السبت، 31 مارس 2012

فكتوريا نعمان .... أول مذيعة عراقية

فكتوريا نعمان .... أول مذيعة عراقية
بقلم : انعام كجه جي
جريدة الشرق الاوسط
  المربية والمحامية فكتوريا نعمان غادرت نعمان العراق قبل 53 عاما بعد ان كانت قيد الاحتجاز، وسحبت منها جنسيتها العراقية حيث اقترنت بالطبيب اللبناني قصدي الشهال، احد رفاقها في النضال، وانتقلت للعيش في طرابلس وعملت في التدريس وكانت ناظرة لاول مدرسة ثانوية رسمية للبنات هناك، حتى تقاعدها عام 1987.
ولدت فكتوريا نعمان في البصرة ثم انتقلت الى بغداد لدخول المدرسة الثانوية. وفي عام 1941 دخلت كلية الحقوق وكانت مع زميلتيها سمية الزهاوي ونزيهة فرج الطالبات الثلاث الوحيدات في الدفعة من مجموع مئتي طالب. وحدث ان استمع اليها مدير اذاعة بغداد، حسين الرحال، تلقي كلمة في حفل بالكلية، فأعجب بالقائها ودعاها للعمل في قسم الاخبار. وبهذا اصبحت اول مذيعة عراقية عام 1943، وصل صوتها الى المستمعين مرتين كل يوم، في نشرتي الرابعة عصرا والثامنة مساء.
نشطت فكتوريا نعمان في العمل الاجتماعي والثقافي منذ كانت صبية في البصرة، واسست فرعا نسائيا لجمعية بيوت الامة وهي دون الخامسة عشرة، وكان شعار الجمعية: مكافحة الفقر والجهل والمرض. كما نشرت مقالات ادبية في جريدة «الناس» البصرية. ودفعها احساسها بالبؤس الذي يعيشه الفلاحون الى التعاطف مع الحركة اليسارية. وانتمت الى الحزب الشيوعي العراقي وهي طالبة في الحقوق، وشاركت في تأسيس رابطة المرأة العراقية.
بعد تخرجها تسجلت في نقابة المحامين، وشاركت في وفد المحامين العراقيين الذي سافر الى دمشق عام 1945 لحضور مؤتمر المحامين العرب، وكانت المحامية الوحيدة بين الوفود الرجالية. ولاحظت فكتوريا نعمان ان الحركة الوطنية في الشام مزدهرة، وان الحزب الشيوعي كان يمارس نشاطه بشكل علني، فبقيت هناك وعملت في تدريس الادب العربي واللغة الانجليزية وواصلت نشاطها السياسي. لكن مسيرتها تعثرت بعد اعتقالها مع رفاقها اثر اعتراف الاتحاد السوفياتي بقرار تقسيم فلسطين. واعلنت فكتوريا الاضراب عن الطعام في سجن القلعة في دمشق، ولما اطلق سراحها عادت الى بغداد لتفاجأ بان السلطات تعتقلها ايضا وتودعها سجن النساء مع شيوعيات اخريات. وفي السجن جرى عقد قرانها برفيقها الدكتور الشهال الذي طلب لها الجنسية اللبنانية في محاولة لتخليصها من العقوبة التي كانت في انتظارها. وسحبت جنسيتها العراقية واعطيت جواز عبور الى الشام، فلبنان حيث عاشت وانجبت ابنتيها الكاتبة نهلة والمخرجة السينمائية رندة، وابنها الوحيد تميم.
وفي الثمانينات من القرن الماضي تلقت فكتوريا نعمان دعوة لزيارة وطنها الام، نقلتها اليها السيدة ليلى زوجة الدكتور عبد المجيد الرافعي، وكانت هناك اشارة الى رغبة في احتساب سنوات خدمتها منذ تاريخ تسجيلها في نقابة المحامين. لكنها اعتذرت عن عدم قبول الدعوة.
وقالت فكتوريا نعمان، اثناء زيارة لها الى باريس لرؤية ابنتيها، انها لم تكن سعيدة خارج وطنها، واضافت انها لم تنس البصرة ولا بغداد طيلة سنوات الغربة، واوصت بأن تدفن هناك.
*شكرا للصديق قصي الزهيري الذي ارسل لي المادة بالايميل اليوم 30 مارس -اذار 2012

الأربعاء، 28 مارس 2012

الدكتور رعد احمد أمين الطائي مؤرخا ورياضيا


      الدكتور رعد احمد أمين الطائي مؤرخا ورياضيا
                                         ا.د.إبراهيم خليل العلاف
                              أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
    منذ أن أشرفت عليه في أطروحته للدكتوراه ، عرفته عن كثب مع أنني وافقت على الإشراف عليه لأسباب أهمها أن الموضوع الذي كان سيكتب فيه موضوع صعب لايحتاج مؤرخا فحسب بل رياضيا مارس الرياضة وتمرس في إحدى لعباتها وهكذا كان عندما تمت الموافقة في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة الموصل على تسجيل أطروحته الموسومة : " تاريخ الحركة الرياضية والكشفية  في الموصل منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى سنة 1958 " . وفي الوقت المحدد أنهى كتابة الأطروحة ونوقشت أمام لجنة علمية مشتركة بين  أساتذة في التاريخ وأساتذة متخصصين بالتربية الرياضية  .
    الدكتور رعد احمد أمين الطائي شاب طموح ويريد أن يكون متميزا  ، وأنا أرى بأن له إمكانيات كبيرة ليس على صعيد الكتابة التاريخية فحسب بل على صعيد الكتابة الصحفية .وكثيرا ما أشجعه للولوج في ميدان الصحافة الورقية والالكترونية. 
     ولد في الموصل بالعراق في يوم 12 / من آيار / مايس سنة 1961 ، نشأ وترعرع بين أحضان محلات مدينة الموصل القديمة ( باب المسجد والمكاوي ) ، وتلقى تعليمه الأولي في كتاتيب جوامع تلك المحلات التي تقع فيها أشهر جوامع الموصل ( الجامع ألنوري الكبير وجامع النبي جرجيس وجامع النبي دانيال وجامع جمشيد وجامع السلطان ويس ) وغيرها . ومن الشيوخ وعلماء الدين الذين تقلى بعض علومه على أيديهم تزامناً مع دراسته الابتدائية والمتوسطة الشيخ عبد الوهاب الشماع في الجامع ألنوري الكبير والشيخ ذنون في الجامع  نفسه ، والشيخ شعبان بجامع جمشيد والشيخ علي  حامد الراوي في جامع اليقظة في منطقة الموصل الجديدة ، بدأ الدراسة الابتدائية في مدرسة الاحرار في منطقة النبي جرجيس وأكمل المتوسطة في ( الفاروق ) والإعدادية ( المركزية ) ..قضى جزءا من حياته في مجزرة الموصل مع والده وإخوته وأبناء عمومته فهو ينتمي لعشيرة تخصصت بمهنة ( الجزارة ) ، وعمل والده رواساً ، والرواس هو من يجزر الأغنام ويقوم بتنظيف مفاصلها المختلفة ويقوم بتوزيعها على محلات الباحة الأكلة صاحبة الشهرة الواسعة في البلاد والذات في مدينة الموصل وعلى ضوء ذلك لقب والده بـ ( احمد ألرواس ) وكان مشهوراً لدى شرائح كبيرة من شرائح المجتمع الموصلي بذلك .
   تتلمذ المؤرخ رعد احمد أمين على يد العديد من أساتذة العلوم المختلفة المشهورين في الدراسة الإعدادية منهم ، صلاح الدين حميد ، محمد طاهر الطحان ، مؤيد الفارس  ، توفيق الفخري ، عبد الحميد خضر ، سالم ابلحد ، شاكر محمد ، ، ، حميد مجيد ، وسالم إسماعيل .
   عند تخرجه من الدراسة الإعدادية كان من المتفوقين وبمعدل جيد جدا ولم يتردد باختيار رغبته في إكمال دراسته الأكاديمية في قسم الإعلام جامعة بغداد وذلك سنة ( 1983 – 1984 ) رغم وجود خيارات عديدة أخرى يؤهله معدله للدخول فيها ، وقد قطع شوطا جيداً وبتفوق في قسم الإعلام تمثل بالفصل الأول من العام الدراسي ، إلا أن ظروفا عائلية اضطرته للانتقال إلى جامعة الموصل مختارا قسم التاريخ في كلية الآداب ، وعند التحاقه بالدراسة هناك وجد نفسه محبا للتاريخ وشغوفا بقراءة كتبه المختلفة ، لاسيما وان وجود نخبة من الأساتذة الذين يعدون مدارس في اختصاصاتهم المختلفة ، منهم عامر سليمان ، سالم احمد محل ، عبد الجبار قادر غفور ، عماد  احمد عبد الصاحب الجواهري ، عبد التواب احمد سعيد ، توفيق  سلطان اليوزبكي رحمه الله  ، عبد المنعم رشاد  رحمه الله ، محمود ياسين ، نجلة الصباغ ، غانم عبد الله خلف ، ، محمد علي داهش ، هاشم  يحيى الملاح ، ناطق صالح مطلوب ، عماد الدين خليل ، عادل نجم عبو رحمه الله  ، عبد الرحيم ذنون الحديثي  ، وآخرين كان لهم فضل كبير على في تحبيب التاريخ إليه كما يقول .
   حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ سنة 1988 ، والتحق بخدمة العلم وقضى فيها سنتان ونصف السنة ، بعد تسرحه عُيّن موظفاً بدرجة معاون ملاحظ في ديوان رئاسة جامعة الموصل بتاريخ 3 آب سنة 1993 وعمل خلال ما يقارب عشرة سنوات في مفاصل عدة من جامعة الموصل منها معاوناً لمدير وحدة الحرس الجامعي ومديراً لها ثم مديراًَ للإدارة في " مركز دراسات الموصل " عاد  بعد ذلك معاونا للمدير في وحدة الحرس الجامعي ، في سنة 1999 وعند استحداث هيئة الشباب والرياضة في محافظة نينوى نقل إليها  بناءا على طلبه ولحاجة الهيئة لخدماته ثم عاد إلى جامعة الموصل بعد 8 أشهر وبناءا على طلبه أيضا .
    في سنة 2002 بدا بإكمال دراسته العليا وحصل على الماجستير في التاريخ الحديث - كلية الآداب – جامعة الموصل .وكان عنوان رسالته : "  عبد المنعم ألغلامي ، دراسة تاريخية في نشاطه الثقافية والصحفي والسياسي 1889 – 1967 "  ، وعند حصوله على الماجستير سنة 2005 نقل إلى كلية الآداب بدرجة مدرس مساعد وحصل على الدكتوراه في التاريخ الحديث في كلية التربية جامعة الموصل سنة 2010  بأطروحته الموسومة : "  تاريخ الحركة الرياضة والكشفية في الموصل 1958 – 1980 "  .
