ا.د.إبراهيم خليل العلاف
رئيس اتحاد كتاب الانترنت العراقيين
من أعلام المؤرخين العراقيين المعاصرين ،عٌرف
ليس في العراق وحسب بل في الوطن العربي كله .ولد في الموصل سنة 1922 ،وكان والده توفيق ال حسين
أغوان كاتبا وشاعرا ،عمل في الحركة العربية القومية
واسهم مع زملائه محمد سعيد الجليلي ومحمود الملاح آل زيادة والشيخ قاسم الشعار في تأليف كتاب ( الأناشيد الموصلية للمدارس
العربية ) سنة 1914 بهدف إذكاء نار الحماسة في
أفئدة النشئ العربي خلال العهد العثماني والتشجيع على أحياء كيانهم السياسي ولغتهم القومية ومواجهة التسلط العثماني .
عاش
محمد توفيق حسين في أجواء مدينة الموصل العلمية ،فتخرج من مدرستها الثانوية
سنة1939 ،أرسل
ضمن البعثة العراقية إلى الجامعة الأميركية ببيروت وحصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ سنة 1943 ،وعاد الى العراق وعين مدرسا في كلية الملك فيصل
أرسل ثانية لإكمال دراسته في جامعة اكسفورد
البريطانية ،وحصل على شهادة الماجستير وكان مشرفه المستشرق البريطاني هاملتون جب
GIBB
عاد إلى العراق وأصبح
مدرسا في قسم التاريخ في كلية الآداب - جامعة بغداد .وعمل أستاذا زائرا في الجامعة الأميركية في بيروت عشر سنوات قبيل
ثورة 14 تموز 1958 وبعد الثورة بسنة شغل منصب مدير عام
الصحافة في وزارة الثقافة والإرشاد كما كانت تسمى آنذاك ،لكنه اثر العودة الى التدريس وظل حتى وفاته رجمه الله أستاذا للتاريخ الإسلامي
والحضارة العربية في كلية الآداب - جامعة
بغداد .
أسهم محمد توفيق حسين في
مشاريع علمية تاريخية عديدة ،ولعل من أبرزها الكتاب الذي أصدره بالتعاون مع الأستاذ الدكتور نبيه أمين فارس والموسوم : "هذا
العالم العربي "وطبع ببيروت سنة 1958 ويتناول
دراسة شاملة لعوامل التقدم والتأخر والوحدة والتجزئة في الوطن العربي .كما اصدر مع نخبة من المؤرخين العرب كتابا متميزا بعنوان :
"ماساهم به المؤرخين العرب في المائة الأخيرة
في دراسة التاريخ "وطبع ببيروت ونشرته الجامعة الأميركية هناك سنة 1959 .
وفي السنة ذاتها نشر محمد
توفيق حسين كتابين مهمين لا يزالان يمثلان مرجعين مهمين من مراجع تاريخ العراق المعاصر هما : "نهاية الإقطاع في العراق
" ،و "عندما يثور العراق
" وقد عبر من خلال هذين
الكتابين عن وجهة نظره في أحداث العراق السياسية أبان العهد الملكي 1921 -1958 .ولعل ابرز ما يميز وجهة النظر هذه ،أنها كانت
"وطنية " ،و "قومية
" و "تقدمية
" .
اهتم محمد توفيق حسين بالتاريخ للحضارة العربية والإسلامية وكتب في
فلسفة التاريخ وركز على فلسفة العصور الوسطى
،وقد ترجم كتبا عديدة في هذا الميدان منها على سبيل المثال نماذج بشرية في العصور
الوسطى " و "الفلسفة
الإسلامية " .وحقق كتاب "المقابسات "لأبي حيان التوحيدي ونشره
ببغداد سنة 1970 .وله مقالات عديدة ودراسات
وبحوث منشورة في مجلات عراقية وعربية وأجنبية ،أخر مؤلفاته : "نظرة على
تاريخ العرب والمسلمين في القرن الرابع الهجري :العاشر الميلادي ".
كان
محمد توفيق حسين يقول لنا بأنه يفخر بان له طلابه الذين انشغل بأعدادهم وتزويدهم بما يساعدهم على إتقان صنعة البحث ومهنة التدريس وكان يوصينا بان
نهتم بالتوثيق وجمع مادة تكفي لثلاثة أطروحات
وليس لأطروحة واحدة لن ذلك سيفيدنا في قابل أيامنا عندما نتخرج ونعمل كأساتذة .
اشرف
على رسائل وأطروحات كثيرة ومنهجه يتسم بالدقة ، والرصانة والموضوعية (الرانكوية نسبة الى ليبولد رانكة المؤرخ الألماني المعروف والذي يؤكد بان مهمة
المؤرخ هي إعادة تشكيل الحدث كما وقع
بالضبط ) .كان محمد توفيق حسين يحرص على تحري الصدق واكتشاف الحقيقة وهذا هو ديدن المؤرخين العراقيين المعاصرين .
أما أسلوبه فيتميز بالوضوح والروعة في تقديم
المادة التاريخية .ومم يلحظ عليه اهتمامه بحركة التاريخ البشري
عموما ،فالتاريخ لديه "عملية متواصلة ولا يمكن فهم أي حقبة تاريخية ،إلا بمعرفة الحقبة التي تسبقها .ومن أرائه : "أن تاريخ
العراق لايمكن أن يفهم ،ولا
أن تقٌوم منجزات حضارته تقويما سليما إلا في إطار التاريخ الإنساني العام "
.وان التاريخ الإنساني تاريخ
علاقات وإنجازات ،وان العلاقات الإنسانية متنوعة ،معقدة ،متشابكة
…وفي حركة دائمة …قد تكون بطيئة كما كان الحال في التاريخ القديم والوسيط ،وقد تكون مذهلة السرعة ،كما الحال في عصرنا الراهن .
توفي في
التاسع من شهر شباط /فبراير ببغداد سنة 1998 ،رحمه الله فقد كان مؤرخ متميزا ومربيا فاضلا وإنسانا نبيلا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق