محمد حبيب العبيدي 1882-1963 مفتيا وسياسيا وشاعرا :
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
السيد محمد حبيب العبيدي مفتي الموصل الشاعر والسياسي الوطني العروبي المسلم كتب عنه كثيرون . وكتبتُ عنه انا في رسالتي للماجستير عن :"ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية " فضلا عن أماكن اخرى وفي مقالات وبحوث ومما نعرفه ان صديقنا الاستاذ احمد الفخري كتب عنه كتابا بعنوان :" ذكرى حبيب :ديوان السيد محمد حبيب العبيدي مفتي الموصل " طبعه على نفقته الخاصة الاستاذ عبد القادر العبيدي في مطبعة الجمهورية بالموصل سنة 1966 .
والكتاب بالاصل كان رسالة للماجستير كان من المؤمل ان يناقشها في جامعة القاهرة لكن ظروفا شخصية حالت دون ذلك .
وممن كتب عن السيد محمد حبيب العبيدي الاستاذ مير بصري في كتابه :"أعلام اليقظة الفكرية في العراق " ، والاستاذ روفائيل بطي في كتابه :" الادب العصري في العراق " ، والدكتور عبد الله الفياض في كتابه :"الثورة العراقية الكبرى " والدكتور عمر الطالب في :"موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين " .ومما قاله ان السيد محمد حبيب العبيدي هو محمد حبيب بن سليمان مفتي الديار الموصلية، سمي بالعبيدي نسبة الى جده عبيد الله بن خليل البصير. وأسرة العبيدي فخذ من الأسرة الأعرجية الهاشمية، عاصر الدولة العثمانية في أواخر أيامها، مناوئاً الحكومات المختلفة التي عاصرها، وأيد الدولة العثمانية بسبب تحمسه للإسلام.
سافر العبيدي الى بيروت سنة 1911 ونشر قصائداً في الصحف اللبنانية، ومنها سافر الى استنبول سنة 1912، وعاد الى الموصل يدعو الى اتحاد المسلمين ضد الدول الغربية، وحفزه إعتداء إيطاليا وغزوها ليبيا سنة 1911، وحرب البلقان 1913 على إلقاء قصيدته: " ألواح الحقائق" في المنتدى الأدبي بالأستانة، سافر الى بيروت سنة 1914 ونشبت الحرب العالمية الأولى، انتخب عضواً في (الهيئة العلمية) المؤلفة من علماء بلاد الشام، وزار جبهة الحرب في (جناق قلعة) ونظم أشعاراً فيها.
وحينما انتهت الحرب اعتقل في معسكر قصر النيل بمصر وبقي في الأسر حتى سنة 1919 حيث افرج عنه ، وعاد الى العراق ونظم قصيدته الشاكية :" الكتب المقدسة" ، عاد الأمل الى نفسه بعد نشوب ثورة 1920 ، ونظم قصائد حماسية هاجم فيها الإنكليز.
وضع العبيدي أمله في الملك فيصل الأول حينما قدم الى العراق، الا أنه ظل ينعى على البلاد تحكم الإنكليز في مقاديرها، مما أرهق أعصابه ودفعه للسفر ثانية الى بلاد الشام سنة 1930 وبقي فيها حتى سنة 1932، ونظم أشعاراً سياسية تشي بالأوضاع المنهارة فيها.
بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة انتخب نائباً عن الموصل مرتين، مرة في وزارة الهاشمي سنة 1936، ومرة في وزارة حكمت سليمان سنة 1937.كما قبل منصب الإفتاء في الموصل سنة 1922 وبقي فيه حتى وفاته لشعوره بأن هذا المنصب لا يحد من حريته والمجاهرة بأرائه، بل لعله يزيد من تأثيره فإن ما في هذا المنصب من هيبة دينية ومنزلة معنوية رفيعة أسبغ عليه درعا ضاعفت من جرأته واعلت صوته في المعارضة والانتقاد لكثير من الاتجاهات السياسية والاجتماعية التي سلكتها الحكومات العراقية المختلفة بل والحكومات العربية ايضا .
تعرض للعنت من الحكومات وجهر بالشكوى :
كل يوم دولة تظلمني
ويح فرد (حاربته ) دول
وحين انتحر عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء سنة 1929 ثأثر بالحدث ، وكتب قصيدة جعل من موت السعدون رمزا لموت آمال الشعب في الاستقلال .
لاتلوموه إن تولى وهاما
ان آماله غدت آلاما
علل النفس بالاماني حينا
قاتل الله تلكم الاوعاما
قد تلذ الاحلام للمرء حتى
لم يشأ ان بكذب الاحلاما
كتب في كل ضروب الشعر ، وكان شاعر وطنيا بإمتياز عاش التاريخ كما يقول الاستاذ احمد الفخري -في فكره وعواطفه وايمانه وعقيدته يستلهمه ويستوحيه بل انه لم يستطع أن يجرد حاضره منه
قللذين تقلصت أفياؤهم
لكمو من التاريخ خير مثال ِ
كمل الحياة لامة تاريخها
مثل العتاق لقحن بعد حيال ِ
اعتزل الناس في العقدين الأخيرين من حياته، كان يجيد اللغة التركية ونظم فيها الشعر الى جانب إجادته اللغة الفارسية.
من مؤلفاته: 1-الديوان، ذكرى حبيب تحقيق أحمد الفخري عام 1966.
2-خطبة نادي الشرق 1913
3-حبل الاعتصام 1916
4-جنايات الإنكليز على البشر عامة وعلى الإنكليز خاصة 1916.
5-صدى الحقيقة في العاصمة 1916.
6-النواة في حقول الحياة 1931
7-ماذا في عاصمة العراق من سم وترياق 1934.
8-النصح والإرشاد لقمع الفساد 1946.
9-الميزان بين الكفر والإيمان 1944.
ومن كتبه المخطوطة: 1-رسائله ومقالاته
2-فروق الحديثة (وفروق اسم لمدينة استنبول )
3-المجاولات السياسية وأسباب الفشل الأساسية
4-الغليل في رحلة وادي النيل
5-الجراثيم الثلاث : الأمراء والعلماء والنساء
6-إيقاظ الوسنان في حياة الإنسان.
يقول الاستاذ احمد الفخري في تبرير عدم قيام العبيدي بطبع ديوانه في حياته :" ان الذين يعرفون العبيدي حق المعرفة ويعرفون مزاجه الشاعري يعلمون انه لم يكن له من سعة الصدر وشدة الاهتمام بإموره الشخصية ما يجعله يعنى بجمع شعره وتبويبه ،بله شرحه وتفسيره ومن ثم فقد ضاع - للاسف - الكثير من شعره .رد على اراء الرصافي في كتابه "رسائل التعليقات " لكنه لم ينشر الكتاب وعدل في آخر لحظة عن نشره ............رحم الله السيد محمد حبيب العبيدي فقد أدى واجبه وخدم وطنه وأمته فجزاه الله خيرا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق