الأربعاء، 15 مايو 2019

كيف تاسست وكالة الانباء العراقية ( واع) عام 1959 ؟ بقلم : الاستذ محسن حسين*











 كيف تاسست  وكالة الانباء العراقية ( واع) عام 1959 ؟
 بقلم : الاستذ محسن حسين*

في عام 1959 في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم تأسست وكالة الأنباء العراقية (واع) كوكالة رسمية ولم يكن في العراق من له خبرة في عمل وكالات الأنباء وأسلوب عملها والأجهزة الفنية التي تستخدمها بل إن العراق كان ثاني بلد عربي يؤسس وكالة أنباء بعد مصر.
ولهذا فقد كان المؤسسون روادا في هذا الميدان وأنا افخر بدوري في تأسيس هذه الوكالة مع اثنين من الزملاء هما المرحومان حميد رشيد واحمد قطان.
وقد لا يعرف الكثيرون ممن عملوا في واع ويستذكرون ذكرى تأسيسها في 9 تشرين الثاني 1959 ان هذا التاريخ ليس تاريخ قرار الحكومة العراقية بتأسيس الوكالة (القرار أتخذ في أوائل آذار) وهو ليس تاريخ صدور قانون الوكالة رقم 158 لسنة 1959 (القانون صدر في 28 أيلول 1959 ) وليس تاريخ تنفيذه (تاريخ التنفيذ هو تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية وهو 6 تشرين الأول 1959) ولا حتى تاريخ تعيين أول مدير عام لها. إنما في يوم 9 تشرين الثاني 1959 صدرت اول نشرة إخبارية مطبوعة على الورق تحمل اسم (وكالة الأنباء العراقية) .
ولنبدأ من البداية، فترة الأشهر التسعة التي سبقت المولد وكأن تلك الفترة هي فترة الحمل التي تسبق ولادة المخلوقة التي أغلقت بقرار من سلطات الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 بعد عمر دام 44 عاما.
في عام 1959 وبالتحديد في الأيام الأولى من شهر آذار وكنت أعمل في صحيفة البلاد استدعيت أنا والمرحوم حميد رشيد لمقابلة مدير الإذاعة آنذاك (سليم الفخري). وأبلغنا الرجل أن الحكومة قررت تأسيس وكالة أنباء رسمية على غرار وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية (أ.ش.أ) ، وأنه قد تم اختيارنا لإنشاء نواة لهذه الوكالة. وقال إن هذه النواة سترتبط بالإذاعة لحين إكمال الإجراءات القانونية اللازمة لتأسيس الوكالة.
وللتاريخ فان وزير الارشاد في ذلك الوقت هو الدكتور فيصل السامر وكان على معرفة شخصية بنا فكان له الفضل في الاجراءات الرسمية والقانونية التي سبقت التاسيس ثم المتابعة في الفترة الاولى.
كان حميد رشيد من أبرز الصحفيين في ذلك الوقت. كان يمارس شتى صنوف العمل الصحفي بكفاءة مثل العمود والتحقيق والمقال السياسي والخبر وكان يترجم من اللغة الإنكليزية التي تعلمها لوحده وبدأ بتعلم اللغة الفرنسية معتمدا على نفسه أيضا.
أما أنا فقد كنت هاويا للصحافة قبل أن أحترفها عام 1956 وقد عرفني القراء والوسط الصحفي كمحرر تحقيقات ومندوب أخبار إضافة إلى بداية متواضعة في كتابة القصة القصيرة وكنت قد عملت في صحيفة الشعب وملحقها مجلة (الأسبوع) في العهد الملكي ثم في صحيفة الجمهورية بعد ثورة 14 تموز عام 1958 ثم في صحيفة البلاد لعدة أشهر وعملت لفترة مراسلا لمجلة (صباح الخير) المصرية. كنت ما أزال شابا لا يتجاوز عمري الخامسة والعشرين.
وفي غرفة تقع في الجهة اليمنى من مدخل الإذاعة في الصالحية بدأنا العمل تحت أسم (مكتب الارتباط) وتنسب المرحوم هشام القاضي الموظف في الإذاعة رئيسا للمكتب دون أن تكون له صلة بالحصول على الأخبار أو تحريرها . وانضم إلينا لفترة من الزمن الزميل إسماعيل الربيعي في بداية عمله الصحفي، والزميل مفيد الجزائري الذي تولى منصب وزير الثقافة عام 2003.
كنا نقوم بجولات يومية على الوزارات والمنظمات لجمع الأخبار ونعود إلى الإذاعة عند الظهر لتحريرها وطبعها واستنساخها في صفحتين أو ثلاث نسلم نسخة منها إلى المذيعين لإذاعتها وتوزيع البقية على الصحف المحلية لنشرها في اليوم التالي. وكانت ترد إلينا بيانات الوزارات وتصريحات رسمية من هذا الوزير أو ذاك لكي ندرجها في النشرة، وكذلك بيانات مجلس الوزراء ومقابلات كبار المسؤولين.
وللتاريخ أقول أن نشرة أخبار رسمية مماثلة كانت تصدر من مديرية الدعاية في العهد الملكي وكان يعدها المرحوم الصحفي علي الفراتي.
وظلت نشرة مكتب الارتباط تصدر بانتظام زهاء تسعة أشهر ، وقد حرصت فيما بعد على تجليد نسخ منها في مجلدين اثنين لابد انهما اتلفا أو سرقا من مكتبة واع!!
في تشرين الأول 1959 عين المرحوم أحمد قطان مديرا عاما لوكالة الأنباء العراقية إثر صدور قانون الوكالة ونظامها في الجريدة الرسمية في السادس من ذلك الشهر. واخذ المدير العام يتردد على الإذاعة. وكان يجلس مع المرحوم ذوالنون أيوب المدير العام للإذاعة والتلفزيون وبدأ يطلب الإطلاع على النشرة التي نعدها قبل إذاعتها وتوزيعها على الصحف. ولم يكن لدي مانع يحول دون ذلك لكن زميلي المرحوم حميد رشيد غضب غضبا شديدا ورفض إرسال النشرة إلى السيد أحمد قطان وقال إذا كان ذلك ضروريا فإن عليه أن يأتي إلينا للإطلاع على النشرة. كان حميد رشيد يعتقد أنه أفضل من أحمد قطان وأنه يجب أن لا يأمره، وهكذا حصل الخلاف الذي أدى إلى أن يترك المرحوم حميد رشيد العمل وعاد على الفور إلى العمل في الصحف قبل ان تصدر اول نشرة اخبار باسم الوكالة.
وهكذا فقد أغلق مكتب الارتباط وانتقلت إلى مبنى قريب من الإذاعة اتخذ مقرا للوكالة ثم جرى نقل قسمي الأخبار الخارجية والإنصات من الإذاعة إلى مبنى الوكالة وبدأنا العمل في 9 تشرين الثاني 1959 ووضعنا على النشرة الإخبارية اسم وكالة الأنباء العراقية بدلا من مكتب الارتباط في الإذاعة والتلفزيون.
______________________________
*كتب الاستاذ محسن حسين في صفحته الفيسبوكية :(
مقالي في صحيفة بانوراما التي تصدر في استراليا كما وردني من رئيسة التحرير الزميلة وداد فرحان 
ليس سهلا تأسيس وكالة أنباء في بلد لمقاليم يعرف هذا النوع من العمل الصحفي) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...