الخميس، 19 مايو 2011

هاشم صالح التكريتي وتوجهاته الجديدة في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة

            هاشم صالح التكريتي  وتوجهاته الجديدة  في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة







                ا.د.إبراهيم خليل العلاف


     أستاذ التاريخ العربي الحديث والمعاصر –جامعة الموصل –العراق






الأستاذ الدكتور هاشم صالح التكريتي ، مؤرخ وأستاذ جامعي ، يعمل حاليا أستاذا للتاريخ الحديث في كلية الآداب ـ جامعة بغداد . ولد في مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين سنة 1937 ، وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها ثم التحق بكلية التربية جامعة بغداد وتخرج فيها ، وبعدها سافر إلى الاتحاد السوفيتي حيث أكمل شهادة ( الكانديدات) (وتعادل الدكتوراه) ، ويحمل مرتبة الأستاذية وقد اشرف على عدد كبير من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه ،ويعرف بعلميته ودقته ورصانة البحوث والدراسات التي ينجزها وينشرها .. يؤمن بفكرة التقدم، ويحارب التخلف والاستبداد ، وينادي بالحرية ، ويكره التعصب وقد عبر عن رؤيته للحياة للصديق حميد المطبعي من خلال (موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين) ، قائلا انه يؤمن ((بان الحياة مرحلة قصيرة فانية، والإنسان الحقيقي الجدير بهذه التسمية هو من يترك فيها أثرا طيبا بالعمل الصالح والمثمر الذي تجد فيه الأجيال القادمة فائدة لها )) . وهكذا فهو في حياته لا يعرف سوى العمل الجاد ويكره التواكل والتكاسل ، هذا فضلا عن إنني عرفته عن كثب ورافقته خارج العراق مرتين: الأولى عندما زرنا مصر وأسهمنا في ندوة العلاقات العراقية ـ المصرية (شباط 1990) .والثانية في الأمارات العربية المتحدة عندما حضرنا ندوة العراق ودول الجوار التي نظمها مركز الخليج للأبحاث ( نيسان 2004) . كان عالما وباحثا وأستاذا وإنسانا فاضلا متواضعا ..


ولنقف عند عناوين بعض الرسائل والأطروحات التي اشرف عليها لنعرف أي توجه يريد الدكتور التكريتي تكريسه في الدراسات التاريخية العراقية المعاصرة


1 . موقف العراق الرسمي والشعبي من قيام الجمهورية العربية المتحدة.


2 . أزمة البوسنة 1908 ـ 1909.


3 . التطورات الاقتصادية والسياسية الداخلية في تركيا 1923 ـ 1929 .


4 . التطورات الاقتصادية والسياسية الداخلية في تركيا في سنوات ألازمة


الاقتصادية العالمية 1929 ـ 1932.


5 . التطورات الداخلية في تركيا 1932 ـ 1939


6 . تطور التعليم في العراق 1945 ـ 1958


7 . السياسة البريطانية في البحر الأحمر 1869 ـ 1914


8 . البلاط الملكي ودوره في الحياة السياسية في العراق 1921 ـ 1932


9 . التطورات السياسية الداخلية في إيران 1951 ـ 1963


10 . التطورات والاتجاهات السياسية الداخلية التركية 1923 ـ 1928


11 . العراق والحركة الكمالية 1919 ـ 1923


12 . شكري القوتلي ودوره السياسي في سوريا 1891 ـ 1958


ألف كتبا كثيرة منها :


1 . الاستعمار أشكاله ، وتطوراته ، أساليبه ، وقد نشر ضمن سلسلة الموسوعة


التاريخية الميسرة ، ( دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 1989 )


2 . المسألة الشرقية ، المرحلة الأولى 1774 ، 1756 ، (بغداد ،1991)


3 . بريطانيا ومشروع قناة السويس 1854 ـ 1869 ، مستل من مجلة الجمعية التاريخية ، العدد (3) مطبعة المعارف ، (بغداد ،1974)


كما ان للأستاذ الدكتور هاشم صالح التكريتي بحوث ودراسات عديدة يدور معظمها حول التاريخ الأوربي وارتباطاته بتاريخ العرب الحديث ويمكن أن نشير إلى أن من هذه البحوث : ـ


1 . ((الأحوال العامة في ألمانيا عشية الإصلاح الديني ، ونشر في مجلة كلية


الآداب ـ جامعة بغداد ، العدد (18) 1974


2 . ((دبلوماسية حرب القرم 1853 ـ 1856 )) ونشر في مجلة المؤرخ العربي ، العدد (36) ، 1988


3 . ((العداء الروسي ـ الإنكليزي حول المضايق في 1911) ونشر في مجلة كلية الآداب ـ جامعة بغداد العدد (16) ، 1973


4 . ((الصراع الروسي في البلقان في مطلع القرن التاسع عشر )) ونشر في مجلة المؤرخ العربي ، العدد(40) 1989


أسهم في تحرير عدد من الموسوعات التاريخية بكتابة مواد عديدة ولعل من ابرز هذه الموسوعات موسوعة مدينة تكريت التي أصدرتها وزارة الثقافة والإعلام العراقية بأربعة أجزاء ضمن سلسلة موسوعات مدن العراق (بغداد ، 1977) وقد كتب في الجزء الرابع فصلا بعنوان ((الاحتلال البريطاني لتكريت) وكان الدكتور التكريتي عضوا في هيئة تحرير الموسوعة إلى جانب نخبة من المؤرخين والجغرافيين والأدباء والاثاريين العراقيين أمثال الأستاذ الدكتور بهجت كامل عبد اللطيف والأستاذ الدكتور يونس حمادي علي والأستاذ عبد القادر حسن علي .


اهتم بالترجمة من اللغة الروسية إلى اللغة العربية بعد أن شعر بقلة معرفة القارئ العربي والمتخصص بالدراسات التاريخية بإنتاج العلماء الروس ومن الكتب المهمة التي ترجمها : ـ


1 . كتاب ألكسندر آدا موف الموسوم ((ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها))


ويقع في جزءان ، صدر الجزء الأول سنة 1982 وصدر الجزء الثاني سنة


1989 . وقد قام مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة ، بتبني طبع


ونشر الكتاب .. ومؤلـف الكتاب واحـد من دبلوماسيي روسـيا القيصـرية


المعروفين ، عمل في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين قنصلا


لبلاده في البصرة وقد كتب مؤلفه ( ولاية البصرة ) ونشره في سانت


بطرسبورغ سنة 1921 .


2 . كتاب الحرب التركية ـ الإيطالية 1911 ـ 1912 تأليف ف . ب . ياخموفيتش ، وقد تبنت الجامعة الليبية في بنغازي نشر الكتاب سنة 1970 .


3 . كتاب العراق في سنوات الانتداب البريطاني ، تأليف ألبرت ميخائيلوفتش منتشا شفيلي ، وقد طبعته جامعة بغداد سنة 1978


4 . ترجم دراسة مهمة للمؤرخ السوفيتي المعروف (كتلوف) صاحب كتاب ثورة 1920 في العراق وعنوان الدراسة ((خصائص وأهمية الحركات الجماهيرية في المشرق العربي قبيل ثورة الاتحاديين 1908)) ونشر الترجمة في مجلة المؤرخ العربي العدد (8) .


للأستاذ الدكتور التكريتي طريقة خاصة في الترجمة ، فضلا عن أمانته في نقل النص وحرفيته، فانه يحرص على إبقاء الأسماء والمصطلحات والمفاهيم التي يوردها المؤلف أو يشير إليها بلغتها مع ترجمتها في الهامش تسهيلا للقارئ وتمكينا له من تكوين فكرة واضحة عن الموضوع . كما حرص على الإشارة إلى المصادر والمراجع المستخدمة وفق الأسلوب العلمي المتعارف عليه بين الباحثين وكثيرا ما أقدم على تثبيت بعض الهوامش والتعليقات على النص توضيحا لنقاط معينة يشير إليها المؤلف أو تصويبا لأخطاء وقع فيها سهوا .. وفي عدد من الحالات فانه يحيل القارئ إلى مراجع عامة تعطيه فكرة موسعة عن الموضوع الذي يتطرق إليه المؤلف ..


للأستاذ الدكتور هاشم التكريتي رؤية واضحة نحو التاريخ ، ويقينا انه تأثر بعدد من أساتذته ويأتي الأستاذ الدكتور زكي صالح رحمه الله في مقدمتهم وتعتمد هذه الرؤية على أن وظيفة المؤرخ تقتصر على إعادة تشكيل الحدث كما وقع ومن هنا فهو يحرص على الموضوعية قدر الإمكان لكن هذا لا يمنع من أن يكون المؤرخ أداة فاعلة في دفع حركة مجتمعه إلى الأمام وذلك من خلال تأشير الحالات السلبية والمظلمة بهدف تجاوزها .. انه عندما يكتب عن الاستعمار وأشكاله فهو يؤكد بان شعوبنا ، قد اكتوت بنار الاستعمار وقاست الأهوال من فظائعه ويتطلب الأمر لكشف كذلك (( المزيد من دراسة الاستعمار والتعمق فيه لإظهار حقيقته البشعة التي يحاول المدافعون عنه تمويهها على الجماهير )) .. وإذا كان البعض من الكتاب ، ومنهم كتاب عرب ، قد حاولوا تبرير أعمال المستعمرين بحجة الالتزام بالعلمية والموضوعية ، وإيهام القراء بان ثمة نقاط موجبة ناصعة البياض في تاريخ الاستعمار ، فان على المؤرخ العلمي الموضوعي التصدي لمثل هؤلاء والتأكيد على ان ما قام به المستعمرون من أعمال كمد السكك الحديد أو بناء الموانئ أو تعبيد الطرق فإنهم توخوا من خلالها استغلال المستعمرات واستعبادها وقد قاموا بهذا خدمة لمصالحهم وتسهيل عملية الاستغلال التي مارسوها هناك وكلها لم تؤثر ايجابيا في الأحوال التي ظلت المستعمرات ترزح تحت تأثيرها . لقد تركوا المستعمرات وهي ((أكثر فقرا وأكثر جهلا وأكثر بربرية وافتقارا إلى النظام مما كان)) وقال إن بإمكان المؤرخ إيراد عشرات بل مئات الأمثلة التي تظهر حقيقة النتائج التي أفضت إليها السيطرة الاستعمارية في المستعمرات .. ولابد من أن نشير ، يقول الدكتور التكريتي ، الى انه قد وجد في دول الاستعمار مفكرين برروا الاستعمار والى جانبهم مفكرين آخرين انتقدوا التوسع الاستعماري وأدانوا السياسة الكونونيانية وفضحوا الأساليب اللاانسانية التي اعتمدها المستعمرون . ولم يغفل الدكتـور التكريتي التأكيـد على خطـورة الصـراع بيـن الدول الاستـعمارية ( الكولونيالية) والإمبريالية من اجل إعادة اقتسام المستعمرات مما كان سببا في حروب طاحنة وبشعة تركت آثارها الخطيرة على تاريـخ العنصر البشري ومستقبله .
*منشورة في :ابراهيم خليل العلاف ،موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين ، الجزء الاول ،دار ابن الاثير للطباعة والنشر (الموصل ،2011 )





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...