    خلال إكماله دراسته العليا ( الماجستير في كلية الآداب والدكتوراه في كلية التربية ) ، كان من المتفوقين بين أقرانه ، والفضل في ذلك يعود لأساتذته في هذه المرحلة ، منهم الأستاذ الدكتور إبراهيم  خليل العلاف ( المشرف على أطروحته للدكتوراه ) ، والدكاترة خليل علي مراد وجاسم محمد حسن العدول  رحمه الله ،ونمير طه ياسين وزهير علي النحاس ( المشرف على رسالته للماجستير ) وعصمت  برهان الدين عبد القادر وعدنان سامي نذير .
   أما مسيرته الرياضية فهي طويلة بدأت منذ صغره مبتدئا بظهوره بطلا  في العاب الساحة والميدان لمدارس الموصل المتوسطة ثم الإعدادية في عدو المسافات الطويلة والمتوسطة.  وقد مثل منتخب الموصل المدرسي لسنين عديدة في بطولات تربيات العراق . كما حصل على المراكز الأولى وعلى اثر ذلك تم ضمه إلى" منتخب شباب العراق" كما مثل فرق الإعدادية المركزية بكرة القدم ثم نادي الفتوة ونادي العمال ونادي الطلبة والشباب بكرة القدم واستمر بتمثيله لنادي الموصل ومنتخب الموصل بالعاب الساحة والميدان وبطولات العراق بركضة الضاحية والعدو الريفي ، وقام بتدريب نادي العمال بكرة القدم لموسمين 1986 – 1987 قام بتدريب فريق الفرقة 38 بالعاب الساحة والميدان في موسم 1992 ، واستمر في ممارسته لعبتي كرة القدم والساحة والميدان ، خلال دراسته البكالوريوس مثل منتخب الكلية ومنتخب الجامعة وأحرز المركز الأول بركض الضاحية لعامين متتالين في ببطولة الجامعة باختراق الضاحية 84 – 85 و 85 – 86 .
   بعد تخرجه من كلية الآداب وخضوعه لخدمة العلم مثل العاب الفرقة المدرعة الثالثة ومنتخب الفيلق الثاني وكان بطلا للفيلق الثاني والفرقة الثالثة بعدو المسافات الطويلة وأحرز المركز الثاني بركضة 1500م في بطولة الجيش العراقي سنة  1991 ، ثم مثل فرق قوات القعقاع الفرقة الرابعة بالعاب الساحة والميدان وكرة القدم وحصل على كاس المحافظة بكرة القدم مع منتخب الفرقة الرابعة بعد فوزه على نادي الموصل 1- صفر سنة1991 ، عمل سنين  طويلة في مفاصل منتظمة الشباب كمسؤول عن النشاط الرياضي في نينوى ورئيسا للجان عديدة فيها .
   في السنة 1996 – 1997 بدا مشواره الرياضي مع التحكيم حاصلا على شهادة تحكيمية بتفوق وتدرج في التحكيم حتى رقي إلى درجة أولى عام 2003 وقد شارك في قيادة عدد كبير من المباريات في دوري أندية القطر بدرجاته المختلفة استمر في التحكيم حتى سنة 2011 وبدا مشاور الإشراف على مباريات دوري القطر بخماسي الكرة .
    انفرد عن زملائه من المؤرخين في اختصاصه الدقيق ، ويعد الأول في  ولولوج ميدان الاهتمام بالتاريخ الرياضي في الموصل . ففضلا  عن اطروحته في هذا الاختصاص وبحوثه العديدة التي تؤرخ لمفاصل عديدة في تاريخ الرياضة في الموصل والعراق ، فهو مسؤول عن القسم الرياضي في مطبوعتين تصدرهما  جامعة الموصل  وهما : ( مجلة مناهل جامعية ، وجريدة ومضات جامعية ) اللتان تصدران عن مديرية العلاقات والإعلام في جامعة الموصل ، ولا تخلو الصحف الرياضية المتخصصة في الموصل من مقالاته المتعددة التي من خلالها تؤرخ للحركة الرياضية في العراق والموصل على وجه الخصوص ، وهو عضو في " هيئة احياء وتوثيق التاريخ الرياضي للموصل" ، والتي تعمل على كتابة موسوعة رياضية عن مدينة الموصل . 
   كانت باكورة كتبه المؤلفة في التاريخ سنة 2012 كتابه :( الحركة الرياضية والكشفية في الموصل منذ أواخر  القرن التاسع عشر حتى عام 1958 ) . له بحوث ومقالات عديدة منشورة في الصحف والمجلات الموصلية والعراقية ،كما أن لديه محاولات في كتابة الشعر  والقصة القصيرة وله عشرات النتاجات الأدبية المتنوعة منشورة في الصحف الموصلية والعراقية .
   كأي منتم للمدرسة التاريخية المعاصرة ،فهو يحرص في كتاباته على التوثيق والتهميش والعودة إلى المصادر الأساسية وهو يرى أن التاريخ الرياضي الموصلي والعراقي والعربي لم يكتب بعد كما ينبغي لذلك فهو يعمل بنصيحة أستاذه الأستاذ  الدكتور إبراهيم خليل العلاف للاهتمام بجمع التراث الرياضي والصور الرياضية والاتصال برموز الحركتين الرياضية والكشفية من اجل تهيئة المواد الخام لكتابة التاريخ الرياضي الموصلي والعراقي والعربي الحديث .



الثلاثاء، 27 مارس 2012

الدكتور ابراهيم العلاف ..مؤسسة تمشي على قدمين أو موسوعة تاريخية، علمية، ثقافية






   مؤسسة تمشي على قدمين،  أوموسوعة تاريخية، علمية، ثقافية، أوصاف وألقاب يطيب لبعض المقربين من د. ابراهيم العلاف استاذ التاريخ الحديث و مدير مركز الدراسات الاقليمية في جامعة الموصل، أن يطلقوها عليه، نظراً لسعة أفقه، ونشاطه الدؤوب.
