بوابات مدينة نينوى
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
مدينة نينوى ، عاصمة الامبراطورية الاشورية بعد
اشور وخور سيباد وكالح .ومدينة نينوى ، ومدينة
الموصل صنوان : مدينتان متقابلتان على ضفتي نهر دجلة الخالد .وكما كانت مدينة
الموصل مسورة ولها ابواب كانت نينوى مسورة ولها ابواب . وكانت اعداد هذه الابوات
تزيد وتنقص حسب الفترات التاريخية .
ومدينة نينوى ، كما قلت مدينة مسورة يحيط بها
سور عظيم مبني بالحجارة والطابوق الطيني ، وقد استظهر في الجانب الايسر من مدينة
الموصل الحبيبة في عدة مناطق . وتشير
المدونات التاريخية التي بأيدينا الى ان تاريخه يعود الى سنة 700 قبل الميلاد
ويمتد سور نينوى على مسافة تصل الى (12 ) كيلو مترا .
وقد حرص المعماريون الاشوريون على ان يكون لهذا
السور نظام من حيث أنه مبني من حجر منحوت يبلغ طوله ( 6 ) أمتار يتبعه جدار مبني من طابوق طيني طوله ( 10 )
أمتار وسمكه يصل الى ( 15 ) مترا .. ومما يذكر ان السور يضم ابراجا حجرية .. وثمة مسافة بين برج وآخر تصل الى ( 18 )
مترا .
وتؤكد كتب التاريخ ان لسور نينوى
(18 ) بابا او بوابة للدخول والخروج من المدينة . وكانت هناك نقاطا
للمراقبة ، ونقاطا للتفتيش موجودة في مداخل ومخارج المدينة وكان من الطبيعي ان نجد الابواب مُحصنة بشكل
كبير .
وقد ادركت انا ومجايللي، اقصد الذين ولدوا بعد نتهاء الحرب العالمية
الثانية خمسة أبواب أي اننا شاهدنا أبوابا خمسة فقط من الابواب التي كانت لمدينة
نينوى . وسأحاول في هذه الحلقة أن اقف عند ابواب مدينة نينوى ومن اولها :
1.
بوابـة ماشـكي : أي ( بوابة المسقى) ، وسبب تسميتها كذلك لانها ومن خلالها يتم تزويد
المدينة بالمياه التي تحتاجها . وفي سنة 1968 اجرت الهيئة العامة للاثار والتراث
تنقيبات واسعة وشاملة فيها وتم استظهار جميع معالم البوابة ويتصل مدخل البوابة
بقاعة كبيرة والمدخل والممر مزينة جدرانهما من الداخل بقطع من المرمر المنقوش بإسم
الملك سنحاريب ويحيط بالبوابة من الجانبين ابراج كبيرة مشيدة بالحجارة وتنتهي
الابراج من الاعلى بصف من الاحجار المهندمة وتعلوها احجار الشرفات المسننة وتشكل البوابة رمزا معماريا
شامخا ، وتبعد البوابة عن نهر دجلة بقرابة كيلومتر ونصف .
2.
بوابة نركال : وسميت هذه البوابة بهذا
الاسم نسبة الى الاله (نركال) اله العالم
الاسفل ، وتسمى ايضا ( بوابة تربيصو) ، وتعد من اوائل البوابات التي اكتشفت اكتشفها
لايارد سنة 1848 م وعثر على الثورين المجنحين اللذين يحرسان مدخل مدينة نينوى من
هذه البوابة التي كانت تستخدم لاغراض شعائرية دينية ،
وهي البوابة الوحيدة المحاطة بالثيران المجنحة . وقد تم اكتشاف البوابة في منتصف
القرن التاسع عشر ورممت في القرن العشرين .وللاسف فجرها تنظيم داعش عندما سيطر على الموصل بين سنتي 2014
و2017 .وترتبط هذه البوابة بمدينة تربيصو بشارع مبلط بالرخام يمتد من مدخلها
الخارجي حتى مدخل معبد نركال في مدينة الموصل . وقد اكتشفت البعثة التنقيبية
لجامعة الموصل وبإشراف الدكتور عامر
سليمان والدكتور عادل نجم عبو جزءا من المعبد والذي يقع داخل حرم الجامعة سنة 1967
.
3.
بوابة ادد : وسميت كذلك نسبة إلى الاله ( أدد ) وهو اله الرعد والعواصف وقد نقب فيها الاثاري
البريطاني ( لايارد ) ، كما نقبت فيها يعثة تنقيبات جامعة الموصل منذ 17 شباط سنة
1968 وبإشراف الاستاذ الدكتور عامر سليمان وتمت عملية اعادة ترميم هذه البوابة من قبل الحكومة العراقية في عام 1960م ولكن
الاعمال لم تكتمل ,ويظـهر من خلالها بعض من مباني الاشوريين الاصلية, واخر
الدفاعات الاشورية.وللاسف فجرت هذه البوابة من قبل تنظيم داعش خلال
سيطرته على الموصل بين سنتي 2014 و2017 .
