حقوق الطفل في التراث والقانون الدولي *
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الأستاذ
الدكتور إسماعيل سليمان المحترم
مدير عام دائرة
ثقافة الاطفال في وزارة الثقافة والسياحة والاثار
الاخوات الاخوة
الحضور
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
وأقول كم كنت
سعيدا حين كلفني الأخ الأستاذ الدكتور إسماعيل سليمان بأن القي محاضرة في هذه
المناسبة العزيزة علينا وقد اقترحت هذا العنوان لاذكركم بشيء تعرفونه جميعا وهو
مكانة الطفل في ميدانين مهمين من ميادين الحياة هما (التراث) و(القانون ) .
عندما نريد ان نكتب عن الطفل في التراث والفكر لابد ان
نعود الى القرأن الكريم والكتب المقدسة الأخرى .في القرآن الكريم ذكرت كلمة ( طفل) مرتان بصيغة المفرد وهما "ثم يخرجكم
طفلا" سورة غافر الآية 67، و" أو الطفل الذين لم يظهروا" صورة
النور الآية 31.
أما كلمة
"أطفال" بصيغة الجمع فذكرت مرة واحدة فقط وذلك في سورة النور الآية 59
في "وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا
اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم" صدق الله العظيم.
وفي الكتاب المقدس
(العهد القديم والعهد الجديد) وردت كلمة طفل (13) مرة وفي استخدامات وبمعان مختلفة
فتارة
تُستخدم للتعبير عن عدم النضج، وتارة أخرى يُستخدم الطفل كمثال لما يُريد الرب أن
يرى المؤمنين الناضجين عليه. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا
وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ "
وأيضا
:" قال يَسُوعُ : دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ
تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. (متى 13:19-14).
والرسول
الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان يعطي للأطفال وللصبيان حقوقهم وابسط شيء أقوله
لكم انه عندما يمر على أطفال يلعبون كان يقول لهم : السلام عليكم يا صبيان " . بمعنى انه كان يزرع عندهم صفات
الرجولة والشجاعة والاحترام والاقدام . َّ
النبي (صلى الله عليه وسلم) على أطفال يلعبون فقال لهم: “السلام عليكم يا صبيان
وكلكم يتذكر مقولة
الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ورضي الله عنه وكرم وجهه حين قال "خذوهم
صغارا " وحين قال :"ربوا اولادكم على زمان غير زمانكم " .وطبيعي
هذين القولين يحملان دلالات عميقة من حيث ان التعلم في الصغر كالنقش في الحجر هكذا
علمونا عندما كنا طفالا صغارا في الخمسينات من القرن العشرين .علمونا ان نعتمد على
انفسنا وان نحسن مسيرتنا وان نكون بمستوى ما ارادوه .
وكلكم يتذكر
ماقاله عالم النفس الكبير سيغموند فرويد وهو ان شخصية الطفل تتكون خلال السنوات
الخمس الأولى .بمعنى نحن من نجعله شجاعا ونحن من نجعله جبانا ونحن من يجعله كريما
ونحن من يجعله بخيلا .لذلك أوصى بأن نهتم بتربية الطفل وهو في سنواته الخمس الأولى
.
واذكر كتاب
الفيلسوف التنويري الفرنسي الكبير جان جاك روسو وكتابه الرائع ( إميل ) او ( في
التربية الحديثة ) ففي هذا الكتاب وهو يتابع طفلا تبناه الى ان زوجه يؤكد على
أهمية التربية ويجعلها تطغى على الوراثة بمعنى ما يكتسبه الطفل من عادات وقيم
تتغلب على ما يرثه من جينات وخصائص .
عندما كنا صغارا
ونحن في الكتاب او في الروضة او في المدرسة الابتدائية كان من يرعانا فضلا عن الام
والأب الجد والجدة والخال والعم .وكنا نردد ما يقال ان (ثلثين الولد على خاله)
بمعنى ما يرثه الطفل وما يتعلمه من خاله وكيف كانت امهاتنا تخيفنا عندما نرتكب خطأ
من خالنا او عمنا ...كان للجد والجدة دور في تربية الطفل وكان للخال والعم والعمة
والخالة دور في تربية الطفل . لذلك كنا نقول ونردد وحتى هذه اللحظة ان للبيت دور
في تربية الطفل وللأسف اليوم في زماننا هذا بدأنا نشعر بنوع من التراخي في تربية
الأطفال .
ويأتي الكتاب –
الملا واتذكر ونحن أطفالا عندما كنا نذهب الى كتاب جامع المكاوي والملا كان الشيخ
إسماعيل وما تعامناه من قراءة القرآن ومبادئ الدين واركانه وشيئا من الحساب وطريقة
تعامل الملا معنا لاتزال شاخصة .
وهناك من ذهب الى
رياض الأطفال من أجيال أتت بعدنا وما كانت تتمتع به رياض الأطفال في الموصل من
مميزات وخصائص لاتتوفر في راض أخرى من قبيل الاهتمام بالخط والفنون والرياضة
والموسيقى واستطيع ان اتحدث لكم عن رياض
للأطفال داوم فيها اولادي وبناتي وهم الان أطباء ومتخصصوص لهم مكانتهم في المجتمع
.
ثم يجيئ دور
المدرسة واحدثكم عن الدور الذي كانت تضطلع به المدارس الابتدائية في الموصل .هل
احدثكم عن مدرستي مدرسة ابي تمام الابتدائية في عبدو خوب واليوم الدراسي الكامل
والرياضة والمكتبة والتغذية ومعلم اللغة العربية الأستاذ محمد إسماعيل أبو جاسم
ومعلم التاريخ الأستاذ غصوب الشيخ عبار ومعلم الإنكليزية فرج عبد الاحد سيبا ومعلم
الحساب زيدان كركجة ومعلم الرياضة غانم ذنون .كان كل واحد منهم (مدرسة ) بحق وحقيق
.
اذا المجتمع –البيت-
المدرسة ويأتي دور المجتمع والاعلام ودروس التاريخ والجغرافية وتاريخ بلادك وامتك
وقف للمعلم وكن ابن من شئت ولاتقل اصلي وفصلي والقناعة كنز لا يفنى والنفس راغبة
اذا رغبتها والدين وعلاقة الحفيدين الحسن والحسين وفاطمة الزهراء عليهم السلام
ورضي الله عنهما بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .نرى التربية في اوجها
وسموها وكلمتين قالهما الرسول الكريم اختصرا الإسلام كله ( الايمان والاستقامة
..قل آمنت بالله ثم إستقم) ..هذه هي التربية الحديثة بصورتها العربية الإسلامية
وليس بصورتها الامريكية الغربية المبنية على التهتك والدعارة والتسيب والفساد .
وتعرفون جميعا
انني لست متدينا بالمفهوم التقليدي لكني افهم الدين على انه سلوك وطريقة ناجحة في
الحياة الانسان بطبيعته متدين والانسان لابد ان يميل الى العمل الصحيح والاستقامة
وهديناه النجدين وعليه ان يختار منهما ما يحقق له السعادة والامن والنجاح .
الطفل بحاجة الى
الرعاية وانا عندما انشر خبرا عن ولدي فأنا اريد من الإباء والامهات واولياء
الأمور ان يهتموا بتربيته بصحته بنشأته بتميزه بتكوينه بثقافته وانتم ادرى مني بما
يعانيه اباء اليوم من صعوبات في ظل طغيان التقنيات الالكترونية ووسائل الاتصال
الاجتماعي فليس من الصحيح ان نحرم أطفالنا من ان يتعلموا هذه التقنيات لكن علينا
توفيرها لهم ومراقبتهم من بعيد وتكوين علاقات احترام وتعاون ومحبة بين الاب او ولي
الامر وولده او ابنته وانا هنا اتحدث عن البنت ودور الام في تنشئتها .
اعود
لاقول اننا في يوم 20 من تشرين الثاني أي قبل ثلاثة أيام احتفلنا بيوم الطفل العالمي
هذه المناسبة العالمية التي يحتفل بها العالم كله بيوم الطفل هدفها تعزيز الترابط الدولي واذكاء الوعي بين أطفال
العالم وتحسين رفاهيتهم واليوم كلنا شاهدنا ما حصل ويحصل لاطفال غزة أهلها في غزة
واجهوا ويواجهوا العدوان الإسرائيلي بشكل لم يشهد له العالم مثيلا من قبل .
الشيئ
المهم يوم الطفل العالمي ابتدأ سنة 1954
وان الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي المنظمة الدولية التي ينبغي ان يحتمي بها
العالم اعتمدت تاريخ 20 من تشرين الثاني- نوفمبر ليكون يوما للطفل لماذا لان
الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت اعلان حقوق الطفل ومن ثم في اعتمدت الجمعية
العامة (اتفاقية حقوق الطفل ) في سنة 1989 . ومنذ 1990 يتم الاحتفال بهذا اليوم
العالمي باعتباره الذكرى السنوية لتاريخ
اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل والاتفاقية المتعلقة بها .
ويمكن للأمهات
وللآباء وللمشتغلين وللمشتغلات في مجالات التعليم والطب والتمريض والقطاع
الحكوميين وناشطي المجتمع المدني وشيوخ الدين والقيادات المجتمعية المحلية
والعاملين في قطاع الأعمال وفي قطاع الإعلام — فضلا عن الشباب وكذلك الأطفال
أنفسهم — أن يضطلعوا بأدوار مهمة لربط يوم الطفل العالمي بمجتمعاتهم وأممهم.
ويتيح اليوم
العالمي للطفل لكل منا نقطة وثب
ملهمة للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها.
أقول شكرا لدائرة حقوق الطفل العامة في وزارة الثقافة على موقفها ودعمها
ولابد من ان نعيد الاهتمام برعاية الأطفال من خلال انشاء مكتبات خاصة بهم ومختبرات
للرعاية العلمية وإصدار نشريات وصحف ومجلات خاصة بهم والقيام بتنظيم الندوات
والمؤتمرات التي تدعو للاهتمام برجال ونساء المستقبل والاهتم من كل ذلك التوجيه
برعايتهم صحيا ورياضيا وثقافيا وتربويا.. الاهتمام بالأطفال والفتيان والصبايا
والمراهقين يجب ان تكون عندنا في العراق مهمة وضرورة شرعية ووطنية وقومية
وإنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق