الأحد، 22 مايو 2011

الدكتور عبد الجليل التميمي والتأريخ للولايات العربية في العهد العثماني

الدكتور عبد الجليل التميمي والتأريخ للولايات العربية في العهد العثماني



                ا.د.ابراهيم خليل العلاف
    استاذ التاريخ الحديث -جامعة الموصل -العراق




     تعرفت على الأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي، منذ أكثر من 30 سنة ،حين كان يحضر الندوات والمؤتمرات التاريخية التي تعقد في بغداد . وتعززت معرفتي به إبان مشاركتي في النشاطات العلمية التي كان يحرص على تنظيمها في زغوان في تونس ،وعلمت منه- في أول لقاء- أنه خريج جامعة بغداد ، وانه يحب العراق ، ويحتفظ بعلاقات طيبة مع عدد كبير من زملائه المؤرخين العراقيين المعاصرين .كان التميمي حاضرا في كل الجهود التي كانت تبذل على صعيد الوطن العربي لكتابة التاريخ العربي أبان العهد العثماني . كما كانت مجلتيه :" المجلة التاريخية العربية" و"المجلة العربية للدراسات العثمانية" ،وكذلك من خلال مؤسسته التي أنشأها بأسم" مؤسسة التميمي" .


والأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي، من مواليد القيروان في 21 تموز –يوليو 1938 وبعد إنهائه التعليم الأولي والمتوسط والثانوي ذهب إلى بغداد، وانتمى إلى "دار المعلمين العالية" وتخصص في التاريخ حيث نال الليسانس ،وبعدها درس في تركيا وفرنسا وحصل على دكتوراه الدولة في التاريخ الحديث والمعاصر في 11 آذار-مارس سنة 1972 من جامعة آكس أون بروفنس الفرنسية, تحت إشراف أشهر مؤرخ فرنسي مختص في الدراسات العثمانية والتركية وهو الأستاذ الدكتور روبير منتران والذي كان لنا شرف استضافته لإلقاء محاضرات في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة الموصل عن الإمبراطورية العثمانية ، عندما كنت اترأسه 1980-1995 . كما تحصل التميمي على ثلاثة ديبلومات من الأرشيف الوطني الفرنسي بباريس ربيع سنة 1970, ومن جامعة بتسبورغ ،والتي تعد أشهر الجامعات في علوم المكتبات والمعلومات ،ومن الأرشيف الوطني الأمريكي بواشنطن في صيف سنة 1972. عمل أستاذ كرسي التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة التونسية منذ سنة 1972 وحتى سنة 2000 وأشرف على أكثر من 70 رسالة جامعية بين دكتوراه وماجستير، لتونسيين وعرب .


أحال نفسه على التقاعد ،وحصل على لقب الأستاذ المتمرس Professers Emérite تقديرا لجهوده العلمية المتواصلة خلال العقود الأربعة .والتميمي ثالث شخصية عالمية تم تكريمها بجامعة استانبول سنة 1997 .كما كرم من جهات علمية فرنسية وهولندية تقديرا لجهوده في مجال إنشاء المعهد الأعلى للتوثيق .




أسس ثلاث مجلات تاريخية وثائقية أكاديمية هي على التوالي :" المجلة التاريخية المغاربية "التي بدأ صدورها منذ سنة 1974 و"المجلة العربية للارشيف والتوثيق والمعلومات "التابعة للمعهد الأعلى للتوثيق منذ سنة 1983 " و"المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية ".وهو من المؤسسين للفرع الإقليمي العربي للأرشيف التابع للمجلس الدولي للأرشيف في اجتماعي روما 1971-1972. وكذلك الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات بمدينة القيروان في 19 كانون الثاني -يناير 1986, وحيث منحت رئاسته الفخرية له في مؤتمر القاهرة الأول سنة 2000. كما أنه رئيس اللجنة العربية للدراسات العثمانية منذ سنة 1982 ،ورئيس اللجنة العالمية للدراسات الموريسيكة الأندلسية منذ سنة 1983.