4.
بوابة شمش : سميت نسبة للاله (شمش) أي اله
الشمس , وتقع بالقرب من حي الثقافة , وتعتبر من البوابات المهمة في الامبراطورية
الاشورية الحديثة. يبلغ عرض مدخلها حوالي 2م, وقد تم ترميمها من قبل الحكومة العراقية في سنة 1960م.
5. بوابة سنحاريب او بوابة
خاليزي : تقع في الجزء الجنوبي من الجدار الشرقي . تم التنقيب عن الموقع من
قبل بعثة اثارية تعود الى جامعة كالفورنيا
في سنتي 1989-1990م وقد وجدت هذه البعثة ان عرض مدخل هذا الباب يصل الى حوالي مترين ومن الطريف ان هذه البعثة
اكتشفت بقايا بشرية تعود الى معركة نينوى الاخيرة واسقاطها سنة 632 قبل الميلاد
.
6. بوابة ننليل وتقع على الضفة اليسرى لنهر الخوصر وتبعد عن بوابة شمش
بمقدار نصف كيلومتر وسميت نسبة الى الالهة ننليل زوجة الاله إنليل وللاسف لم ينقب بعد في هذا المكان
حتى ساعتنا هذه .
7. بوابة مشلالو : ومشلالو اسم لاحدى بوابات مدينة بابل ومدينة اشور
العاصمة الاشورية الاولى وتسمى ايضا بوابة عشتار وللاسف لم ينقب في مكان هذه
البوابة حتى ساعتنا هذه .
8. بوابة شيبا نيبا وسميت كذلك لكونها تتجه نحو مدينة شبانيبا الاشورية
التي تعرف آثارها اليوم بإسم تلبلا وتقع قرب مدينة بعشيقة وتبعد عن مدينة نينوى
العاصمة مسافة (25 ) كيلومترا باتجاه الشمال الشرقي ولم ينقب ايضا في مكان هذه
البوابة .
9. بوابة خلاخي وسميت بهذا الاسم تسبة الى مدينة خلاخي الاشورية التي ورد
ذكرها في نصوص الملك الاشوري سنحاريب والبوابة هذه هي بوابة ما يجلب ويستورد من
المنطقة الجبلية في كردستان والتي كانت تمون نينوى بالكثير من المنتوجات الغذائية
المهمة .وخلاخي مدينة اشولرية تقع على نهر الخوصر وتبعد عن مدينة نينوى بقرابة
(15) كيلومترا وتعرف بقاياها اليوم ب(قرية العباسية ) وتسكنها اليوم وهي قرية
عامرة عشيرة السويدان ويقصدها الموصليون
اليوم للتنزه وهي على طريق الشلالات .
10.
بوابة سين وسميت هكذا نسبة الى الاله سين اله القمر وهو نفسه الاله
ننار السومري رجل السماء وله في حران معبد وهي من بووابات الضلع الغربي وتسمى
بوابة سين ايضا ببوابة الحدائق – كيراتي وقد نقبت فيها بعثة اثارية عراقية سنة
1965-1967 .وقد اكتشفوا فيها سلما في مقدمتها يتصل بأعلى السور مشيد بمادة اللبن
وفي السلم فتحات عمودية ضيقة تؤدي الى جدار السور استخدمت للتهوية والانارة
والمراقبة .
11.
بوابة كاري Kari : وتقع بوابة المسناة على ضفة نهر الخوصر
وتسمى بوابة كاري اي (المسناة ) كما ان لها اسم آخر هو بوابة سلم القصر ولم ينقب
بعد في هذه البوابة
12.
بوابة ماد – باري ، وهي بوابة البادية وتقع في اقصى الطرف الجنوبي من السور
وتبعد عن بوابة السلاح مسافة كيلومتر واحد وقد ورد ذكرها في نصوص سنحاريب .
13.
بوابة ايكال –مشارتي اي بوابة السلاح وقد ورد اسمها في النصوص المسمارية وتقع في
منحدر تل النبي يونس في الحافة الشمالية
الغربية منه والمعلمات عنها قليلة حيث لم ينقب فيها لحد الان .
14.
