الأحد، 1 مايو 2011

الدكتور خلدون حسن النقيب وداعا


الدكتور خلدون حسن النقيب وداعا







ا.د. .إبراهيم خليل العلاف


أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل






منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي، عرفت عددا من الأساتذة الخليجيين المتخصصين بالتاريخ وعلم الاجتماع والاقتصاد . وكان ذلك - والحق يقال- من خلال الصديق الكبير الأستاذ الدكتور مصطفى عبد القادر النجار مؤسس مركز دراسات الخليج العربي في جامعة البصرة والأمين العام لاتحاد المؤرخين العرب سابقا .ولعل في مقدمة أولئك الأساتذة الأفذاذ الدكتور خلدون حسن النقيب، والدكتور عبد المالك التميمي والدكتور علي الكواري، والدكتور محمد غانم الرميحي .


وللأمانة فأن أولئك الأساتذة تركوا في جدار حركة الفكر والثقافة العربيين بصمة واضحة،واكبر دليل على ذلك مؤلفاتهم ونشاطاتهم التي ملأت الساحة العربية . وقبل أيام ،وبالضبط نهار يوم 26 نيسان –ابريل رحل الأستاذ الدكتور خلدون حسن النقيب عن عمر ناهز ال70 عاما .وقد علمت بالخبر من خلال نعيه من قبل الأستاذ عزمي بشارة رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة .ويقينا أنني انتظرت ريثما يكتب عنه الكثيرون وتثار حول وفاته ضجة تليق بمكانته ولكن للأسف الشديد فأن الرحيل مر دون أن نرى الكثير من محاولات التعريف به والتذكير بمجهوداته إلا الشيئ القليل ، مع أن وفاته ولدت حزنا وألما لدى زملائه ومحبيه وقرائه . وكان ممن أبنه الأستاذ الدكتور وجيه كوثراني، والأستاذ عزمي بشارة، والدكتور ناصر جابي وغيرهم .


كان الدكتور النقيب من الأساتذة المتنورين، الذين طالما كتبوا عن التجديد ،والتغيير في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ويكفيه انه كان من الذين انتدبهم مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت للإسهام في مشروع "تشريح المجتمع العربي" في دول الخليج العربي والجزيرة العربية وقد سجل إسهامه ذالك في الكتاب الموسوم : "الدولة والمجتمع في الخليج والجزيرة العربية " ،ويعد من المصادر المهمة في معرفة تحولات مجتمع الخليج والجزيرة العربية وخاصة بعد اكتشاف النفط وما خلفه من تحولات بنيوية واضحة .


عمل الدكتور خلدون النقيب أستاذا لعلم الاجتماع السياسي، ورئيسا لقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية كلية الآداب بجامعة الكويت ثم تولى رئاسة مجلس إدارة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر .وقد سبق للنقيب أن نال شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة تكساس الأميركية سنة 1976 .






ولد الدكتور خلدون النقيب يوم 16 أيلول –سبتمبر سنة 1941 وينتمي بالأصل إلى عائلة النقيب البصرية العراقية التي تولت لسنين طويلة نقابة أشراف البصرة والتي برز منها السيد طالب النقيب الذي رشح ليكون ملكا على العراق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وكان وزيرا للداخلية في أول حكومة تشكلت في العراق سنة 1920 .أكمل دراسته الأولية والثانوية وسافر إلى القاهرة ليلتحق بجامعتها ويحصل على البكالوريوس في علم الاجتماع سنة 1963 .ومن جامعة لويسفيل الأميركية حصل على الماجستير في علم النفس الاجتماعي وبعدها نال الدكتوراه من تكساس سنة 1976 وعاد إلى الكويت ليسهم في بناء وطنه .


وكان من المناصب العلمية التي شغلها النقيب منصب عميد كلية الآداب في جامعة الكويت مرتين الأولى بين 1978-1981 والثانية بين (1986-1992 ) .كما أصبح رئيسا لتحرير مجلة العلوم الاجتماعية وهي مجلة علمية أكاديمية محكمة (1983-1986 ). والدكتور النقيب عضو هيئة تحرير في مجلات علمية تهتم بعلم النفس الاجتماعي منها المجلة الدولية لعلم النفس الاجتماعي التطبيقي التي تصدر باللغة الانكليزية .كما كان له دوره الفاعل في إصدار مجلة حوليات كلية الآداب (الكويتية ) ولعل ما يمكننا التأكيد عليه، انه كان لسنوات طويلة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي واحدا من كتاب جريدة القبس (الكويتية ) اليومية .


لم يكن الدكتور خلدون النقيب أستاذا عاديا بل كان من الرموز في العمل الجامعي والمجتمعي .وقد اتجه إلى الصحافة فكتب العديد من الدراسات والمقالات في الصحف والمجلات الكويتية والعربية والأجنبية .كما كانت نشاطاته في الندوات والمؤتمرات العلمية وفي القنوات التلفزيونية واضحة . ومعظم تلك النشاطات يدور حول المجتمع الخليجي وتعقيداته ومشكلاته. وقد تميزت مقالاته ودراساته بالرصانة ، والنظرة العلمية الموضوعية، وكان النفس الوطني والقومي فيها واضحا . ومن القضايا التي شغلت الدكتور النقيب قضية الديمقراطية والتغيير والتنور ولم يقف عند تحليل الماضي ، وإنما انشغل، وبشكل كبير، بالمستقبل لذلك تمتعت كتاباته بالمصداقية، وعدت مصادر أساسية في فهم مجتمع الخليج والجزيرة العربية .ومن مؤلفاته :"دراسات أولية في التدرج الطبقي الاجتماعي في بعض الأقطار العربية" "تساؤلات حول بعض الملامح الخاصة بالمجتمع العربي وتاريخه" ، "المجتمع والدولة في الخليج والجزيرة العربية ، "ثورة التسعينات: العالم العربي وحسابات نهاية القرن" ، "الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر"، "الأزمة الدستورية في العالم العربي: العلمانية والأصولية وقضية الحرية"، "صراع القبيلة والديمقراطية: حالة الكويت" ، "في البدء كان الصراع: جدل الدين والأثنية، الأمّة والطبقة عند العرب" ، "آراء في فقه التخلف: العرب والغرب في عصر العولمة"." ، و"مفهوم الحكم والمثالية الجديدة"، و"مستقبل الفكر الاجتماعي العربي" و"مستقبل منطقة الخليج" و"جدلية الدولة والأمة".


كان الدكتور خلدون النقيب من أوائل الذين كتبوا عن الاقتصاد الريعي، والدولة التسلطية، والتأزم السياسي، والتقهقر الاجتماعي العربي ،وغياب الديموقراطية، وضعف التنمية الاقتصادية ، وشيوع عقلية المساومة السياسية ،والعجز عن مواجهة التخلف. وقد بدأت عملية انهيار النظم التي أشاعت التعسف والاستبداد. ويقينا أن عيني الدكتور النقيب قد اكتحلت – قبيل موته - بما أنجزه الشباب في تونس ومصر في مجال الوقوف بوجه كل عوامل الخور ،والتواكل، والانهيار،والاستبداد والاحتقار ،مما يجعله وقد غادرنا إلى الحياة الآخرة مطمئنا على مستقبل أمته .كان بحق سسيولوجيا متنورا امن بفكرة التقدم وسعى إليها فأستحق التقدير والذكر .رحم الله النقيب وجزاه خيرا على ما قدم لوطنه وأمته وللإنسانية .





























































































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...