السبت، 11 يناير 2014

مؤرخو المدن العراقية

مؤرخو المدن العراقية :
*********************
محمد أمين زكي 1880-1948 والريادة في الاهتمام بالتأريخ الكردي
أ.د.إبراهيم خليل العلاف
الثلاثاء 15/05/2007
من المؤرخين العراقيين الكورد ، لم يتلق تدريبا على مهنة كتابة التاريخ والبحث فيه ، كان رجلا عسكريا ، لكنه اهتم بالتاريخ والدراسات التاريخية ، وألف ، وكتب ، وحاضر في عديد من موضوعات التاريخ . وخاصة المتعلقة منها بتاريخ الكورد وكوردستان .. لقد كان مؤرخا هاويا شأنه في ذلك شأن الكثيرين من المؤرخين العراقيين الرواد أمثال : عباس العزاوي ، وعبد الرزاق الحسني ، ومحمد أمين العمري ، وسليمان الصائغ ، واحمد علي الصوفي ، واحمد عزت الأعظمي والشيخ فريق مزهر الفرعون ، وحامد علي البازي . 
ولد محمد امين زكي بن عبد الرحمن بن محمود سنة 1880 في محلة (كويزة) التي تقع في مدينة السليمانية . وقد أدخله والده الكتاب ، حيث قرأ القرآن الكريم وحفظ ، آياته وسوره ، وفي سنة 1892 ، التحق بالمدرسة الابتدائية الرسمية التي كانت قد افتتحت في السليمانية آنذاك ، وأمضى فيها عاما وحدا ، انتقل بعدها إلى (المدرسة الرشدية العسكرية) التي تأسست في مدينة السليمانية لتخريج الضباط . وفي سنة 1896 ، دخل الاعدادية العسكرية في بغداد وبعد تخرجه فيها تم قبوله في المدرسة الحربية في استانبول ، وبعد تخرجه سنة 1902 ، انضم إلى واحدة من الفرق العسكرية للجيش العثماني السادس ( التنجي اوردو) . وكانت بغداد مقره آنذاك . ادخل مدرسة الاركان العثمانية وتخرج فيها برتبة رئيس ( رائد ركن) . 
كتب عنه صديقنا الأستاذ حميد المطبعي في جريدة الزوراء ( البغدادية) (العدد الصادر يوم 20 تموز /يوليو 2000) . كما كتب عنه الأستاذ عمر إبراهيم عزيز في جريدة العراق (العد الصادر في 20 تموز/يوليو 1995) لمناسبة مرور (47) سنة على وفاته . وكتب عنه الدكتور حسن كريم الجاف دراسة قيمة في مجلة المؤرخ العربي (العدد 56 الصادر سنة 1998) ، وركزت الكتابات على دوره كعسكري ، وكمؤرخ ، وكمفكر كردي كبير ، كانت له نشاطات متميزة على صعيد التاريخ للكورد عبر العصور . 
الذي يهمنا في مجال التعرف على سيرته الذاتية أن محمد أمين زكي عمل من خلال كونه ضابطا متخصصا بالهندسة العسكرية عضوا في لجنة تأسست في استانبول سنة 1907 ، تهتم بإعداد الخرائط ، لهذا تم اختياره بعد سنة عضوا في لجنة تحديد الحدود بين الدولة العثمانية وبلغارستان( بلغاريا) ، وكذلك في لجنة تحديد الحدود بين الدولة العثمانية وروسيا القيصرية ، . وعندما اندلعت حروب البلقان 1912 ـ 1913 ، أوفد إلى فرنسا مع عدد من الضباط في الجيش العثماني للتدريب . وقد رفع الى رتبة مقدم ركن ، وارسل في أيلول / سبتمبر من سنة 1915 ، ليلتحق بقيادة أركان الجيش العثماني المرابط في العراق ، وقد شارك في معارك الكوت المعروفة ، وبعد ذلك عين مديرا لشعبة الاستخبارات العسكرية ، وفي أعقاب الاحتلال البريطاني لبغداد في 11/آذار /مارس 1917 ، انسحب محمد أمين زكي مع قطعات الجيش العثماني إلى مدينة الموصل . ومنها عاد إلى استانبول ، ونظرا للصداقة التي كانت تربطه مع مصطفى كمال ، فقد اختاره ليكون معاونا لرئيس أركان الجيش السابع المرابط في استنبول . وقد اشترك في كل المعارك التي خاضها العثمانيون في جبهات فلسطين وقفقاسيا . وفي أواخر سنة 1918 نقل إلى شعبة هيئة تدوين التاريخ العسكري في وزارة الدفاع التركية ، وأتيحت له الفرصة لتدريس مادة تاريخ الحرب في كلية الأركان في استانبول . وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة سنة 1920 ، عاد إلى العراق فعين أستاذا في المدرسة العسكرية وآمرا للكلية العسكرية وبقى كذلك حتى سنة 1925 ، حين ترك الخدمة في الجيش ، وانخرط في العمل السياسي ، وانتخب نائبا عن مدينة السليمانية في مجلس النواب العراقي لأكثر من مرة ، وفي 14 تشرين الأول 1925 عين وزيرا للأشغال والمواصلات في وزارة السيد عبد المحسن السعدون الثانية ( 26 حزيران 1925 ـ 1 تشرين الثاني 1926) ثم وزيرا للأشغال والمواصلات في وزارة الفريق جعفر العسكري الثانية (21 تشرين الثاني 1926ـ 8 كانون الثاني 1928 ) وفي 28 نيسان / مايو 1929 أصبح وزيرا للدفاع في وزارة توفيق السويدي (28 نيسان 1929 ـ 25 آب 1929) وبين 1929 و1942 تسنم وزارات عديدة في بغداد ، وكسب سمعة طيبة لما كان يتمتع به من كفاءة ، ونزاهة ، وحب وإخلاص للوطن ، ودور متميز في تعزيز التلاحم الأخوي المصيري بين مكونات الشعب العراقي المختلفة . في 9 شباط /فبراير 1942 أحال نفسه على التقاعد لاعتلال صحته . وفي 10 تموز/يوليو 1948 توفي رحمه الله عن عمر ناهز أل (68) عاما ، وقد دفن في مقبرة (كردي سيوان) بمدينة السليمانية وبجوار قبر احد القادة العسكريين الكورد المعروفين . 
ترك محمد أمين زكي مؤلفات كثيرة باللغات التركية والكردية والعربية ، فضلا عن دراسات وبحوث متميزة ، ومما ساعده على ذلك إتقانه لغات عديدة منها الفرنسية والإنكليزية والفارسية إضافة إلى اللغات الثلاث التي اشرنا إليها آنفا . كان باحثا مدققا غايته الوصول إلى الحقيقة ولم يكن يبخل على نفسه عندما يريد أن يحوز وثيقة أو كتابا . كما كان يتردد باستمرار على المكتبات الخاصة والعامة . 
يقول في مقدمة كتابه (( مشاهير الكورد وكوردستان)) ((ولا اخفي على القاريء الكريم أن لي مزاجا يبدو غريبا في التأليف ، فاني أود أن يكون الموضوع الذي اكتبه صعبا معقدا بحيث يدفعني إكماله إلى زيارة المكتبات الخاصة والعامة لمراجعة مئات الوثائق والمستندات ....)) . 
من كتبه المنشورة (بغداد وصوك حادثة صنياعي) 1338هـ (1919) أي حادثة سقوط بغداد وباللغة التركية ، وكتاب (عراق سفري) 1336هـ (1917) أي حرب العراق باللغة التركية ، وتاريخ الدول والإمارات الكردية في العصر الإسلامي (باللغة الكردية) وهو الجزء الثاني من كتاب (خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان) ونقله إلى العربية محمد علي عوني (طبع في القاهرة سنة 1945) ، وكتاب (تاريخ السليمانية وأنحائها ) ونشر ببغداد سنة 1951 وكتاب ( مشاهير الكورد وكوردستان في الدور الإسلامي) جزءان ونقلتهما إلى العربية ابنته الدكتورة سانحة أمين زكي ، طبع الجزء الأول في القاهرة سنة 1945 والثاني بالقاهرة سنة 1947 . 
ليس من السهولة رصد كل نتاجات المؤرخ محمد زكي أمين لتنوعها ، واختلاف موضوعاتها وتعدد محاورها .. ألف في التاريخ العسكري ، وكتب عن السير والشخصيات ، وتناول التاريخ المحلي (البلداني) .. وقد كان شاعرا وأديبا .. نشر بعضا من قصائده وخاصة في مجلة (كه لاويز) الكوردية المعروفة . يقول الأستاذ عمر إبراهيم عزيز في المقالة التي اشرنا إليها آنفا : ((لولا تفرغ محمد أمين زكي للتاريخ والتاريخ الكوردي على الأخص لكان في مقدمة الأدباء لما اتصف به من لطف العاطفة ، ورقة التعبير ، وسمو الخيال)) . وفيما يتعلق بمنهجه التاريخي ، فلقد كان رحمه الله حريصا على الالتزام بالموضوعية ، والحياد ، والابتعاد عن المبالغة .. كان أمينا وصادقا وممحصا .. يحترم آراء غيره .. وقد أحبه الناس كافة لسجاياه النادرة وكثيرا ما استشاره زملائه من السياسيين والعسكريين والمثقفين عموما وكان مجلسه عامرا يغص بالفضلاء من العرب والكورد ممن يرغبون بنهل المعارف والعلوم وكان يمتاز بطيبته وبالابتسامة التي لاتفارقه . 
كان محمد امين زكي يعد من ابرز الباحثين العراقيين المعاصرين الذين اهتموا بالتاريخ الكوردي عبر عصوره المختلفة .. فهو أول من كتب بلغة الكورد عن اصل الشعب الكوردي ، وموطنه ، وكتابه (خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان) كان النواة الأولى التي اعتمد عليها المؤرخون في تدوين تاريخ الشعب الكوردي بعد كتاب الشرفنامة للأمير شرف خان البدليسي الذي كتبه بالفارسية عن تاريخ الكورد . أما كتابه ( مشاهير الكورد وكوردستان) فقد جمع فيه سيرة عدد كبير من العلماء والشعراء والأدباء الكورد الذين خدموا الحضارة العربية والإسلامية . 
ولمحمد أمين مؤلفات مخطوطة منها ذكرياته عن بعض تجاربه وسني حياته منها ( دفتري خاطراتم) وهي مذكرات تتألف من أربعة دفاتر .. نأمل في أن ترى النور قريبا لأهميتها .. 
كان محمد أمين زكي أديبا ، ومؤرخا ، وعسكريا ، وسياسيا ، وشاعرا ، والاهم من ذلك كله كان إنسانا ، أحب وطنه العراق وخدم بني جنسه الكورد بكل إخلاص ومحبة ، ولم يقعده المرض عن الدرس والتحصيل لذلك فهو يحتل في قلوب العراقيين عامة والكورد خاصة مكانة كبيرة ، وحين يتوارد اسمه على الخاطر ، أو يذكر اسمه في مجلس فأن أول ما يقال عنه انه كان بحق ( أبو التاريخ الكوردي ) . 
سعيد الديوه جي 1912 ـ 2000 وجهوده في توثيق تاريخ الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف 
في يوم الجمعة 21 من كانون الثاني سنة 2000 م مات شيخ مؤرخي الموصل .. وحزنت الموصل كلها وتوافد الآلاف للتعزية .. وهم يستذكرون سعيد الديوه جي ، يوم كان مفتشاً في ( المعارف ) ويوم عمل في الآثار ، ويوم تسلم مديرية ( المتحف الحضاري ) ، ويوم أسهم في بناء جامع حي الثورة ، ويوم أرخ للموصل ولعلمائها ولصنائعها ولألعابها ولنسائها وجسورها ومدرائها .. لهذا أسف الناس كثيراً ، وعدّوا وفاة سعيد الديوه جي خسارة كبيرة لمدرسة الموصل التاريخية .. فكتاباته وبحوثه ومقالاته وتحقيقاته تقف شاهداً على عظمة هذه المدينة المعطاء .. لقد بقي حتى آخر لحظة من حياته يكتب ويقرأ .. يتصل بالمؤرخين ويراسل المستشرقين .. يدّون ويحقق ويدقق ويضع كل ما لديه من خبرات أمام من يريد الاستزادة من التراث ومن التاريخ ، لذلك فهو مصدر مهم لا غنى عنه لمن يبحث عن تاريخ الموصل وما فيها من علم وفن وآداب وصناعة وأثر تاريخي ومنشآت حضارية معمارية ومؤسسات ثقافية .

الديوه جي من المؤرخين الذين عدّوا التاريخ كمجرى الحياة حيث لا توجد فواصل بين عصر وآخر .. لاتوجد فواصل بين التاريخ السياسي والتاريخ الفكري والتاريخ الاقتصادي .. أنه شيخنا جميعاً .. شيخ المؤرخين الموصليين . . فقد سبق وأن اخترناه رئيساً فخرياً لجمعية المؤرخين والآثاريين فرع نينوى والتي كان لي فضر ترأسها لسنوات طويلة .. كما أنه أسس وأسهم في جمعيات عديدة خدمت التاريخ والتراث ومنها على سبيل المثال جمعية التراث العربي .. أسس المتحف الحضاري وعمل أول مدير له .. وكانت له اسهاماته في دفع الآثاريين والمنقبين لكشف أسرار حضارة العراق التليدة. كتب عنه حميد المطبعي في موسوعة أعـلام العراق في القرن العشرين وكتبتُ عنه في موسوعة الموصل الحضارية في مبحث ( التاريخ والمؤرخون الموصليون المعاصرون ) .. كما قمت بتكليف أحد طلبة السنة النهائية في قسم التاريخ بكلية التربية وهو ( رضوان عطية وردي ) سنة 1991 ليكتب عنه رسالة التخرج وكانت بعنوان
( سعيد الديوه جي وأثره في تطوير الكتابة التاريخية الحديثة في الموصل ) وزودني رحمه الله بسيرته مطبوعة على الآلة الكاتبة بعنوان ( سعيد الديوه جي يتحدث عن حياته ومؤلفاته ونشاطاته وجهوده العلمية ) مؤلفة من ( 15 ) صفحة وكتبت عنه مؤخراً رسالة ماجستير قدّمت إلى قسم التاريخ بكلية الاداب ، جامعة الموصل .. استفاد منه كل الذين كتبوا عن تاريخ الموصل .. زاره مستشرقون ومؤرخون عراقيون وعرب وأجانب . وأجمع كل من أطلع على كتاباته وتحقيقاته بأنه خير من ألّف عن الموصل .

ولد سعيد الديوه جي في الموصل سنة 1912 وتلقى دراسته فيها ، ثم سافر إلى بغداد والتحق بدار المعلمين العالية سنة 1930 ، وبعد تخرجه اشتغل مدرساً ثم عيّن مفتشاً ( مشرفاً تربوياً ) . وفي سنة 1951 نقل إلى مديرية الآثار العامة ، وقد كلف بالتحضير لفتح المتحف الحضاري في الموصل ، وتم فتح المتحف سنة 1952 ، وتولى إدارة المتحف حتى 1968 عندما أحال نفسه على التقاعد ليتفرغ للبحث والتأليف .

اهتم الديوه جي بالتاريخ منذ صغره .. وقد عاش في جو علمي ، فوالده الشيخ أحمد الديوه جي ( 1872 ـ 1944 ) وعمه الشيخ عثمان الديوه جي ( 1871 ـ 1941 ) كانا معروفين باهتماماتهما الفقهية واللغوية والرياضية ، وكذلك استفاد الديوه جي من دراسته ببغداد ، فمن الأساتذة الذين أثّروا فيه أحمد حسن الزيات وساطع الحصري ودرويش المقدادي وسليم النعيمي وطه الهاشمي ، هؤلاء الرواد كانوا يدرسون في دار المعلمين العالية .

توجه الديوه جي نحو البحث والتأليف بعد فترة قصيرة من تخرجه ، وتعد مقالاته التي كتبها في ( مجلة المجلة ) الموصلية بعد صدورها سنة 1938 عن الموصل من أقدم ما كَتَبَ . أما كتابه ( الفتوة في الإسلام ) ، فيعد من بواكير انتاجه ، وقد نشره سنة 1940 وأصدر في سنة 1952 كتاباً عن الأمير خالد بن يزيد الأموي المعروف باهتمامه بعلوم الحكمة والترجمة ، وفي سنة 1955 نشر كتابه ( بيت الحكمة ) وخلال السنة ذاتها أصدر كتابين أولهما : ( الخدمات الاجتماعية لطلاب العلم في الإسلام ) ، وثانيهما : ( عقائل قريـش ) .. وبين سنة 1958 و 1982 أصدر كتباً عدة أبرزها : ( الموصل في العهد الأتابكي ) و ( جوامع الموصل ) و ( مدارس الموصل ) ، و
( تاريخ الموصل ) الذي نشر الجزء الأول منه سنة 1982 ، وفيه يتناول تاريخ وحضارة الموصل منذ نشأتها حتى سنة 600 هـ ، وبعد وفاته قام ولده الأستاذ الدكتور أبي ( رئيس جامعة الموصل الحالي ) بطبع الجزء الثاني الذي يتعرض للفترة من 601 هـ وحتى 1139 هـ ، وقد طبعه المجمع العلمي العراقي .

وفضلاً عن الكتب التي ألفها الديوه جي عن جوامع الموصل ومدارسها وصنائعها ومساجدها وتراثها وتقاليد الزواج فيها فإنه كتب سلسلة طويلة من البحوث والمقالات عن خطط الموصل،وسور الموصل ، وجسور الموصل في مختلف العصور، وقلعة الموصل ، والزخارف الرخامية في الموصل ، وأهتم بتأليف دراسة موثقة عن
( اليزيدية ) ،قال عنها المؤرخ الاجتماعي الفرنسي الراحل جاك بيرك أنها خير ما ألّف في هذا الميدان .

كما انصرف الديوه جي إلى تحقيق كتب تتناول تاريخ الموصل ، ولعل من أبرزها تحقيقه ونشره كتاب " منية الأدباء في تاريخ الموصل الحدباء " لياسين العمري ، وكتاب " منهل الأولياء ومشرب الأصفياء من سادات الموصل الحدباء " لمحمد أمين العمري ، وكتاب " ترجمة الأولياء في الموصل الحدباء " لأحمد بن الخياط الموصلي ، وكتاب " مجموع الكتابات المحررة في أبنية الموصل " لنيقولا سيوفي .

كان الديوه جي باهتماماته بتاريخ الموصل يحرص باستمرار على التأكيد بأنه يسير على منهج المؤرخين الموصليين الذين عنوا بتاريخ مدينتهم وألّفوا فيها كتباً متعددة ومنهم أبو زكريا الأزدي صاحب ( تاريخ الموصل ) ، وعز الدين بن الأثير صاحب كتابي ( الكامل في التاريخ ) و ( الباهر في تاريخ الدولة الأتابكية ) ، وقد حاول أن يجعل التاريخ علماً شعبياً يتوجه إلى جمهور الناس وباسلوب سلس وواضح ، ومن هنا اكتسبت كتاباته سمعة طيبة بين القرّاء .

وصف حميد المطبعي في كتابه " سعيد الديوه جي " الذي أصدره ضمن سلسلة موسوعة المفكرين والأدباء العراقيين ، الجزء التاسع ، سنة 1988 كتابات الديوه جي التاريخية ، وقال انها ، ذات أسلوب غير معقد فعباراته سهلة لا تزويق فيها المعلومة أكثر من مضمونها الفني واللغوي ، وجمله تنقاد إلى مضامين الأخبار بتلقائية ، وشيئاً فشيئاً تتحـول إلى أسلوب الرواية أو كـأن كلامه صار هو ذاتـه رواية مـن روايات التاريخ ، أما سر اهتمامه بتاريخ مدينة الموصل فيرجع إلى حبّه لها واعتزازه بدورها ، فهي كما يقول " قلعة العروبة والإسلام " وكان للموصل فضل جمع وتوحيد العرب والمسلمين تحت راية واحدة إبان الغزو الصليبي لفلسطين ، وقد صمدت أمام غزو الفرس مرات عديدة آخرها سنة 1743 م حينما حاصرها نادر شاه .. كما استعصت على العثمانيين وحكمت نفسها بنفسها طيلة قرن من الزمان ، حينما تولى الجليليون حكمها بين 1726 ـ 1834 ، ومن هنا فإن كتابات الديوه جي تعد مصدراً مهماً لمن يبحث في تاريخ الموصل وتراثها .

كان الديوه جي شخصية اجتماعية كذلك ، إضافة إلى كونه شخصية علمية .. ومن الأعمال التي كان يعتز بها اسهامه في فتح ( كلية المحاسبة وادارة الأعمال ) في الموصل سنة 1968 والتي أشرفت عليها جمعية الاقتصاديين العراقيين ، وفي الأول من أيلول 1970 صدر قـرار نشر بجريـدة الوقائع العراقية يقضي بتغيير اسمها إلى
( كلية الادارة والاقتصاد) والحاقها بالجامعة المستنصرية ثم بجامعة الموصل بعد زمن.

كما سعى مع جماعة من أهل حي الثورة بإنشاء جامع كبير ، وقد تولى شخصياً رئاسة لجنة جمع التبرعات ، وفي سنة 1968 أسهم في تأسيس جمعية التراث العربي وانتخب نائباً للرئيس فيها . وفي سنة 1978 اختارته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع ثمانية علماء لدراسة إنشاء بيت الحكمة ببغداد ، وقد اقترح أن ينشأ البيت في بناية القصر العباسي على نهر دجلة ، ولا يمكن أن ننسى فضله في فتح المتحف الحضاري وادارته قبل ذلك لمديرية الأبحاث الاسلامية الفنية في مديرية الآثار العامة ، وإسهامه في إصدار مجلة ( سومر ) العتيدة وإكماله قاعات المتحف التي ضمّت آثار النمرود والحضر ، وذلك في 27 من نيسان سنة 1952 ، ويتحدث المرحوم الديوه جي عن ذلك في بعض أوراقه التي احتفظ بها قائلاً : " في سنة 1951 نُقِلْتُ إلى مديرية الآثار العامة بعنوان مدير الأبحاث الإسلامية الفنية على أن أقوم بتهيئة متحف في الموصل ، تسلمت بناية المتحف وهي خاوية من كل أثر ، وسعيت بمؤازرة متصرف اللـواء سعيد قزاز ورئاسة بلدية الموصل وأكملت القاعة الأولى وعرضت بها آثاراً من النمرود والحضر، وافتتح المتحف في27 من نيسان سنة 1952، وحضر الافتتاح طائفة من العلماء الذين حضروا المهرجان الألفي الذي أقيم في بغداد لابن سينا ، وكان من الأيام المشهودة في الموصل يزينه بهجة الربيع ، وطيب النسيم ، وجمال الحقول ، وبقيت في إدارة المتحف بعنوان اخصائي أثري إلى سنة 1968 عندما طلبت احالتي على التقاعد " .

ثم يقول بعد ذلك أنه طوّر مكتبة المتحف وضمَّ إليها جزءاً من مكتبة انستاس الكرملي ، وفي سنة 1965 انتخب عضواً في المجمع العلمي العراقي وزار عدداً من البلدان العربية ، وحضر مؤتمرات علمية كثيرة في تونس وإيطاليا وتركيا وبريطانيا وسوريا وليبيا ومصر ، وفي سنة 1969 قصد زيارة بيت الله الحرام وأدى فريضة الحج ومكث هناك 32 يوماً زار المكتبات وأطّلع على ما فيها من مخطوطات .. وله معارف من المستشرقين منهم ( كرسول ) العالم الآثاري ، وجاك بيرك (العالم الاجتماعي) .. كما أنّ له صلات مع معظم الباحثين والمؤرخين العرب والعراقيين كناجي معروف ومصطفى جواد وفهمي المدرس وداؤد الجلبي، رحمهم الله جميعاً .

يوسف كركوش الحلي 1906-1990 وكتابه تاريخ الحلة




لعل أول مرة سمعت فيها بالمؤرخ الأستاذ يوسف حمادي حسين كركوش الحلي 1906-1990 ، كانت عندما كنت طالبا في الصف الأول في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد قبل أكثر من 40 سنة .وكان كتابه عن " تاريخ الحلة " ويقع في جزئين من المصادر التاريخية المعتمدة لدينا .والأستاذ يوسف كركوش الحلي في تاريخ الحلة –شأنه شأن كل من كتب عن تاريخ مدينته –أمثال سليمان الصائغ في "تاريخ الموصل" وعبد الكريم الندواني في "تاريخ العمارة" ووادي العطية في "تاريخ الديوانية" ، محبا لمدينته بل عاشقا لها لهذا فقد تحدث عن الحلة بمحبة ،ووقف عند دورها السياسي الوطني والثقافي .
كتب الأستاذ حميد المطبعي عنه في "موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين" فقال انه باحث ولد في مدينة الحلة سنة 1906 .وقد منعته حالته الاقتصادية من أن يدخل المدارس الرسمية ، فعمل خياطا في سوق الحلة لكنه اتجه نحو الدراسة عند علماء وادباء عصره .درس على الشيخ ناجي الخميس النحو وعلوم اللغة .كما درس المنطق على السيد القاسم العطار والفلسفة على الشيخ عبد الكريم الماشطة .لهذا انتدبته وزارة المعارف (التربية ) وعينته في سنة 1936 معلما في احدى المدارس الابتدائية في الحلة .
من مؤلفاته المطبوعة :
* "مختصر تاريخ الحلة" ، صيدا -1934 
* "رأي في الإعراب" - 1958
* " تاريخ الحلة " جزءان - 1965 
طبع كتابه الموسوعي "تاريخ الحلة " بجزئي ناو كما سماهما هو بقسمين تناول في القسم الأول "الحياة السياسية " في الحلة . وفي القسم الثاني " الحياة الفكرية في الحلة " .وقد وردت أمام اسم المؤلف في الكتاب كلمة "العلامة المتتبع الشيخ يوسف كركوش الحلي " وتولى السيد محمد كاظم الحاج محمد صادق الكتبي نشر الكتاب في مطبعته " المطبعة الحيدرية" في النجف الاشرف سنة 1385 هجرية 1965 ميلادية .وقد وقع الكتاب بجزئيه في 512 صفحة من القطع المتوسط .
في القسم الأول من الكتاب، تناول الشيخ الحلي الحياة السياسية في الحلة فذكر تاريخها ، ووقف عند دورها السياسي في أحداث العراق عبر العصور .أما في القسم الثاني فقد تطرق عبر ثلاثة فصول إلى النهضة العلمية والأدبية في الحلة وبين عوامل النهضة ، وأشار إلى أن تلاميذ الشيخ الطوسي غرسوا بذور النهضة في الحلة .ولم ينس أن يتحدث عن المزيديين ،وال البطريق ، وال سعيد ، وال المطهر، وال طاووس، وال ممية ، وبنو الأعرج . وفي الفصل الثاني المعنون : " دور الركود الفكري في الحلة " ، قال ان الركود لم يحل دون ظهور أدباء وشعراء ونحويين منهم أبو الغنائم الحسيني، والحسين بن الابزر الحسيني، والسيد نعمان الاعرجي ، والشيخ احمد النحوي .
أما الفصل الثالث ، فقد كرسه لتوضيح أبعاد النهضة الأدبية في الحلة في القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر الهجريين (التاسع عشر والعشرين الميلاديين ) .وفي هذه الفترة المهمة التي لم تكن تختلف عن النهضة في كل إنحاء العالم العربي ظهر أدباء، وشعراء مجددين منهم الشيخ حبيب المطيري ، والشيخ علي العذاري ، والشيخ صالح الكواز، والشيخ حسن الفلوجي ، والحاج عبد المجيد العطار ، والشيخ ناجي الخميس ، والمحامي الشيخ رؤوف الجبوري، والشيخ محمد حسين الجباوي .
كان الشيخ يوسف كركوش الحلي يرى بأن الحلة ، ومنذ أن مصرها الأمير سيف الدولة صدقة المزيدي ، شهدت نهضة علمية وأدبية وصلت أوج عطائها في القرن السابع الهجري –الثالث عشر الميلادي ، فصارت دار هجرة لطلاب العلوم والمعارف فقصدها عشاق الفضيلة ، ليدرسوا العلوم على علمائها الأعلام فنبغ فيها العلماء والحكماء والأدباء، وذاع صيتهم مدى الآفاق ...كانت الحلة في ذلك العهد من أرقى المدن العربية والإسلامية بالنسبة لرقيها العلمي والأدبي ، وكانت مدرستها تعد اكبر جامعة إسلامية. ومما ساعد على ذلك أمران: أولهما أن أمراء الحلة من المزيديين كانوا على جانب عظيم من الفضل ،والكمال ،وسمو الأخلاق ، وكرم السجايا .كانت للأمير سيف الدولة مكتبة تحوي الآلاف من المجلدات . وكان أمراء بنو مزيد يدنون العلماء والأدباء ويطلقون لهم الحرية ، وهكذا ترسخت الروح العلمية والأدبية في الحلة، وأثمرت وجادت.
تحدث الشيخ يوسف كركوش الحلي عن الأسر العلمية والأدبية في الحلة إبان النهضة الفكرية المزيدية ، وراعى الترتيب الزمني في ظهور الأسرة على مسرح الحياة الفكرية . ولعل ابرز ما فعله هو أن ترجم لأبرز رموز الأسر العلمية والأدبية وقبل ذلك وقف عند المزيديين وهم أمراء الحلة ومؤسسوها وقال إن في الأسرة المزيدية نبغ جماعة في قيادة الجيوش ، وسياسة الملك وفي الآداب والعلوم وبقي اسم هذه الأسرة لامعا حتى أواخر القرن الخامس عشر الميلادي ثم اختفى ذكرهم ودخلوا في غمار الناس .ومما يذكر انه ترجم لجماعة من أولئك الأمراء في القسم السياسي من كتابه تاريخ الحلة وفي القسم الثاني ترجم لمن أبدى نشاطا فكريا وأدبيا وعلميا .ولعل من ابرز من ترجم له بدران بن سيف الدولة ، والأمير مزيد الحلي المزيدي ، والشيخ جمال الدين احمد المزيدي ، ورضي الدين علي المزيدي، والشيخ علي بن منصور بن الحسين المزيدي .
لقد أورد شيئا من شعرهم وقال أن بعضهم اشتهر بالفقه ، واختص آخرون بالتاريخ والرواية والأدب والبلاغة والنحو والمنطق .قال عن الأمير مزيد الحلي المزيدي انه كان شاعرا مجيدا ، مكثرا من الوصف والغزل والنسيب والتغني بالخمرة ، ووصف مجالس الشراب ،ووصف الطلول والمناجاة . ومن استعراض قصائده يلحظ أنها كانت تمتاز بالقوة ،والجزالة ،والرقة .كما تدل على انه شاعر مرهف الحس ، رقيق الشعور، صادق العاطفة يعبر عن الم دفين ، وحزن كمين . ومن شعره :
ومرابع بالجامعين عهدتها 
تزهو بغيلان لها وجاذر 
أيام كنت أجر في روض الصبا 
رد في بين رفارف وعباقر
من كل فاتنة أللحاظ إذا رنت
ياللرجال من اللحاظ الفاتر
بيضاء كاملة المحاسن كاعب 
تختال بين خلاخل وأساور
أخذت من الضدين ماعرفا به 
من فاحم جثل ، وابيض زاهر 
فمن الصباح لها ابيضاض معاصم 
ومن الظلام لها اسوداد غدائر 
ينقل عنه الأستاذ حميد المطبعي قوله عن سبب اهتمامه بالتاريخ : " يقول : إذا سألتني عن سبب ميلي الشديد إلى الكتابة عن تاريخ الحلة فأقول : أن في الحلة غنى في التاريخ .غنى في المشاهير ، وغنى في الوقائع . ثم أن في تاريخها صراعا يثير الجدل في العقل، ويدفع المرء إلى التتبع والنفاذ بشوق في هذا الصراع... " .رحم الله مؤرخنا الشيخ يوسف كركوش الحلي ، وجزاه خيرا على ما قدم لمدينته ووطنه وأمته وللإنسانية .