بوابة خندوري ، وتقع هذه البوابة في الضلع الغربي من مدينة نينوى ولم
ينقب فيها احد حتى الان كما اختلف الاثاريون
العراقيون والاجانب في تحديد موقعها فمنهم من جعلها في الضلع الغربي ومنها
من جعلها في السور الجنوبي ويمكن ان نشير في هذا الصدد الى كتابات الدكتور طارق
مظلوم وكتابات الدكتور دوني جورج وكتابات الدكتور جي ريد Read والاستاذ حمد حمودي حسين .
15.
بوابة سلم الحديقة :وتقع على نهر الخوصر في المنطقة التي يخرج فيها الخوصر
من سور المدينة مدينة نينوى وورد ذكرها في نص لسنحاريب يعود الى سنة 691 ولم ينقب في هذه البوابة بعد .
16.
بوابة كويي (Qoy ) أي بوابة الرصيف وموقعها قرب مصب نهر الخوصر
في نهر دجلة
17.
بوابة برخالزي وتقع في منتصف المسافة بيت تل
النبي يونس عليه السلام في الركن الجنوبي الغربي من السور وللاسف ايضا لم ينقب في
هذه البوابة
18.
بوابة آشور وتقع في الضلع الجنوبي وجاء ذكرها
في نص الملك سنحاريب الذي يعود الى سنة (694 ) قبل لبميلاد وفيه ان بوابة اشور
تتجه نحو مدينة اشور العاصمة الاشورية الاولى وهي اليوم في قضاء الشرقاط التابع
لمحافظة صلاح الدين – تكريت وكما هو معروف فإن اشور هو الاله القومي للاشوريين
الاله الرئيس وزوجته الالهة (شيروا ) إلهة الخلق ولم ينقب بعد في هذه البوابة على
الرغم من اهميتها وقد اشار الاستاذ حمد حمودي حسين في رسالته للماجستير المقدمة
الى كلية الاداب بجامعة الموصل سنة 1990
الموسومة : (التحصينات الدفاعية في
العاصمة الاشورية ) الى ان هناك شارعا يربط هذه البوابة بمدينة آشور في الشرقاط
كتب الاخ الدكتور محمد عجاج جرجيس الجميلي
كتاب جميلا عن العاصمة الاشورية نينوى اصدره المركز الثقافي الاشوري
في دهوك سنة 2013 بعنوان : (العاصمة نينوى
) ، وفيه وقف عند بوابات مدينة نينوى وقال
ان البوابة ، وهي منفذ الدخول والخروج الى ومن المدينة وردت في اللغة الاكدية
بصيغة Abullui اي البوابة وكان لكل بوابة مراقب مسؤول عن امنها
يسمى Rab Abulli وتعني (كبير المراقبين ) ، وقال ان في اسوار
نينوى عدد من البوابات اختلفت النصوص في
عددها وتباينت في أهميتها ، وتخطيطها ، وحجمها ...ففي نص نجد ان عددها (14) بوابة .
وفي نص آخر نجد انها (15 ) بوابة وفي نص ثالث نجد انها (18 ) بوابة والنص الذي
يشير الى انها (15) بوابة يعود الى سنة 694 قبل الميلاد وفيه ان الملك سنحاريب كتب
يقول :" أقمت مصطبة السور الداخلي العظيم في اتجاهات الريح الاربعة خمسة عشر
بوابة " .وقد توزعت البوابات على الاضلاع الاربعة الشرقية بطول خمس كيلومترات
وفي هذا الضلع ستة بوابات ، والضلع الشمالي بطول كيلومترين وفيه ثلاث يوابات ، والضلع الغربي بطول خمس
كيلومترات وفيه خمس بوابات والضلع الجنوبي بطول ( 800 ) متر
وفيه بوابة واحدة .
اذا –احبتي الكرام – نينوى عاصمة
الامبراطورية الاشورية والتي كانت تعد من اشهر مدن العالم القديم ، والتي جاء
ذكرها في العهد القديم – التوراة ، وفي سورة يونس عليه السلام في القرآن الكريم
(وإن يونس َ لمن المرسلين ) سورة الصافات الاية 129 ، مدينة عظيمة تعني بالسومرية
النون او الحوت او السمكة الكبيرة يعود تاريخها الى 7000 سنة كما هي الموصل ، ولها
موقعها الذي يتوسط مركز الحضارات القديمة بين الخليج العربي و العراق واسيا الصغرى
والشام وسواحل البحر المتوسط .
من هنا كانت مركزا من مراكز الحضارة العالمية
ويحق لنا ونحن نعيش على ارضها ان نفتخر ونتباهى بها وبإنجازات اجدادنا العسكرية
والادارية والحضارية والعلمية والثقافية وهاهي آثارها تزين كل متاحف العالم الكبرى
ومنها المتحف البريطاني في لندن ومتحف
اللوفر في باريس .