- نشر أكثر من 220 دراسة أكاديمية و31 كتابا ظهر معظمها باللغتين العربية والفرنسية وبعضها بالانكليزية .من كتبه المنشورة :بحوث ووثائق في التاريخ المغربي 1816 – 1871، تونس، 1971. و"موجز الدفاتر العربية والتركية بالجزائر"، ، تونس 1984. و"دراسات في التاريخ العربي-العثماني"، 1994. و"دراسات في التاريخ العربي-الإفريقي"، 1994. و"الببليوغرافيا العامة للدراسات الموريسكية-الأندلسية"، 1995، و"دراسات جديدة في التاريخ الموريسكي"، 1993، و"دراسات ووثائق حول التاريخ المغاربي الحديث"، 1999. و"دراسات حول العلاقات الإسلامية-المسيحية"، ، و"كتابة تاريخ الأمة العربية بين الطموح وفشل الإنجاز : الكتاب المرجع نموذجا"، 1996. و"أزمة البحث العلمي في العلوم الإنسانية في تونس والبلاد العربية"، ، 1999. و"دراسات في العلاقات العربية- العثمانية والتركية"، ، 2000. و"دراسات في منهجية الحكم والسياسة البورقيبية"، (بالعربية), 2004, و"تساؤلات حول مجتمع المعرفة والمؤرخين والبحث في البلاد العربية"، تونس، 2004، و"ايالات الجزائر وتونس وطرابلس الغرب في النصف الثاني من القرن السادس عشر تونس"، 2009.


كما قام بتعريب العشرات من البحوث الأكاديمية عن الفرنسية. وثلاث رسائل جامعية عن التركية والفرنسية. كما نقل كتاب الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عن : العلاقات العثمانية الفرنسية 1715 – 1905 إلى الفرنسية ونشرته دار لارماتان بباريس قبل عدة سنوات.


أدرك الأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي أن العمل المؤسسي ،يعد أفضل وسيلة لبلوغ هدف تطوير حركة البحث العلمي خاصة وان المؤسسات البحثية الرسمية ارتبطت –بشكل وآخر- بالحكومات الأمر الذي أعاقها عن القيام بدورها الفاعل .فضلا عن أن هذه المؤسسات البحثية كانت تعبر عن وجهة النظر الرسمية .لذلك سارع إلى تأسيس مؤسسة حملت اسم "مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات " .وقد وضع الدكتور التميمي لمؤسسته أهدافا أبرزها :


• إنشاء بنوك معلومات حول الدراسات العثمانية التي ركزت أساسا على تأريخية الولايات العربية أثناء العهد العثماني.


• إنشاء مكتبة في هذه الاختصاصات الحيوية من المعرفة وتضم اليوم 20.000 عنوانا .هذا فضلا عن قسم الدوريات.


• إرساء تعاون علمي بين الباحثين العرب والأتراك والفرنسيين والأسبان والأمريكيين وكل المتخصصين .


• العمل على تفعيل الحوار العلمي ،وممارسة حرية التعبير الأكاديمي المطلق واحترام الاختلافات العرقية أو الدينية أو الإيديولوجية لكل الباحثين.


كان الأستاذ الدكتور التميمي وراء نجاح 170 ندوة ومؤتمر وحلقة نقاشية شارك فيها المئات من الأساتذة والباحثين التونسيين والعرب والأجانب .ولحسن الحظ استطاعت المؤسسة بالقليل من المال الذي توفر لها أن تطبع أعمال تلك المؤتمرات في كتب مستقلة ولعل من ابرز ما أصدرته في هذا المجال :12 مجلدا ضم وقائع مؤتمرات دولية حول "تاريخ الولايات العربية في العهد العثماني منذ سنة 1982 والى يومنا الحاضر .و12 مجلدا احتوى وقائع مؤتمرات حول الدراسات المورسيكية 1983 .و8 مجلدات ضمت وقائع مؤتمرات دولية حول "مدونة الآثار العثمانية في العالم " .






و7 مجلدات ضمت وقائع مؤتمرات عربية ودولية "حول : البحث العلمي في الوطن العربي" . و7 مجلدات تضم وقائع مؤتمرات عربية ودولية في إطار منتدى الفكر المعاصر "حول : الرئيس الحبيب بورقيبة." و4 مجلدات تضم وقائع مؤتمرات حول : الكفاح الوطني التونسي والمغاربي من بينها:


• أول مؤتمر عن : الزعيم النقابي فرحات حشاد ،.


• مؤتمران اثنان الأول حول : الأدب الإسباني كجسر للتواصل بين الغرب والشرق عبر المغرب العربي (أفريل -نيسان 1995) . والثاني حول : اسبانيا والمغرب العربي كجسر للتواصل بين الشرق والغرب عبر ثقافتهما (فيفـري-شباط 1996). وهما أول مبادرتين على صعيد الفضاء العربي برمته.


• 75 حلقة نقاشية (سيمنارا ) للذاكرة الوطنية والتي اكتسبت أهمية استثنائية. هذا فضلا عن ندوات للحوار العربي –التركي والحوار الخليجي-المغاربي ومؤتمرات حول "وضعية الدراسات حول الشرق الأوسط" و"دور المؤسسات العلمية والمجتمع المدني في الحوار المتعدد الثقافات والتبادل المعرفي المغاربي- الأوربي والذي انعقد بين 6-8 ديسمبر/كانون الأول 2007 .


وقد نجحت المؤسسة في تنظيم ثلاث مؤتمرات خارج تونس, أحدها في مكناس ،والثاني باستانبول، والثالث بجامعة اكستر ببريطانيا.وقد تم ذلك وفقا لاتفاقيات علمية معها .


وقاد الدكتور التميمي حملة لإنعاش وتوثيق الذاكرة الوطنية التونسية منها :






"الندوة الثالثة عشرة لمنتدى ثورة الكرامة والديمقراطية" مع السيد حمة الهمامي, الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي ودور حزبه في المشهد السياسي الجديد للبلاد. و"سمينار الذاكرة الوطنية عن المرحوم الهادي نويرة الوزير الأول السابق", تقديم السيدين أحمد خالد ومصطفى المصمودي. و"سمينار الذاكرة الوطنية حول أبرز الوجوه السياسية الغائبة اليوم ونعني به المرحوم الوزير الأول محمد مزالي مع المحامي الأستاذ الطاهر بوسمة" ليشرح للتاريخ وبالوثائق الدامغة، المضاعفات والإرهاصات القضائية العديدة والتي وضعها العديد من رموز النظام السابق ضد مزالي . ,و"سمينار الذاكرة الثقافية مع وزير الثقافة السابق الأستاذ البشير بن سلامة حول المحتوى الثقافي والفكري لمشروع الدستور التونسي الجديد."










لقد حذر التميمي من تراجع واقع البحث العلمي العربي والباحثين العرب، وطالب بزيادة الاهتمام بالبحث العلمي من كل النواحي، والعمل على إنشاء مدن معرفية مستقلة تتمتع بالحرية الأكاديمية. ومما قاله " إنّ وضعية البحث العلمي في الوطن العربي هي وضعية " الرجل المريض "، إذ لم يمنح البحث العلمي الاهتمام الكافي من جميع الحكومات العربية، واهتمامها بهذا البحث مجرد اهتمام ظرفي، إذ ليست هنالك إستراتيجية عمل بعيدة المدى، ولا رؤية ممنهجة ولا خطة كاملة، والباحث العربي لا يواكب ما يجري على الساحة الدولية ... وقليلا ما يشارك في المؤتمرات العلمية العالمية ... وهناك بيروقراطية قاتلة في الإدارة.. انعكست سلبا على البحث العلمي ".


ورأى أنّ المعرفة قد تحولت إلى معرفة سطحية بائسة، ودعا إلى إعادة النظر في هياكل البحث العلمي والتعليم الجامعي في الأقطار العربية، بغية خلق جيل عربي جديد فاعل، لديه وهج الدفاع عن الأمة، من خلال دعم الباحثين الجادين، بقطع النظر عن انتماءاتهم الفكرية. كما طالب الحكومات العربية بتحقيق الحرية الأكاديمية وموقعة العلماء موقعهم الصحيح، وأن تدرك أنّ الباحث هو ثروة لا تقدر بثمن على الإطلاق، وهو جزء من التراث الفكري للأمة، وهو هويتها وذاتيتها وكينونتها.ويؤكد الدكتور التميمي –بشدة –على أهمية العودة إلى الأصول حيث لاتاريخ بدون أصول والمقصود هنا بالأصول الوثائق وباللغات المختلفة والذي يدفعه لذلك أن الوطن العربي خضع للعثمانيين والفرس والبرتغاليين والأسبان والفرنسيين والانكليز وهذا يعني أن كما كبيرا من سجلاتها وأوراقها محفوظة في دور الأرشيف الأجنبية تلك .وسر اهتمامه بالعثمانيين وحرصه على إعادة كتابة تاريخ سيطرتهم على الأرض العربية في آسيا وأفريقيا وبالشكل الذي يحقق النظرة الموضوعية بعدما شاب هذا التاريخ الكثير من التزييف لعوامل سياسية وإيديولوجية .وفي السنوات الأخيرة بدأ مشروعا طموحا لإعادة الاعتبار إلى الرموز التونسية وإدراك تاريخهم والحيلولة دون طمسه أو تفسيره وفق اجتهادات غير موضوعية .ولايزال الأستاذ الدكتور التميمي يواصل نشاطاته لذلك من الصعب جدا حصر تلك النشاطات فذلك بحاجة إلى الكثير من الوقت والجهد .


* أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل-العراق






.


























ا



























































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...