       الدكتور عماد عبد السلام رؤوف والتاريخ العثماني

ا.د.إبراهيم خليل العلاف



منذ الستينات من القرن الماضي، وأنا اعرف الصديق الأستاذ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف  ،وذلك عندما كنت أقرأ له ، وعنه في" مجلة المكتبة" التي كان يصدرها الأستاذ قاسم محمد الرجب صاحب مكتبة المثنى العامرة .وكانت اغلب مقالاته، وأخباره في المجلة تتعلق بما كان ينجزه الكتاب والباحثون العراقيون المهتمون بالتاريخ العثماني، وبتراث العراق ومنجزات مؤرخيه في هذا العصر المزدحم بالأحداث والوقائع والأفكار والمؤلفات والمصادر .وبعد التحاقي بالدراسات العليا في كلية الآداب –جامعة بغداد مطلع السبعينات ، توثقت علاقتي معه، وبعدها عملنا سوية في مشاريع وزارة الثقافة العراقية ذات الطابع التاريخي ومنها : موسوعة" حضارة العراق "و"العراق في مواجهة التحديات" .كما اشتركنا سوية ولأكثر من مرة في الندوات والمؤتمرات التاريخية ومناقشات رسائل وأطروحات الماجستير والدكتوراه .وأكاد اجزم أن العلاقة بيني وبينه كانت قوية، وحميمة، وقائمة على الإعجاب والاحترام المتبادل . وقد فرحت كثيرا قبل مدة عندما قرأت له إطراءا على منهجي التاريخي الذي وصفه بالقول انه منهج يعتمد التوازن  بين المبدأ والمنهج معا وقال : " تميز المؤرخ الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف بمزايا شخصية وعلمية كثيرة عرفها طلابه وزملاؤه وكل من كانت له فرصة اللقاء به، وفي تقديري فإن أهم تلك المزايا هو الجمع المبدع بين الإخلاص لمبادئه الوطنية والقومية والإسلامية، والإخلاص لقواعد المنهج العلمي في كتابة التاريخ" .

      الأستاذ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف، مؤرخ من الموصل ينتمي إلى آل العطار ،وهي أسرة عباسية سكنت في محلة باب النبي جرجيس . ولد في  سنة 1948 ..جده الأستاذ محمد رؤوف العطار(1878-1965 ) من رواد التربية والتعليم في العراق .. كان مديرا لأقدم وأبرز ثانوية موصلية هي "ثانوية الموصل" .كما عمل في سنة 1927 مديرا لمعارف (تربية ) البصرة .درس الدكتور عماد عبد السلام رؤوف  في مدارس الموصل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية .وبعد حصوله على الشهادة الثانوية سافر إلى بغداد حيث لم تكن في الموصل جامعة ودخل كلية الآداب –قسم التاريخ وتخرج سنة 1970. ولم يقف عند هذا الحد وإنما قرر إكمال دراسته العليا  ، فالتحق بجامعة القاهرة ونال الماجستير سنة 1972 عن رسالته الموسومة : " ولاية الموصل في عهد آل ألجليلي 1726-1834 " .  وقد نشرت في النجف الاشرف سنة 1975 بعنوان: "الموصل في العهد العثماني :فترة الحكم المحلي الحكم المحلي " .كما حصل  على الدكتوراه سنة 1976 عن أطروحته الموسومة : " الحياة الاجتماعية في العراق أبان عهد المماليك 1749-1831" .عمل رئيسا لمركز إحياء التراث العلمي في جامعة بغداد.. ودرس في كلية التربية بجامعة بغداد .. ثم نقل خدماته إلى كلية الآداب بجامعة صلاح الدين بأربيل- ولايزال هناك حتى كتابة هذه السطور .

    ألف عددا  كبيرا من الكتب أبرزها كتبه : " "مدارس بغداد في العصر العباسي" 1966 ،و"الآثار الخطية في المكتبة القادرية "بخمسة أجزاء 1974-1980 و"التاريخ والمؤرخون في العصر العثماني" 1983و"فهرست مكاتب بغداد الموقوفة" 1985 و"كتابة العرب لتاريخهم في العصر العثماني " 1989و"الأصول التاريخية لأسماء محلات بغداد"1994 و"صفاء الدين عيسى البندنيجي : حياته وآثاره"  و" مراكز ثقافية مغمورة في كردستان " و"ضياء جعفر.. سيرة وذكريات" و"العراق في وثائق محمد علي باشا " و"معالم بغداد في القرون المتأخرة " و "من رواد التربية والتعليم في العراق محمد رؤوف العطار" 1988 و"المدرسة العلية في بغداد "1988 ولمحات من تاريخ العراق الحديث " 1983 و"معالم بغداد في القرون المتأخرة "2000.كما حقق مجموعة طيبة من كتب المؤرخين الأوائل منها كتاب" زبدة الآثار الجلية في الحوادث الأرضية"لياسين العمري 1975، و"الدرر المنظومة والصور المختومة " لخليل بن علي البصير1974 ،و"تاريخ حوادث بغداد والبصرة من 1186-1192 هجرية"  لعبد الرحمن السويدي والجواهر وصفاتها ليحيى بن ماسويه و" تذكرة الشعراء " لعبد القادر الشرباني و" التحفة المسكية في الرحلة المكية"  لعبد الله السويدي و" تاريخ الزبير والبصرة"  لعبد الله بن الغملاس و " مطالع السعود : تاريخ العراق من سنة 1188 إلى سنة 1242 هجرية -1774-1826 ميلادية تأليف عثمان بن سند " 1991 و " معركة عين جالوت / رمضان 655 هجرية –أيلول-سبتمبر 1260 ميلادية " 1986 و" المملكة العربية السعودية بين الحربين في ضوء تقارير المفوضية العراقية في جدة " و" العقد اللامع بآثار بغداد والمساجد والجوامع"  لعبد الحميد بن عبادة  .وقدم لكتبا كثير آخرها تقديمه لكتاب "الشيخ عبد القادر الكيلاني :رؤية تاريخية معاصرة"  لمؤلفه السيد جمال الدين فالح الكيلاني  2011 .

     وللدكتور رؤوف كم كبير من المقالات والدراسات والبحوث المنشورة في المجلات ليس من السهولة حصرا ويحتاج  ذلك إلى وقت وجهد كبيرين . لكن مما لابد من الإشارة إليه أن معظمها يدور حول تاريخ وتراث العراق في العصر العثماني . فثمة دراسات عن مساجد بغداد ،وسجلات المحكمة الشرعية ،وتاريخ مشاريع مياه الشرب القديمة في بغداد، ونظم المدارس العثمانية ،ومؤرخي الكوفة ،وصفحات مجهولة من تاريخ النجف الاشرف في القرن الثالث عشر الهجري ، وصمود البصرة أثناء حصار نادرشاه، والعلاقات الزراعية في العراق إبان القرن الثامن عشر، وعبد الرحمن حلمي ومخطوطته في تاريخ بغداد في القرن التاسع عشر ،ومن تاريخ الخدمات النسوية العامة في الموصل ،وأضواء على انتفاضة الموصل المنسية سنة 1839 ،وعن العملات المستعملة في الموصل وأقيامها في العصر العثماني" ونشأة التنظيمات السياسية في أواخر العصر العثماني" و"الأصناف والتنظيمات المهنية " . وهنا لابد من الاشادة بما قدمه الزميل  الدكتور احمد ناجي الغريري حينما ألف كتابا عن أستاذه الدكتور رؤوف مؤخرا بعنوان : "الدكتور عماد عبد السلام رؤوف ..أربعون سنة في دراسة التاريخ وكتابته "، وفيه ركز على سيرته ومنهجه ، ومؤلفاته واهتماماته بتوثيق البنية الاجتماعية للعراق وتطور العلاقات بين شرائح المجتمع وانعكاس ذلك على التحولات السياسية .

    أجرى الأستاذ طارق كاريزي حوارا مع الأستاذ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف نشر في مجلة الصوت الآخر (الاربيلية ) وفي عددها 303 الصادر في 23 تموز 2007 جاء فيه :إن أهمية التاريخ تتأكد في حياة الشعوب من خلال تقديمه صورة الجذور التي ينتمي اليها ذلك الشعب فالتاريخ يمثل الهوية لكل شعب وليس بالضرورة ان يمثل التاريخ حافزا للأمة   لكي تنهض بواقعها، ربما كان العكس صحيحاً ايضاً، فيكون التأريخ عبئاً على هذه الأمة، يعيق حركتها ويضيق عليها سبلها في التقدم.
 لكن التأريخ إذا وظف توظيفاً جيداً فأنه يعد  قوة دافعة وهوية ثابتة تدفع الأمة إلى الأمام..
وحول فيما إذا كانت الأمة العربية قد أسلمت حياتها ومستقبلها للتاريخ قال الأستاذ  الدكتور عماد عبد السلام رؤوف : هذا صحيح الى حد ما، وغير صحيح الى حد ما، كيف؟ لقد انبعثت النهضة العربية في القرن التاسع عشر من خلال محاولة النُخب المثقفة الاقتداء بالقمم البارزة من أعلام الأمة في العهود السابقة. ويمكننا القول أنه في القرن التاسع عشر كان التأريخ حافزاً، وتالياً تحول إلى محراب توقد فيه البخور، ففقد الإنسان القدرة على التفاعل  مع الماضي .
 وحول الفرق بين الإنسان الغربي والإنسان العربي في النظرة إلى التاريخ قال : أن الإنسان الغربي يرى  
حلمه في أفق المستقبل، بينما الإنسان العربي لايرى الا الماضي ..ونحن نقول أن التأريخ هو ابن التفاعل، حيث لا تفاعل لا تأريخ  .. والتفاعل لا يجري بين كيانات متشابهة، والتمايز ضروري لاستمرار ذلك كله. وهذا التنوع أساس لاستمرار التأريخ والحياة. وعن العلة في التأخر قال : "العلة في العمل، هم عملوا فصنعوا حاضرهم ومستقبلهم، أفادوا من ماضيهم وتفاعلوا معه وصنعوا حاضرهم، وهم الآن يبنون لمستقبلهم، ونحن لا نعمل، ولا فرق بيننا وبينهم سوى العمل، وحتى لا نندثر علينا أن نعمل، لأننا في حال اندثارنا سيخسر العالم نفسه، لأنه سيفقد عنصراً يمكن أن يؤدي دورا في استمرار التاريخ.
  تمنياتنا للدكتور عماد عبد السلام رؤوف بالموفقية والاستمرارية في  ترسيخ أسس المدرسة التاريخية العراقية والعربية التي تستند إلى المنهجية العلمية الصارمة ، وتقدم كل ماهو مفيد لإقالة الأمة من عثراتها ، وتوضيح طرق التقدم والتنمية  اللازمة بالاستناد إلى الدرس التاريخي والاستفادة من تجارب الأمم في البناء والإسهام في منجزات الحضارة الإنسانية المعاصرة
 .المؤرخ الحاج وداي العطية 
شكرا للاخ ابو ضرغام الحميداوي الذي ذكرنا بالمؤرخ والكاتب والباحث والمجاهد الحاج وداي العطية ( 1889-1983) ..هذا المؤرخ الذي لو لم يؤلف الا كتاب "تاريخ الديوانية قديما وحديثا " لاعتبرناه من المؤرخين الافذاذ .مع انه تلقى تعليما دينيا في بداية حياته الاانه ثقف نفسه بنفسه وقرأ وحاور وناقش والتقى مع المؤرخين العراقيين المجايلين له ومنهم الاستاذ عباس العزاوي والدكتور مصطفى جواد والاب انستاس الكرملي ..كما انه سافر وزار دولا عديدة وعًلم اولاده ومنهم الاستاذ الدكتور عبد الحسين وداي العطية الاستاذ الجامعي ووزير الزراعة الاسبق 1968 تعليما حديثا وارسلهم في بعثات خارج العراق للحصول على الشهادات العليا ..كان يتقن الفارسية ويعرف التركية ..درس الاقتصاد وعلم الاجتماع والفقه والفلسفة ..كتب عنه صديقنا الاستاذ الدكتور صباح مهدي رميض بحثا ممتازا وقف عند سيرته ومؤلفاته ونهجه في كتابة التاريخ ، ووصفه بأنه كان صادق اللهجة ، حسن التعبير ، كريم النفس ، طيب الاخلاق ، كتاباته دقيقة وهو يحرص على الموضوعية والتحليل والنقد .الذي يهمنا ان لهذا المؤرخ مؤلفات غير منشورة منها كتبه عن تاريخ الحلة ، وتاريخ عشيرة بني حسن ، وتاريخ مدن الفرات الاوسط ، والمتصرفون في لواءي الحلة والديوانية ، وتاريخ عفك ، ووحرب الشعيبة ، وحوادث سنتي 1936-1937 .........................توفي رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم لوطنه في 18 اب سنة 1983 .ا.د.ابراهيم خليل العلاف


 المؤرخ جواد عبد الكاظم محسن وتاريخ المسيب

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

لم أجد أحدا أكثر منه حبا لمدينته بل وعشقا لها . ومن هنا يمكن أن نسميه " مؤرخ المسيب الأول بلا منازع " .انه الصديق الكاتب، والمؤرخ ، والأديب ، والصحفي الأستاذ جواد عبد الكاظم محسن .
ومما عظم مكانته في نفسي، ونفس كل عراقي مخلص انه يحرص على توثيق ما يتعلق بنتاجات الكواتب والأديبات والمؤرخات والصحفيات العراقيات المعاصرات بكل دقة وأمانة. وقد أنجز موسوعته عنهن بجزئيها الأول والثاني واللذان ضما المئات منهن .وقف عند سيرهن وأرخ لنتاجاتهن ، وأبرز ما تميزت كل واحدة منهن. وفي يقيني انه من المؤرخين والباحثين الذين اهتموا بدور المرأة العراقية وإسهاماتها في بناء العراق الحديث وأي باحث في هذا الميدان لا يستطيع ان يستغني عن ما كتبه هذا المؤرخ الصادق الأمين .
كتب أحد الباحثين يقول : " أن لكل مدينة مؤرخها ، قديماً وحديثاً ، إذا ٌذٌكر ذكرت به ، وإذا ذكرت ذكر بها ، ففي الماضي القريب ، كان الشيخ يوسف كركوش الحلي (1906 – 1990م) للحلة الفيحاء ، وسعيد الديوجي (1912 – 2000م) للموصل الحدباء ، والسيد محمد حسن الكيلدار لكربلاء المقدسة 1918 – 1996م) ، والشيخ علي القسام (1904 – 1979م) لمدينة المسيب وغيرهم لغيرها ، وفي يومنا الحاضر صار عبد الرضا عوض لمدينة الحلة الفيحاء ، والدكتور إبراهيم خليل العلاف للموصل الحدباء ، والسيد سلمان هادي آل طعمة لكربلاء المقدسة ، وجواد عبد الكاظم محسن لعروس الفرات مدينة المسيب كما أحبّ واعتاد أن يسميها " .
ولد الباحث والمؤرخ الاستاذ جواد عبد الكاظم محسن في مدينة المسيب سنة 1954م ، وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي فيها ، وقٌبل في كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية سنة 1973م ، وانتقل للدراسات المسائية ليبدأ مشوار حياته العملية موظفاً في الشركة العامة لصناعة الحرير في سدة الهندية ، وواصل تدرجه الوظيفي فيها ، وبعد ستة وثلاثين عاماً طلب أحالته على التقاعد سنة 2009م كي يتفرغ للكتابة والتأليف .
اهتم منذ حداثة سنه ، بالأدب ، والتراث والكتابة الصحفية ، ونشر أول قصيدة له في مجلة (المتفرج) البغدادية سنة 1972م وكانت مجلة اسبوعية ساخرة صاحبها مجيب حسون صدرت ببغداد في 7 كانون الثاني 1965 والغي امتيازها في 17 نيسان 1973 ، ولم ينقطع عن الكتابة والنشر منذ ذلك الحين إلى وقتنا الحالي .وهو يكتب في شتى الفنون الأدبية والبحوث التراثية في مختلف الصحف والمجلات المحلية والعربية والأجنبية .
جمع ودوّن تأريخ مدينته المسيب ، وكانت أخبارها من قبل نتفاً متناثرة في بطون الكتب ، واستقى قسماً كبيراً مما دوّنه عنها من أفواه الرواة ، ودرس ما تجمع لديه بتأن قبل أن يكتب تأريخها ، وسير أعلامها ، وعمارة مزاراتها وصفحات كانت مجهولة من تراثها الشعبي ، وديوانها الأدبي ، وحاز ثناء وتقدير الآخرين بما أنتج وأخرج ، وقد صدر له بهذا الخصوص : ولدا مسلم بن عقيل عليهم السلام (قصة الشهادة وتأريخ المرقد) ، وتراجم علماء المسيب وخطبائها المنبريين ، والعلامة الزاهد السيد هادي الصائغ ، و" من تراث المسيب الشعبي" ، و" صهريج الموت في المسيب" (تفاصيل جريمة إرهابية بشعة تعرضت لها المدينة سنة 2005م) ، و" دليل المسيب العام " ، وحقق وأصدر كتابين للشيخ علي القسام الأول (كتاب الدرتين في أحوال السيدين إبراهيم المجاب وابنه أحمد) ، والثاني (السفر المطيب في تأريخ مدينة المسيب) .
وعنى المؤرخ الاستاذ جواد عبد الكاظم محسن أيضاً بالمرأة العراقية المبدعة ، فجمع سير الأديبات والكواتب والأكاديميات العراقيات ، وأصدر الجزء الأول ثم الجزء الثاني من معجمه الكبير عنهن ، ومازال لديه جزء ثالث ومستدرك .
وله خارج هذين المحورين كتاب صادر أيضاً عن (الشيخ علي عوض الحلي حياته وأدبه) ، و(مقتل ولدي مسلم بن عقيل) وقد ترجم إلى الفارسية ، و(لماذا نزور الحسين؟) ، ونشر العشرات من بحوثه ودراساته في مجلات رصينة مثل : الموسم ، والكوثر ، والمنبر الحسيني ، وينابيع ، والتراث الشعبي وأوراق فراتية . 
وفي نطاق جهوده الصحفية أصدر في المسيب جريدة " عروس الفرات" للفترة من منتصف حزيران 2005م لغاية نهاية أيار سنة 2007م ، وهي ثقافية تراثية عامة صدر منها ستة وثلاثون عدداً ، ويرأس حالياً تحرير مجلة (أوراق فراتية) وهي فصلية تعنى بالتراث والثقافة المعاصرة صدر عددها الأول في كانون الثاني سنة 2010م ، ومازالت تواصل الصدور ، فضلاً عن مشاركاته المتواصلة ونشره المستمر في الصحافة المحلية ومواقع الشبكة العالمية للمعلومات -الانترنيت . 
ويبقى الجميع بانتظار موسوعته الكبيرة (المسيب عروس الفرات) التي ستضم حصيلة جهوده الكاملة عن مدينة المسيب تأريخاً وأدباً وتراثاً وأعلاماً منذ نشوئها وإلى وقتنا الحاضر .
حاز على شهادات علمية وتربوية (معادلة للدبلوم) وتقديرية عديدة من جهات حكومية ومنظمات دولية ومؤسسات ثقافية داخل العراق وخارجه ، ولديه إجازتان بالرواية ، وهو عضو في الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ، ونقابة الصحفيين العراقيين ، وجمعية الرواد في الحلة ، ومنتدى أدباء المسيب . 
ذكره عدد من المؤرخين والباحثين والنقاد في مؤلفاتهم وكتاباتهم المنشورة في الصحف والدوريات ، منهم : الدكتور سلمان هادي آل طعمة في عدد من مؤلفاته منها (عشائر كربلاء وأسرها) و(دليل كربلاء) ، والدكتور كامل سلمان الجبوري في موسوعتيه (معجم الأدباء العرب) و(معجم الشعراء العرب في) ، والدكتور صباح نوري المرزوك في (معجم المؤلفين والكتاب العراقيين) و(هؤلاء في حياتي) ، والدكتور إبراهيم خليل العلاف في مدونته الالكترونية ، والدكتور عباس هاني الجراخ في مجلة (المورد) وجريدة (الفيحاء) الحلية ، والدكتور سعد الحداد في (موسوعة أعلام الحلة) ، والمحقق مهدي عبد الحسين النجم في جريدة (الجنائن) الحلية ومجلة (شبابيك) الحلية أيضاً ، والشيخ كاظم الفتلاوي في (معجم المحققين) ، والباحث والمؤرخ عبد الرضا عوض في (الأدباء والكتاب المعاصرون) ، وحميد المطبعي في (موسوعة أعلام وعلماء العراق )، ومحمود عبد الجبار السامرائي في مجلة (التراث الشعبي) ، والباحث أحمد مجيد في جريدة (عروس الفرات) ، والأديب علي عبد الأمير في كتابه (قتلوا الملاك في بابل) وجريدة (الصباح) البغدادية ، والإعلامي عبد عون النصراوي في جريد (أنوار كربلاء) ، والإعلامية أسماء محمد مصطفى في مجلة (الموروث) الالكترونية ، وغيرهم الكثير . 
له أسلوب جميل ، ودقيق في الكتابة فهو يبدأ بجمع مادته العلمية من مظان المصادر والمراجع ويحرص على أن لايترك أمرا أو خبرا أو ملحوظة دون أن يطلع عليها ويقارنها مع غيرها مما جمع وعندئذ يطمأن إلى صدقها ويبدأ بتوثيقها . وقد خبرته يسأل أهل العلم ، ويرسل الرسائل ، ويلتقي بمن يريد ان يلتقي، ويستفسر ، ويناقش ، ويحلل ، ويستنبط ليصل إلى الحقيقة التاريخية وتلك لعمري هي المنهجية التاريخية بحذافيرها .
واستطيع أن أقول انه مؤرخ منشئ فهو لايعتمد على ما هو مدون في الكتب والمراجع بل يلجأ إلى مقابلة شهود العيان ويحاورهم ليصل الى ما ينبغي أن يدون .
وهو فوق هذا وذاك صديق لكثير من الأدباء والمؤرخين والمثقفين العراقيين ويتمتع بأحترامهم له ومحبتهم وتواصلهم وكل همه إن يكون بلده متقدما موحدا فهو فضلا عن اعتزازه بمدينته لكن كل بقعة في العراق لها مكانة طيبة في قلبه واهتمامه وهذا ما يعجبني فيه انه عراقي وطني بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وعندما يريد ان يوثق لرجل او امرأة عراقية او مدينة او ناحية لايلتفت الا لما قدم لهذا البلد :العراق من جهد .بارك الله به ومتعه بالصحة والعافية ونأمل في أن يقدم لنا المزيد المزيد من النتاج الأدبي والتاريخي والعلمي الثر .

 يعقوب سركيس ومباحث عراقية
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
يعقوب سركيس كاتب وباحث ومؤرخ عراقي كبير لازلنا جميعا نتذكر كتابه المهم بثلاثة اجزاء والموسوم : "مباحث عراقية " والذي ضم مجموعة طيبة من مقالاته التي أرخ فيها للحياة العامة في العراق وخاصة في عصور العباسيين والفترتين المظلمة والعثمانية .قال الاستاذ رفعت عبد الرزاق محمد في مقال عن الاستاذ يعقوب سركيس بعنوان : " شيئ عن يعقوب سركيس " ، نشر في جريدة المدى 20 حزيران –يونيو 2012 عن كتاب " مباحث عراقية " انه صدر منه الجزء الاول وهو يضم بعض المواد المنشورة في مجلة لغة العرب ، طبع سنة 1948 بتقديم الشيخ محمد رضا الشبيبي ، ووضع فهارسه الاستاذ كوركيس عواد وأخيه ميخائيل اللذين اشترطا عليه ان لايذكر اسمهما .. .
2 ــ الجزء الثاني ، طبع سنة 1955 ، بتقديم الاستاذ روفائيل بطي ، ووضع فهارسه الاستاذ يوسف يعقوب مسكوني وعلى السياق نفسه الذي وضعت فيه فهارس الجزء الاول . وضم المقالات في شتى الصحف والمجلات.
3 ــ الجزء الثالث ، طبع سنة 1984 بعنوان :"مباحث عراقية في التاريخ والجغرافية والاثار وخطط بغداد " ، جمع وتحقيق الاستاذ معن حمدان علي . وقد ظهر غلاف الكتاب خاليا من اسم المؤلف ، اذ توهم مصممه ان جامعه هو المؤلف.
وقد ذكر الاستاذ كوركيس عواد ان المجلدين الثالث و الرابع ، قد أعدهما يعقوب سركيس للنشر قبل وفاته ، الا انهما فقدا فيما بعد . ومما يذكر ان الاستاذ معن حمدان علي يعمل حاليا على جمع مواد الجزء الرابع من كتاب "مباحث عراقية " وتدور اغلب مباحث الكتاب على احوال العراق في العصر العباسي فما بعده حتى اواخر العصر العثماني..
قال يعقوب سركيس عن نفسه انه من اسرة مسيحية من اصول أرمنية كانت تعيش في حلب بالشام ، ثم نزحت الى العراق واستقرت في بغداد في القرن التاسع عشر. ولد سنة 1875 وتوفي سنة 1959 وابتدأ حياته معلما في مدرسة القديس يوسف لللاتين والتي سبق ان درس فيها .عمل كاتبا في احدى البيوت التجارية واشتغل بالزراعة ، وجال العراق من شماله الى جنوبه فعرف سكانه ، وانتماءاتهم وطوائفهم وعاداتهم وتقاليدهم ، وثقف نفسه بنفسه واخذ يكتب في الصحف والمجلات مقالات في التاريخ والاثار والاجتماع والاقتصاد والخطط العمرانية .احتضنت " مجلة لغة العرب " للاب انستاس ماري الكرملي كتاباته التي اتسمت بالجدة والعمق والاصالة .وقد تركزت كتاباته في الاعداد الصادرة في السنوات 1911 و1914 و1926 و1921 .
كتب عنه الاستاذ حميد المطبعي في موسوعته الجديدة : " موسوعة اعلام وعلماء العراق "2011 قائلا انه يعقوب بن نعوم بن اكوب جان بن سركيس ولد في بغداد وهو باحث في التاريخ والجغرافية والبلدان عرف بتصويباته اللغوية واختص بالفترة العثمانية في العراق .كانت له صداقات واسعة مع المستشرقين وتبادل معهم الرسائل وحظي لغزارة علمه باهتمامهم وإعجابهم .كان له مجلس يحضره عدد كبير من العلماء والأدباء والمحققين والمؤرخين وكان يقيم مجلسه في داره الجميلة ببغداد وهي مطلة على دجلة على مقربة من جامع السيد سلطان علي ببغداد ..
من مؤلفاته المنشورة :" تلو " اي تل هوارة وطبع سنة 1931 و"شهداء حلب " بجزئين وطبع في حريصتا بلبنان سنة 1934 و" التتن والقهوة في العراق " مع كلام على بعض النقود العثمانية وغيرها سنة 1941 .
قال عنه المرحوم الاستاذ الدكتور مصطفى جواد : " ان الواصف لايعدو الحقيقة اذا وصف يعقوب سركيس بالباحث المتثبت، الجم المعلومات الكثير المراجع وخصوصا مراجع تاريخ العراق المتأخر من تركية وفارسية وافرنجية وعربية خطية وغير خطية " .ووقف الاستاذ رفعت عبد الرزاق محمد عند اسلوب يعقوب سركيس قائلا : بأن كتاباته التاريخية اتسمت بدقة التعبير ، " اذ كان يزن كل كلمة يكتبها خشية اللبس ، فقلما كان يعني بجمال صياغة الجمل التي يكتبها ، فلم يكن يهتم بذلك كثيرا ، بقدر اهتمامه بحشد اكبر ما يمكن من الفوائد . وكان يصرف في كتابة المقالة اياما وأسابيع لمراجعة المصادر المختلفة ، وما اكثر مصادره البعيدة عن ايدي الاخرين ، فلا غرو ان تجد في كل ماكتبه اضافات اخرى على ما تجده في المصادر المتداولة . هذا فضلا عن طرافة ما يبحثه وغرابة الموضوعات التي يتناولها . لقد امتلك يعقوب سركيس بصيرة نفاذة نقادة ، تميز بين الحق والباطل وروحا علمية لا ترضى بغير التدقيق والتحقيق ومحاكمة النصوص وتمحيصها ، قبل اعطاء الرأي . وكان حريصا بما لامثيل له على الاطلاع على كل مايفيد البحث ويدفعه نحو الحقيقة ، وجلدا فائقا على وعورة الوصول الى مظان بحثه ومراجعه . وبهذه الصفات جاءت ابحاثه غزيرة المادة ، كاشفة لحقائق مجهولة من تاريخ هذه البلاد . ولا ريب ان بحوثه مكتشفاته تحمل في ثناياها عوامل البقاء والخلود ، فضلا عن اعتمادها في السنوات اللاحقة بإشكال مختلفة " .وعلى المستوى الشخصي كان الرجل متواضعا وعلى قدر كبير من الخلق الحسن والتواضع الجم وقد ظل يمسك بالقلم ويلتقي الناس حتى بعد بلوغه الثمانين من العمر .

ليعقوب سركيس نشاطات اجتماعية ، وثقافية وعلمية عديدة،فقد كان عضواً مؤسسا في جمعية الهلال الاحمر وعضواً مؤسسا في نادي ألقلم، وعضواً مؤازراً في المجمع العلمي ألعراقي ، وعضواً في لجنة تسمية شوارع بغداد سنة 1932،وفي جمعيات ونواد اجتماعية وثقافية اخرى. 

وليعقوب سركيس مكتبة ضخمة تضم مصادر متميزة في تاريخ العراق بمختلف اللغات،وتعد من المكتبات الغنية في العراق . وقد رأيت ٌ مجاميع منها في مكتبة المتحف الحضاري ببغداد .
أقام بيت المدى في شارع المتنبي ببغداد حفلا استذكاريا له في حزيران –يونيو 2012 نقل وقائعه الاستاذ عماد جاسم في اذاعة العراق الحر وقال انه تحدث في الحفل عدد من الاساتذة والباحثين منهم الاستاذ رفعت عبد الرزاق الذي ذكر : "ان الراحل من العلماء النوادر المنسيين، وتعد مكتبته من أشهر المكتبات الشخصية في الشرق الاوسط ، إذ تضم كنوزا من الكتب النفيسة. وكان عاشقا للعلم ولمكتبته ".
وقد اكد الاستاذ الدكتور طارق نافع الحمداني على ان يعقوب سركيس كان معروفا بغزارة علمه ، وقدرته على التحليل التاريخي المنطقي، ومراعاة الدقة خشيه مجانبة الحق، وهو الذي أحاط علما بالعديد من أللغات من اجل التعرف على المعلومة الصادقة من المصادر التركية او الفارسية التي دونت تلك الحقبة التاريخية". أما الاستاذ معن حمدان علي فأشار الى "ان يعقوب سركيس يعد من المع المؤرخين للفترة المظلمة، التي لم يتصد لها مؤرخون عراقيون وعرب، ولا توجد بشأنها الاّ مصادر قليلة ونادرة باللغات التركية او الانكليزية او ألفارسية او ما دوّنه ألرحالة الأجانب. وهذا ما حفز الأب انستاس الكرملي على تشجيع يعقوب الباحث الموسوعي في جمع ألمصادر وتدوين تاريخ هذه المرحلة ألمهمة
.توفي يوم 23 كانون الاول –ديسمبر سنة 1959 رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم لوطنه .


الدكتور سلمان هادي آل طعمة مؤرخا
ا.د.إبراهيم خليل العلاف

منذ أن كنت طالبا في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد مطلع الستينات من القرن الماضي ، عرفت الكاتب والشاعر والأديب والصحفي والمؤرخ السيد سلمان هادي ال طعمة .والرجل لم يكن ممن يسكنون في بروج عالية، وإنما كان منغمسا في الحياة الفكرية والثقافية العراقية المعاصرة ويميل الكثيرون الى تسميته ب"مؤرخ كربلاء " .أنجز مجموعة من المؤلفات كما نشر العديد من المقالات والدراسات .فمن هو السيد سلمان هادي ال طعمة ؟ انه السيد سلمان بن السيد هادي بن السيد محمد مهدي بن السيد سليمان بن السيد مصطفى بن السيد أحمد بن السيد يحيى آل طعمة من آل فائز الموسوي الحائري . ولد في كربلاء يوم 13 ذي القعدة 1353هـ الموافق لسنة 1935 ، ونشأ بين ظهراني أسرة علوية عريقة تعرف بالسادة ( آل طعمة ) المتفرعة من قبيلة (آل فائز) ، وهي من العشائر العريقة التي استقرت في كربلاء منذ منتصف القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي ، وتنتسب إلى الأمام موسى الكاظم عليه السلام ، تولى بعض رجالاتها مناصب مهمة في إدارة كربلاء ، ونقابة الأشراف ، وسدانة الروضتين الحسينية والعباسية لقرون عديدة ، وأنجبت العديد من رجال الفكر والأدب والسياسة .
دخل السيد سلمان المدرسة الابتدائية وأنهاها . وبعد ان اكمل الشهادة الثانوية في ثانوية كربلاء للبنين في 1950 – 1951م ، دخل دار المعلمين الابتدائية في كربلاء وتخرج فيها سنة 1959م وعين معلماً في عدد من مدارس كربلاء. وفي سنة 1967م سافر إلى بغداد ودخل فرع التربية وعلم النفس بكلية التربية – جامعة بغداد وحصل على شهادة البكالوريوس سنة 1970م ، وعين مرشداً تربوياً في متوسطة المكاسب في كربلاء واستمر كذلك حتى أحال نفسه على التقاعد سنة 1985م .
كان منذ شبابه يتوق لإكمال دراسته العليا والحصول على الدكتوراه . وبعد تقاعده أتيحت له الفرصة أثناء سفره إلى لبنان فأكمل دراسته هناك وفي حقل التاريخ العربي الإسلامي بالذات ، ومنح شهادتي الماجستير ودكتوراه الدولة من جامعة الحضارة الإسلامية في بيروت سنة 2009م. كما حاز على شهادة الماجستير سنة 2010 في العلوم الإسلامية في الجامعة الإسلامية التي أسسها الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين في لبنان وذلك عن رسالته الموسومة : "التفسير الصوفي للنص القرآني .. ابن عربي أنموذجا " .
في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي شجّعه والده على حفظ القصائد الخالدات كـ "ميمية الفرزدق" و"تائية دعبل الخزاعي" و"عينية السيد الحميري" وغيرها . كما أنه وجد في محيطه ما ساعده على طلب الأدب، وانتهال المعرفة ، فوالده كان يقرأ القرآن الكريم صباح كل يوم بصوت شجي ، ويكتب الأدعية والزيارات ، ويقرض قصائد المدح والرثاء لأهل البيت عليهم السلام ، ويحتفظ بعدد من الكتب الدينية والأدبية المطبوعة والمخطوطة في مكتبته ، فتوفر ولده على قراءتها والإفادة منها ، ثم بدأ يقرض الشعر وهو في المراحل الأولى من العمر والدراسة ، وقد لقي توجيها وتشجيعا من لدن قريبه الشاعر الدكتور صالح جواد آل طعمة ، أحد رواد الشعر الحر في العراق والمقيم حاليا في الولايات المتحدة الأميركية ، فكان له دور بارز في تنمية مؤهلاته الشعرية حتى تصلب عوده ونما ، وأسهم في الحفلات الدينية التي كانت تعقد في الروضتين الحسينية والعباسية وفي بعض المساجد والمدارس الدينية ، فكان له دور مهم في هذا المضمار. ومن الطريف أن نشير إلى أن أول قصيدة ألقاها كانت في افتتاح " جمعية التمور فرع كربلاء" ، وذلك في أواخر سنة 1952م ثم ألقى قصيدة أخرى في استقبال ملك العراق آنذاك فيصل الثاني (1953-1958 وولي عهده الأمير عبد الآله لدى زيارتهما مدينة كربلاء سنة 1953 م . ولم يمض طويل وقت حتى أظهر نشاطا ملحوظا من خلال إعداده نشرات جدارية كان يصدرها في ثانوية كربلاء خلال سنة 1953م بأسم (الرشاد ) .
وفي الصحن الحسيني الشريف، درس مبادئ القراءة والكتابة على يد فضيلة الشيخ حسن كوسة الحائري ، وقرأ كتاب ( شرح القطر) في النحو على العلامة الشيخ عبد الحسن البيضاني . كما درس التاريخ الإسلامي على العلامة السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة . وفي سنة 1954 أصدر أول مجموعه شعرية بأسم : (الأمل الضائع) ، ثم أخذ ينشر قصائده في الصحف والمجلات العراقية ، وكان من أترابه آنذاك الشعراء السيد مرتضى الوهاب ، والسيد مرتضى القزويني والسيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني وزكي الصراف وعباس أبو الطوس وحسين فهمي الخزرجي وعلي محمد الحائري وهادي الشربتي وحسن عبد الأمير وغيرهم . ولم يقتصر نشاطه على كربلاء بل اتجه نحو بغداد وأقام صلات وثيقة مع شعراء وأساتذة وكتاب نابهين كانت لهم شهرة واسعة في العراق أمثال بدر شاكر السيّاب ، ونازك الملائكة ، وجعفر الخليلي وسلمان الصفواني و الدكتور مصطفى جواد والدكتور حسين علي محفوظ والدكتور حسين أمين وغيرهم . كما تعرف في النجف على عدد آخر من أهل الفكر كالسيد جواد شبر والشيخ محمد علي اليعقوبي وعبد المولى الطريحي والسيد هادي فيّاض وعلي الخاقاني وغيرهم . وسرعان ما أخذ ينشر في مجلة ( العرفان ) و(الآداب ) و( الورود ) اللبنانية مجموعة من المقالات والقصائد المتنوعة التي لاقت استحسانا كبيرا من القراء والنقاد .
وفي سنة 1956 م أسهم بتأسيس جمعية أدبية مع لفيف من أدباء كربلاء بأسم :" رابطة الفرات الأوسط " ، استمر نشاطها حتى سنة 1959 ويقول إن لديه صورا تمثل أعضاء الجمعية نشر بعضها في مجلة المرشد ( الدمشقية ) التي كان يصدرها الشيخ حسين الفاضلي في العدد الخاص بال الشيرازي . وفي سنة 1967م أسس ندوة أدبية في داره بأسم " ندوة الخميس" ، استمرت عاماً واحداً وكان لها نشاط ملحوظ، وقد كانت له صلات وثيقة بعدد كبير من أدباء وكتاب ومؤرخي كربلاء والنجف وبغداد وكركوك والموصل والبصرة وغيرها .
نشر المئات من البحوث والدراسات والمقالات في ا الصحف ولمجلات العربية والعراقية . ولا يزال يواصل البحث والتأليف في شؤون التراث لاسيما التراث الذي يخص مدينة كربلاء المقدسة .
من كتبه المنشورة :
1- الأمل الضائع ( بغداد 1954م ) 2- شاعرات العراق المعاصرات(ط1 النجف 1955م ) ، (ط2 دمشق 1995 م ) 3- ديوان حسين الكربلائي – جمع وتعليق ( كربلاء 1960م ) 4- محمد حسن أبو المحاسن الشاعر الوطني الخالد ( كربلاء 1962م ) 5- الأشواق الحائرة ( بغداد 1962م ) 6- تراث كربلاء ط1 ( النجف 1964م ) ط2 ( بيروت 1983م ) 7- ديوان أبي الحب (تحقيق ) ( النجف 1966م ) 8- شعراء كربلاء – الجزء الأول ( النجف 1967م )، ( الجزء الثاني – النجف 1968م ) ، (الجزء الثالث النجف 1969م ) 9- ومضات من تاريخ كربلاء ( النجف 1967م ) 10- مخطوطات كربلاء – الجزء الأول (النجف 1973م ) 11- دليل كتّـاب كربلاء (ط1 كربلاء 1975م ، ط2 كربلاء 2004م ) 12- خزائن كتب كربلاء الحاضرة ( النجف 1977م) 13- من أعلام الفكر العربي ط1 ( القاهرة 1979م ) ،ط2 (بيروت 1999م ) 14- من أجلها (بغداد 1980 ) 15- رياض الذكريات ( بغداد 1984م ) 16- المخطوطات العربية في خزائن كربلاء ( الكويت 1984م ) 17- أحمد الصافي شاعر العصر ( بغداد 1985م ) 18- مخطوطات كربلاء(الجزء الثاني) – خزانة السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي – ( الكويت 1985م ) 19- أعلام الشعراء العباسيين ( بيروت 1986 ) 20- كربلاء في الذاكرة ( بغداد 1988 ) 21- حسين الكربلائي ( بغداد 1992 ) 22- دراسات في الشعر العراقي الحديث (بيروت 1993م ) 23- خواطر إسلامية ( بيروت 1993م ) 24- أم البنين ( ط1طهران 1996م ، ط2 بيروت 2008م) 25- تاريخ مرقد الحسين والعباس (ع) ( بيروت 1997 ) 26- عشائر كربلاء وأسرها ( بيروت 1997م ) 27- معجم خطباء كربلاء ( بيروت 1998م ) 28- غزليات الشعراء العرب (بيروت 1998م ) 29- معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء ( بيروت 1999 ) 30-كربلاء في ثورة العشرين ( بيروت 2000م) 31- ديوان الحاج جواد بدقت ( تحقيق ) ( بيروت 1999م ) 32- ديوان السيد مرتضى الوهاب (جمع وتحقيق ) ( 1999م) 33- الحسين في الشعر الكربلائي ( بيروت 2001م ) 34- ديوان عباس أبو الطوس ( جمع و تحقيق ) (2001م) 35- ديوان المدح والرثاء ( بيروت 2001م) 36- دليل كربلاء المقدسة (بيروت 2001م) 37- تشريح بدن الإنسان ( تحقيق )(بيروت 2002م ) 38- الكرامات المنظورة (بيروت 2001م) 39- فاطمة الزهراء أم السبطين (طهران 1996م) 40- رواد الشعر الحر في العراق ( بيروت 2003م) 41- الموروثات والشعائر في كربلاء ( بيروت 2003م) 42- بين الظلال ( شعر ) ( بيروت 2003م) 43- العشق والحرية ( شعر حر ) ( كربلاء 2003م ) 44- صحافة كربلاء (ط1 دمشق 2005م ، ط2 كربلاء 2006م ) ، 45 - حكايات من كربلاء ( بيروت 2007م ) ، 46- أعلام من بلادي ( دمشق 2005م ) ، 47- الشعراء الشعبيون في كربلاء ( ج1 ، دمشق 2005م ) ، 48- أعلام النساء في كربلاء ( دمشق 2005م ) ، 49- مشاهداتي في لندن ( بيروت 2006م ) ، 50- المزارات المقدسة في كربلاء ( بيروت 2008م ) ، 51- مشاهير المدفونين في كربلاء ( بيروت 2008م ) 52- نزهة الإخوان في وقعة بلد المقتول العطشان (لمؤلف مجهول ) – تحقيق (الحلة 2009م ) 53- معجم الأكلات والحلويات في كربلاء ( دمشق 2009م) 54- القراء والمقرئون في كربلاء ( النجف 2010) 55- المربي السيد حسن موسى( الحلة 2011م) 56- المعالم الأثرية والسياحية في كربلاء (طهران 2011م) 57- تاريخ غرفة تجارة كربلاء ( النجف 2011م) 58- الأسر العلمية في كربلاء – آل الشيرازي (النجف 2012م ).
كتب عن مؤرخنا ، الكثيرون وأشادوا بكتبه ودراساته ونوهوا بها وعدوها من مصادر الحياة الثقافية الحديثة في العراق . ومن هؤلاء غالب الناهي ، وكاظم محمد حسين، وموسى الكرباسي، وسعدون الريس وتوفيق حسن العطار والشيخ محمدحسين سليمان الاعلمي وكوركيس عواد ومحمد علي حسن والشيخ فرج العمران القطيفي ونور الدين الشاهرودي وسعيد بهاء مهدي وحسان بدر الدين الكاتب والسيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي وحميد المطبعي وحيدر صالح المرجاني وكاظم عبود الفتلاوي ومحمد حسين الحسيني الجلالي وفؤاد سزكين ومحمد علي القصير الحائري ،وعبد عون النصراوي .
يقول الأستاذ سلمان هادي آل طعمة إن ابرز أعماله المحببة إلى نفسه هو كتاب : ( تراث كربلاء ) لأنه يعد المصدر الرئيس الذي اعتمد عليه المؤلفون والباحثون ، فقد تضمن تفاصيل كثيرة عن تاريخ المدينة وحياتها الثقافية . ومما ساعده على توثيق تاريخ وتراث كربلاء حبه لها بل قل عشقه لها لذلك أعطاها كل شيئ ..ولم يتوان في إبراز شخصيتها الحضارية وتاريخها الحافل بالأحداث وإسهامات الرجال والنساء في حفظ قيمها وعاداتها وتقاليدها العربية والإسلامية الأصيلة . كان يؤكد بأن كربلاء أنجبت رهطاً كبيراً من المفكرين الذين ملأوا الدنيا بآثارهم الخوالد وسجلوا صفحات ناصعة في تأريخ الإسلام وان لكربلاء دور مهم في نشر المعارف والعلوم ،كما وإنها من أوائل المدن العراقية التي عرفت المطبعة الحديث وسخرتها في سبيل خدمة لغة الضاد . أرخ لشاعرات العراق وكتب عنهن مشيدا بشعرهن وإسهاماتهن في رفد الحركة الأدبية العراقية الحديثة وقد اهتم بالشعر الشعبي وكان يرى بأنه احد مصادر التاريخ .ولم يكن اهتمام الدكتور سلمان هادي ال طعمة مقتصرا على جوانب معينة من التاريخ ، وإنما كان مفهوم التاريخ لديه واسعا فلقد أرخ للشعر، والأدب، وللصحافة ، ولغرف التجارة ،وللمرأة، وللقراء ،والمقرءون، وللمدفونين ،وللأكلات ،والحلويات، وللأسر العلمية ،وللمزارات ،وللخطباء ،وللإجازات العلمية .وكان يعتقد بأن لكل شيئ تاريخا لابد من كتابته .بورك صديقنا الأستاذ الدكتور سلمان هادي ال طعمه ودعاءنا له بالتوفيق والنجاح الدائم إن شاء الله تعالى .



سعيد الحاج صديق الزاخويي:زاخو ..الماضي و الحاضر
ا.د.ابراهيم خليل العلاف

أهداني الاستاذ محمد توفيق الفخري - مشكورا -نسخة من كتاب " زاخو ..الماضي والحاضر :دراسة تاريخية- اجتماعية -سياسية- اقتصادية شاملة " تأليف الاستاذ سعيد الحاج صديق الزاخويي .والكتاب قد طبع في مطبعة خاني بدهوك سنة 2009 .ويتناول تاريخ زاخو وتراثها وتركيبتها كمدينة ورموزها وابرز الاحداث التي شهدتها .وزاخو مدينة عريقة موغلة في القدم لها اهمية استراتيجية من حيث سيطرتها على الطرق والمداخل التجارية التي كانت تؤدي من بلاد اشور الى الاناضول .وفي مرحلة من المراحل اصبحت امارة مستقلة بأسم سنديا ،لكن امراء بهدينان ضموها الى امارتهم سنة 1470 .وقد احتلها الانكليز سنة 1918  ،ثم اصبحت قضاء تابعا للموصل .وفي  سنة 1969 استحدثت محافظة دهوك، فغدت زاخو قضاءا تابعا لدهوك .والمؤلف الاستاذ الزاخويي عمل مربيا  ،واذاعيا وله روايات باللغة الكردية. كما ترجم بعض الاعمال من العربية الى الكردية .وفضلا عن ذلك فهو شاعر وله ديوان .

تحدث في الكتاب عن زاخو في الكتابات التاريخية ،ووقف عند ادارة زاخو واحداثها والتعليم فيها وتركيبتها الاجتماعية واعلامها وعوائلها  من المسلمين ، والمسيحيين واليهود ، وذكر اسماء القائمقامين الذين أداروها ومنهم ((الاستاذ صبحي علي  ال عبيد اغا )) .وقد عين قائمقاما لزاخو سنة 1954 وكان من قبل معاونا للشرطة في زاخو سنة 1936 وقد وصفه المؤلف بأنه كان صلب العود يتمتع بشخصية قوية وكانت له بصمته في زاخو اذ قدم اعمالا عمرانية وادارية ورياضية وتعليمية . ومن رموز زاخو حازم شمدين اغا وصالح اليوسفي وحمزة عبد الله .كتاب طريف ومهم ومدعم بالصور الوثائقية التاريخية الجميلة والكتاب يقع في 404 صفحة من القطع الكبير وسيترجم قريبا الى اللغة الكردية كما وعد المؤلف .شكرا للمؤلف على اصداره هذا الكتاب المهم الذي اضاف الكثير من المعلومات عن مدينة عراقية مهمة هي زاخو الجميلة .


عطا ترزي باشي وتوثيق تراث وتاريخ كركوك الحديث 

ا.د.ابراهيم خليل العلاف 


مؤرخ ، وكاتب ، وباحث ، وشاعر من كركوك ، ابتدأ الكتابة منذ اواسط الاربعينات من القرن الماضي ، وكانت كتاباته الاولى ، كما يقول صديقه ومجايله الاستاذ وحيد الدين بهاء الدين ، تنصرف لمتابعة موضوعات تتعلق بتراث كركوك ، وتاريخها ، ومبانيها ، ومدارسها ، وجوامعها ، وقشلاتها ( المدنية والعسكرية) من قبيل مقالاته عن ( حالة المدارس في كركوك) ، و (عمارات المعارف في كركوك) ، و ( جسر كركوك) ، و ( شركة النفط في كركوك) و ( قشلة كركوك القديمة) .

ولم يقف عطار ترزي باشي عند تلك الموضوعات ، بل اتسع اهتمامه ليتناول موضوعات تتعلق بجغرافية كركوك ، وتركيبتها السكانية ، واوضاع الصحافة والادب والفن فيها ، وقبل فترة خرج علينا بموسوعته الموسومة (شعراء كركوك) وكتابه ( التاريخ الشعري للعمارات والمؤسسات بكركوك) . ويقصد بالتاريخ الشعري هنا التأريخ بحساب الجمل المعروف في العصور الاسلامية .

ان عطار ترزي باشي ، في توثيقه لاصول كركوك وجذورها الضاربة في اعماق التاريخ والحضارة، وباللغتين العربية والتركمانية، يقول الاستاذ وحيد الدين بهاء :((أصيل أصالة كركوك كيانا ووجدانا وزمانا ومكانا ، واقعا وطابعا ، كركوك هذه الحاضرة التاريخية هي موطنه وموطن أبائه ، نبع الهامه ، يستمد منها القوة والقدرة ))، لذلك شغلت ( كركوك) مساحة واسعة في فكر وذهنية وهواجس هذا المؤرخ ، كما شغلت ( الموصل) من قبل فكر وذهنية وهواجس المؤرخ سعيد الديوه جي .

عمل عطار ترزي باشي في الصحافة ، وكتب لها منذ الاربعينات من القرن الماضي . وقد حظيت ( جريدة كركوك) بالقسط الاعظم من مقالاته ودراساته ، فلقد بلغ عدد ما نشره في هذه الجريدة ، على سبيل المثال ، (28) مادة باللغتين العربية والتركمانية . ولم تكن المقالات تقليدية ، وانما كانت متطورة تدعو الى التحديث والتغيير ، وتركز على ضرورة تطوير كركوك وتغيير احوالها العمرانية وجعلها مدينة تليق بتاريخها وارثها الحضاري الموغل في القدم . 

بعد ثورة 14 تموز 1958 أصدر في كركوك ، وعدد من زملائه في الاشهر الاولى من الثورة ، جريدة جديدة باسم ( البشير)، وكان الى جانبه كل من حبيب الهرمزي، ومحمد الحاج عزت ،وجاء في ترويستها انها جريدة ادبية ثقافية ناطقة باللغتين العربية والتركمانية . وقد تولى عطار ترزي باشي تحرير القسم التركماني، وصدر العدد الاول من الجريدة في 23 ايلول 1958، وكان صاحب امتيازها ( محمد امين عصري) وسكرتير تحريرها عطا ترزي نفسه، ثم انضم الاستاذ الاديب وحيد الدين بهاء الدين الى هيئة تحريرها وكانت الجريدة تطبع في كركوك، وصدر منها (26) عددا خلال الستة اشهر التي اعقبت الثورة . وأولت الجريدة اهتماما بكركوك وتراثها وتاريخها ، لكنها نشرت مقالات لم ترض السلطة الحاكمة انذاك، فصدر أمر الحاكم العسكري العام احمد صالح العبدي بأغلاقها . وفوق هذا تعرض رئيس تحريرها عطا ترزي باشي الى الاعتقال ثم اطلق سراحه بعد ذلك .. ويبدو ان التصاقه بهموم بني جلدته التركمان والتعبير عن مشكلات مدينته وشعبه وبلاده كانت وراء المشاكل التي تعرض لها .

مارس عطا ترزي المحاماة ، وتولى رئاسة ( غرفة المحامين) في كركوك التابعة لنقابة المحامين العراقيين فترة من الزمن .

ولد عطا ترزي باشي سنة 1924 ، واكمل دراسته فيها، ثم ذهب الى بغداد ودخل كلية الحقوق ( القانون حاليا) في جامعة بغداد وتخرج فيها .. ولم يمارس المحاماة بعد تخرجه كثيرا بل انغمس في عالم الصحافة والتأليف والبحث في التأريخ والتراث . 

كتب الاستاذ نصرت مردان في الحوار المتمدن ( العدد 728) 29 كانون الثاني 2004 مقالا عن عطا ترزي بعنوان: ((عطا ترزي باشي (يوثق) تاريخ الطباعة والصحافة في كركوك 1879 ـ1985)) قال فيه ان الباحث القدير الاستاذ عطا ترزي باشي يعد مؤرخا رائدا، ومما كتبه ، مقالاته ودراساته ومؤلفاته التي وثق فيها لتاريخ الصحافة الكركوكية وبواكيرها الاولى ..

ولعل من اولى مقالاته في هذا المجال مقالته الموسومة : ((الصحافة عندنا)) في صحيفة الشورى يوم 22 تشرين الثاني 1947 ، وفي تموز 1952 كتب سلسلة مقالات عن ((تاريخ الصحافة في كركوك)) في جريدة كركوك . وخلال المدة من 1959 حتى 1963 ، كتب مقالات عديدة عن الصحافة الكركوكية في صحف ومجلات عراقية وعربية من ابرزها مقالته عن: (تاريخ الطباعة في كركوك) نشرتها له مجلة ( الثقافة الجديدة ) البغدادية يوم 1 كانون الاول 1962 و(تاريخ الصحافة في كركوك) نشرتها مجلة المكتبة التي كانت تصدر عن مكتبة المثنى ببغداد ( عدد حزيران 1963) . و( في تاريخ الرقابة على الصحف) التي نشرتها له (مجلة الحديث) السورية سنة 1959 . 

كما اهتم عطا ترزي بالشعر والشعراء ، وفي موسوعته ((شعراء اربيل في القرون الثلاثة الاخيرة)) ، أرخ لسير وقصائد (48) شاعرا تركمانيا منهم الشعراء عبد الله افندي وعبدي ماثل وعبد الله نامي وغريبي يوسف افندي اربيللي ، وعبد الجبار كاني ، وعبد الله غوثي، ويحيى نزهت،وكمال صفوت ،ومحمد سعد بن محمد سعيد النقشبندي، وابنه الشيخ علي، وابراهيم حقي حيدر ، ومحمد حمدي، ويونس ناجي، وصنعان احمد، ونسرين اربيل، وجرجيس باغجه جي، وعدنان قصاب اوغلو، ومحمود قصاب اوغلو، وشمس الدين ولي، وعثمان اغا العثماني، وعبد الله ( قاصد)،وحافظ، واغا حاج قاسم دزدار، وخضر محمد، وسداد اربيللي، ومحمد حرابي ،وملا ياسين، واحمد ثريا، وعبد الرزاق اغا .

من كتب عطا ترزي باشي المنشورة ( موسوعة شعراء كركوك) كركوك شاعر لري (10 اجزاء) و (تاريخ الصحافة والمطبوعات في كركوك 1879 ـ1985 ) (كركوده باصين ومطبوعات تاريخي) ، وكتاب(اغاني كركوك (خويرات كركوك) ، وكتاب الامثال الشعبية في كركوك (كركوده اسيكر سوزي) وكتاب (الانغام الكركوكلية) ( كركوك هوالري) وكتاب (كركوده عماره وتأسيسلرك، منظوم تاريخلري، ( كركوك ،2005) . وليس من السهولة رصد كل ما كتبه عطا ترزي باشي فذلك يحتاج الى وقت وجهد وتخصص في علم المكتبات لكن جمع ما كتب يظل ضرورة يحتاجها الباحث وعسى ان يتصدى أحد تلامذته أو اصدقائه لهذا المشروع العلمي الكبير والذي نحا فيه عطا ترزي باشي نحو العلماء والمثقفين العراقيين الذين حرصوا على كشف مكنونات تاريخ وتراث بلادهم دون ان يكون لديهم اي هدف اخر فاستحقوا الذكر والتقدير .

لقد كرم الاستاذ عطا ترزي باشي مرات عديدة داخل بلده وخارجه وكان آخر ما كرم به منحه شهادة الدكتوراه الفخرية من( جامعة فوكتور) الاذربيجانية العالمية يوم 8 تشرين الاول 2007 تقديرا لما اسداه من خدمات للثقافة التركمانية خصوصا وللثقافة العراقية عموما .


  فيصل غازي الميالي مؤرخاً 

                              أ.د. إبراهيم خليل العلاف
                     
    عرفته منذ سنوات طويلة، باحثا مهتما بالعراق، وحضاراته، وبالمدن وتركيبتها السكانية، والاهم من ذلك أنه يعد من أبرز الكتاب الذين اهتموا بالفلاح العراقي، وبجهده في حرث الأرض، وزراعتها ، والعناية بها. ومما ساعده على ذلك، انه قضى معظم سنوات خدمته الوظيفية في " قسم الأراضي بدائرة الإصلاح الزراعي في لواء  الديوانية"  حيث عين سنة 1959 وتقاعد في سنة 1987.. كان من الرعيل الأول الذي نفذ قانوني الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 و117 لسنة 1970 ، وتولى مهاما عديدة في دوائر الإصلاح الزراعي منها عضويته في لجان إدارة الأراضي والتعاقد في لواء الديوانية  . وقد تولى سكرتارية المجلس الزراعي للواء الديوانية لفلاح طويلة، وسكرتارية لجنة النظر في الاعتراضات الخاصة بالمنازعات الزراعية . وقد تجمعت لديه، عبر عمله هذا، خبرة جيدة بل ومتميزة في شؤون الأراضي وما طرا عليها من أحكام وتشريعات..
    ولد الأستاذ فيصل غازي الميالي في قضاء الحمزة الشرقي بمحافظة الديوانية سنة 1941، ودرس في مدارسها ثم حصل على شهادة الدراسة الإعدادية في العام 1966-1967  ، واكتفى بذلك حيث عين سنة 1959 موظفا في مديرية الإصلاح الزراعي للواء  البصرة ، ولم يبق في هذه المديرية الا بضعة أشهر ، إذ نقل منها إلى المديرية ذاتها ولكن في الديوانية في 11 آب 1959.
        بعد تقاعده وحتى كتابة هذه السطور، لم يتوقف عن العمل بل كان دؤوبا كعهده، ولكن في ميدان آخر، وجده يلبي طموحاته في تقديم ما يفيد مدينته ووطنه .. ومثل  مجايليه اهتم بالتاريخ ، وصار له ولع شديد في مطالعة كتب التاريخ والتراث والآثار .  ومما اهتم به التثبت من الأنساب حتى انه صار متخصصا بالنسب العلوي، ونال شهادة من قبل شيخ النسابين والمحقق المرحوم السيد صادق عبد الحسين الحلي .. وفي ضوء ذلك أصبح الأستاذ الميالي خبيرا في تاريخ ونسب عشيرة السادة الأميال في العراق..
    من كتبه المنشورة : " القول الجميل في ذكر ذريه السيد علي الميل.. نسب وتاريخ قبيلة السادة الاميال في العراق :دراسة تاريخية نسبية " " و "شذرات وسوانح عن السياح الذين مروا بسنجق (لواء)  الرحمانية" وبلداته  الثلاث لملوم والحسكة والديوانية " ومباحث فراتية  في الجغرافية والتاريخ والآثار- الجزء الأول " و"الحضارات العراقية القديمة.. نهر الفرات في طوره الأول" و " القول المعلوم في تاريخ حمزة لملوم" و" حمد آل حمود الخزاعي الأمير العربي الثائر" و " النبي نوح ومعجزة الكون" و "الانتفاضات الفلاحية بوجه الإقطاع في محافظة القادسية خلال العهد الملكي في العراق"، و" تغيرات حدثت على مجرى نهر الفرات في محافظة الديوانية" و" تاريخ قبيلة البو سلطان الزبيدية " و" تاريخ عشيرة ال حجي محسن الخزاعية " و " السيد حبيب حسين وادي الميالي أحد زعماء ثورة العشرين المجيدة " و"صفحات من تاريخ اليهود في الديوانية".
        كما كتب سلسلة من الدراسات والمقالات نشر معظمها في صحف ومجلات عراقية عديدة  كما ضمت بعضا كتبه ومن هذه البحوث والدراسات  : "ضحايا قراصنة اللاقانون" و"استخدام الثروة المائية بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي" و"أهمية النسب ومكانته" و" دراسة سياسية لعشائر محافظة القادسية" و" الفريضة في المجتمع العشائري وجه للمصالحة والمعالجات الودية "و" من رجال الديوانية الأحرار.. سيد رجب الميالي " و" مجرى نهر الفرات في طوره الأول ضمن بادية كربلاء العربية حتى النجف الاشرف " و" انتفاضة فلاحي الشامية 1954" و" ثورة الديوانية على الحكم العثماني في العراق 1732م بقيادة السيد شبر بن ثنوان الحويزي الموسوي" و " الأسباب والعوامل التي أدت إلى تحويل مجرى نهر الفرات من الرملة الأعمى إلى نهر العوجة الحالي ضمن قاطع لملوم (الحمزة الحالية) و "القبائل والعشائر العراقية ومنصب باب العرب في العهد العثماني" و"آراء في الثقافية ومنهجيه التكفير" و"صفحات من تاريخ مدينة الشامية بمحافظة القادسية " و"لفظة روبيانة او ربيانة في ناحية المدحتية في محافظة بابل ماذا تعني ؟ " ولمحة تاريخية عن عشيرة العواتي إحدى عشائر بني حسن الهلالية العدنانية والتي تقطن  قضاء الرميثة بمحافظة المثنى " و" السلطان العثماني عبد الحميد الثاني اكبر الإقطاعيين في الديوانية خاصة والعراق عامة للفترة من 1882 ولغاية 1909 " و"آراء وملاحظات حول كتاب دراسات وثائقية وبحوث تحليلية عن حياة إبراهيم بن عبد الله شهيد باخمري (ع) " و " المرادية الوحدة الإدارية والمرادية القلعة والمرادية القرية " .
        حظي الأستاذ فيصل غازي الميالي  بالعديد من التكريمات،  وحصل على كتب شكر وتقدير من جهات رسمية وأهلية، كما انه واحد من الذين يضعون خبرتهم تحت تصرف طلبة الدراسات العليا التاريخية في العراق، وخاصة أولئك الذين يكتبون في موضوعات تتعلق بالتاريخ الحديث. ولقد قدم الرجل الكثير من الاستشارات لطلبة الدراسات العليا  الذين كتبوا  في موضوعات مختلفة دارت حول  " الديوانية في ظل الاحتلال البريطاني 1917-1921" و"الحياة الثقافية في الحلة 1958-1968"، و"امارة الخزاعل في العراق : نشأتها وتطورها وعلاقاتها المحلية والاقليمية 1640-1864 " و " الحلة في القرن الثامن عشر :دراسة تاريخية في الاحوال السياسية والادارية والفكرية " .
        كتب عدد من الباحثين عنه في كتبهم وأشادوا بجهوده  ، ومن هؤلاء صاحب كتاب " دراسات تاريخية عن العشائر والأعلام العراقية"  ، وصاحب كتاب " موسوعة انساب العشائر العراقية"   ، وصاحب كتاب " أبجدية عشائر الديوانية"  ، وصاحب كتاب " الدليل اليسير عن الجواسم وال الظفير " وصاحب كتاب " خواطر وذكريات من تاريخ النجف الاشرف " . لذلك فان " مركز الفرات الأوسط للبحوث والدراسات والتوثيق " في جامعة القادسية قد اختاره خبيرا وباحثا .. كما أطلق عليه المجلس البلدي في قضاء الحمزة الشرقي لقب " العلامة" ،  وسارعت الصحف والمجلات العراقية المهتمة بالتراث والآثار إلى استكتابه وطلب مشورته .. ويعد ماقدمه في مجال تحديد موقع مدينة (أليس) ضمن محافظة القادسية وليس ضمن محافظة المثنى فتحا علميا يعتد به، كما نجح في تحديد موقع مدينة (امغيشيا )الأثرية والتي كانت مندرسة لفترة طويلة وموقعها غير معروف.. وقد حدد موقعها الكائن في تل الكحيفي الواقع في القطعة 218 مقاطعة 58 حمام جعب- غماس  ، وقال أن تاريخ هذه المدينة يعود إلى سنة 52-80 ميلادية وسميت ابتداء( اولغاشية ) نسبة الى الملك الفرثي (اولغاشي أو لجش الاول) عندما اعتلى عرش الإمبراطورية الفرثية 247ق. م -266م والتي كان العراق تحت سيطرتها آنذاك وقد أمر ببنائها ووضع بذلك حدا لتوسع مملكة ميسان العربية الصاعدة في عهد ملكها (تامبليوس الثالث) الذي أمر بتأسيس مدينة باسمه على نهر الفرات بالقرب من بابل..
    إن ماقدمه الأستاذ الميالي يعد منجزا علميا إبداعيا يعكس اهتمامه وولعه بالتاريخ والآثار والانساب والبلدانيات ، ويأتي ذلك - باعتقاده - أن توثيق اللمحات التاريخية والاجتماعية وخاصة في بيئة (منطقة الفرات الأوسط) والديوانية بشكل خاص يعد ضرورة ((لتجذير الانتماء إلى الأرض حبا وإخلاصا)).  كما أن اهتمامه بالانتفاضات الفلاحية في منطقة الفرات الأوسط يعكس آراءه ومبادئه في التاريخ للقوى الاجتماعية الحقيقية الفاعلة، وكثيرا مانجده يلهث وراء كلمة أو معلومة علها تكون له (( ملاذا من مبهمات الأسئلة التي تثيرها كتابات المؤرخين)).
    ان الأستاذ الميالي كان يبحث ويجهد نفسه ويقدم ماله رخيصا من اجل " معلومة ربما تكون صغيرة في عدد حروفها  ، ولكنها كبيرة في دلالتها التاريخية والعلمية"  . والى شيء من هذا القبيل يشير الأستاذ الميالي فيقول :" لقد بذلت مااستطعت من جهد حسب طاقتي"، ويستشهد بما قاله العماد الاصفهاني من " انه لايكتب الإنسان كتابا في يوم، إلا وقال في غدا لو غير هذا لكان أفضل".. وهذا دليل على استيلاء النقص في جملة البشر.
    لقد سلط الأستاذ الميالي الضوء على تعسف الإقطاع وجوره على الفلاحين عند دراسته للانتفاضات الفلاحية في منطقة الفرات الأوسط بدءا من فلاحي آل بدير والشامية والرميثة والحمزة .وقد ذكر الكثير من الاهزوجات الشعبية التي تصح بان تكون مصادر تاريخية معتمدة من قبيل (يأكل عنبر وأنا اتحسس الماي) و (يو بالنص يو زرعه يفوته) .. كما أسهب في ذكر تفاصيل دور الحزب الشيوعي العراقي في تبنيه لمطالب الفلاحين وخاصة فيما يتعلق بالمناصفة وقسمة الحصة المائية ودور النظام الملكي الهاشمي الإقطاعي وتنفيذ المزاعم حول شيوعية المنتفضين الفلاحين  . وتعرض الاستاذ الميالي إلى العصيان المسلح ضد مرسوم سنة 1954 القاضي بقسمة المناصفة ودور الفلاحين في التهيئة لثورة 14 تموز 1958 والتي أسقطت النظام الملكي وأقامت جمهورية العراق..
  يؤكد الأستاذ الميالي – وهو يوثق لكثير من أحداث منطقة الفرات الأوسط -  إن التاريخ العراقي " ارتبط بنهر الفرات ارتباطا وثيقا ..فعلى هذا النهر قامت أشهر حضارات العراق بل العالم كله على الإطلاق ،وأثر كثيرا على جغرافية العراق وبيئته وتكوينه الجيولوجي " .ويضيف كذلك بأن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل"  ارتبط الفرات بضمير الإنسان العراقي منذ الازل وعلى شواطئه وسهوله ارتسمت جل ملامح هذا البلد وتاريخه وثوراته واحداثه المفصلية ، ومن مياهه ارتوى رجال غيروا تاريخ العراق " .
     يقينا أن الأستاذ الميالي، يعد مؤرخا  وطنيا تقدميا، وخاصة في تركيزه على تاريخ الانسان  العراقي وارتباطه بالأرض  وإيمانه  بمبادئ الحرية والعدالة والوقوف ضد الاستبداد والظلم فاستحق لذلك منا كل التقدير والاحترام.
الموصل ليست مدينة وحسب !!
ا.د.ابراهيم خليل العلاف

يخطئ من يظن أن الموصل مجرد مدينة .. الموصل حضارة .. والموصل تاريخ .. والموصل موقف .. والموصل هوية.. وقد استعصت على الغزاة،، وعلى جميع الذين حاولوا الانتقاص من دورها ، والتقليل من شانها ،والتأثير على دورها في بناء كيان العراق ، وقبل ذلك في بناء كيان الأمة العربية والإسلامية ..

في العصور التاريخية القديمة، اقترنت الموصل بأقدم القرى الزراعية في العالم .. وصار اسمي (الموصل) و(نينوى) توأمان لا ينفصلان..نينوى عاصمة الآشوريين ،والموصل عاصمة العرب (عربايا).

في الموصل سكنت قبائل عربية عريقة، وعندما فتح المسلمون الموصل سنة 16هـ /637م وجدوا فيها إخوانهم من ابناء القبائل العربية، حتى أن بطريارك الموصل قال لا تباعه اذهبوا ورحبوا بإخوانكم وأبناء عمومتكم .. وهكذا أصبحت الموصل مصراً من أمصار الدولة العربية الإسلامية ومنها توجهت الجيوش لنشر رسالة الإسلام شمالاً وشرقاً .. وخلال العصور الأموية، والعباسية ، كانت الموصل مركزاً حضاريا، وبؤرةً ثقافية ،وداراً للعلم، و ملتقاً للركبان وللتجار وللرحالة الذين كانوا يأتون إليها من جهات العالم الأربع.

وحتى بعد سقوط بغداد 656هـ/ 1258م ، فان الموصل تولت التهيئة لمواجهة المغول، وأثناء غزو الصليبيين لفلسطين ولبعض أقطار المشرق العربي، تحملت الموصل مسؤولية تكوين جبهة مقاومة للغزو، ومنها انطلق عماد الدين زنكي، ونور الدين زنكي وفي احضانهما تربى البطل صلاح الدين الأيوبي الذي قاد النضال وخاض معركة حطين وطرد الصليبيين من ارض العروبة والإسلام ..

وفي العصور الحديثة، واجهت الموصل أشكالا من الغزو،ودخل إليها العثمانيون..لكن أبناءها أصروا على تسلم قيادتها ، فكان منهم الحكام والوزراء،وقادة الرأي والحل والعقد وعندما تعرضت الموصل لغزو نادر شاه سنة 1743م ، خاض الموصليون حرباً شرسة، وقاوموا الحصار،وانتصروا وظلت مدينتهم حرة أبية.

وبعد انتهاء حكم العثمانيين مع مطلع القرن العشرين ، شارك أبناؤها بفعالية في ثورة 1920 الكبرى التي نجم عنها تشكيل الدولة العراقية الحديثة.. ولم يرضخ الموصليون بل كانوا في مقدمة من عمل على تحقيق الاستقلال، وتوفير السيادة لكل العراق وقد اعترف الجميع بان ابناء الموصل المعروفين بتحضرهم، وبإخلاصهم، أسهموا في تكوين العراق الحديث جيشاً، وكياناً، وثقافة ،واقتصاداً .

وهاهم أعلام الموصل في كل مجالات لا يعدون ولا يحصون .. ومن الحقائق التي ينبغي التذكير بها أن أبناء الموصل، لم يكونوا يفرقون بين أحد..فكل من كان يعيش في الموصل ..من كل الانتماءات يفخر بموصليته.. لان (التموصل) كان يعني الحضارة، وكان يعني التقدم، وكان يعني القدرة الفائقة، وكان يعني الإخلاص لذلك، و لتركيبتها الجميلة،فأهل الموصل معروفون بجديتهم، وبإخلاصهم،وبحبهم لعملهم، ولبلدهم ولامتهم فبوركت الموصل وبورك من قال إنها رأس العراق وتاجه.
 لقد حمدت الله ، عندما كلفتني كلية العلوم الإسلامية من خلال عميدها الصديق الهمام الأستاذ الدكتور عبد الله الظاهر ،أن أكون المتكلم الأول في نشاطها العلمي هذا ..وقد اخترت الموصل وشخصيتها ، ودورها الحضاري، موضوعا للحديث.. وتلك فرصة لنا لان نقف عند مدينتنا العزيزة ، ومحافظة نينوى لنذكر بوجوب إقالتها من عثرتها ، والارتفاع بها من المستوى الذي وصلت إليه وإعادتها إلى القها الذين عرفناه عنها منذ بدء عصور التاريخ .
والموصل .. اخواني ..اخواتي .. ليست مدينة فحسب إنها حضارة ،وهي تاريخ وتراث وموقف ودور ولقد انتبه إلى ذلك البلدانيون والجغرافيون العرب وغيرهم وأكدوا على أن الموصل مصر إقليم الجزيرة ..بلد جليل ..حسن البناء.. طيب الهواء كثير الملوك والمشايخ لا يخلو من إسناد وفقيه مذكور ..هكذا قال عنها شمس الدين أبو عبد الله البناء المقدسي البشاري 390 هجرية -1000 ميلادية ).أما أبو القاسم محمد علي الموصلي البغدادي المعروف ب "ابن حوقل" (367 هجرية -977 ميلادية ) ، فقد وصف الموصل بأنها من أكابر البلدان.. عظيمة الشأن بها لكل جنس من الأسواق الاثنان والأربعة والثلاثة مما يكون في السوق المائة حانوت وزائد . وفيها من الفنادق والمحال والحمامات والرحاب والساحات والعمارات ما دعت إليها سكان البلاد النائية فقطنوها وجذبتهم إليها برخص أسعارها .وعني الموصليون بمدينتهم فشيدوا الأبنية الفخمة وزينوها بزخارف جميلة وغرسوا في دورهم وقصورهم الرياحين والأزهار والأشجار المثمرة .ينساب الماء في جداول إلى برك وأحواض يخرج منها نافورات وبين أشجارها الحيوانات الجميلة وعلى أشجارها الطيور المغردة ووصف السري الرفاه المتوفى سنة 360 هجرية -971 ميلادية مدينته بقصائد جميلة صورت لنا ماكانت عليه الموصل من جمال التنسيق..ودقة الفن .هذه هي الموصل كما أدركتها أنا على الأقل ومجايليي من أبناء مابعد الحرب العالمية الثانية . واستطيع أن أقول أنها كانت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي أجمل وأرقى مما هي عليه الآن بالرغم من مرور أكثر من 50 سنة على تلك الفترة ....إذا لننهض بالموصل ولتتضافر جهودنا من اجل هذا الهدف النبيل .
والموصل مركز محافظة نينوى، مدينة قديمة.. لها تاريخ عريق.وقد ارتبط تاريخها بتاريخ مدينة نينوى، عاصمة الإمبراطورية الأشورية، مدينة يونس صاحب الحوت عليه السلام. ولايتسع هنا المجال للغور في تاريخ الموصل القديم أو الإسلامي وحتى الحديث، فذلك معروف ،ولكن الأمر الذي نود هنا أن نؤكده بان الموصل كمحافظة، وكمدينة، اكتسبت عبر العصور التاريخية "شخصية حضارية". وقد ارتفع شأنها منذ أن تمكن العرب المسلمون من فتحها سنة 16 هجرية/ 637 ميلادية وذلك في عهد خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد انتصارهم على الفرس الساسانيين في معركة القادسية المشهورة.
وعظم شأن الموصل منذ ذلك الوقت، وغدت قاعدة بارزة من قواعد العرب والمسلمين فجاهدت وأمدت الجيوش العربية بعدد كبير من قادة الفتح وجنوده .ومنها انطلقت الجيوش لحمل الرسالة الإسلامية لفتح أذربيجان والجزيرة .كما اتخذت مرات عديدة مقرا للإدارة وعاصمة لإقليم الجزيرة ومركزا عسكريا للدفاع عن حدود الدولة الإسلامية الشمالية الشرقية. 
ومن الطبيعي، والموصل تتميز بهذا الموقع الجغرافي والاستراتيجي المهم على طريق التجارة وقوافلها . فضلاً عن اعتدال مناخها ،وخصوبة تربتها ،وكثرة قراها ومزارعها أن يكون لها الدور الكبير في كل عصور التاريخ اللاحقة.. وقد زارها الرحالة العرب والأجانب وأشادوا بها وبأهلها . فهذا ابن بطوطة الرحالة المغربي المعروف يصف الموصليين (( بان لهم مكارم الأخلاق ،ولين كلام، وفضيلة وحب للغريب،وإقبال عليه.(( أما ياقوت الحموي فقال عنهم : ((أنهم أصحاب مروءة واعتدال)).
عندما جاء العرب فاتحين للموصل وجدوا إخوانهم ومنهم النصارى ،في استقبالهم حتى أن أحياء الموصل ومحلاتها لاتزال تحمل أسماء القبائل التي وفدت إلى الموصل ايامئذ ومنها خزرج ،والأوس، والمشاهدة،وثقيف والخواتنة ،والعكيدات. 
وقد حظيت الموصل باهتمام المؤرخين ،ولدينا كتب ومصنفات كثيرة تتناول تاريخ الموصل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي سواء في عهد حكومة الراشدين أو الأمويين أو العباسيين أو الحمدانيين أو العقليين أو الاتابكيين أو العثمانيين.
وحين ضعفت الحكومة المركزية ببغداد، أقدم أهل الموصل على تنظيم أنفسهم، وإقامة كيانهم السياسي الخاص بهم . وقد تكرر ذلك مرات عديدة لعل آخرها انفرادهم بحكم أنفسهم بأنفسهم خلال عهد الجليليين وقد استمر ذلك بين سنتي 1726و 1834. وقد تصدت الموصل للغزاة وأسهمت في مقاومة الصليبيين الذين هددوا العالمين العربي والإسلامي منذ القرن الحادي عشر الميلادي (الخامس الهجري) حتى القرن الثالث عشر الميلادي (السابع الهجري).
من منا لايتذكر عماد الدين زنكي،ونور الدين زنكي، والجامع النوري الكبير ومنارته الحدباء شاهد على ذلك العصر الذي تحملت الموصل عبره مسؤولية الجهاد ضد التجزئة .. وضد الغزاة الصليبيين القادمين من الغرب والذين هددوا المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين ومدينة القدس.. مدينة الإسراء والمعراج .. مدينة السلام.. والموصل هي موطن الحضارات، وحضارة الأشوريين معروفة وإضافتهم للحضارة الإنسانية تقف اليوم لتعلن بان الموصل - نينوى قدمت للإنسانية الكثير ابتداء من الزراعة وانتهاء بالعلوم والرياضيات مروراًَ بالعجلة والمعمار.
لقد قاومت الموصل الغزاة المغول 1260م .كما قاومت أيام حصار نادر شاه 1743 م والذي يعد من أبرز الأحداث التي وقعت في العالم الإسلامي خلال القرن الثامن عشر الميلادي.. وقصة دفاع الموصل ، ومقاومة الغزاة الفرس بقيادة الحاج حسين باشا الجليلي (1703-1757) قصة متداولة .وقد فشل نادر شاه في اقتحام المدينة .. ويقول المؤرخون أن حصار الموصل استغرق أربعين يوما بدا يوم 14 أيلول 1743 وانتهى يوم 23 تشرين الأول 1743 . ولم يشهد العالم حصار أية مدينة بمثل تلك القوة (ربع مليون مقاتل) إلا إذا استثنينا حصار نابليون لمدينة موسكو بـ (400) ألف مقاتل.
الموصل اذن تمتلك تاريخا ثرا .. ومقاومتها للغزاة الانكليز في الحرب العالمية الأولى ومابعدها لاتزال شاخصة، وحركتها الوطنية ورجالها الأفذاذ، ودفاعها عن الأرض والعرض يضرب به المثل.لقد كان للموصليين دور مشهود في إقامة الدولة العراقية الحديثة وديمومتها .كما لهم دورهم في تأسيس الجيش العراقي 1920 وقد أسهموا في كل الأحداث التي شهدها العراق وشهدتها البلاد العربية ومنها فلسطين والجزائر وسوريا والخليج العربي بعد الحرب العالمية الأولى .
لم يقبل الموصليون المذلة، ولم يخفضوا رؤوسهم إلا لله عز وجل.. وهم معروفون بأنهم فرديون لكنهم متحضرون .. وعلى وعي كبير بما يحيط بهم من أحداث .. لايصبرون على ضيم.. ولكنهم نظاميون يؤمنون بقيمة النظام ،ولايعطون ولائهم بسرعة ،ولا يميلون للفوضى، ويعتزون بمدينتهم وبالعراق وبتاريخهم ،وتراثهم، وبرجالاتهم الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم من اجل رفعة الوطن والدين والأمة.. وقد امتزجت عقيدتهم الإسلامية بوعيهم القوى بعروبتهم.. ومن هنا فان شخصية الموصل شخصية ذات ثلاث أبعاد،، (بعد وطني) و (بعد عربي) و(بعد إسلامي).. وليس من السهولة لأحد أن يغير في تراتبية هذه الأبعاد.. وهم عراقيون .. اعتزوا بعراقيتهم وظهر ذلك في أكثر من مناسبة.. وقد شهدت ساحتهم السياسية والاجتماعية هذه الحقيقة واضحة في كل المناسبات والأحداث. 
دعوة مخلصة ونداء صادق للجميع من ابناء الموصل وابناء العراق .. ان يتذكروا بان الموصل رأس العراق، والحفاظ على الموصل والعناية بها وبتطويرها ، وإدراك قيمتها الإستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية مسالة ينبغي أن تكون في مقدمة الاولويات التي تؤخذ بالاعتبار، ونسيج الموصل- نينوى، الاجتماعي المتسم بالتنوع دليل قوة ،ودليل خير، ودليل عافية .ونحن على يقين أن الجميع يعلمون هذه الحقيقة بل ويتصرفون بموجبها .. حفظ الله العراق وأعان أهله، وحفظ الموصل الحدباء أم الربيعين ..أم العلا المحروسة بأذن الله .
*نص المحاضرة الافتتاحية التي ألقاها الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف في الندوة السابعة لكلية العلوم الإسلامية –جامعة الموصل حول دور علماء الموصل في نشر العلوم الشرعية 9 مايس 2011 .


هناك تعليق واحد:

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...