العلاقات السورية - التركية 1923-1939 كتاب للدكتورة أميرة اسماعيل محمد العبيدي
صدر عن مكتبة حسام الدين -المجموعة الثقافية -الموصل 2023واسعدني انني قد قدمت للكتاب وقلت في التقديم ما يأتي :" تقديم
بقلم: الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف
أُستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
مما يفرح الاستاذ حقا ان يرى تلاميذه، وهم يغذون السير، ويحثون الخطى من أجل أن تكون لهم بصمة واضحة في مسيرة الدراسات التاريخية في العراق والوطن العراق. وحقا أنا سعيد جدا، وقد قدمتُ لكتاب قبل هذا أصدرته الاخت الدكتورة أميرة اسماعيل محمد العبيدي التدريسية والباحثة في مركز الدراسات الاقليمية بجامعة الموصل، أن اقدم ثانية، لكتابها الجديد الموسوم ( العلاقات السورية –التركية 1923-1939) .
والكتاب هذا، بالأصل ثمرة لمشروع علمي ، إبتدأ به مركز الدراسات التركية (الاقليمية حاليا) في جامعة الموصل والمؤسس منذ سنة 1985 وكنت اتشرف برئاسته لسنوات طويلة ولعدة مرات وخلال ربع قرن ، لتوثيق تاريخ الجارة الشمالية للعراق ، وهي الجمهورية التركية سياسا ، واقتصادا ، وثقافة ، وعلاقات خارجية ، وشخصيات ، ورموز تركية .
وبما انه الاخت الدكتورة أميرة إسماعيل محمد العبيدي ، هي واحدة من أبرز الباحثات في المركز ؛ فقد استقر رأيها على ان تنجز رسالتها للماجستير في جامعة الموصل سنة 2003 بعنوان ( العلاقات السورية –التركية 1923- 1939) بإشراف الاخ الاستاذ المتمرس الدكتور عصمت برهان الدين عبد القادر ، وكان آنذاك رئيسا لقسم التاريخ بكلية الآداب – جامعة الموصل .وكان ممن ناقش الرسالة الاخ الاستاذ الدكتور خليل علي مراد ، والاستاذ الدكتور طلال يونس الجليلي (رحمه الله) ، والاستاذ الدكتور محمد صابر رجب ، فضلا عن المشرف .
والكتاب هذا، بالأصل تلك رسالة الماجستير وقد كنت اود ان تطبع قبل هذا لكن الظروف العامة أعاقت الأمر وها هي تطبع الان لتكون بيد القراء والمهتمين والمتابعين وكما يقول المثل : " أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي " .
الكتاب يتناول بالتفصيل جوانب العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجارتين سوريا وتركيا ، وضمن فترة محددة تعد ( فترة تأسيس) لكلا الدولتين الجمهورية التركية والجمهورية العربية السورية وهي الفترة من 1923 -1939 .ويقينا ان هذه الفترة او الحقبة التاريخية زاخرة بالأحداث ، والتشابكات ، والعقد ، والمشاكل بين الجارتين وقد تابعت المؤلفة الفاضلة كل ذلك من خلال فصول خمسة هي على التوالي :التطورات الداخلية في كلا الدولتين سوريا وتركيا منذ الانقلاب الدستوري العثماني 1908 ، وخلع السلطان عبد الحميد الثاني 1909 ، ومجيئ حزب الاتحاد والترقي الى السلطة حتى سنة تأسيس الجمهورية التركية سنة 1923 بزعامة مصطفى كمال اتاتورك على انقاض الامبراطورية العثمانية ، ومن قبل ذلك بسنوات كانت في سوريا المملكة السورية المتحدة 1920 بزعامة الملك فيصل بن الحسين .
والمؤلفة، وهي تتابع ما جرى من احداث سياسية ، كان لابد وان تقف في الفصل الثاني عند طبيعة العلاقات الاقتصادية وتطوراتها بين الدولتين الجارتين وفي الفصل الثالث تحدثت عن مواقف كل من سوريا وتركيا من الاحداث الداخلية وخاصة بين سنتي 1920 و1938 وعرجت ايضا لتتناول المشاكل القائمة بين الدولتين وما رافقها من اتفاقيات ومعاهدات تناولتها المؤلفة بكل دقة ، وتفصيل .
ومن المؤكد ان تقف المؤلفة عند ( قضية الاسكندرونة) ، والتي ضمت الى تركيا سنة 1939 لظروف اقليمية ودولية اشارت اليها المؤلفة ، وافردت لها فصلا وهو الفصل الخامس . وقد اثر هذا الحادث على واقع ومستقبل العلاقات بين الجارتين سوريا وتركيا . ان مما درسته المؤلفة وضع لواء الاسكندرونة ( وهو اليوم في تركيا يسمى محافظة هاتاي) قبل اتفاقية انقرة سنة 1921 وتطورات القضية بين 1921و1939 والمساومات الفرنسية –التركية 1921-1939 والمعاهدة السورية –الفرنسية 1936 وتطورات القضية 1936-1939 ومحاولات تركيا التفاوض مع سوريا وعصبة الامم وقضية الاسكندرونة والضغوط التركية في الانتخابات والحاق اللواء بها والمواقف العربية والدولية من تطورات قضية الاسكندرونة .
واخيرا ؛ فإن للتاريخ دروس ومنها ان تلك القضية وما جاء بعدها من احداث خلفت الكثير من التعقيدات امام نمو وتطور العلاقات السورية التركية ، وللأسف فإن آثار ونتائج كل تلك العلاقات والمواقف والتعقيدات لاتزال تلقي بظلالها على مستقبل العلاقات بين سوريا وتركيا ، ونحن على أمل كبير في ان تتجاوز القيادتان السورية والتركية كل عقد التاريخ ، وحساسياته وملابسات الواقع وعناصره من اجل الحوار المتبادل بين الطرفين ، وخير للبلدين ان يكون السلم والتعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، هو القاسم المشترك فما يجعهما من العوامل اكثر بكثير مما يفرقهما ومستقبل المنطقة حري بأن يعمل الجميع على صياغته بشكل جديد يتمكن الابناء ، والاحفاد من ان ينعموا بالاستقرار والرفاهية .
تمنياتي للأخت المؤلفة الدكتورة أميرة اسماعيل محمد العبيدي بالتوفيق الدائم والتقدم خدمة للمدرسة التاريخية العراقية المعاصرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق