحقيق استقلال العراق الناجز ، وبناءه اقتصاديا ، وعسكريا ، واداريا ، واجتماعيا ، وثقافيا .
وكان السيد عبد الرحمن السيد محمود ، في مقدمة السياسيين والاقتصاديين الموصليين الذين كانت هم أياد ٍ بيضاء في تاريخ الموصل الحديث والمعاصر ؛ فالاستاذ عبد الرحمن السيد محمود ترك بصمات واضحة في جدار تاريخ العراق الحديث وتاريخ الموصل الحديث .
والسيد عبد الرحمن السيد محمود ، كما كان يحب ان ُيسمى ويسميه الموصليون (عبد الرحمن ABC ) نسبة الى المخزن التجاري الذي كان يمتلكه في شارع نينوى ، من مواليد محلة خزرج في مدينة الموصل في 19 جمادي الاخرة سنة 1336 هجرية الموافق لشهر مايس –ايار سنة 1915 . ومحلة خزرج من محلات الموصل العريقة ، سكنتها قبيلة خزرج منذ ايام ما قبل الاسلام ، وما بعد فتح الموصل في 16 هجرية -637 ميلادية .
كانت اسرة السيد عبد الرحمن السيد محمود ، من الاسر الدينية المعروفة ؛ فلقد كان جدها السيد عمر من الاولياء والصالحين . وكانت له كرامات يعرفها أهل الموصل ، فضلا عن دور هذه الاسرة ابان فترة المماليك في بغداد خلال القرن التاسع عشر حيث نال جدها الاكبر تكريم والي بغداد داؤود باشا 2 محرم 1232 الى 5 محرم 1247 هجرية (1817- 1832 ميلادية ) .
ويعود السيد عمر الى آل البيت ، والى زين العابدين السجاد علي بن الحسين بالذات والى الشيخ حديد في حديثة (محافظة الانبار ) .
دخل السيد عبد الرحمن السيد محمود ، مدرسة باب البيض الابتدائية بالموصل سنة 1921- 1927 ، ثم المدرسة الخزرجية ، وتخرج فيها 1930 ثم الاعدادية المركزية سنة 1931 – 1932 . التحق بسلك الشرطة العراقية وتخرج سنة 1934 بدرجة مفوض ، وعين في جوازات الموصل سنة 1935 ، وفي سنة 1936 كان في حرس حدود مخفر الشرطة بمنطقة تل عكلة. وفي سنة 1939 استقال من سلك الشرطة ، واتجه نحو العمل التجاري ، وخاصة في تجارة السلع والبضائع مع حلب . تزوج في سنة 1941 من أبنة عمه ، و له من الاولاد عشرة ، ستة صبيان واربعة بنات .
افتتح محلا تجاريا في شارع نينوى - السرجخانة ، عُرف ب ( ABC) وسبب تسميته هكذا انه كان وكيلا للشركة الشرقية الافريقية ، وكان محله التجاري هذا قد نال شهرة كبيرة حتى ان القاصي والداني بات يقصده . وكان من المحال الشهيرة في مدينة الموصل، لما يحويه من البضائع والسلع والمنسوجات والملابس المستوردة وكان من اسباب نجاحه انه كان على صلة تجارية بالعديد من الوكالات التجارية العالمية ومنها مثلا شركة أوميغا للساعات ، والشركة الافريقية ، ووكالات عالمية في بريطانيا والهند والصين .
دخل السيد عبد الرحمن السيد محمود عالم الصناعة، شأنه شأن الوطنيين الاقتصاديين الموصلييين، امثال مصطفى الصابونجي ، ومحمد نجيب الجادر ، وهاشم الحاج يونس . ولعل من ابرز ما قام به مساهمته الكبيرة في (شركة صناعات الشمال للمشروبات الغازية) ، والتي كان لها معمل كبير في الموصل هو ( معمل الكوكاكولا ) الكائن في موقعه القديم في محلة الشفاء ، والذي اصبح بعد تأميمه سنة 1964 معمل السجاد اليدوي .
أما الموقع الجديد لمعمل الكوكاكولا فكان في موقعه المشرف على شارع الجسر الثالث والذي صودر من قبل الحكومة ايضا سنة 1968 ، وأصبح ( معمل البيبسي للمشروبات الغازية ) .
كما كانت له اسهاماته في رؤوس اموال شركات اخرى منها على سبيل المثال ( معمل طحن الحبوب ) ، و( معمل كاشي الرافدين ) ، و( معمل القير) ، و ( معمل اخشاب الشمال ) و(معمل طحن حبوب الشمال ) ، والتي خضعت كلها فيما بعد للتأميم من قبل الحكومة بين سنتي 1964 و1968 .
كتب عنه الاستاذ عماد غانم الربيعي في كتاب ( بيوتات موصلية ) كما كتب عنه الاستاذ مثري العاني في كتابه ( المستدرك على موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين ) وصدر في الموصل سنة 2012 وقال ان عبد الرحمن السيد محمود ، اشترك في تنظيمات سرية موصلية مناوئة للمحتلين الانكليز بعد فشل حركة مايس 1941 . ويقال ان هذه التنظيمات فجرت معسكرا للانكليز في منطقة الموصل الجديدة .كما انه اسهم في وثبة كانون الثاني سنة 1948 ضد معاهدة بور تسموث الجائرة مع بريطانيا وكان قد اشترك في كثير من تظاهراتها مع حازم المفتي ، وقاسم المفتي ، وحازم الصابونجي وسامي باشعالم ، وعبد القادر العبيدي وكان بيته مكانا للتجمع والاتفاق على إشعال التظاهرات بالتعاون مع رؤساء الاصناف المهنية في الموصل وقد قاموا بذلك بالرغم من عنت السلطات وملاحقتهم .
وكان لعبد الرحمن السيد محمود ، دور كبير في دعم نواب المعارضة ماليا ومعنويا ، في انتخابات سنة 1954 . وكان سببا في فوزهم وهم الدكتور عبد الجبار الحومرد ، ومحمد صديق شنشل ، وذو النون ايوب ومحمد حديد . وقد تم اعتقاله مع الشيخ محمد محمود الصواف والسيد حسن مرعي وابراهيم الحامد وعبد الرحمن الزرقي والشيخ بشير الصقال .ومما يلحظ انه كان هناك في الموصل تعاون تام ووثيق بين الشخصيات الدينية والقومية واليسارية وكان ذلك واحدا مما يسم الحياة السياسية في الموصل والذي لايزال قائما حتى يومنا هذا .
كان السيد عبد الرحمن السيد محمود ، منتميا الى ( جماعة الاخوان المسلمين ) بل كان احد مؤسسيها ، وقادتها مع الشيخ محمد محمود الصواف ، والاستاذ غانم سعد الله حمودات . وكانت له نشاطات كبيرة خلال الخمسينات والستينات .
كتب الاستاذ عبد الرحمن السيد محمود في اوراقه الخاصة التي تحترز عليها ابنته الدكتورة يسرى ، عن نشأة حركة الاخوان المسلمين ، وكيف انها وصلت من مصر الى بغداد ومن ثم الموصل وقال :" ان حركة الاخوان المسلمين بدأت في مصر وتوسعت لتشمل سوريا ، ولبنان ، وفلسطين والاردن والعراق . وبالنسبة الى الموصل ، فقد كانت الموصل مهيئة تماما لقبول الدعوة بسبب أجواء الموصل الدينية التوحيدية التي كان يقودها عدد من علماء الدين المسلمين أمثال الشيخ عبد الله النعمة والشيخ عبد الله الحسو ، وقدر للموصل ان يزورها الدكتور حسين كمال الدين ، وهو استاذ مصري كان يعمل في كلية الهندسة –جامعة بغداد ، ومعه الاستاذ محمد عبد الحميد ، وقد نزلا ضيفين كريمين عند السيد عبد الرحمن السيد محمود ، وقاما بالقاء المحاضرات العديدة لتبليغ الدعوة ، وكانا موضع حفاوة في الموصل، وكانت زيارتهما خير مشجع للكثيرين من ابناء الموصل .. وهكذا انضم الكثير من الشباب الموصلي للحركة . ولما قرر المركز العام للاخوان، اصدار جريدة يومية ، وشراء مطبعة سارع إخوان كرام ، بشراء أسهم للتشجيع وكان السيد عبد الرحمن السيد محمود ، والسيد عبد الله الحاج سعيد في مقدمة من دعمهما .
وقد ذهب السيد عبد الرحمن السيد محمود ، الى بيت الله الحرام للحج سنة 1946 ، وهناك التقى الشيخ محمد محمود الصواف ، وبعد لقائهما بالشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة في مصر ، والقسم على يمين الاخلاص للدعوة ، عادا الى الموصل وخطب الشيخ محمد محمود الصواف في الجامع النوري الكبير ، وبعد أشهر من المحاولات على تأسيس الجمعية ، قرر الشيخ الصواف التوجه الى بغداد والعمل فيها ، وهناك حصل على موافقة وزارة الداخلية وفتحت الجمعية في بغداد وكانت تسمى (جمعية الاخوة الاسلامية ) واصبح لها فروعا في مدن العراق ومنها في الموصل " .
اعتقل السيد عبد الرحمن السيد محمود، مع عدد من اعضاء مجلس ادارة معمل الكوكا كولا ، بعد انقلاب 17 تموز 1968 ، وُسفِرَ الى بغداد ظهر يوم الثلاثاء 27 / 8 / 1968 ، ووضع في دائرة الامن العامة ، وبعد التحقيق أُودع في سجن رقم (1 ) العسكري ، وكان السجن انفرادي . وفي يوم 19 / 10 / 1968 ، اطلق سراحه بكفالة قدرها عشرة آلاف دينار ، مع الاقامة الجبرية في بغداد ، وعدم الخروج من البيت .
وفي 7 / 12/ 1968 ، ُرفعت الاقامة من البيت على ان لايخرج من حدود بلدية بغداد. وفي نهاية سنة 1969 صدر قرار براءته من التهم الموجهه له . وفي 5 / 2/ 1970 صدر أمر الغاء أمر المنع من السفر من قبل مديرية الجنسية العامة - مديرية السفر ذي الرقم 1029 ، وقد سافر بعدها الى بيروت - لبنان ، حيث مكث فيها قرابة السنة ، ثم سافر الى ابوظبي - الامارات العربية المتحدة حيث استلم عمله الجديد مديرا ل ( مصنع شركة ابوظبي للمياه الغازية - بيبسي كولا ) .
كان رحمه الله قبلة العراقيين هناك ، و قد تمتع بعلاقة جيدة مع اعضاء السفارة العراقية في ابوظبي ولطالما إستلم بطاقات دعوات لحضور الاحتفالات الرسمية في السفارة . وكان بيته ، ملتقى لشخصيات عراقية مهمة لها مكانتها المرموقة في الحكومة الاماراتية نذكر منهم الدكتور عدنان الباجه جي، وشكري صالح زكي، وجواد الجلبي وأخيه حازم الجلبي، وعلوان كرم ، وفالح الحنظل ، وطارق متولي وغيرهم.
غادر الامارات منتصف سنة 1977 ، بسبب اعتلال صحته حيث عانى من الربو القصبي الشديد ، وإستقر في حلب - سوريا ، حيث أسس هناك ( مصنع لنسيج الملابس) .
في سنة 1986 ، صدر قرار العفو العام عن السياسيين ، وعاد السيد عبد الرحمن السيد محمود الى أرض الوطن بعد مخاطبات بين السفارة العراقية في ابوظبي والحكومة العراقية . حطت الطائرة في مطار بغداد الدولي الساعة التاسعة مساءَ من يوم الثلاثاء 15/ 4/ 1986.. حيث ابرق لأمن المطار بوصول شخصية وطنية مهمة ، ويرجى عدم التعرض لها . حيث لاقى كل التسهيلات اللازمة لإكمال الإجراءات .
عاد الى أرض الوطن بعد 17 سنة ، من الغربة القسرية ، ومكث 17 عاما اخرى الى ان توفاه الأجل عن عمر ناهز ( 88 ) سنة ، وذلك في 2 / 8 / 2003 على أثر أزمة قلبية .
اقول كان السيد عبد الرحمن السيد محمود من الرجالات الوطنيين الاقتصاديين ، الذين أحبهم أهالي الموصل. وكثيرا ما يتحدثون عن مجهوداته الاقتصادية ، وسعيه من اجل الخير وخدمته للعراق ، وللموصل . ولايمكن لآحد ان ينسى ذلك مع انه تعرض ، بسبب انتماءه لجماعة الاخوان المسلمين ، الى تهم كثيرة ، كان طابعها سياسيا ، لكن مكانته الاقتصادية ، والاجتماعية لم تتزعزع في نفوس الناس وحتى كتابة هذه السطور .
لقد اشرفتُ وناقشتُ العديد من رسائل الماجستير و أُطروحات الدكتوراه في جامعة الموصل عن (ثورة الشواف في الموصل 1959 ) وعن (تاريخ جماعة الاخوان المسلمين والحزب الاسلامي العراقي) و(الدور الاقتصادي للوطنيين الاقتصاديين في العراق والمشرق العربي ) .. وفي كل هذه الرسائل والاطروحات وغيرها ، ورد ذكر وسيرة ونشاطات السيد عبد الرحمن السيد محمود بكل خير ، ونظافة ، ونزاهة ، وجد ، واخلاص وحب للبلد ، وانا ايضا كتبت عن تاريخ جماعة الاخوان المسلمين في العراق وما كتبته متوفر على الشبكة العالمية للمعلومات (الانترنت ) ، وفي كل هذه الكتابات كان ذكره مما يفخر به المرء .
خلال ( حركة الشواف) التي قادها العقيد الركن عبد الوهاب الشواف ، وانطلقت من الموصل في 8 آذار سنة 1959 بقيادة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف آمر موقع الموصل ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 ، وفشلت ، كان السيد عبد الرحمن السيد محمود مشاركا فيها وكان عضوا في ( التجمع القومي – الديني ) الذي ضم ( جماعة القوميين والاخوان المسلمين ) دفاعا عن عروبة الموصل ، وشخصيتها الحضارية ضد محاولات الشيوعيين كسر ارادتها القومية .
لذلك وبعد ان فشلت الثورة ُقدم ، وعدد من قادتها ومؤيديها ومنهم الزعيم الركن ناظم الطبقجلي قائد الفرقة الثانية ، والعقيد رفعت الحاج سلري مدير الاستخبارات العسكرية الى المحكمة العسكرية العليا الخاصة التي عُرفت بمحكمة المهداوي .
كان للسيد عبد الرحمن السيد محمود ، علاقات مع عدد من قادة وزعماء وشخصيات العراق والوطن العربي. ومن هؤلاء علاقته المتينة مع الرئيس العراقي الاسبق المشير الركن عبد السلام محمد عارف 1963-1966 .
رحم الله السيد عبد الرحمن السيد محمود وجزاه خيرا على ماقدم لبلده وامته .
________________________________
* الصور : في لباس الشرطة 1936 ، يلقي دفاعه في محكمة المهداوي وفي قفص الاتهام 1959 وفي بيته بمحلة الغزلاني بالموصل حزيران 1960 حيث يستقبل ضيوفه من وجهاء ومثقفي الموصل وفي مطار البصرة الدولي 1961
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وأنا اكتب عن الوطنيين الاقتصاديين العراقيين ، بصورة عامة ، والوطنيين الاقتصاديين الموصليين بصورة خاصة ، حاولت ُان اؤكد مقولة مهمة وهي ان نضال هؤلاء من اجل استقلال العراق ، وتقويته ورفعته عبر ال ( 100 سنة ) الماضية لم يكن يقل عن نضال السياسيين الذين انتموا للاحزاب والجمعيات السياسية العراقية التي رفعت اهدافا عديدة ابرزها تحقيق استقلال العراق الناجز ، وبناءه اقتصاديا ، وعسكريا ، واداريا ، واجتماعيا ، وثقافيا .
وكان السيد عبد الرحمن السيد محمود ، في مقدمة السياسيين والاقتصاديين الموصليين الذين كانت هم أياد ٍ بيضاء في تاريخ الموصل الحديث والمعاصر ؛ فالاستاذ عبد الرحمن السيد محمود ترك بصمات واضحة في جدار تاريخ العراق الحديث وتاريخ الموصل الحديث .
والسيد عبد الرحمن السيد محمود ، كما كان يحب ان ُيسمى ويسميه الموصليون (عبد الرحمن ABC ) نسبة الى المخزن التجاري الذي كان يمتلكه في شارع نينوى ، من مواليد محلة خزرج في مدينة الموصل في 19 جمادي الاخرة سنة 1336 هجرية الموافق لشهر مايس –ايار سنة 1915 . ومحلة خزرج من محلات الموصل العريقة ، سكنتها قبيلة خزرج منذ ايام ما قبل الاسلام ، وما بعد فتح الموصل في 16 هجرية -637 ميلادية .
كانت اسرة السيد عبد الرحمن السيد محمود ، من الاسر الدينية المعروفة ؛ فلقد كان جدها السيد عمر من الاولياء والصالحين . وكانت له كرامات يعرفها أهل الموصل ، فضلا عن دور هذه الاسرة ابان فترة المماليك في بغداد خلال القرن التاسع عشر حيث نال جدها الاكبر تكريم والي بغداد داؤود باشا 2 محرم 1232 الى 5 محرم 1247 هجرية (1817- 1832 ميلادية ) .
ويعود السيد عمر الى آل البيت ، والى زين العابدين السجاد علي بن الحسين بالذات والى الشيخ حديد في حديثة (محافظة الانبار ) .
دخل السيد عبد الرحمن السيد محمود ، مدرسة باب البيض الابتدائية بالموصل سنة 1921- 1927 ، ثم المدرسة الخزرجية ، وتخرج فيها 1930 ثم الاعدادية المركزية سنة 1931 – 1932 . التحق بسلك الشرطة العراقية وتخرج سنة 1934 بدرجة مفوض ، وعين في جوازات الموصل سنة 1935 ، وفي سنة 1936 كان في حرس حدود مخفر الشرطة بمنطقة تل عكلة. وفي سنة 1939 استقال من سلك الشرطة ، واتجه نحو العمل التجاري ، وخاصة في تجارة السلع والبضائع مع حلب . تزوج في سنة 1941 من أبنة عمه ، و له من الاولاد عشرة ، ستة صبيان واربعة بنات .
افتتح محلا تجاريا في شارع نينوى - السرجخانة ، عُرف ب ( ABC) وسبب تسميته هكذا انه كان وكيلا للشركة الشرقية الافريقية ، وكان محله التجاري هذا قد نال شهرة كبيرة حتى ان القاصي والداني بات يقصده . وكان من المحال الشهيرة في مدينة الموصل، لما يحويه من البضائع والسلع والمنسوجات والملابس المستوردة وكان من اسباب نجاحه انه كان على صلة تجارية بالعديد من الوكالات التجارية العالمية ومنها مثلا شركة أوميغا للساعات ، والشركة الافريقية ، ووكالات عالمية في بريطانيا والهند والصين .
دخل السيد عبد الرحمن السيد محمود عالم الصناعة، شأنه شأن الوطنيين الاقتصاديين الموصلييين، امثال مصطفى الصابونجي ، ومحمد نجيب الجادر ، وهاشم الحاج يونس . ولعل من ابرز ما قام به مساهمته الكبيرة في (شركة صناعات الشمال للمشروبات الغازية) ، والتي كان لها معمل كبير في الموصل هو ( معمل الكوكاكولا ) الكائن في موقعه القديم في محلة الشفاء ، والذي اصبح بعد تأميمه سنة 1964 معمل السجاد اليدوي .
أما الموقع الجديد لمعمل الكوكاكولا فكان في موقعه المشرف على شارع الجسر الثالث والذي صودر من قبل الحكومة ايضا سنة 1968 ، وأصبح ( معمل البيبسي للمشروبات الغازية ) .
كما كانت له اسهاماته في رؤوس اموال شركات اخرى منها على سبيل المثال ( معمل طحن الحبوب ) ، و( معمل كاشي الرافدين ) ، و( معمل القير) ، و ( معمل اخشاب الشمال ) و(معمل طحن حبوب الشمال ) ، والتي خضعت كلها فيما بعد للتأميم من قبل الحكومة بين سنتي 1964 و1968 .
كتب عنه الاستاذ عماد غانم الربيعي في كتاب ( بيوتات موصلية ) كما كتب عنه الاستاذ مثري العاني في كتابه ( المستدرك على موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين ) وصدر في الموصل سنة 2012 وقال ان عبد الرحمن السيد محمود ، اشترك في تنظيمات سرية موصلية مناوئة للمحتلين الانكليز بعد فشل حركة مايس 1941 . ويقال ان هذه التنظيمات فجرت معسكرا للانكليز في منطقة الموصل الجديدة .كما انه اسهم في وثبة كانون الثاني سنة 1948 ضد معاهدة بور تسموث الجائرة مع بريطانيا وكان قد اشترك في كثير من تظاهراتها مع حازم المفتي ، وقاسم المفتي ، وحازم الصابونجي وسامي باشعالم ، وعبد القادر العبيدي وكان بيته مكانا للتجمع والاتفاق على إشعال التظاهرات بالتعاون مع رؤساء الاصناف المهنية في الموصل وقد قاموا بذلك بالرغم من عنت السلطات وملاحقتهم .
وكان لعبد الرحمن السيد محمود ، دور كبير في دعم نواب المعارضة ماليا ومعنويا ، في انتخابات سنة 1954 . وكان سببا في فوزهم وهم الدكتور عبد الجبار الحومرد ، ومحمد صديق شنشل ، وذو النون ايوب ومحمد حديد . وقد تم اعتقاله مع الشيخ محمد محمود الصواف والسيد حسن مرعي وابراهيم الحامد وعبد الرحمن الزرقي والشيخ بشير الصقال .ومما يلحظ انه كان هناك في الموصل تعاون تام ووثيق بين الشخصيات الدينية والقومية واليسارية وكان ذلك واحدا مما يسم الحياة السياسية في الموصل والذي لايزال قائما حتى يومنا هذا .
كان السيد عبد الرحمن السيد محمود ، منتميا الى ( جماعة الاخوان المسلمين ) بل كان احد مؤسسيها ، وقادتها مع الشيخ محمد محمود الصواف ، والاستاذ غانم سعد الله حمودات . وكانت له نشاطات كبيرة خلال الخمسينات والستينات .
كتب الاستاذ عبد الرحمن السيد محمود في اوراقه الخاصة التي تحترز عليها ابنته الدكتورة يسرى ، عن نشأة حركة الاخوان المسلمين ، وكيف انها وصلت من مصر الى بغداد ومن ثم الموصل وقال :" ان حركة الاخوان المسلمين بدأت في مصر وتوسعت لتشمل سوريا ، ولبنان ، وفلسطين والاردن والعراق . وبالنسبة الى الموصل ، فقد كانت الموصل مهيئة تماما لقبول الدعوة بسبب أجواء الموصل الدينية التوحيدية التي كان يقودها عدد من علماء الدين المسلمين أمثال الشيخ عبد الله النعمة والشيخ عبد الله الحسو ، وقدر للموصل ان يزورها الدكتور حسين كمال الدين ، وهو استاذ مصري كان يعمل في كلية الهندسة –جامعة بغداد ، ومعه الاستاذ محمد عبد الحميد ، وقد نزلا ضيفين كريمين عند السيد عبد الرحمن السيد محمود ، وقاما بالقاء المحاضرات العديدة لتبليغ الدعوة ، وكانا موضع حفاوة في الموصل، وكانت زيارتهما خير مشجع للكثيرين من ابناء الموصل .. وهكذا انضم الكثير من الشباب الموصلي للحركة . ولما قرر المركز العام للاخوان، اصدار جريدة يومية ، وشراء مطبعة سارع إخوان كرام ، بشراء أسهم للتشجيع وكان السيد عبد الرحمن السيد محمود ، والسيد عبد الله الحاج سعيد في مقدمة من دعمهما .
وقد ذهب السيد عبد الرحمن السيد محمود ، الى بيت الله الحرام للحج سنة 1946 ، وهناك التقى الشيخ محمد محمود الصواف ، وبعد لقائهما بالشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة في مصر ، والقسم على يمين الاخلاص للدعوة ، عادا الى الموصل وخطب الشيخ محمد محمود الصواف في الجامع النوري الكبير ، وبعد أشهر من المحاولات على تأسيس الجمعية ، قرر الشيخ الصواف التوجه الى بغداد والعمل فيها ، وهناك حصل على موافقة وزارة الداخلية وفتحت الجمعية في بغداد وكانت تسمى (جمعية الاخوة الاسلامية ) واصبح لها فروعا في مدن العراق ومنها في الموصل " .
اعتقل السيد عبد الرحمن السيد محمود، مع عدد من اعضاء مجلس ادارة معمل الكوكا كولا ، بعد انقلاب 17 تموز 1968 ، وُسفِرَ الى بغداد ظهر يوم الثلاثاء 27 / 8 / 1968 ، ووضع في دائرة الامن العامة ، وبعد التحقيق أُودع في سجن رقم (1 ) العسكري ، وكان السجن انفرادي . وفي يوم 19 / 10 / 1968 ، اطلق سراحه بكفالة قدرها عشرة آلاف دينار ، مع الاقامة الجبرية في بغداد ، وعدم الخروج من البيت .
وفي 7 / 12/ 1968 ، ُرفعت الاقامة من البيت على ان لايخرج من حدود بلدية بغداد. وفي نهاية سنة 1969 صدر قرار براءته من التهم الموجهه له . وفي 5 / 2/ 1970 صدر أمر الغاء أمر المنع من السفر من قبل مديرية الجنسية العامة - مديرية السفر ذي الرقم 1029 ، وقد سافر بعدها الى بيروت - لبنان ، حيث مكث فيها قرابة السنة ، ثم سافر الى ابوظبي - الامارات العربية المتحدة حيث استلم عمله الجديد مديرا ل ( مصنع شركة ابوظبي للمياه الغازية - بيبسي كولا ) .
كان رحمه الله قبلة العراقيين هناك ، و قد تمتع بعلاقة جيدة مع اعضاء السفارة العراقية في ابوظبي ولطالما إستلم بطاقات دعوات لحضور الاحتفالات الرسمية في السفارة . وكان بيته ، ملتقى لشخصيات عراقية مهمة لها مكانتها المرموقة في الحكومة الاماراتية نذكر منهم الدكتور عدنان الباجه جي، وشكري صالح زكي، وجواد الجلبي وأخيه حازم الجلبي، وعلوان كرم ، وفالح الحنظل ، وطارق متولي وغيرهم.
غادر الامارات منتصف سنة 1977 ، بسبب اعتلال صحته حيث عانى من الربو القصبي الشديد ، وإستقر في حلب - سوريا ، حيث أسس هناك ( مصنع لنسيج الملابس) .
في سنة 1986 ، صدر قرار العفو العام عن السياسيين ، وعاد السيد عبد الرحمن السيد محمود الى أرض الوطن بعد مخاطبات بين السفارة العراقية في ابوظبي والحكومة العراقية . حطت الطائرة في مطار بغداد الدولي الساعة التاسعة مساءَ من يوم الثلاثاء 15/ 4/ 1986.. حيث ابرق لأمن المطار بوصول شخصية وطنية مهمة ، ويرجى عدم التعرض لها . حيث لاقى كل التسهيلات اللازمة لإكمال الإجراءات .
عاد الى أرض الوطن بعد 17 سنة ، من الغربة القسرية ، ومكث 17 عاما اخرى الى ان توفاه الأجل عن عمر ناهز ( 88 ) سنة ، وذلك في 2 / 8 / 2003 على أثر أزمة قلبية .
اقول كان السيد عبد الرحمن السيد محمود من الرجالات الوطنيين الاقتصاديين ، الذين أحبهم أهالي الموصل. وكثيرا ما يتحدثون عن مجهوداته الاقتصادية ، وسعيه من اجل الخير وخدمته للعراق ، وللموصل . ولايمكن لآحد ان ينسى ذلك مع انه تعرض ، بسبب انتماءه لجماعة الاخوان المسلمين ، الى تهم كثيرة ، كان طابعها سياسيا ، لكن مكانته الاقتصادية ، والاجتماعية لم تتزعزع في نفوس الناس وحتى كتابة هذه السطور .
لقد اشرفتُ وناقشتُ العديد من رسائل الماجستير و أُطروحات الدكتوراه في جامعة الموصل عن (ثورة الشواف في الموصل 1959 ) وعن (تاريخ جماعة الاخوان المسلمين والحزب الاسلامي العراقي) و(الدور الاقتصادي للوطنيين الاقتصاديين في العراق والمشرق العربي ) .. وفي كل هذه الرسائل والاطروحات وغيرها ، ورد ذكر وسيرة ونشاطات السيد عبد الرحمن السيد محمود بكل خير ، ونظافة ، ونزاهة ، وجد ، واخلاص وحب للبلد ، وانا ايضا كتبت عن تاريخ جماعة الاخوان المسلمين في العراق وما كتبته متوفر على الشبكة العالمية للمعلومات (الانترنت ) ، وفي كل هذه الكتابات كان ذكره مما يفخر به المرء .
خلال ( حركة الشواف) التي قادها العقيد الركن عبد الوهاب الشواف ، وانطلقت من الموصل في 8 آذار سنة 1959 بقيادة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف آمر موقع الموصل ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 ، وفشلت ، كان السيد عبد الرحمن السيد محمود مشاركا فيها وكان عضوا في ( التجمع القومي – الديني ) الذي ضم ( جماعة القوميين والاخوان المسلمين ) دفاعا عن عروبة الموصل ، وشخصيتها الحضارية ضد محاولات الشيوعيين كسر ارادتها القومية .
لذلك وبعد ان فشلت الثورة ُقدم ، وعدد من قادتها ومؤيديها ومنهم الزعيم الركن ناظم الطبقجلي قائد الفرقة الثانية ، والعقيد رفعت الحاج سلري مدير الاستخبارات العسكرية الى المحكمة العسكرية العليا الخاصة التي عُرفت بمحكمة المهداوي .
كان للسيد عبد الرحمن السيد محمود ، علاقات مع عدد من قادة وزعماء وشخصيات العراق والوطن العربي. ومن هؤلاء علاقته المتينة مع الرئيس العراقي الاسبق المشير الركن عبد السلام محمد عارف 1963-1966 .
رحم الله السيد عبد الرحمن السيد محمود وجزاه خيرا على ماقدم لبلده وامته .
________________________________
* الصور : في لباس الشرطة 1936 ، يلقي دفاعه في محكمة المهداوي وفي قفص الاتهام 1959 وفي بيته بمحلة الغزلاني بالموصل حزيران 1960 حيث يستقبل ضيوفه من وجهاء ومثقفي الموصل وفي مطار البصرة الدولي 1961
التقرير كله كذب في كذب
ردحذف