المجمع الإذاعي والتلفزيوني في الموصل
بقلم : الاستاذ معد الجبوري (رحمه الله )
مدير المجمع الاذاعي والتلفزيوني في الموصل
لـم يكـد يمـضي علـى إدارتـي للمجمـع الإذاعـي والتلفزيـوني فـي
نينـوى، سـوى عـام وبـضعة أشـهر، حتى بدأ العدوان على العراق في الشهر الأول من
عام ١٩٩١ ردا على اجتياح الكويت . ُ وقبـل
عـرض مـا يـدور فـي الـذاكرة عـن أيـام قـصف مبنى المجمـع، لا بـد مـن الإشـارة
إلـى أن ذلـك ُ المجمع الهائل كان يعد صرحا للإعلام والإنتاج لا مثيل له في الشرق
الأوسط، في وقـت لـم تكـن َ وسائل الاتصال وأساليبه كما هي عليه اليوم، فلا فـضائيات
ولا إلكترونيـات ولا إنترنيـت ولا أجهـزة هاتف نقال ولا كاميرات حديثة جدا.. ولا..
ولا.. ولا.
المجمـع يـضم سـتوديوهات
إنتـاج درامـي، كـل منهـا يتـسع لاحتـواء ديكـورات شـوارع وواجهـات كـا أحياء
وأسواق، ومواقع تراثية وتاريخية، وقصور ومجالس خلفاء وعلماء وأدباء، كمـا يتـسع
لنـصب الخيـام واسـتيعاب شـتى الحيوانـات والـسيارات الكبيـرة والـصغيرة، فـضلا
عـن سـتوديو للبـث المباشـر وســتوديو للمونتــاج والعــرض الــسينمائي وآخــر
كبيــر للموســيقى وتــسجيل الأغــاني وســتوديوهات إذاعية عديدة، تضاف إليها
قاعات خـزن الأشـرطة وتـصنيفها، والاكسـسوارات والمكيـاج وتحمـيض الأفــلام
ومكتبــة للكتــب والــصحف اليوميــة وقاعــة للاجتماعــات وغرفــة للبدالــة
ومخــازن وحمامــات وصـالة اسـتراحة وكافيتريـا وغـرف للمبيـت، ولكـل قــسم مـن
أقـسامه العديـدة غرفـة لرئيـسه وغـرف للموظفين
وغرف لمنتسبيه الوقت وملجلأ للطوارئ .
لقــد أنجــزت هــذا الــصرح الفريــد شــركات أجنبيــة متخصــصة،
بدقــة عاليــة متناهيــة وبــأرقى المــواد ْ وجهزته بعشرات الأجهزة مما يطول
الدخول في تفاصيلها، فيما تم تزويده بأثاث فـاخر جـدا، ومنـذ َ ْ ُ تأسيـسه أواخـر
سـبعينات القـرن الماضـي أنتجـت فيـه شـركات الـدراما العربيـة والعراقيـة العديـد
مـن المسلسلات التلفزيونية والإذاعية وتمثيليات السهرة ، وكانت تلك الشركات تفضل
الإنتاج فيه على سـواه لقلـة التكـاليف وللمواصـفات الفنيـة العاليـة التـي
ذكرناهـا، ولأنـه يقـع فـي مدينـة الموصـل التـي أطلقوا عليها (هوليود العراق)
لتنوع مظـاهر الطبيعـة والعمـارة والأطيـاف البـشرية فيهـا، خاصـة فـي أطــراف
المدينــة التــي تتــيح لهــم التــصوير الخــارجي لأي مــشهد مــن أعمــالهم،
فــضلا عــن جمــال وروعة أماكن الإقامة فيها سواء قي بيوت الغابات أو الشلالات .
نعود، كما يقول الجاحظ، إلى ذكر العـصا (والعـصا هنـا هـي المجمـع
تحـت القـصف) فنقـول: قبـل ُ َ ْت أن يقصف المجمع كان هو البديل مع مجمـع كركـوك
إذا مـا قـصف دائـرة الإذاعـة والتلفزيـون فـي ٢ بغداد، لذا فقد تناوب على الدوام
فيه عدد من المـذيعات والمـذيعين المعـروفين فـي البـث المركـزي . وحين اشتد التهديد جرى تبليغنا بالمبيت فيه ومواصلة بثنا الكردي
والتركماني والسرياني، فقد كان ذلك البث تلك الأيام من الموصل، وليس من كركوك كما
يظن البعض
.
عند بدء الهجوم جوا
على العراق وتواصل تدمير عشرات المواقع فيه، لـم تنقطـع صـلتنا بمراجعنـا فـي
بغـداد خاصـة عبـر الرسـائل المتبادلـة بينـي وبـين الـصديق الـشاعر سـامي مهـدي
المـدير العـام لدائرة الإذاعة والتلفزيون آنذاك، رغم ذلـك فقـد كـان الخطـر
المحـدق بنـا يملـي مـا يـستدعي الـسرعة والحــسم فــي اتخــاذ القــرار دون
العــودة إلــى بعــض تعليمــات بغــداد، وهــذا مــا كــان ف.. بعــد انتــابني
وزملاثي إحساس حد اليقين بأن المجمع سيتلقى ضربة عاجلة، لم يكـن أمـامي فـي وقـت
كـان فيـه منتـسبو المجمـع، يـؤدون واجبـاتهم بهمـة وعـزم، وهـم معرضـون للهـلاك،
إلا أن أتجـاوز التعليمـات ُ التي تقضي بأن يداوم ملاك الدائرة كله ليل نهار،
فقلصت العـدد الـذي ينبغـي تواجـده إلـى أقـل مـا يمكن، فيما كنا قد قررنا جميعا الهرع إلى ملجأ الدائرة الحـصين فـور
سـماعنا صـافرة الإنـذار، وقـد َ شاركنا المبيت في الملجأ عدة أيام المذيع رشدي
عبد الصاحب، الذي كان يـداوم فـي مجمعنـا، ثـم تقـرر قطـع إيفـاده وعودتـه إلـى
بغـداد، فـي وقـت قررنـا فيـه أن تتخلـى المذيعـة ميـسون البيـاتي عـن الدوام في
المجمع وتبقى في الفندق ملتزمة بالتواجـد فـي ملجئـه، ريثمـا تـسنح الفرصـة
لعودتهـا إلـى بغداد . ُ
وفــي صــباح يــوم ٢٤-١-١٩٩١ اختــصرت أكثــر مــن عــدد
المتواجــدين صــباحا فــي المجمــع، ومضيت إلى منزلي بعد معرفتي بما انتاب أطفالي
آنذاك من قلق ورعب، خاصـة وأنـا بعيـد عـنهم لقـصف عـدة أيـام، ولـم تمـر سـاعة
علـى تواجـدي فـي المنـزل حتـى أصـغيت ُ عنيـف، فـصعدت إلـى ٍ ُ سطح المنزل لأرى
الدخان الأسـود يتـصاعد
مـن موقـع قـدرت أنـه موقـع المجمـع، وعنـد نزولـي مـن السطح كان سائق الدائرة
الذي أوصلني قد عاد ليبلغني أن المجمع قد تعرض لقصف جوي شـديد بعدة صواريخ، وليعود
بي إليه
. أمـام المجمـع كـان
منتـسبوه قـد تجمعـوا مـع عـشرات المـواطنين، فمنعـوني مـن الـدخول إلـى المبنـى،
خوفا من ضربة أخرى موجهة إليه، وأنا أتطلع إلى الخراب الذي لحق به وبكل ما حوله من
دوائر وبيوت، خاصة دائرة الري المجاورة له التي استشهد أمامها موظـف وجـرح شـرطي
جروحـا بليغـة.. لحظتها
لم أدخل المبنى لكنني تساءلت بقلق عن سلامة من كان فيه من المـوظفين، فعلمـت أنهـم
جميعا سالمون فقد كانوا في الملجأ ( السرداب) لحظة استهداف الموقع الذي كنـا نبـث
منـه إذاعيـا ومـا جـاوره مـن سـتوديوهات، وكلهـا أمـاكن قريبـة مـن الملجـأ إلا
أن مـن كـانوا فيـه لـم يـشعروا بقـوة الضربات وما خلفته من دمار إلا بعـد أن
اهتـزت جـدران الملجـأ وتـدحرج بابـه الحديـدي الثقيـل مـن الدرج إلـيهم وكأنـه
ورقـة مدعوكـة، وهـم إذا لـم تخـن الـذاكرة الـست فرقـد التـي دونـت لـي أسـماءهم) مــن النــساء: فرقــد ملكــو، صــباح حميــ ّ د، ابتــسام حــسام،
قمــر أحمــد، بتــول محمــود شــكر.. ومــن ٣ الرجـال: عبـد الناصـر خطـاب،
مقـصود حـسين، هرمـز بطـرس، محـب حـسام، حـازم كـلاوي، علـي سعدون) وهي أسماء من
بين أكثر من خمسين منتسبا هم ملاك المجمع آنذاك كما أذكر . وأمـام مـشهد التخريـب هـذا.. أمـام المبنـى الـذي تنـاثرت أحـشاؤه،
وتطـايرت أشـرطته إلـى مـسافات بعيدة فـي الـشوارع وبـين البيـوت، كانـت دمـوع
أبنـاء ذلـك الـصرح المغـدور تنهمـر وذكريـات سـنوات الابداع تتوالى.. وهم يرون
بيتهم قد تداعى واستحال نبض الأشياء الجميلة فيه إلى رماد؟ .. ومـا كـادوا
يكفكفـون دمـوعهم حتـى وجهـوا إحـدى الكـاميرات المحمولـة التـي أخرجوهـا معهـم
مـن الملجـأ لتصوير آثار القصف، فقد كنـا منـذ بـدأ الهجـوم قـد أخلينـا
الكـاميرات إلـى الملجـأ، وفـي اليـوم نفـسه شمر الجميع سواعدهم لإنقـاذ مـا يمكـن
إنقـاذه مـن أجهـزة وأشـرطة ومـواد، وكـان علـى رأسـهم مـدير الإدارة الجاد
المثابر مشعل حامد عبو ومعـه فـي صـرف مـا نحتـاج محاسـب الـدائرة المخلـص عبـد
العظيم سعيد بكر، فتم اسـتكمال شـحن مكتبـة الأشـرطة الكرديـة إلـى كركـوك
ليتواصـل البـث منهـا، ْ وجـرت إعـادة آلاف الأشـرطة التـي كانـت مودعـة لـدينا
إلـى بغـداد بـشاحنات كبيـرة ، فيمـا أودعـت ِ أجهزتنا في قاعة النشاط المدرسي
المواجهـة للمجمـع، وبعـضها فـي جنـاح مـن المتحـف الحـضاري بالموصـل كنـا نتواجـد
فيـه .. وتواصـلت عمليـة الإخـلاء بعـد تعـرض المجمـع لـضربة ثانيـة يـوم ٣٠-١-١٩٩١ تلك
الضربة التي دكت برج البث التلفزيوني الذي غار جزء كبير منه فـي أعمـاق الأرض
واختفت قربه غرفة سائقي سيارات المجمع عن سـطح الأرض تمامـا، كمـا اختفـت محترقـة
تحت الأنقاض والرماد الآلات الموسيقية كلها في ستوديو الموسيقى . ولـم نـركن للراحـة حتـى بعـد وقـف إطـلاق النـار، فقـد وجهنـا الطاقـات
والخبـرات الهندسـية لـصيانة الأجهزة المهمة وتهيئة ما يلزم لإعـداد برنـامج كامـل
للبـث المحلـي، إذا مـا طلـب منـا ذلـك، مـع أن َ ِ ُ عودة البث كانت مسألة ليست
بالهينة، والدائرة العامة في بغداد كانت لم تبث بعد . وفي يوم ٢٥-٣-١٩٩١ اتصل بي وزير الثقافـة والإعـلام حـول المباشـرة
ببـث محلـي حتمـا، وكنـا قبل الهجوم على العراق قد أخلينا سيارة النقـل الخـارجي
إلـى موقـع مـن مواقـع الآثـار الآشـورية فـي الموصـل وأخفيناهـا هنـاك، فجـرى
الاتفـاق مـع دائـرة الـشؤون الهندسـية فـي الموصـل (المرسـلات) على سحب تلك السيارة إلى موقعها، وكانت هي أيضا قد تعرضت لأبشع
الهجمات ولم يبق منها سـوى بـرج صـغير سـليم .. عنـد ذلـك البـرج أوقفنـا سـيارة
النقـل وبـين الأنقـاض أمـام جـدار أملـس جلست (المذيعة فرقد) لتعلن عن استئناف
البث فبـدأ بـأفلام كـارتون تبعتـه فقـرات ممـا أعـددناه مـن برامج . وفي اليوم
الثاني جلـب الـسيد مـشعل حامـد للـدائرة عـدة كرفانـات خـشبية مـن سـد الموصـل،
فتم استحداث محطة مؤقتة باشرت بثها ضمن برنامج يومي يتضمن نشرة أخبار وعرض
المنهـاج اليومي الذي كان يصلنا كل يوم من مراجعنا مسجلا على أشـرطة (يومات )كيـ
فكانـت محطتنـا أول محطة تلفزيونية في القطر تبث بعد بغداد . ٤ عند عودة البث المركزي من بغداد، كان قد تم
إسناد إدارة تلفزيون العـراق للفنـان فيـصل الباسـري، ٕواعفاء المدير السابق الذي
كان قد أهمل ما نرسله من برامج إلى بغداد، والذي لم يكن يتمتـع بمـا يتمتع به
الياسري من خبرة وانفتاح علـى الطاقـات المبدعـة، فمـا أن أرسـلنا إلـى الياسـري
حلقـة مـن برنـامج عـن تـراث الموصـل حتـى عرضـه واتـصل بـي مـشيدا بخـصوصية
وتميـز إنتاجنـا، بـل انـه أشرك تلك الحلقـة فـي مـسابقة تلفزيونيـة عربيـة وطلـب
منـا المزيـد ممـا ننـتج ثـم قـرر أن يعـرض لنـا رسالة تلفزيونية يومية بثلاث أو
أربع دقائق عن أي نشاط ثقافي أو فنـي مـن نـشاطات المحافظـة، فنفــذنا وعــرض.
فــي وقــت أنتجنــا فيــه بالكــاميرا المحمولــة أعمــالا دراميــة وأغــاني
لمطــربين مــن الموصل . ثم جاء
اليوم الذي تـداول فيـه الياسـري معـي هاتفيـا حـول إمكانيـة إنتـاج رسـالة تلفزيونيـة
أسـبوعية، فأبديت له استعدادنا، وأطلقت ُ اسـم (أم الـربيعين – جريـدة الموصـل
التلفزيونيـة) علـى الرسـالة التـي بدأنا بإنتاجها، فلم أكن رئيس تحريرها شكليا،
بـل قـررت ُ أن أقـوم بإعـداد كـل حلقـة منهـا والإشـراف تقديمها بالتعليق إخراجها
إلى الفنان طارق فاضل وحصرت ُ على إنتاجها بعد أن أسندت ُ الـصوتي للمذيع ابراهيم
الحلو ، وظلت الجريدة مدة أكثر من شهرين تجري على هذا المنوال ولا يزيـد وقتهـا
علـى العـشر دقـائق. وبعـد أن لاقـت مـا لاقتـه مـن نجـاح وصـدى اسـتقر قـراري
علـى تـشكيل هيئـة تحريـر ثابتـة، لكـل فـرد فيهـا مهمتـه، فأسـندت التقـديم
للمذيعـة فرقـد ملكـو والتعليـق للمـذيع ابـراهيم الحلـو والمونتـاج للفنـي أمجـد
كـريم والتـصوير للفنـانين خليـل ابـراهيم وصـباح ابـراهيم، وبعـد سـنين ألحقـت
بهمـا محمـد المهـدي مـصورا، ومحـب حـسام مـساعدا. ثـم وصـل وقـت الجريـدة إلـى
عـشرين ُ دقيقــة ت عــرض ظهيــرة كــل جمعــة، فابتكرنــا فكــرة اللقطــة
التمثيليــة الــسريعة التــي تنطــوي علــى نقــد كوميدي لاذع، فكانت بؤرة الشد
في الجريدة، يمثـل فيهـا كـل مـن الفنـانين: حـسن فاشـل ونجـم عبـد االله سليم، ثم
شكلنا فريقـا آخـر مـن الفنـانين: عبـد الواحـد اسـماعيل وواثـق الأمـين ومحمـد
الزهيـري، وآخـر مـن الفنـانين: مثنـى ابـراهيم ورائـد معـد وآخـرين.. وكنـت خـلال
إشـرافي علـى كـل عـدد منهـا أساهم مباشرة في عملية المونتـاج لكـل فقـرة مـن
فقراتهـا ، وللتجديـد أسـندت منـذ عـام ٢٠٠١ إخـراج الجريدة للفنان خليل ابراهيم . (١٢ (عاما، حظيت بدعم كبير ُ وجريدة أم الربيعين التي ظلت تقدم طيلة أكثر من في الفترة التـي ٍ كـان فيهـا صـديقي الـدكتور
صـباح ياسـين هـو ال مـدير العـام لـ دائرة الإذاعـة والتلفزيـون، وكـان لهـا حضور
شعبي كبير في كل بقعة من العراق، ت و نتظرها كل أسرة عراقية في منزلها كـل يـوم جم
عـة بعد صـلاة الظهـر، حتـى طغـت علـى العديـد ممـا كنـا ننـتج مـن بـرامج ، مثـل
برنامجنـا النـاجح (مـن كنـوز الموصـل) وسـواه مـن البـرامج.. وعبـر نجـاح أم
الـربيعين المنقطـع النظيـر حظيـت مقـدمتها المتألقـة فرقـد ملكـو بـشهرة واسـعة
فـي كـل الأوسـاط لتميزهـا فـي التقـديم والحـوار، ولأنهـا كانـت فـي الواجهة . ٥ خــلال ذلــك كــان مــلاك المجمــع قــد
اســتقر فــي مقــر بــديل داخــل جنــاح مــن المتحــف الحــضاري بالموصل، وحين
تم إنجاز جناح صغير في مبنى المجمع غادرنا المتحف الحضاري عائدين إلـى المجمع عام
٢٠٠٢ *
نعـود إلــى ذكـر
(العــصا) فنقــول: ونحــن فــي الجنــاح الـصغير مــن مبنــى المجمـع بــدأت
تهديــدات الـرئيس الأميركـي (جـورج بـوش ) تتـصاعد فـي محا
نعـود إلــى ذكـر (العــصا) فنقــول: ونحــن فــي الجنــاح الـصغير
مــن مبنــى المجمـع بــدأت تهديــدات الـرئيس الأميركـي (جـورج بـوش ) تتـصاعد
فـي محاولـة لجـر دول العـالم ومجلـس الأمـن إلـى جانـب الإدارة الأميركيـة التـي
كانـت قـد قـررت احـتلاال العـراق بـدعوى أنـه يمتلـك ويطـور أسـلحة الـدمار
الشامل .. وقبل شهر من بدء الهجوم عدنا إلى مقرنا البديل في المتحف الحضاري . يوم بـدأ احـتلال العـراق مـن الجنـوب، وتـوالى القـصف الـشديد علـى
مدنـه كلهـا ومنهـا الموصـل، لـم ت ُ و َجه أي ضربة إلى مبنى المجمع، لكن إنتاجنا البرامجـي توقـف وانـصرفنا
إلـى بـث الأغـاني التـي تردنــا ونقــل بعــض الأخبــار مــن القنــوات
الفــضائية مباشــرة وبثهــا، فقــد كــان الاطــلاع علــى البــث الفضائي آنذاك
في الموصل مقتصرا على دائرتنا فقط، كما كنا نزود بغداد بما يستجد من أخبار وحـالات
طارئـة، حتـى هـبط المحتلـون فـي مطـار بغـداد واحتلـوه ، فـدخلوا بغـداد ثـم
أطـاحوا بتمثـال صـدام حـسين فـي سـاحة الفـردوس يـوم ٩-٤-٢٠٠٣ وأبيحـت للنهـب
والتخريـب مبـاني الـوزارات والـدوائر والمتـاحف وكـل ركـن فـي بغـداد.
وكنـا
نتـابع ذلـك مـن خـلال متابعتنـا للبث الفـضائي فـي دائرتنا . وفـي مـساء ذلـك اليـوم اتـصل بـي محـافظ نينـوى طالبـا أن نعلـن حظـر
التجـولا فـي الموصـل مـن الــساعة العــشرة لــيلاا حتــى الثامنــة صــباحا،
ولــم يكــن فــي الــدائرة ســواي والــصديق العزيــز الفنــان صـبحي صـبري أحـد
مـوظفي المجمـع، فحملنـا معنـا الكـاميرا الـصغيرة الوحيـدة، و اتـصلت بالفنـان
خليـل ابـراهيم الـذي كانـت سـيارة الـدائرة الـصغيرة معـه، وطلبـت منـه ل الا
تحـاق بـي وبـصبحي فـي المقر السري البديل للمرسلات في إحدى مدارس حي الخضراء
بالموصل
. وهناك أمضينا آخر
دقائق بث تلفزيوني لمجمعنا ببيان لن ننـسى ملابـساته ولحظاتـه العجيبـة، فلـم ُ
يكـن معنـا مـذيع فـدونت خبـر حظـر التجـوال علـى ورقـة كـارتون، وقلـت للزميـل
صـبحي صـبري : َ عليك
أن تقرأه ثلاث مرات وتقول بعد كل قراءة: أكرر، وحـين بـدأ الزميـل خليـل ابـراهيم
بالتـصوير أبلغ َ نـا أحـد مـوظفي المرسـلات بـأنهم يحتـاجون إلـى (فيـد أزرق)
لبـث الخبـر إذ لـيس لـديهم الخلفيـة ) تـرمس) مـاء أزرق مـن محلـه ليجـرب عليـه الزرقـاء المطلوبـة فمـا
كـان علـي إلا أن أرفـع غطـاء الزميل خليل، فجـرب النـزول ّ ( زوم) بعدسـة الكـاميرا إلـى زرقتـه ونجـح، ثـم بـدأ صـبحي يقـرأ
بطريقـة أداء ممثل بارع ويكرر والأسى يعتصر قلبه حتى اختنق بالبكـاء فـي المـرة
الأخيـرة فـسمع ذلـك كـل من كان يتابع بيان حظر التجوال من المواطنين في المدينة
.. هذا هو آخر ما بثـه التلفزيـون فـي نينوى . ٦ وفي صبيحة ١٠-٤ أنهينا بالتنـسيق مـع المرسـلات كـل مـا لـه
علاقـة بالبـث، وعلمنـا فيمـا بعـد أن منع التجـوال لـيلا كـان لإفـساح المجـال
أمـام عـدد مـن المـسؤولين الكبـار لمغـادرة العـراق أو التوجـه إلـى أمـاكن
سـرية. وتأكـد لنـا أن قـوات الاحـتلال الأميركـي قادمـة بعـد المـساء مـن
المنطقـة الكرديـة باتجاه الموصل وصلاح الدين والأنبار . في مساء اليوم نفسه (العاشر من نيسان) ذهبت مع صديقي سبهان نايف الحيو
ومصور الأخبار مقــصود حــسين إلــى مقرنــا فــي المتحــف الحــضاري، ونحــن
نعلــم أن المحتلــين ومــن معهــم مــن (البيــشمركة ومــشعان الجبــوري القــادم مــن خــارج العــراق) علــى
مــشارف المدينــة، وفــي مقرنــا ذاك لملمـت ُ أوراقـي الشخـصية الخاصـة، وقبـل
أن أوصـد البـاب طلـب منـي صـديقي سـبهان الـذي كـان ُ متيقنا من أن الدائرة سـت
نه َ ب بعـد دخـول المحتلـين، أن أنقـل بعـض الأجهـزة خاصـة الكـاميرات إلـى َ
منزلـي لاسـتخدامها فيمـا بعـد، فرفـضت ذلـك مفـضلا أن أغـادر بـأوراقي فقـط علـى
أن ي لـصق َ بـي ُ ضعاف النفوس أي تهمة للا ْ ستيلاء على أجهـزة الـدائرة، فنهـ ُب
بـل أي لـص، خيـر ِ أي جهـاز مـن ق ُ َ من أن بسحب مني لو كان . ِ المحتلين بحوزتي، لخدمة منـه، هـو منـزل
ابـن عمـي الموسـيقار ٍ قريـب ثـم عـدت لأمـضي تلـك الليلـة خـارج منزلـي فـي
منـزل خالـد محمـد علـي الـذي كـان آنـذاك يعمـل فـي (دبـي .) وأمـضى الليلـة معـي
ابـن عمـي العزيـز عبـد الإله طه الذي يجاور بيته بيت خالد، فيما أمضى ابني حارث
ليلته في حمايـة منزلنـا وأسـرتنا بمـا لديه من سلاح، ثم اجتمع الشباب طيلة الليل
لحماية البيوت . صباح
اليوم التالي تعرضت الموصل إلى ما تعرضت له بغداد من سرقة ونهب وخراب وفوضى،
فنهبـت مـصارفها ودوائرهـا، و كانـت أحـشاؤها ترمـى فـي الـشوارع والـضباع تنـبش
فـي كـل مكـان.. والحوت
الأمريكي يغض طرفه وهو يرى الكلاب المسعورة تنهش كبد المدينة . ولئن كان مبنى المجمع الإذاعي والتلفزيوني في نينوى الذي لم يعـد حتـى
جـزء منـه كمـا كـان ولـن يعود، قد أنهكه القصف الـسابق فإنـه شـهد فـي الحـادي
عـشر مـن نيـسان ومـا بعـده قـصفا مـن نـوع آخر هو (قصف) اللصوص والمخربين الذين
خلعوا حتى أبوابه وشبابيكه ونهبوا كـل مـا تبقـى فيـه من أجهزة وأثاث، مثلما نهبوا
كل شيء من مقرنا البديل في المتحف الحضاري . ولم يتجاوز المجمـع الـذي لـم يبـق منـه سـوى هيكلـه المتـصدع، مـشهد
الـدمار حتـى يومنـا هـذا رغـم المبالغ الطائلة التي ص ِرفت ُ ْ لإعماره، بل أقيم
حاجز كـونكريتي عمـلاق فـي مـدخل الـشارع الحيـوي المهم الذي يقع المجمع في
مقدمته، فقضى على المجمع والشارع معا
٨ الأفــواه مــن صــيحات غــضب ولعنــات.. وكنــت مــشدودا إلــى
تلــك الــصيحات التــي تمــلأ الجــسد . مـصرا فـي الوقـت نفـسه علـى ألا قـشعريرة ورهبـة، وأنـا أتحـسس مـا
يترقـرق بـين مقلتـي مـن دمـوع تفلـت منـا لقطـة نـادرة قـد تـضطرنا تلـك المـشاعر
لتجاوزهـا.. ومـع أن صـافرة الإنـذار لـم تكـن قـد أعلنـت عـن انتهـاء الغـارة،
إلا أن ذلـك الحـي العتيـق كـان قـد اكـتظ بأبنائـه عنـد موقـع الـضربة وهـم
يتصايحون أمام الكاميرا . يا لهول
ذلك اليوم! لقد أبصرت فيه الأطفال الرضع
يطبقون أعينهم على حلـم بعيـد وأجـسادهم مـا تـزال دافئـة طريـة وخيـوط الـدم فـوق وجـوههم وأجـسادهم الغـضة وكـان التـراب والـدم يخـضب تلـك الــضفائر
الطويلــة وهــي تتــدلى بــين الأيــدي.. ضــفائر صــبيات موصــليات كانــت
ســقوف البيــوت والـصفوف قـد أطبقـت علـيهن، فتنـاثرت الأجـساد كمـا تنـاثرت
الـسبورات والـرحلات وأثـاث المنـازل وأسرارها وأحلامها الجميلة . يومهـا تـذكرت قـصيدتي (قـوس لـبلاط الـشهداء) التـي كتبتهـا بعـد
تعـرض تلـك المدرسـة للـصواريخ المعادية عام ١٩٨٧ دون أن أعايش تلـك الحالـة
ميـدانيا، كمـا عـشتها هنـا فـي الحـي العتيـق، بـين أحشاء البيوت المبعثرة وركام
مدرسة الطاهرة .. لقد ظل التلفزيون فيمـا بعـد يعـرض لـسنوات عـدة، ً لى رأسـها
بـين ذراعيـه وهـو لقطة مؤثرة من ذلك الجو لرجل ينتشل طفلة من تحت الأنقاض وقد تد
يعدو وقد أجهش ببكاء مر.. وعلي الآن أن أعترف بأن ما رأيته وعشته لم يجد له كلمة
بمـستواه، وبقي أكبر من قصيدة لم أكتبها . * رحلة تحت القصف حين دخلت بيجي، بعد ضـرب مـصافي الـنفط فيهـا، هـالني
مـا رأيـت.. كـان الـدخان الأسـود الثقيـل يتــدفق باتجــاه الــسماء ويــسد
الأفــق مــشكلا نفقــا هــائلا مــن العتمــة، ممــا اضــطرنا أنــا وعــدد مــن
أصــدقائي، ونحــن
فــي وضــح النهــار أن نــشغل مــصابيح الــسيارة محــاولين أن نبعــد عــن
أنفــسنا الشعور بالاختناق والضيق . خــلال
تلــك الرحلــة كنــت أحــث الخطــى لرؤيــة (الحــارث) ولــدي العــسكري الــذي
كنــت لــم أره منــذ خمسين يوما وكنت علمت أنه في موضع قرب الحبانية، ولكي أصل هناك كـان علـي أن أواصـل رحلتي العجيبة
التي رأيت خلالها بعيني هاتين كيف يكشر الشر عن أنيابه، ويترك في كـل مكـان ُ ً صورة
لوجه النظام الأميركي القبيح . المنشآت
التي مررت بها، كلها كانت مدمرة، وكانت أنقاض المساجد والمعامل والمـدارس والبيـوت
على جوانب الطريق هي الشواهد الحية على همجية وحقد أولئك الأشرار ٠
في مثل تلك الزيارة كان ينبغي ألا يحدث ي خطأ من مثـل ذلـك الخطـأ الـذي قادنـا إلـى هاويـة الموت فـي لحظـات.. بيـد أن مـا خـرج بـه كـل منـا، أحـال تلـك
اللحظـات إلـى خلاصـة تجربـة نـادرة سكنت الدم قبل الذاكرة وظلت تسترجع وما تزال،
نبض ذلك اليوم الذي لن أنساه ما حييت . كان ذلك في حجاب من حجابات الفاو، بعد احتلالها بشهر أو يزيـد.. ففـي
آذار مـن عـام ١٩٨٦ َ ْ ٌ خرقت حافلة صغيرة تقـل وفـدا مـن الأدبـاء المـشاركين
فـي مـؤتمر الأدبـاء العـرب الخـامس، تحـذير المواقع الساخنة، متجهة صوب الفاو،
ومعها سيارة فيها عدد من المصورين .. كنـا
مجموعـة أدبـاء وفنـانين، أذكـر مـنهم: الـشاعر ذو النـون الأطرقجـي، القـاص
نجمـان ياسـين، القـاص سـالم العـزاوي، الناقـد عبـد الجبـار عبـاس، المـصور جاسـم
الزبيـدي، وشـاعر جزائـري شـاب اسمه عياش يحياوي، وآخرين.. وكنت واحدا من تلك
المجموعة
. فــي بــدء فاتحــة
الــدخول لــدائرة المــوت كــان عنــاق بــين الأغنيــة والقنبلــة.. بــين
الكلمــات ورشــقات الرصاص.. ولو لم تعلن القنبلة المعادية التـي سـقطت جنـب
الحافلـة عـن الحقيقـة لاسـتمر الخطـأ، واستمرت أغانينا التي كنا نرددها، وهكذا
ترجلنـا، الـبعض علـى يمـين الـشارع، والـبعض إلـى مواقـع جنودنـا الـذين أطلـوا
فجـأة لينتـشلونا مـن حافـة الهاويـة فـي وقـت كـان الرصـاص فيـه قـد نخـر جـسد
الحافلــة التــي اســتكانت قــرب الحجــاب، وأوقــف الــسيارة الــصغيرة علــى
مرمــى عــصا مــن الأرض الحـرام، مثلمـا أوقفنـا الموقـف نفـسه، لكـن بـين أحـضان
مقاتلينـا العـراقيين، حيـث دلـف كـل منـا فـي موقع يحميه من القذائف ورشقات
الرشاشات والمدافع التي استمرت باتجاه الحافلة والسيارة . ف ي الحجاب كانت ثمة مواضع لجنودنا ودبابات لكننا لا نذكر أننا أمعنا
النظر بها. كنت أرى (ذو النـون) وراء سـاتر ولـم يكـن ذلـك الـساتر سـوى دبابـة
كـان قـد اعتلاهـا وانـسل إليهـا بعـد أن نـاداه الجنـود، وهكـذا كـان نجمـان قـد
فعـل مـع دبابـة أخـرى. أمـا الجنـود وهـم يطلـون مـن مواضـعهم فقـد كـانوا
يتـساءلون باسـتغراب عـن كيفيـة وصـولنا إلـى هـذا المكـان، فلقـد كنـا عنـد
الحجـاب الأول فـي الفاو وليس بيننا وبين الجنود الإيرانيين سوى الأرض الحرام
وبيننا وبين الموت سوى بضعة أمتار لو اجتزناها لكانت النهاية.. هكذا أخبرنا جنودنا
العراقيون
. ُ فـي الموقـع الـذي
انـدفعت إليـه، أصـر المقـاتلون (عـادل،
يعقـوب، شـاكر) أن أكـون فـي منـأى عـن الـشظايا ورشـقات الرصـاص، ولحظـة أن
عرفـوا أننـي شـاعر، دار الحـديث عـن الـشعر والـصحافة والإعلام، كما يدور فـي أي
بقعـة عراقيـة أخـرى، وقـدم لـي أولئـك الفتيـة زمزميـة مـاء وصـرة طعـام، ولم
أتناول سوى جرعة من الماء، فقد كنت أسترجع أنفاسي، وأنا أصـغي لأزيـز الرصـاص
وقرقعـة القنابل، وأقرأ ما في عيونهم من صور وهم أمام المتربصين بهم فوق ممالح
الفاو
. ١١ لقد احتـضنتنا صـدور
جنودنـا وهـم يـصرون علـى إخلائنـا سـالمين بعـد تلـك الزيـارة المفاجئـة، ورغـم
أنـي كنـت أتـابع جنـديا عراقيـا فـي غايـة الجـرأة والإقـدام اسـمه (ثـائر) وهـو
يخلـي الـسيارة الـصغيرة تحــت رشــقات الرصــاص، ثــم يعــود ليتخــذ مــن جــسده
ســاترا للــشاعر الجزائــري كــي يــشارك فــي التــصويب نحــو الأعــداء، ورغــم
حرصــي علــى النظــر بعيــدا باتجــاه دخــان الفــاو، وتــساؤلي عــن أصدقائي،
ومتابعتي السيارة التي أقبلت لإخلائنا ومذنبات الأعداء تتقـافز حولهـا لتحديـد
موقعهـا..
رغـم ذلـك فقـد
تـذكرت ابنتـي الـصغيرة صـبا ٦ سـنوات، وأخرجـت صـورتها لتنثـال أمـامي عـشرات
الصور، فيتداخل موقع المواجهة والقتال بالمدينة وتتداخل فرقعات البارود بالزغاريد،
ولكن الصورة ً التي توحدت فيها الصور كلها، كانت تشخص حين كان جندي يدعى (قاسم)
يحملنا واحدا واحـدا منبطحين في سيارة إنقاذ يقودها ويطير بها بسرعة، والرصـاص
يئـز والقنابـل تحـيط بهـا، ورغـم أن أحد إطارات السيارة أصيب لحظة إخـلاء (ذو
النـون) فـإن قاسـم ظـل يقودهـا بفروسـية مدهـشة بـين فترة وأخرى وهو يناور، حتى
أوصلنا جميعا بالتتابع إلى أقرب مقر بعد الحجاب الأول . وحـين أوصـد البـاب فـي ناقلـة الأشـخاص، فلـم يعـد أمامنـا سـوى
العتمـة وغـول القنابـل والرصـاص، كانت الصور أشد تداخلا.. وكانت لحظـات مـن
الترقـب، لـيس بوسـع المـرء حينهـا سـوى أن يـسكن ذاته ليرى، وأن ينصت لخرير دمه
وحوار أنفاسه . ُ ولم
يكن من بد في موقع آخر سوى إخلائنا بناقلة عتـاد صـغيرة حـشرنا داخلهـا فـي جـو
خـانق، لـم نكن لنشعر به، إلا بعد استعادة صورته في الذاكرة . بعد عبور المسافة المحظورة حانت مني التفاتة إلى الطريق الذي اجتزناه،
فقفزت في ذهني صورة ُ اختصرت الصور كلها، هي صورة (الرقيم) فقلت : وجدتها.. فلقد كنت كمن عثر على رقيم من رقم الطين السومرية النادرة،
لكنه الرقيم الذي ينتظر سطور تلك الساعات المكتنـزة بخفـق الحياة أمام الردى، وبكل
ما يملأ النفس عنفوانا وغنى وثقة بأن الفاو ستعود . وظلت مفردات ذلك الرقيم تتشكل في القلب والـذاكرة، وأنـا أقـف أمـام
رموزهـا وأسـرارها، حتـى جـاء اليــوم الــذي كتبــت فيــه قــصيدتي (رقــيم عنــد
الحجــاب) فنــشرتها مجلــة الأقــلام، ثــم أدرجتهــا فــي مجموعتي الشعرية (آخر
الشظايا) التي صدرت عام ١٩٨٨
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق