الخميس، 9 يناير 2014

الاذاعة العراقية الكردية 1939

الاذاعة العراقية الكردية 1939

سينهات محمد عزالدين الداوودي

قبل الحديث عن الاذاعة الكردية في العراق لابد لنا من الوقوف على بدايات دخول جهاز الراديو الى منطقة كردستان . فقبل وصول هذا الجهاز الى منطقة كردستان ،عرف سكانها جهاز الكرامفون الذي ظهر فيها عام 1926 واستقر في اماكن عديدة مثل المنازل والمقاهي وغيرها من الاماكن .

وظهرت ايضا الضوابط التي تحدد تشغيل هذا الجهاز في الاماكن العامة ، فقد اعلنت رئاسة بلدية منطقة كردستان عام 1929 م اوقات محددة لتشغيل جهاز الكرافون تبدأ من الساعة الواحدة مساءا حتى الساعة الرابعة مساءا مع مراعاة الشعائر الدينية حيث يجب ايقاف هذا الجهاز لمدة نصف ساعة عند وقت الاذان ، ومن يخالف هذا الاعلان او يخرج عن موعده يحاسب حسب المادة (126) من قانون العقوبات البغدادية.
دخلت اجهزة الراديو الى منطقة كردستان في بداية الثلاثينات ،وكان القلة من الاشخاص من يستطيع شراءها بسبب ارتفاع اسعارها.
ففي عام 1932 ولاول مرة وصل جهاز الراديو الى مدينة السليمانية ، حيث وضع اول جهاز راديو في مقهى كان يطلق عليه انذاك مقهى (حمه ره ق) –كانت محطة الاذاعة تعمل مساءا فقط وتبث برامجها باللغة العربية فقط – واخذ الرجال يتوافدون الى ذلك المقهى بكثرة بعد اذان العشاء ليستمعوا الى ذلك الجهاز العجيب الذي يروه لأول مرة والذي كان يتكلم بدون وجود شخص.
وفي العام نفسه نشرت صحيفة ريان (الحياة) الكردية خبرا تعلن فيه عن وضع جهاز راديو في مقهى بلدية السليمانية للاستماع الى خطبة الملك فيصل، حيث هيأ المتصرف الاجواء الادارية  مع رئيس البلدية الجديد ، وزينت المنطقة ونصبت اجهزة الراديو في مقر البلدية لكي يستمع الناس لخطاب الملك و لايحرم احد من الاستماع اليه .
وقبل عام 1939 لم يعرف الاكراد اذاعة عراقية ناطقة باللغة الكردية ، حيث لم تكن في تلك الفترة سوى اذاعة بغداد الناطقة باللغة العربية، ففي يوم الاحد المصادف 19/11/1939 .تاسست الاذاعة الكردية كقسم تابع لاذاعة بغداد.
وتعد الاذاعة الكردية ثالث اذاعة تاسست في العراق بعد اذاعتي بغداد وقصر الزهور الملكية لكنها تعد ثاني اذاعة تزامنت مع نشوء اذاعة العراق وواصلت بثها بشكل مستمر .
قررت الحكومة انشاء محطة اذاعية صغيرة في جانب الكرخ على طريق الصالحية بشكل مؤقت تكفي للبث داخل العراق وربما يصل صوتها الى البلدان الاخرى ريثما يتم بناء محطة اذاعية كبيرة حديثة ومتكاملة ، فأحالت انشاء البناية الصغيرة الى متعهد اشترطت عليه إكمال البناء في مدة لاتزيد عن 45 يوم.
في الوقت الذي بدات الاستعدادات لمشروع محطة الإذاعة الكبرى فاستعان العراق بالمهندس الإنكليزي الأول في ادارة البريد والبرق (المستر بيلي ) ، ووضع ستوديو خاص يستعمل للضرورات الخاصة فضلا عن تجهيز الاذاعة باجهزة نقل خارجي كاملة تحتوي على مايكروفون متحرك ومحولة وغيرها ،كما خصصت قاعة الاذاعة والاصلية التي تضم المرسلة الخاصة بمحولات البرق والهاتف ،وفعلا أنجز  بناء دار الاذاعة العراقية ،استوردت مرسلة من انكلترا استخدمت للبث التجريبي في الاذاعة .
اما اذا اردنا التعرف على الاذاعة من الداخل فاننا سنجدها متكونة مما يأتي :-
(الاذاعة العراقية مشيدة على مساحة كبيرة من الارض تحيط بها حديقة جميلة وبعد ان تخترق الممشى الذي تقع على جانبيه الحديقة الغناء ،وتصعد بضعة سلالم فتدخل الردهة الواسعة الفخمة ،واول غرفة تقع على يمين الزائر  بعد صعوده السلالم هي غرفة المدير ، وامام غرفة المدير تقع غرفة الانتظار وهي غرفة فسيحة مؤثثة باثاث فاخر وبعد ان يجتاز الزائر الردهة الاولى يصادفه ستوديو رقم (1)  وامامه غرفة المراقبة يقع الاستوديو رقم(2) ). ومن ثم أُستخدام استوديو ثالث خصص للاذاعة الكردية ،وطرأت بعض الاصلاحات على الاذاعة توخت رفع مستواها ابرزها استحداث موجه قصيرة للاذاعة طولها (48,5 )  م ، فاصبح بامكان المستمعين التقاط برامج الاذاعة على هذه الموجة ،فضلاً عن الموجة المتوسطة 391 م واصبح صوت الاذاعة اكثر وضوحا وصفاءاً ، كما امتدت الرقعة التي يغطيها البث قليلا.
وفي عام 1939 قرر مجلس الوزراء الحاق الاذاعة اللاسلكية بمديرية الدعاية والنشر في وزارة الداخلية  ، فاصبحت مديرية الدعاية والنشر والاذاعة العامة ، ويتولى مهام ادارتها مدير عام مرتبط بوزير الداخلية، اما واجباته فهي تنظيم امور الاذاعة وتحسينها بغية تحقيق الغاية المتوخاة منها على افضل صورة.
وفي العام نفسه اسند الى كامل امين مهمتان اثنتان اولأهما ادارة قسم الاذاعة الكردية بالتعاون مع مأمورين اثنين كانا موظفين في وزارة الداخلية ، وثانيهما العمل كمذيع للاخبار الداخلية والخارجية في الاذاعة نفسها .
اما منهاج الاذاعة الكردية فقد كان يعد ضمن منهاج اذاعة بغداد والتي كانت لا تتجاوز مدة بثها انذاك 15 دقيقة ، حيث بدأت ببث برامجها في الساعة الثامنة مساءً بعد انتهاء نشرات الاخبار باللغة العربية وتضمنت برامجها على اذاعة الاخبار وبعض الاغنيات المسجلة على الاسطوانات لعدد من المطربين الاكراد فضلاً عن بعض الاغنيات التي كان يقدمها مطرب الاذاعة علي مردان الذي يعد من اقدم المطربين الذين عاصروا فترة برامج الاذاعة الكردية ، واستمر منهاج الاذاعة هذا لمدة عام.
اما بالنسبة للموجات الاذاعية الذي تبث عليها الاذاعة الكردية برامجها فهي الموجات نفسها التي ترسل عليها اذاعة بغداد مواد برامجها وكانت جميع المواد  تذاع على الهواء مباشرة لعدم وجود اجهزة تسجيل واستوديوهات كافية انذاك.
في بداية سنة 1941  ُنقِلَ عبد القادر قزاز من مدينة الكوت الى وزارة الداخلية وبعدها عُين كمترجم في الاذاعة الكردية حيث قام بالتعاون مع كل  من رشيد نجيب وانور صائب بترجمة الاخبار الخارجية من اللغة الانكليزية الى اللغة الكردية ،ومن ثم صدر أمر بتعيين عبد القادر قزاز مذيعا للاخبار ،وتحمل مع كامل امين مسؤولية ادارة الاذاعة وكانا يتولان اذاعة الاخبار الداخلية والخارجية فضلاً عن  اذاعة بعض الاغاني المسجلة على الاسطوانات لعدد من المطربين والمطربات الاكراد .
كما قام كامل امين وعبد القادر قزاز بتشجيع الخبراء والمثقفين والمطربين والمطربات الاكراد بالحديث حول المسائل التي تفيد الاذاعة وتطورها .
بعد انتهاء حركة مايس سنة 1941 ، عادت الاذاعة الى مكانها الاول في الصالحية ، وعاد بثها الى سابق عهده.
وفي 16/6/1941 تقرر تحديد بث  برامج القسم الكردي ساعة واحدة فقط من الساعة الثالثة الى الساعة الرابعة بعد الظهر وعلى موجتين احداهما قصيرة والاخرى متوسطة – كان هذا القسم يتم افتتاحه قبل القسم العربي بساعة واحدة.
 وفي اواخر عام 1941 تم شراء اجهزة بث عديدة وتم ايضا تخصيص الموجات القصيرة والمتوسطة القديمة  للقسم الكردي وادى ذلك كله الى اطالة بث هذا القسم فاصبح ساعة ونصف حيث يبدا من الساعة (5,00) مساءا  الى (6,30) مساءا  واحتوى المنهاج على الاخبار الداخلية والخارجية واذاعة حفلات المطربين اضافة الى احاديث يومية حول المجالات الاجتماعية والتربوية والزراعية والرياضية ، وتضمن ايضا برنامجاً خاصاً للاطفال كانت تقدمه لطفية قزاز بمساعدة لطيفة قفطان وناجية قزاز وهو برنامج اسبوعي عبارة عن قصة للاطفال او نصيحة للتربية الجيدة وتنمية الاطفال، ولم يخل المنهاج  من البرامج السياسية فقد احتوى على برنامج (تعليق سياسي) الذي كان يتناول المواضيع الصادرة في الصحف ويترجم الى اللغة الكردية  .
قررت اذاعة بغداد وابتداءً من يوم السبت المصادف 22/ 7 /1944 تخصيص وقت مستقل للاذاعة الكردية يبدأ من الساعة (4,10) الى (4,55)  مساءً وذلك على الموجة نفسها التي تبث عليها اذاعة بغداد  برامجها  لان المنهاج الكردي كان يختتم مواد برامجه بالسلام الملكي في الوقت الذي تفتتح فيه الاذاعة العراقية بث برامجها .
بدأت الاذاعة الكردية تتسع قليلا في موا د برامجها ضمن نفس المساحة الزمنية المحددة لها ومن المواد التي بدأت تاخذ حيزا ضمن الفترة الزمنية برنامج (تعليقات على الحوادث العالمية ) ثم يليه الاحاديث الدينية خلال شهر رمضان المبارك وكان ذلك في شهر اب سنة 1944. دخلت المواد الثقافية لاول مرة الى منهاج الاذاعة الكردية في 6/10/1944 وكانت بعنوان (من الادب العربي ) .
وفي اواخر عام 1944 كانت دار الاذاعة مؤلفة من استوديو للرقابة واخر لبث الاخبار وغرفة يجلس فيها المذيع الفني ومقدم المادة الاذاعية سواء أمتحدثاً  او اذاعيا وخلف هذه الغرف الاربعة المجتمعة يوجد استديو لبث بعض الاغنيات الكردية وغرفة للمكتبة الصوتية ، اما الحفلات الغنائية فكانت تبث على الهواء مباشرة وكان عدد  العاملين في تلك الفترة ضئيل جدا.
في عام 1945 تغير الوقت المخصص لبث الاذاعة الكردية فاصبحت تبث من الساعة 3,25 الى 4,25 مساءا بعد ان كان وقت البث من الساعة 4,10 الى 4,55 مساءاً  ،اما الموجات التي تبث عليه برامجها فهي موجات متوسطة 391 م وموجتان قصيرتان 30,18 م و 42,32 م.
 لقد كان الفشل والعجز حالتين متلازمتين للاذاعة ، فقد فشلت المحاولات العديدة في اصلاح الاذاعة بصورة عامة في مدة مناسبة بسبب المصاعب التي كانت مثقله بها والناتج عن رداءة الوضع المالي لها وقلة الابنية فيها وعقبات عديدة اخرى ،كما انه لايمكن قلب وتنويع منهاجها او ادخال ابواب جديدة عليها بسهولة لكي تكون مفيدة من الناحية العلمية والثقافية والفنية فضلا عن الامور الفنية المتردية.
تحركت الحكومة باتجاه الاذاعة في محاولة لاصلاحها فاصدرت نظاماً لتعديل نظام وزارة الداخلية الذي اكد ارتباط الاذاعة بمدير ية الدعاية العامة والعمل على تحقيق هدفها في تنظيم امور الاذاعة وتحسينها لتحقيق الغاية  المتوخاة منها على احسن وجه.
كما صدر أمر من وزير الداخلية الى مديرية الدعاية بالايعاز الى شعبة المباني في مديرية الاشغال العامة بالاسراع في وضع تصميم لاقامة 10 غرف لتشييدها على بناية الاذاعة فضلا عن ملحق للاستيديوهات وترك امر اختيار  مكانه بعد التشاور مع رئيس مهندسي الاذاعة للاسلكي ،وأكد وزير الداخلية على هذا الطلب بسبب الضيق الذي تعاني منه الاذاعة ولاستخدامها كمكاتب للموظفين.
وأنجزت غرفتان واستديو وطارمة للاذاعة وتكونت لجنة للكشف النهائي عليها ،وانجز هذا العمل في شهر كانون الاول 1947.
ان هذا الاهتمام الاداري بالاذاعة صاحبه اهتمام اخر بالمناهج ومستوى البث فكانت اول خطوة اقدمت عليها لجنة فحص الاحاديث والمناهج في الاذاعة هي دعوة كافة العلماء والادباء وارباب  الفكر والقلم الى المساهمة في رفع المستوى الاجتماعي والثقافي للجمهور.
اما بالنسبة لبث الاذاعة لسنة 1947 فقد استمر بالازدياد حتى بلغ ساعتين يبدا من الساعة 4,25  مساءً وينتهي عند الساعة 6,30 مساءً.
وفي شهر تموز من العام نفسه امتدت فترة البث لتصبح 3 ساعات يوميا وكانت تبث برامجها من الساعة 7,25 مساءً الى الساعة 9,30 مساءً وعلى موجة قصيرة طولها 42,48 م ،
طلبت الاذاعة من وزارة الخارجية وعن طريق سفارتها استيراد الاسطوانات الكردية التي كانت تمتلكها الشركات الاجنبية، وكانت هذه الاسطوانات لكبار المطربين والمطربات الاكراد آنذاك منهم (ام جمال ) ، ملا كريم ،كاويس آغا ،مريم خان ) ، ،فضلا عن ذلك تم استيراد الآت التسجيل الاذاعي لاول مرة عام 1948.
اما في سنة 1949 فقد خُصصت ساعة واحدة لبث المنهاج الكردي ضمن الفترة الصباحية حيث تضمن المنهاج الاخبار والاغاني وعرض التمثيليات الاجتماعية والفكاهية الساخرة اضافة الى المنولوجات الفلكلورية الكردية التي كان يقدمها الفنان شمال صائب واندراوس خمو الذي اشتهر باسم باكوري ، وفي تلك الفترة عُين مترجمون ومذيعون وموظفون لأعداد البرامج والاغاني ،ومختصون في البرامج الثقافية والدينية والسياسية والتاريخية والاجتماعية ،الامر الذي ساهم في دعم وتطوير البرامج في الاذاعة الكردية من احاديث ومواد متنوعة.وفي بداية الخمسينات فكرت الحكومة بانشاء محطة اذاعة عالمية في منطقة ابي غريب لاسماع صوت العراق الى العالم ،بينما كانت محطة
الاذاعة والارسال اللاسلكية هذه تمر باحدى مراحل
 الانجاز ،تم في مديرية الدعاية العامة تشكيل لجنة عليا جديدة للاذاعة هدفها تنظيم العمل في دار الاذاعة وبما ينسجم التطوير الجديد الذي كان من المتوقع  ان تقبل عليه الاذاعة.
واول ماشرعت به اللجنة هو قيامها وبالتنسيق مع مديرية الدعاية العامة تنظيم ملاك ثابت لموظفي ومستخدمي دار الاذاعة ،وتضمن تعديل اجورهم على وفق درجاتهم الموضوعة في الملاك وتضمن هذا التعديل جميع الموظفين العاملين في مختلف فروع واقسام الاذاعة المؤلفة مما ياتي :-
1-قسم التمثيل :-
2-القسم الكردي وكان يدار من قبل كامل امين باعتباره شعبة مستقلة .
3-قسم الاخبار .
4-قسم الادارة .
5-القسم الفني .
6-قسم الموسيقى .
7-شعبة الاوراق .
وفي ظل الوضع الجديد للاذاعة ،درست اللجنة امكانية اعادة النظر باوقات البث وتنظيمها بوضع افضل وتغيير المناهج التي تقتضيها الحالة الجديدة وتعيين موجاتها وقررت دار الاذاعة تنظيم دورة تدريبية لمسجلي الاشرطة تؤهلهم لادارة الاجهزة الحديثة أسوة بزملائهم في دور الاذاعات الاخرى ،وبغية توسيع خدمات الاذاعة بواسطة النقل الخارجي للحفلات والمهرجانات وتسجيل الأغاني والاحاديث داخل العاصمة وخارجها تم شراء سيارة نقل خارجي لتضاف الى اجهزة الاذاعة والتسجيل المتنقلة  ،ومن هنا بدأت فكرة تعيين المراسلين الاذاعيين فعين سعد الله صبحي مراسلا ومنصتاً لها في شمال العراق.
كان لافتتاح الاذاعة الجديدة في 2/5/1951 في منطقة ابي غريب ودخول الاجهزة الحديثة تأثير بالغ في تحسن مديات البث بشكل افضل، فبعد ان كانت قوة محطة الاذاعة لا تتجاوز كيلو واط ونصف اصبحت قوتها فيما بعد على موجتين قصيرتين كل منها بقوة(20) كيلو واط والمتوسطة بقوة(16) كيلو واط .
وفيما يتعلق بالعمل الاذاعي فقد تحسن على نحو افضل ،خاصة عند دخول اجهزة التسجيل الصوتي الى الاذاعة ولاول  مرة سنة 1951 ،وكان عدد هذه الاجهزة اثنين فقط حيث ابتدأت بتسجيل التمثيليات الاذاعية بواساطتها ،على شريط معدني رفيع وممغنط ،كما ان دخول اجهزة التسجيل وبدء العمل عليها ادى الى الاستغناء عن استخدام الاسطوانات التجارية وشراء اسطوانات اخرى جديدة نظرا لعدم صلاحيتها.
اما استخدام التسجيل فقد كان يتم بشكل مباشر ،أي تسجيل الاصوات والموسيقى والمؤثرات الصوتية في وقت واحد .
ان هذه الطريقة هي اصعب من التسجيل الذي يتم على مراحل ،أي تسجيل الاصوات اولا ومن ثم اضافة الموسيقى والمؤثرات بواساطة المونتاج.
وفيما يتعلق بالاخبار فان مديرية البريد والبرق العامة وافقت على اقتراح مديرية الاذاعة والارسال اللاسلكية واقدمت على نصب جهاز يقوم بالتقاط برقيات الاخبار التي ترسلها وكالة رويتر من لندن بشكل مباشر ويسجلها على شريط خاص.
ان هذه الخطوة ادت الى قيام قسم الانصات في دار الاذاعة الذي اخذ مهمة التنصت على الاذاعات الاخرى للاستفادة من بعض التغطيات الاخبارية او البرامجية . 
وبالرغم من الخطوات الجديدة التي خطتها الاذاعة الا انها كانت مصابة بالقصور في واحد من اهم مواضعها الا وهو انقطاع البث بين حين واخر بسبب انقطاع التيار الكهربائي والذي ينعكس بدوره على البرامج التي تفقد الكثير مما قد تحمل من مزايا جيدة.
وفي عام 1952 تقرر نصب محطة للاذاعة اللاسلكية في مدينة كركوك ، وعدت هذه القضية من الامور المستعجلة وذلك لرغبات الجهات المختصة بلزوم انشاء المحطة باسرع وقت ممكن ، وازاء رغبة الجهات المختصة قامت مديرية البريد والبرق العامة بايفاد احد مهندسيها الى مدينة كركوك لاختيار قطعة الارض الملائمة لانشاء محطة الاذاعة عليها ، وتم اختيار قطعة متروكة في محلة (المصلا) في مدينة كركوك.
وبعد انجاز البناية واصلت مديرية التوجية والاذاعة العامة في مخاطبتها ومطالبتها الجهات المختصة بضرورة الاسراع في نصب اجهزة الاذاعة ولكن بدون جدوى.
ولما كانت الجهات المختصة لم تستجب لتلك النداءات ضاعت امور هذه الاذاعة وانقطعت اخبارها مع الروتين العراقي المقيت .
وفي سنة 1954 شيدت محطة الاذاعة في مدينة كركوك ونصب مرسلة متوسطة فيها لغرض التقاط المناهج الكردية من المرسلة القصيرة في بغداد ، واعادة بثها من كركوك لضمان سماعها في المناطق الشمالية بجلاء ووضوح.
وتزامن مع انجاز البناية بدء الاتصالات والمشاورات بين بعض الجهات العليا في الحكومة العراقية حول تغطية العراق باجهزة التشويش بغية ايقاف المد الدعائي القادم من اذاعات مصر وسوريا ، وفعلا نصبت احدى مرسلات التشويش في مدينة كركوك
 واذا ما انتقلنا الى القسم الكردي في الاذاعة العراقية لوجدناها تضم  استوديوهات ثلاثة وهي :-
1- الاستوديو الكبير وهو مخصص لاذاعة الحفلات الموسيقية والغنائية.
2- الاستوديو الخاص بالمحدثين وقراء القران الكريم .
3- الاستوديو الخاص بالمذيعين او مايعرف باستوديو البث .
وفي دار الاذاعة استوديو صغير يحتوي على عدة اجهزة تبث بواساطته البرامج الى المستمعين وترتبط به استوديوهات الاذاعة، وهذا الاستوديو  يسمى استوديو البث ،وتضم هذه الغرفة عدة اجهزة صغيرة للتسجيل ، وتؤدي غرفة الرقابة او السيطرة الاذاعية دورا كبيرا في عملية النقل الخارجي والتي تشمل الحفلات والمناسبات المهمة.
خصصت الاذاعة العراقية ولاول مرة سنة 1954 فترة بث صباحي للقسم الكردي تبدأ من الساعة 8,55 صباحا وتنتهي عند الساعة 12,00 ظهرا ،وتبث هذه البرامج على موجة قصيرة طولها 48,90 م ، وتضمن المنهاج على مايأتي :-
8,55الافتتاح
9,00 القران الكريم
9,15برنامج بريد القراء
9,30  برنامج طلبات المستمعين
10,00 الاخبار الخارجية (العالمية )
10,10 موسيقى
10,20 اغنية لـ(طاهر توفيق )
10,30 برنامج السوق في الاسبوع .
10,40 برنامج طلبات المستمعين .
11,05 تمثيلية .
11,30 اغنية لـ(نسرين شيروان )
11,40 موسيقى
11,50 مدائح نبوية (دينية)
12,00 الختام
اما الفترة المسائية فقد كانت تبدأ من الساعة 3,55 مساءا وتنتهي في الساعة 7,00 مساءا وتضمن المنهاج المواد الاتية :-
3,55  الافتتاح
4,00القران الكريم
4,15مدائح نبوية (دينية )
4,20 حفلة غنائية عامة
4,50حديث
5,00اغاني لـ(محمود محمد )
5,20  الاخبار الداخلية (المحلية )
5,30اغنية لـ(شمال صائب )
5,40 حفلة موسيقية – فرقة الاذاعة .
5,50الاخبار الخارجية  (العالمية )
6,00عزف على العود  (منير بشير )
6,10اغاني لـ(احمد محمود )
6,30حفلة غنائية لـ(علي مردان)
7,00 الختام .
لاحظت  الباحثة في ضوء اطلاعها على منهاج الاذاعة لسنة 1954 انه زاد على المناهج الاذاعية المشار اليها ،احاديثاً دينية وصحية وثقافية وهي موزعة على ايام الاسبوع هذا فضلا عن ان  برامج المنوعات احتلت مساحة اكبر من باقي البرامج الاخرى ،اما الاخبار فانها جاءت بعد برامج المنوعات وتضمنت الاخبار الداخلية والخارجية التي تستقيها من الاذاعة العراقية التي تأخذها بدورها من وكالات الانباء العالمية وتترجم من اللغة الانكليزية الى اللغة الكردية .
وبشأن معوقات العمل في الاذاعة الكردية فقد وجه العاملون في القسم الكردي تقريراً  الى خليل ابراهيم مدير التوجيه والاذاعة العام في 27/11/1955 وكشف التقرير عن الامكانات المتواضعة للاذاعة الكردية والمؤطرة بالمعاناة الكبيرة في العمل الاذاعي والذي نص على :-
(ان بعض الاسطوانات التجارية المحدودة العدد لايتعدى اذاعتها اكثر من عشرة دقائق يوميا ،اما الحفلات الغنائية المسجلة لكافة مغني ومغنيات الاذاعة الكردية المتجمعة لدينا في السنوات الاخيزة اكثرها اصبحت عديمة الفائدة وهذه الاشرطة هي المعول عليها في تنظيم فقرات المنهج اليومي بحيث لايمكن الاستغناء عنها ويتعذر علينا ملء مواد المنهج بدونها ،وقد ثبت عندنا بان اكثر هذه الاشرطة قديمة الاستعمال ،وكانت قد سجلت عليها مواد اخرى قبل ان تسلم الى هذا القسم ومن المعلوم ان المأمور الفني يمسح المادة القديمة ويسجل عليها المادة الحديثة ،وهي حفلاتنا الغنائية ، وقد اتضح بعد تكرار استعمال هذه الاشرطة ان التسجيلات القديمة تظهر ثانية وتختلط مع المادة الجديدة وتشوه الحفلة المسجلة عليها، وقد تجمعت لدينا الان مجموعة من هذه الاشرطة غير الصالحة للبث، هذا فضلا عن ان اكثر الحفلات تذاع على الجهازين الموجودين في هذا القسم واللذين قد اصبحا غير صالحين للتسجيل واذاعة الاشرطة نظرا لكثرة استعمالها ،كما وتوجد عدة اجهزة قديمة غير صالحة نهائيا ولايمكن الاستفادة منها لعدم اصلاحها من قبل المسؤولين المختصين منذ فترة طويلة، فيرجى تجهيزنا بجهازين جديدين وبعض الاشرطة الكافية ليتسنى لنا تعويض وسد نواقص المواد المسجلة غير الصالحة وذلك بالسرعة الممكنة لئلا نضطر الى اعادة المواد في مناهجنا وفي مدد متقاربة مما يسبب الملل للمستمعين). واجاب مدير التوجيه والاذاعة العامة على التقرير المذكور بما يأتي:-
(سبق ان بينت بمناسبات عديدة ان أجهزة التسجيل الموجودة لدينا اصبحت منذ مدة مستهلكة ولا تصلح لاغراض التسجيل اولا ، واذاعة الاشرطة عليها ثانيا، لذلك اصبح من الضروري تأمين جهازين لهذا القسم وبالسرعة الممكنة خشية توقف الاذاعة بصورة نهائية ، ذلك التوقف الذي حصل عندنا بين وقت وآخر).
وفي سنة 1956 ،قررت الاذاعة الكردية تغيير موجاتها العاملة من موجه قصيرة طولها 48,90 م الى موجة قصيرة طولها 91 م و 3297 كيلو سايكل وهذا مما ادى الى زيادة بث الاذاعة الكردية حتى وصل بثها الى (7) ساعات في اليوم مقسمة على فترتين ،الفترة الصباحية تبدا من الساعة 7,55 صباحا الى الساعة 11,00 صباحا ، اما الفترة المسائية فقد ابتدأ البث فيها من الساعة 3,55 مساءا الى الساعة 8,00 مساءا .
اتسم العمل الاذاعي خلال العهد الملكي بالتطور البطئ وبعدم القدرة على ان يكون بالمستوى اللائق ،وذلك يعود الى عدم الاهتمام بالاذاعة من حيث الاجهزة والمعدات وكذلك من حيث الملاك فقد كان عدد الملاك العامل في الاذاعة (9)  اشخاص جميعهم غير موظفين على الملاك الدائم وينتمون الى دوائر اخرى فضلاً عن عدم اهتمام رجال السياسة في ذلك العهد بالعمل الاذاعي كأداة في تنفيذ السياسة الداخلية ،ولم تدرك اغلب الحكومات العراقية بالعهد الملكي مدى خطورة واهمية الاذاعة في التأثير على الرأي العام محليا وعالميا حتى وقت متأخر جداً. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رائد العمران الثقافي والفني السوري الدكتور عفيف بهنسي 1928-2017 في ذكراه السابعة

  رائد العمران الثقافي والفني السوري الدكتور عفيف بهنسي 1928-2017 في ذكراه السابعة ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس -...