وللحمير تاريخ وحزب
ا.د.ابراهيم خليل العلافاستاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
واساتذة التاريخ الجديد في العالم يقولون اليوم ان لكل شيء تاريخ ؛ فلماذا لايكون للحمار تاريخ ؟ نعم للحمير تاريخ والعراقيون القدماء ومنهم الاشوريين قبل الاف السنين ، عرفوا الحمير قبل الخيول ، واستخدموا الحمير في تنقلاتهم وفي نقل احتياجاتهم واستمر الامر الى ايامنا هذه .
من منا يستغني عن الحمير ، وها هم اليوم وعند كتابة هذه السطور يجرون العربات ومنها عربات النفط الابيض (الكاز ) وعربات نقل القمامة وغير ذلك من العربات .
والحمير تستخدم في الريف كما تستخدم في المدينة .قبل 100 سنة كان الناس يشترون الحنطة من سوق العلوة في باب الطوب وتنقل الى بيوتهم من خلال الحمير .
وثمة انواع من الحمير ؛ فهناك الحمار الحساوي اي اصله من الاحساء والحمار العراقي والحمار القبرصي والحمار الزبيدي وغير ذلك من انواع الحمير .
وقد ورد اسم الحمار في القرآن الكريم عدة مرات منها مثلا الاية الكريمة : بسم الله الرحمن الرحيم :" وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" سورة النحل الاية 8 وبسم الله الرحمن الرحيم "• وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" سورة (لقمان الاية 19 وبسم الله الرحمن الرحيم :" وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ" سورة البقرة الاية 259 .
وللحمار فوائد كثيرة ؛ فقد كان ( السقا ) ينقل الماء الى البيوت من خلال الحمار ، كذلك بائع الخضراوات .. ويستخدم الحمار كوسيلة للتنقل وفي النواعير وفي نقل القمامة من البيوت الى المزابل وحمل الاثاث وفي الصورة صار الحمار الذي يجر العربة وسيلة لنقل تلاميذ المدارس من بيوتهم الى المدرسة وبالعكس ، وغالبا ما يستخدم صاحب الحمار حماره لتسلية الاطفال في الاعياد وبثمن مجز .
وللحمير صفات منها الصبر ، و القدرة على التحمل ، والصمود حتى صار يضرب المثل بمن يتحمل الصعاب بالحمار وسمي آخر خليفة اموي بإسم (مروان الحمار ) .
والحمار مصدر رزق لمن يملكه ، وقد ارتفع سعر الحمار في السنوات الاخيرة وبلغ سعره قرابة 500 الف دينار وللاسف اقدم بعض القصابين على ذبح الحمار وبيع لحمه للناس في بعض المدن ، وانثى الحمار تسمى الاتان . والحمار يأكل البرسيم والشعير والخبز البائت واليابس .
وكان للحمير سوق خاص تباع فيه واعتقد انه في الموصل كان قريبا من سوق التبن في باب لكش .وكان الانسان عندما يغضب على انسان ينعته بإنه حمار ابن حمار مع ان الحمار مفيد للناس وفي الامثال العراقية (ماتت جحشة القاضي جاء الجميع للتعزية ، وعندما مات القاضي لم يحضر أحد ) .
بالمناسبة الناس في العراق يسمون الحمار (أبو صابر ) .
وفي الثلاثينات اسس الصحفي الموصلي حمادي الناهي صاحب جريدة الكشكول حزبا للحمير سماه ( حزب الحمير ) .وقبل سنوات وبالضبط سنة 2005 اسس رجل من السليمانية اسمه (عمر كولول ) حزبا للحمير وهو الان رئيس الحزب ، واقام للحمار تمثالا في ساحة نالي وسط مدينة السليمانية في نيسان 2012 نفذه الفنان النحات بيره كيره ودام العمل سبعة اشهر وعد عمله النحتي من اهم اعماله والتمثال لحمار يرتدي بدلة وربطة عنق وقال في حفل ازاحة الستار عن التمثال :" ان الحمار يعد من اقدم اصدقاء الانسان " .
وقد حضرت السيدة هيرو ابراهيم احمد زوجة الرئيس العراقي الاسبق المرحوم الاستاذ جلال الطالباني حفل ازاحة الستار عن التمثال .وقال كلول زعيم حزب الحمير ان حزبه صار له انصار في الشارع العراقي واستغرب من انتقادات البعض له ، وقال اليس (الحمار ) في امريكا شعارا لحزب كبير، وهو الحزب الديموقراطي ؟ .
وقال ان السبب في قيامه بتشكيل هذا الحزب هو ان الحمار هو الحيوان الوحيد الذي يعمل ويكد ويكدح ، لكنه محروم من كل الحقوق لا بالعكس يضرب ويهان . ومقر المكتب السياسي للحزب يسمى ( الخان ) والمكاتب الفرعية تسمى (الاسطبل) ودرجات الاعضاء تتراوح بين حمار واتان وجحش ولابد ان يتلقى الشخص الراغب في الانضمام لهذا الحزب من رفسة حمارية . وقال ان الحزب سيفتح اذاعة بإسم ( النهيق ) .
ومما يلحظ انه في اوربا ومنذ منتصف القرن الماضي يوجد ناد بإسم ( نادي الحمير ) يترأسه رجل إسمه فرانسوا بيل وله عدة فروع في مدن اوربية وغير اوربية . واعضاء هذا النادي لهم وزنهم في حياة بلادهم السياسية والاجتماعية . كما سبق ان اسس في مصر سنة 1931 حزب الحمير اسسه الفنان المعروف زكي طليمات .
وفي الادب العربي الكثير من الذكر للحمار ، وما حمار الكاتب المصري الكبير الاستاذ توفيق الحكيم ببعيد عنا ، فكثيرا ما قرأنا عن كتاباته المسبوقة بعبارة : قال لي حماري .ومرة قرأت مقالة للدكتور محمد عوض محمد بعنوان :" فن الهجاء هل هو من الادب أو قلة الادب " في عدد من مجلة ( الهلال ) المصرية صدر سنة 1958 ولااتذكر تاريخ العدد قال فيه :"إنك ان هجوت انسانا فقلت فيه انه حمار ،فإن كلامك هذا لن يعدو ان يكون سبا وشتما ، لااثر فيه لادب او فن ولكن الشاعر الذي قال :
سمعت - وما صدقت - أنك راكب ***** حمارا ،ودنيانا عجائبها شتى
فجئتكما اخرى ،وحدقتُ فيكما ***** فلم أدر - لا والله - ايهما انتا
وهذا تصرف هذا الشاعر في المعنى نفسه تصرفا جديدا مبتكرا ، واستخدم الاسلوب القصصي في تعبيره فإرتقى عن مجرد السب والشتم .
هذه بعض من قصة وتاريخ الحمير تحتاج الى تفاصيل وقد نعود للموضوع الطريف هذا ان شاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق