ظواهر فيسبوكية (3 )
ثقافة اللايكات
بقلم : سامي مهدي
ليس لي باع في علم الاجتماع ، ولكنني ألاحظ أن مفردات وعبارات معينة جديدة تشيع في لغة الكتابة ولغة المخاطبة في كل جيل جديد ، وكل منها ينطوي على تطور دلالي جديد هو الآخر ، بينما تختفي ، أو تذبل ، مفردات وعبارات أخرى ، ولذلك أسبابه دون ريب .
ألاحظ هذا في كتابات المثقفين ، وأحاديث المتعلمين ، ولغة الصحافة والإعلام ، وأسمعها في الندوات والمحاضرات ، والبرامج التلفزيونية ، وربما جُعِل أحدُها عنواناً لندوة ، أو محاضرة ، أو حلقة دراسية !
من ذلك عبارات مثل : ثقافة القتل ، ثقافة العنف ، ثقافة المحبة ، ثقافة الكراهية ، ثقافة الخوف ، ثقافة التعايش .. وثقافة .. وثقافة .. إلخ ..
ولأننا دخلنا عصر العالم الافتراضي صارت لنا ثقافة جديدة هي من إفرازات هذا العالم . وضمن هذه الثقافة نشأت ثقافة فيسبوكية ، وضمن الثقافة الفيسبوكية صارت لنا ثقافة أخرى هي : ثقافة اللايكات .
وثقافة اللايكات هذه ثقافة انتهازية ، لأنها تقوم ، في غالب الأحيان ، على المجاملات الزائفة التي نتداولها في حياتنا الاجتماعية . فهي لا تعبر عن إعجاب حقيقي ، بل عن تواطؤ مشترك في تبادل الإعجاب والاستحسان . فنحن لا نبدي إعجابنا بإرسالاتك ( بوستاتك ) وصورك لأنها تستحق الإعجاب ، بل لأننا نريد منك أن تبدي إعجابك بإرسالاتنا وصورنا . ونحن لا نعرب عن سعادتنا بأخبارك السارة لأن سعادتنا من سعادتك ، بل لأننا نريدك أن تعرب عن سعادتك بأخبارنا السارة . وحتى لو كانت إرسالاتك وصورك تستحق الإعجاب بكل جدارة ، فإننا إذ نعرب لك عن إعجابنا بها ، نتوقع منك أن تدفع لنا في ما بعد ثمن هذه المبادرة . هي سياسة المعاملة بالمثل إذن ، وقد لخصها ببراعة الصديق ستار حسان في إرسال من إرسالاته حين
قال : ( اللايك باللايك والبادي أكرم ) !
ولكننا نتساهل ونتسامح في حالة واحدة ، حالة أن يكون الصديق : صديقة ! وخاصة إذا كانت صديقة جميلة ، أو نتوقع أن تكون جميلة .
فعندئذ نغدق عليها اللايكات بلا حساب ، ولكن ليس من دون توقعات وأمنيات !
أعترف أنني لم أكن أفهم هذا في بداية إطلالتي على هذا العالم الافتراضي ، فكنت أتعامل في إسباغ اللايكات وحجبها بجد وبخل وتردد ، وكأنني أقوم بعملية تقويمية نقدية ، فلا أمنحها إلا باستحقاق . ورغم أنني حاولت أن أتساهل حين انجلت لي الصورة ، اكتشفت أنني لا أستطيع أن أتخلى عن سياستي هذه ، فما العمل ؟!
أعترف أنني لم أكن أفهم هذا في بداية إطلالتي على هذا العالم الافتراضي ، فكنت أتعامل في إسباغ اللايكات وحجبها بجد وبخل وتردد ، وكأنني أقوم بعملية تقويمية نقدية ، فلا أمنحها إلا باستحقاق . ورغم أنني حاولت أن أتساهل حين انجلت لي الصورة ، اكتشفت أنني لا أستطيع أن أتخلى عن سياستي هذه ، فما العمل ؟!
شركة تنظيف بالقطيف
ردحذفشركة تنظيف بالجبيل