لاستار ..ولاغبار....مجموعة شعرية للمتنبي الثاني الشاعر معد الجبوري
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
رحم الله رفيق عمري، كما
كان يحب ان يسميني ، رحم الله رفيق عمري ابا الحارث الاستاذ معد الجبوري . كان
شاعرا كبيرا ، عملاقا ...كتب القصيدة العمودية ، وكتب قصيدة النثر او كما تسمى (
الشعر الحر ) أو الشعر المرسل . ديوانه ( لاستار ..ولاغبار ) يضم (20 ) قصيدة
عمودية .. أصدره سنة 2012 ، واهداني نسخة منه في 17 اذار سنة 2012 اي بعد ايام من
صدوره .
ومن الحق ان اقول أن معد الجبوري ، وانا اسميه (المتنبي الثاني )
كتب الشعر العمودي ، وبعضا مما كتب طواه مع أوراق بداياته الاولى الشعرية حتى نسيه
. وبعضا مما كتبه القاه هنا وهناك او نشر القليل منه في الصحف والمجلات ، لكن
وطيلة اربعة عقود لم ينشر شيئا من شعر التفعيلة في أي ديوان أصدره ، واقترح على النقاد ان
يكتبوا عن (معد الجبوري وشعر التفعيلة ) .
الشاعر الاستاذ معد
الجبوري ، أطلع صديقه الشاعر الناقد الاستاذ عبد الوهاب اسماعيل على مسودة الديوان
قبل اصداره فكتب يقول :" مثلما أبدع في النمط الشعري الذي مارس كتابته منذ
اربيعين عاما ، يطل علينا الشاعر معد الجبوري في هذه المجموعة بنمط آخر ، هو الشعر
العمودي الذي كان يكتبه في فترات متباعدة منذ اواسط ستينات القرن الماضي . وهذا
يؤكد ان الشعر العالي اكبر من التجنيس ،وان الشكل المتوارث يقف جنبا الى جنب مع
اشكال الابداع الشعري الاخرى ، فقصائد هذه المجموعة تنطوي على اصالة لاتتخلى عن
السبك المحكم واللغة المتشعبة بنبض التراث وهي ، في الوقت نفسه ، تحمل بصمة
التجديد والتفرد التي إتسمت بها نصوصه الشعرية " .
القصائد العشرون من عناوينها : سليل المجد – نجمة السندباد – احلام
الملك الضليل – رحى ..ورحى – لك في رحاب المجد – وصلي صحراء روحي – ام الربيعين –
فضاء العاشق – لعينيك يا مصر – وإنجاب ستر البحر – كأس اخرى – هنيئا لك الاعياد –
وافى الربيع – فرس – في رحاب مكة – غربة العندليب – غيبوبة – لم يبقَ الا الهشيم –
دوار اسود .
يقول في إحدى قصائده : وياعراق الندى والحب يابلدي *** ياطيب
المُجتنى يارائق الرفد ِ
وفي قصيدته (أم الربيعين ) يقول :
أُم الربيعين ، ياقيثارة
الزمنِ
ياواحة اللؤلؤ المنثور ، في وطني
ياوردة القلب ، تندى وهي صادية ُ
ويا صدى كلماتي ،وهي تكتبني
في كل منعطف ، لي منك بحر هوى
تجري بما تشتهي في لُجه ، سفني
لو غبت عني ، فروحي نوح صادحة
تظل تشهق من شجو ،ومن شجن
ولو ظمئت ،لصيرت الفؤاد يدا
على شفاهك ، كالعنقود تعصرني
دار الزمان ومن داسوا على كبدي
ظنوا بأن جراحي ،عنك تبعدني
باق..ولاظل لي الا هواك،وما
سواك للجرح من حضن ومحتضن
سيان اسكن في عينيك متشحا
بزهو عينيك او عيناك تسكنني
تضم وجهك اضلاعي وقد نثرت
دُر الحنايا له ، يادرة المدى
حصنت وجهك بإسم الله من حسدِ
ومن أراجيفِ أطماع ، ومن فتنِ
مازلتِ ،والشمس من كفيكِ طالعة
حِصن الفراتين في الارزاء والمحنِ
مازلت ثغر بلادي ، ما زكا زهر ٌ
غَصنٌ وما صدحت ورقٌ على فَنَنِ
وهكذا تمضي قصائده العمودية بمثل هذه القوة اللغوية ، والموسيقى العذبة ، والاحساس
المرهف ، والصورة البديعة .
رحمك الله رفيق عمري ابا الحارث والمجد لك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق