يوميات بريماكوف في حرب الخليج
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
في مكتبتي الشخصية ، أحتفظ بالعديد من الكتب التي تناولت حرب الخليج
الثانية 1990-1991 ، والتي تمر هذه الايام ذكرى اندلاعها ال25 ومن هذه الكتب كتاب (
يفغيني بريماكوف) الموسوم :" يوميات بريماكوف في حرب الخليج " .. ولليوميات
عنوان فرعي هو :" حرب كان تجنبها ممكنا " .الكتاب نشرته دار كومبيونشر للدراسات والاعلام والنشر
والتوزيع في بيروت لاول مرة سنة 1991.
وبريماكوف السياسي ورئيس الوزراء ورجل المخابرات الروسي والمبعوث الرئاسي
السوفيتي الى بغداد لمقابلة الرئيس
العراقي الاسبق صدام حسين بشأن امكانية تجنب حرب 1991 معروف بقدراته وحكمته لكن
مهمته التي جاء بها الى بغداد مبعوثا من الرئيس السوفيتي الاسبق ميخائيل غورباتشوف
فشلت .
وما كتبه بريماكوف عن مهمته يعد وثيقة رسمية
مهمة عن هاتيك الايام .. ومن باب الاجتهاد ووجهات النظر ؛ فإن بريماكوف عد موقف الرئيس
الاسبق من الحرب غير مبرر الا ان الحرب كالقدر كان لابد ان تقع ، ولايمكن لأحد ان
يوقفها لانها نتاج مواقف وظروف وعوامل تاريخية وللتاريخ احكام وقوانين لليس بالامكان وقفها او تجنبها ،
وقد اثبتت الايام والوقائع ان الولايات المتحدة الاميركية كان ستمضي في قرار الحرب
وتدمير العراق حتى لو خرج الرئيس العراقي الاسبق من السلطة وما كان يظنه السياسي
ورجل المخابرات الروسي بريماكوف لم يكن –من وجهة نظري الشخصية – صحيحا .
يبتدأ بريماكوف كتابه بالقول أن الدبابات
العراقية اقتحمت في الثاني من آب –اغسطس 1990 حدود الكويت واندفعت داخل أراضي هذا
البلد .وبعد بضعة ايام ضم العراق هذه الدولة –العضو في هيئة الامم المتحدة الى
اراضيه ومن ثم أعلنها المحافظة رقم 19 بين محافظاته .إزاء ذلك كان رأي المجتمع
الدولي بأغلبيته العظمى واحدا ، وطالب بإنسحاب العراق من الكويت بلا قيد أو شرط
وبإعادة السيادة الى هذا البلد ، واصدر مجلس الامن القرارات الخاصة بهذا الصدد
علما بأن إقرارها قد جرى بسرعة وعلى ما يرام على غير ما هو مألوف من مثل هذه
الحالات من اعمال تنسيق طويلة ومن تشنجات دبلوماسية وحتى بصدد تلك القرارات
الخارقة للعادة التي قضت بتوقيع عقوبات اقتصادية بالغة الصرامة على العراق .
ويمضي بريماكوف ليروي قصة لقاءه مع الرئيس
العراقي الاسبق صدام حسين في الخامس من تشرين الاول –اكتوبر 1990 .قال الرئيس
العراقي الاسبق :" ان العراق فور انتهاء الحرب مع ايران صار هدفا لمؤامرة
متعددة الاطراف ، وان من المحال ان تسمح الولايات المتحدة واسرائيل بوجود العراق
الذي قوى عضلاته العسكرية " .
وقال بريماكوف ان الرئيس العراقي الاسبق قال
ان السعودية وعدد من امارات الخليج شاركوا
في هذه المؤامرة واستخدموا الآليات الاقتصادية في المؤامرة واسهموا في انخفاض سعر
برميل النفط من 21 دولارا الى 11 دولارا بقصد تدمير اقتصاد العراق وانهياره .ولخص
الرئيس العراقي الاسبق الامر بالقول ان لاخيار امام العراق ؛ فإما الموت الزؤام او
الاستسلام والعراق يفضل الموت الزؤام وعندئذ قال له بريماكوف :"اذا لم تسحبوا
قواتكم من الكوت فستتعرضون حتما لضربة " فرد قائلا :"انه في حال الحل
العسكري فإنه سيستخدم كل مالديه من وسائل وسينشر حتما نيران الحرب في المنطقة
وخاصة في اسرائيل " واضاف :"لو مثل امامي الخيار التالي ،الركوع على
الركبتين والاستسلام او الحرب فسأختار الحرب " .
مسألة مهمة ان يتواصل القارئ مع بريماكوف وهو
يروي أدق التفاصيل وادق الاسرار عن هاتيك الايام وبالتأكيد فإنني أدعو أحبتي أن
يقرأوا الكتاب هم بأنفسهم وفي ذلك متعة وعبرة .