السبت، 7 يوليو 2012

هل تعرفون الدكتور فوزي القيسي 1926-1979 ؟


"شاهدت الدكتور فوزي القيسي عميدًا لكلية التجارة والاقتصاد في جامعة بغداد عند التحاقي بها سنة 1958, وكان ذلك في نادي الكلية عندما حصل نوع من التأزم والشد بين الطلبة في الأشهر الأولى من عمر الثورة, اذ بدأ في وقتها الانشقاق والاختلاف بين الكتل السياسية , فجاء (رحمه الله) الى النادي واعتلى إحدى المناضد, ليخطب بنا خطبة وطنية عصماء داعيًا لنا للتمسك بالوحدة وعدم التفرقة لكي لا نكون عرضة لعملاء الاستعمار فيندسوا بين صفوفنا.ومرت السنون , وتخصصنا في قسم الاقتصاد ليدرسنا هذا العالم الكبير النظرية النقدية, وهي في مجملها تمثل نظريات وأراء العالم الاقتصادي الانكليزي كينز منقذ الرأسمالية من أزمتها الشهيرة في الثلاثينيات من القرن الماضي .فكان بارعاً في شرح تلك الأفكار وأهدافها ومراميها وتأثيراتها الاقتصادية ودورها في القضاء على البطالة, ونمو الدخل القومي, وما زالت تلك النظريات من ذلك العالم الكبير شاخصة في أذهاننا كرسوخ ذكراه وحبه في قلوبنا" .
    ولد الدكتور فوزي القيسي سنة 1926 ، وقد قضى طفولته في محلة بني سعيد ببغداد وهي من المحلات العريقة ،واغلب الظن ان اصل اسرته من البصرة .حصل على الدكتوراه في السنة 1958  وتقلب في المناصب حتى تسلم إدارة مصرف الرافدين وللمدة من 1968-1970 , فكان أداءه متميزاً جداً كعادته, ثم تسلًم محافظية البنك المركزي ألعراقي فكان من أكفأ من تسلم كرسي المحافظية فيه, ثم كلّف بإدارة البنك العربي - الفرنسي وكان ناجحاً في إدارته أيما نجاح, ثم بعد ذلك كله تسنّم منصب وزير المالية .  كان رحمه الله متمكنا من تخصصه ،واثقا من نفسه ،صادقا متواضعا مخلصا للعراق وقد عٌرف بخفة دمه ،وبحضور النكتة لديه .وكان دائم البشاشة ، انيقا في ملبسه ، أحبه تلامذته واصدقاءه ، لكنه دائم التدخين فأحرق حنجرته بالسيكارة التي احبها حتى أصابته مقتلاً .
   رصد الاستاذ الدكتور صباح نوري المرزوك في معجم المؤلفين والكتاب العراقيين 1970-2000 مؤلفات الدكتور فوزي القيسي واشار الى واحد منها فقط ، وهو كتاب "ميزانية الجمهورية العراقية لعام 1978 "والذي طبعته جمعية الاقتصاديين العراقيين ببغداد في السنة ذاتها ويقع في 78 صفحة واغلب الظن انه تفصيل لمحاضرة القاها في الجمعية المذكورة ضمن نشاطها  الثقافي . من كتبه المنشورة :" النظرية النقدية" وقد طبع اكثر من مرة اولها في  مطابع دار التضامن ببغداد سنة 1964.
      كتب الدكتور جواد هاشم وزير التخطيط الاسبق في مذكراته عن الدكتور فوزي القيسي فقال  ان رئيس الجمهورية الاسبق احمد حسن البكر 1968-1979 غضب مرة من الدكتور فوزي القيسي المدير العام لمصرف الرافدين، وطلب من الدكتور جواد هاشم  الذي كان وزيرا للمالية بالوكالة بالإضافة إلى كونه وزيرا للتخطيط إحالته إلى التقاعد تمهيدا لاعتقاله، فأسر  الدكتور جواد هاشم إلى الدكتور فوزي  القيسي بالسفر فورا إلى بيروت تحت غطاء زيارة فرع المصرف هناك والبقاء في بيروت إلى حين تهدئة الأمور، وأمكن بالفعل بعد أيام من تهدئة البكر العدول عن اعتقاله بل بالعكس عينه محافظا للبنك  المركزي ووزيرا للمالية، وعده من الكفاءات النادرة، من ارائه ان العراق يتمتع بأمكانات ضخمة ومجالات واسعة للاستثمار في المجالات الاقتصادية المختلفة كما انه يمتلك مستلزمات التنمية الاقتصادية وهو لايشكو مثلا من قلة السكان او المصادر الطبيعية او المياه او الارض الصالحة للزراعة ان كل ما يحتاجه العراق هو وضع الخطط الاقتصادية الطموحة والتشديد في التنفيذ والمتابعة الى حد السباق مع الزمن
 وعندما توفي سنة  1979 شُيعت جنازته في مشهد مهيب لم يحظ به وزير من المدنيين انذاك " ...رحم الله الدكتور القيسي فقد خدم وطنه العراق .
*نشر المقال لاول مرة في موقع الحوار المتمدن  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=2101&aid=314741
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...