  مراسل وكالة انباء عراقيون زاره في مكتبه، وبدأ معه بأخر إصدارات المركز فذكر أنه كتاب " الصراع العربي الإسرائيلي  في السياسة الخارجية الأمريكية" دراسه تاريخية سياسية للـ د محمد جمال الدين العلوي، وقال بانه  يقع في قرابة 400 صفحة، وأضاف أنها في الأصل أطروحة دكتوراه قدمها الدكتور العلوي بإشرافه، و تتناول هذه الدراسه الصراع العربي الإسرائيلي في السياسة الخارجية الامريكية لفترة مهمة من تاريخ العربي الحديث و هي الفترة الواقعة بين 1973 – 1979 . اعتمد  فيها المؤلف على المنهج التاريخي للبحث العلمي و ذهب الى مؤسسات صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية و خاصة و زارة الخارجية الأمريكية، و درس كيفية التعامل الامريكي مع موضوعة الصراع العربي السرائيلي، وأشار كذلك الى الدور الدبلوماسي الذي مارسته الولايات المتحدة الامريكية في مجال إثارة وتسوية الصراع خلال هذه المدة المهمة.
ومن انشطة المركز الأخرى يقول  د.أبراهيم العلاف: عقدنا حلقة لمناقشة موضوعات الساعة، وهو حذف الاصفار عن العملة العراقية بعد ابدالها، حضرها عدد كبير من الاساتذة وطلبة الدبلوم و الدراسات العليا، و تحدث فيها الدكتور هاشم محمد عبد الله العركوب استاذ المالية العامة في كلية الادارة و الاقتصاد عن مشروع رفع الاصفار وقال ان هذه المشروع من شانه تحسين العملة الوطنية عن طريق حذف الاصفار، وقد لفت الى ان الأمر لايقتصر على العراق فحسب، وانما هناك العديد من دول المنطقة، التي قامت من قبل  بمثل هذا المشروع مثل ايران التي حذفت ثلاثة اصفار خلال 15 سنه، وتركيا ستة أصفار، وبين العركون منافع متوقعة لحذف الاصفار منها، انها ستحقق استقراراً لقيمة العملة و امتصاصاً للفائض منها، و السيطرة على اتجاهات عرض النقد من خلال الأداء الوظيفي في إدارة السيولة، وأن للمشروع متطلبات منها ضرورة وجود سياسة اقتصادية واضحة المعالم والأهداف، و التأكيد على ان تكون المديونية الخارجية عند مستويات مقبولة، و انجاز سلسلة من التشريعات القانونية التي ترتبط بهذه العملية،
وأوضح العلاف ان  الموضوع اثار العديد من النقاشات رد عليها الباحث أن المشروع  سيعزز الثقة برمز من رموز السيادة الوطنية للبلد وهو الدينار العراقي، و تعزز الثقة بالعملة الوطنية لدى المواطن إضافة الى انها سوف تساعد على ارتفاع قيمة الدينار العراقي للاصلاح النقدي و لاصلاح ادارة العملة حتى فيما يتعلق بحمل هذه المبالغ الكبيرة، فعندما تزال الاصفار سوف يعود الدينار الى قيمته الحقيقية العملة الصغيرة مثل الفلس و الدرهم.
وتحدث د. أبراهيم عن المشاريع المستقبلية للمركز، الانتقال  الى البناية الجديدة وقد وصفها بالفخمة و تحتوي على مدرج كبير يتسع لاكثر من مئتي شخص، و كذلك في البناية الجديدة هناك مكتبة وقاعة للانترنت ، والمبنى يقع ضمن مشروع جامعة الموصل للأعمار.
ويواصل د. ابراهيم العلاف : " هناك مجموعة من الكتب التي سوف تطرح قريبا عن السودان و القوقاز وغيرهما،  وكتاب يضم بحوث الندوة ال 33 التي عقده المركز حول حركات التغيير العربية، الريادة و المسار، فبعد ان انتهينا من هذه الندوة سوف نجمع البحوث و نضعها في كتاب تحت عنوان (حركات التغيير العربية الريادة و المسار)".
 "  وكذلك المركز بصدد إصدار التقرير الاستراتيجي الثالث الذي اعتاد على اصداره، و هو عبارة عن كتاب يوضح رؤية المركز عن الأحداث المحلية و الوطنية و العربية و الاقليمية التي وقعت العام الماضي، كما ان المركز ينشر مجموعة من النشرات في كل شهر، معتمدة و مسجلة في دار الكتب منها تحليلات إستراتيجية، و أوراق إقليمية، وقراءات إستراتيجية، و كذلك ترجمات، و أضواء إقليمية، كما ان هنالك مشروع لطباعة كتاب يتعلق بخارطة الطريق لتاهيل التعليم العالي في العراق، وهو مشروع أعدته اليونسكو و شارك فيه المركز من خلالي، وكان تجمعاً عقد في بيروت لمناقشة مسالة إعادة النظر في سياسة البحث العلمي في العراق، وكذلك تاهيل التعليم العالي و البحث العلمي، و في ذات الاجتماع تم تداول القضايا المتعلقة بتنشيط حركة العلم والتكنلوجيا و الإبداع و السياسة الجديدة التي سوف تعتمد في التعليم العالي".
  ونبه د.ابراهيم العلاف الى إسهامات أخرى للمركز، كتدريب و تدريس طلبة الدراسات العليا في عدد من الجامعات، منها جامعة الموصل، ويشارك أيضاً في مناقشة أطروحات الماجستير و الدكتوراه في الجامعات القريبة من الموصل، و قبل ايام ناقش شخصيا اطروحة دكتورا في جامعة دهوك تتعلق بموقف الأكراد من المسالة الارمنية، 
وفيما يخص النشر يقول العلاف : "  لدينا معياران اساسيان نعتمدهما في النشر و هما: " الرؤية العلمية الموضوعية"، والثوابت الوطنية " من اجل ان يرسخ البحث ومن اجل ان يطور العلاقات مع الدول العربية في كل الميادين التقافية و السياسية لكي يعود العراق لمكانته سواء على المستوى العربي او الاقليمي و المستوى الدولي .
وعلى الصعيد  الشخصي أصدر، د.إبراهيم العلاف، الجزء الثاني من موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين، وقال بأنه مشروع كبير بدا به الكترونيا عندما أصدر جزئه الأول ، الذي ضم قرابة 65 مؤرخاً معاصراً، و في جزئه الثاني يضم قرابة 60 مؤرخا إضافة إلى، فصل عن المدرسة التاريخية المعاصرة و خصائصها و مراحلها،
لافتا الى أنه يعمل على اصدار جزء ثالث للكتاب نظرا لما يحظى به من إهتمام و ورعاية من المثقفين و المؤرخين في الجامعات العراقية.
 

الكاتب: و.أ.عراقيون-ب.صMarch 27, 2012, 6:14 pm
 http://iraqyoon.net/news_details.php?details=1017

الأحد، 25 مارس 2012

عبد الخالق ألركابي والكتابة الروائية لتاريخ العراق الحديث والمعاصر




عبد الخالق ألركابي والكتابة الروائية لتاريخ العراق الحديث والمعاصر 
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
    ليس كفؤاد التكرلي،  وعبد الخالق ألركابي من وثق لتاريخ العراق الحديث والمعاصر روائيا .ونكاد نستطيع أن نقرأ التاريخ العراقي الحديث والمعاصر بأجوائه " المعقولة "، و"الغرائبية " ، فيما دبجه يراع هذين الكاتبين الروائيين .ولقد كتبت عن الروائي فؤاد  التكرلي منذ زمن في كتابي "تاريخ العراق الثقافي " . وكان في بالي أن أكتب عن عبد الخالق ألركابي إلا أن بعضا من الأمور ، والانشغالات حالت دون ذلك وقد تيسرت الفرصة ألان .
    عبد الخلق محمد جواد علي محمود ألركابي ،وهذا هو اسمه الكامل ، من مواليد قضاء بدرة بمحافظة واسط أي الكوت سنة 1946 .درس في مدارس الكوت  ،ثم جاء بغداد ودخل أكاديمية الفنون الجميلة وحصل منها على شهادة البكالوريوس في النحت  سنة 1970 . عمل في التدريس قرابة تسع سنوات ومن المدارس التي درس فيها مادة التربية الفنية " ثانوية بدرة " في محافظة واسط   ..ثم اتجه نحو الكتابة فعمل مشرفا لغويا في مجلة آفاق عربية (البغدادية ) أواسط الثمانينات من القرن الماضي وسكرتيرا لتحرير مجلة "أسفار" ومحررا في "مجلة الأقلام "حتى سنة 2003 .انتخب عضوا في المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في إحدى الدورات ..وهو عضو في جمعية التشكيليين العراقيين، ونقابة الصحفيين العراقيين   .  نشر أولى قصائده في أواخر الستينيات من القرن الماضي  في مجلة الآداب البيروتية) .)
     بدأ عبد الخالق الركابي ، حياته الأدبية  فنانا تشكيليا  ، وشاعرا ، واصدر مجموعة شعرية سنة  1976 بعنوان : (موت بين البحر والصحراء) . و بعد هذه المجموعة الشعرية  اليتيمة بدأ بكتابة القصة القصيرة والرواية  ، فأصدر سنة 1977 روايته الأولى : (نافذة بسعة الحلم) ، ثم اصدر (من يفتح باب الطلسم) وهي رواية سنة 1982 ، و(مكابدات عبد الله العاشق) وهي رواية سنة 1982، و(حائط البنادق) سنة 1983وهي مجوعة قصصية. و(الراووق) 1986  وهي رواية أحرزت المرتبة الأولى  من بين الروايات العراقية سنة  1987، و(قبل أن يحلق الباشق)وحازت جائزة أفضل رواية عراقية سنة  1990 ومسرحية البيزار 1990و(سابع أيام الخلق) وهي رواية، سنة 1994  و( اطراس الكلام ) 2002 و( سفر السرمدية) 2005  ،.كما اصدر مسرحية في ثلاثة فصول بعنوان: (نهارات الليالي الألف) 2001.
    يقول الأستاذ قيس كاظم الجنابي في كتابه " ثلاثية الراووق :الرؤية والبناء دراسة في الأدب الروائي عند عبد الخالق ألركابي " الصادر عن دار الشؤون الثقافية ببغداد سنة 2000 إن سبب تحول ألركابي من الشعر إلى الرواية هو انه "أحس بأن الشعر غير قادر على استيعاب تجربته " ،ولعل ولعه بالتاريخ العراقي الحديث وخاصة الفترة العثمانية 1516-1918 والصراع العثماني – ألصفوي الفارسي حول الاستحواذ على العراق  وما نجم عن ذلك من احتلال بريطاني وتشكيل حكم وطني وماتبع ذلك من متغيرات سياسية واجتماعية ، جعله يكتب بتأن وتأمل كبيرين "يقرأ التاريخ العراقي ...ويتأمل الصراعات العديدة فيه ،فهو يستعرض احتلال إيران للعراق في عهد الشاه إسماعيل ألصفوي (914-930 هجرية -1508-1523 ميلادية ) .ثم يحاول الإحاطة بتاريخ العراق تحت حكم الدولة العثمانية مع إعطاء أهمية خاصة للوالي المصلح المتنور مدحت باشا خلال توليه لولاية بغداد 1286-1289 هجرية -1869-1872 ميلادية ) ،ثم يكمل الأحداث حتى الاحتلال البريطاني 1914-1918 فيستمر في ذلك مارا بحرب حزيران –يونية سنة 1973 .وهذا العرض التاريخي عبر ثلاثة أعمال روائية يشكل التفاتة مهمة لقراءة تاريخ العراق الحديث وهو ما دعاه إلى إعادة صياغتها مجددا في ثلاثية الراووق " . ومن الطريف أن ألركابي يقرأ التاريخ العراقي الحديث وفق منهجية تاريخية لايعمل بها إلا في جامعة السوربون فهم هناك يبدأون  تدريس التاريخ بالفترة المعاصرة عندما يدرسونه للطلبة ويعودون إلى الفترتين الوسيطة ثم القديمة ..وهكذا نرى بأن الركابي ابتدأ بروايته الموسومة " نافذة بسعة الحلم " والتي نشرت سنة 1977 والتي تتعرض لمرحلة زمنية تمتد من حرب حزيران –يونيو 1967 حتى حرب تشرين –اكتوبر 1973 .
   يقف الأستاذ الدكتور شجاع العاني في كتابه " البناء الفني في الرواية العربية في العراق " عند هذه الرواية ، ويطلق على ما فعله ألركابي في روايته : " نافذة بسعة الحلم " حين اختصر أحداثها في يوم واحد فقط ، مصطلح " الكثافة الزمنية " ويقول أن زمن هذه الرواية لايتجاوز بضعة ساعات ، وهي تتركز حول بطلها (حازم ) وقد جعل زمنها الروائي يبتدأ عند (الصباح) حيث مرحلة الطفولة ثم يبلغ (الظهيرة )حيث مرحلة الشباب وينتهي عند (المساء) حيث إصابته بالعوق في حرب  اكتوبر -تشرين الأول.             ويقينا ان الروائي الركابي أراد القول أن  الزمن لايدور في صالح الأمة ، فالحرب قد انتقلت بها من  النهضة إلى السقوط ، ومن الحركة إلى السكون ، ومن الاستقرار إلى الفوضى ، ومن الحلم إلى المأساة .بطل الرواية يتعوق في الحرب ويخفق في الزواج لكن مع هذا فالبطل الكلكامشي يظل يقظا في شخصية (حازم )الذي يروي الأحداث بطريقة متوازنة .يقول الجنابي ان حازم بطل الرواية حينما يروي الأحداث فأنه استطاع ان يعبر عن أزمته بطريقة أمنت له التوازن بين جو الهزيمة الخانق الذي يعيشه ، وأفق الانتصار الذي يصبو إليه .أما رواية " من يفتح باب الطلسم " فأنها تطرح فكرة نهاية الحكم العثماني للعراق مشيرة إلى احد أبواب مدينة بغداد وهو " باب الطلسم " الذي حسب السلطان مراد الرابع 1638 انه بسده سيمنع أي فاتح آخر من دخول بغداد ولكن بغداد  ظلت عرضة للغزو والاحتلال ..ولم ينس الروائي ألركابي أن يوثق لكثير مما أصاب العراقيين جراء أعمال الغزاة وولاتهم من ماس كبيرة  . وفي " مكابدات عبد الله العاشق " يشير ألركابي الى تأثير بلدته الحدودية : بدرة والى وادي الكلال والى ما اختزنته ذاكرته عن انقطاع المياه وسعي الفلاحين إلى تعميق صدور الأنهار عند خط الحدود العراقية –الإيرانية، ومصرع احد الفلاحين نتيجة ذلك، وتلك هي خلفية هذه الرواية وخلفية معظم روايات الركابي التي قال عنها الركابي نفسه في شهادته التي سجلها الناقد والأديب باسم عبد الحميد حمودي في نصه : " الناقد وقصة الحرب"  أنها تعتمد تنوير التاريخ العراقي بل تثويره من خلال التركيز على الواقع الاجتماعي .ومن الطريف أن يكون عنوان ثلاثية ألركابي الراووق تعني مخطوطة كتبها احد أبناء عشيرة البواشق لكنها فقدت  ..والراووق المصفاة التي ينقى فيها الماء من كل شائبة ولابد من أن تبذل الجهود للعثور على الراووق لتكون أساسا لمعرفة الأصول،  وأداة للنهوض،  والتخلص من الظلم والاستبداد والاستعباد ،  والبدء بالثورة ومن هنا فأن الرواية تتوقف عند ثورة العراقيين الكبرى ضد المحتلين الانكليز وهي المعروفة ب"الثورة العراقية الكبرى " التي أجبرت الانكليز على تغيير سياستهم والشروع بالاستجابة لمطالب العراقيين في إقامة الحكم الوطني .  
    أقام نادي القصة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق  بمقره في بغداد احتفالية خاصة بالروائي ألركابي تحدث فيها عدد من النقاد وأدارتها السيدة هند القيسي وفي هذه الاحتفالية التي نقل لنا أحداثها الأستاذ محمود النمر في جريدة المدى يوم 26 آذار-مارس  2011 تحدث ألركابي عن منجزه فقال :  " إن جدية الحداثة ، والسخرية منها  أمر سبق  فيه العراقيون العرب الآخرين ، فقد عرفوا الحداثة قبل غيرهم تاركين لنا أيضاً أزمة الحداثة ونحن نخوض أزمة الحداثات في الفن التشكيلي والشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد...".
وأضاف الركابي لقد بات أن الحداثة من الأمور البديهية حتى أن الروائيين انتظروا طويلاً إلى سؤال مفاده ،أتصح كتابة الرواية على طريقة روائيو القرن التاسع عشر  قرن  الروايات العظيمة والروائيين العظام..؟ أم على الطريقة الحديثة طريقة ايريك وكافكا وجويس ،وكما هو متوقع لابد من تبني الاتجاه الأول في مجتمع لا يزال غارقا في ظلام الأمية، وكما حدثت في مجال العلوم الدقيقة قطيعة ابستمولوجيا ، حسب مصطلح باشلار مع الاتجاهات القديمة ، حدث الأمر نفسه في مجال العلوم الإنسانية والرواية من ضمن هذه الأمور ، وعلى هذه الشاكلة مثلت لدي في روايتي – سابع أيام الخلق – هذه القطيعة ،وبعد كتابة خمس روايات هي : نافذة بسعة الحلم ، ومن يفتح باب الطلسم ، ومكابدات عبد الله العاشق ،  والراووق ،  وقبل ان يحلق الباشق . وانسياقا مع قراءاتي التي كانت تنساق إلى الفلسفة المعاصرة وجدت نفسي منهمكا إلى كتابة رواية جديدة في 1992هي  - سابع أيام الخلق – لتظهر  سنة  1994 ... " .
    كتب عنه عدد من النقاد العراقيين منهم: الأستاذ عبد الرحمن طهمازي ، والدكتور علي جواد الطاهر ،والدكتور  محسن الموسوي ، والأستاذ قيس كاظم الجنابي والأستاذ حاتم الصقر ، والأستاذ عيسى حسن الياسري ،  والأستاذ حسين سرمك حسن ، والأستاذ مهند يونس   والأستاذ حمزة الحسن .كما حاوره  كثيرون منهم الأستاذ منذر عبد الحر في " جريدة الشرق الأوسط " وقال عنه انه من المبدعين الذين تميزوا بغزارة النتاج الأدبي، فقد قدم عددا من الروايات والمجموعات القصصية، وبدأ عالم الكتابة والنشر بمجموعة شعرية، سرعان ما تجاوزها إلى عالم الرواية.  وتعد أهم مسألة تطرق إليها ألركابي في الحوار هي الحديث عن تكوينه الفكري والثقافي  وقراءاته الدائمة والجديدة حين قال أن قراءاته اليومية تتوزع بين كتب التراث، والفلسفة ، والشعر والرواية في الغالب.  يقول  ألركابي : " ما أنا منهمك في قراءته هو كتاب محمد عابد الجابري (تكوين العقل العربي) الذي سبق أن قرأته منذ أعوام، إلا أنني أعدت قراءته الآن لكي أتواصل  مع الأجيال الثلاثة الأخرى من هذه الموسوعة الفكرية الرائعة والمتمثلة لبنية الفكر العربي، والعقل السياسي العربي، والعقل الأخلاقي العربي... " .
    وأضاف أن كتاب "ألف ليلة وليلة" ،  يلازمه منذ طفولته، إذ انه لا يتذكر عدد المرات التي قرأ فيها هذا الكتاب الذي يحسب انه الكتاب الأول في تأريخ هذا الكوكب. وهناك أيضا "ديوان المتنبي "بطبعاته وشروحاته المتعددة، الذي يلازمه باستمرار، فضلا عن "حماسة أبي تمام" . وهناك «الصخب والعنف» لفوكنر، وهناك بالتأكيد" القرآن الكريم،" و"الكتاب المقدس" لا سيما "التوراة"، من دون ان ينسى  ملحمة كلكامش والأساطير العراقية القديمة عموما، سواء أكانت سومرية أم بابلية أم آشورية.  
   يرى الناقد طراد الكبيسي أن رواية " سابع أيام الخلق"  لعبد الخالق ألركابي ، هي رواية مكان " يتهرب من الزمن المحسوس عبر الزمن المتخيل، ويتموضع في جماليات تعتمد الحركة التصويرية في متابعة الحدث" . وتدور أحداث الرواية حول البحث عن مخطوط " الراووق" ، الذي ضاع  الأصل منه، واختلف الرواة في ما جاء فيه وذلك بهدف الوصول إلى الحقيقة في السيرة المطلقة  .  
  إن الشيئ الذي أكده الناقد الكبيسي هو أن معظم روايات ألركابي  تستلهم "التراث"، أو "التاريخ" ، لتنحو عبره إلى قراءة الحاضر.وهنا يمكن القول –تماشيا مع ما قاله فيلسوف التاريخ الايطالي كروتشة أن هذا الحكم يعد صحيحا  ، فالتاريخ كله ،في نهاية الأمر ، تاريخ معاصر أي أننا ننظر إلى الماضي بعين الحاضر .. ندرس التاريخ لنفهم الحاضر ونستكشف المستقبل .  ويقدم   الناقد الكبيسي للقارئ مقدمة  ضافية لعمله الذي يتناول فيه  رواية "سابع أيام الخلق " من جوانبها المختلفة بقوله : في (سابع أيام الخلق) ليس هناك حدث بمعنى الحدث في رواية القرن التاسع عشر مثلا، لذا لا نجد الشكل الروائي يتخذ تسلسل البداية، الوسط. النهاية، الذي يراه البعض عاكسا للزمن والتاريخ.. إننا إزاء (شكل مكاني) يتهرب من الزمن المحسوس عبر الزمن المتخيل، ويتموضع في جماليات تعتمد الحركة التصويرية في متابعة البحث عن مخطوط (الراووق ( وتحقيقه للوصول إلى حقيقة ما حدث في اليوم الذي سمي بـ(دكة المدفع) ودكة أو دقة بلهجة العراقيين الشعبية تعني "الحادثة " أو "الواقعة " ، ولذا فإن القارئ للرواية لا بد أن يحس التكرار واللاتزامن، فالرواية مقيدة بموضوع مغلق، والأحداث اليومية المتماثلة والشخصيات تتحرك في حركة دائرية مغلقة هي الأخرى بحكم المكان المحدد.
    ليس من شك في أن ألركابي أثرى  الحياة الثقافية  المعاصرة في العراق ، وفتح آفاقا واسعة لفهم المجتمع العراقي وإشكالاته وعقده النفسية .وفي هذا المجال يقول الناقد مالك المطلبي انه درس بعضا من روايات ألركابي ، وسلط الضوء على تراكيب السرد الروائي فأكتشف بأن الكلام عن روايات ألركابي هو كلام عن العالم المكتظ ويضيف : " في تقديري أن ألركابي يلعب لعبة داخل اللعبة ، فالفنون والآداب كلها العاب وانساق  ،وان استمدت لغتها من الواقع وان اتجهت إلى القارئ الواقعي ..إنها تبدأ بالواقع وتتجه إلى الواقع لكن مابين البدء والاتجاه يوجد نسق من الألعاب وهو يلعب بموضوعه داخل اللعبة ويتعامل مع قضية الزمن على أنها قضية أساسية .وإذا قلنا بأن الأعمال الروائية تقوم على الحكايا أو ما يسمى ب"المتن الحكائي " والسرد فأن النص هو مرجع عبد الخالق ألركابي .أما الناقد فاضل ثامر فيرى أن ثمة طرقا عديدة لقراءة عبد الخالق الركابي روائيا .ففي إحدى رواياته وهي "سفر السرمدية " نجد ان شخصا طلب منه أن يدخل إلى أربعين غرفة ، وحذر من الدخول إلى غرفة واحدة . ويقينا أن هذا الشخص يعمل جاهدا للدخول إلى مثل هذه الغرفة لأنها غرفة الإسرار . ان عبد الخالق ألركابي في هذه السيرة الروائية يكشف منحى مهما فيما يسمى "ماوراء السرد أو " الميتافكشن" ، ومعنى هذا أن ألركابي بدأ رواياته الأخيرة منذ الراووق ، على التمحور على كتابة الرواية بشكل واع أو وجود رواية داخل الرواية
   وأكد المسرحي والناقد عباس لطيف علي " أن هناك في حياة كل مبدع عملاً واحداً يتمحور عليه  ، بدليل أن الروائي المصري نجيب محفوظ في كل أعماله (يشتر) زقاق المدق وظل (يشتر) الثلاثية ،ولكني أرى في سرديات  عبد الخالق ألركابي أن هناك  روحاً تجريبية تسري في كل رواية ولا يستكين إلى قالب معين يذهب إلى أقاصي المغامرة كي يمسك نسقا روائيا يتماش مع الواقع بمنظور وبمدخل جديد" .              في بحثه الموسوم: "اثر الزمن المفترض في خلق البنية الدلالية في رواية
(
سابع أيام الخلق) للروائي عبد الخالق ألركابي"   يقول   الأستاذ حسن كريم عاتي :
"إن  المنجز الإبداعي للروائي عبد الخالق ألركابي  يتميز بميزتين أساسيتين، هما: التنوع والغزارة. فهو منذ صدور مجموعته الشعرية الأولى (موت بين البحر والصحراء)، تواصل في نتاجه الأدبي ، ورفد المكتبة العربية بالعديد من الأعمال الأدبية، بل زاد في ذلك من خلال انتقاله في مختبره الإبداعي بين الأنماط الأدبية من قصة قصيرة ورواية ومسرحية. هذا فضلا عن  نصوص قصصية منفردة ولقاءات صحفية عبر فيها عن رؤياه الجمالية في منجزه و في غيره.غير أن ما يلفت النظر في ذلك المنجز على تنوعه. إن ألركابي لم يكن به ميلاً إلى تكرار الإنتاج في نمط واحد يقدم فيه عملاً سوى الرواية. فقد اصدر مجموعة شعرية واحدة، آنفة الذكر، وهي البكر في إنتاجه الأدبي، ومجموعة قصصية واحدة هي (حائط البنادق) . ومسرحية (البيزار) التي كرر في نمطها مسرحية (نهارات الليالي الألف). في حين اصدر روايات عدة هي على التوالي: (نافذة بسعة الحلم)، (من يفتح باب الطلسم)، (مكابدات عبد الله العاشق)، (الراووق)، (قبل ان يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق), التي تعد من بين أعماله الروائية الأكثر تميزا، و (اطراس الكلام) وأخيرا (سفر السرمدية) التي نشرت على حلقات في إحدى الصحف. مما يؤكد ميله إلى استخدام الرواية أداة تعبير يحقق من خلالها قدرة القول ، ويفصح عن رؤياه الجمالية عبر تقنيات كتابتها.
وقد استثمر في ذلك التنوع بين الأنماط، تنوع آخر في أساليب كتابتها، بين المستل من عمق التراث، وبين المستحدث على وفق أخر التطورات التقنية في فن الكتابات السردية.
اعتمد الركابي في تلك الاعمال جميعها التعبير عن " البيئة العراقية " على المستويين المحلي والوطني. كانت من بينها الأعمال الروائية الثلاث (الراووق)، (قبل أن يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق). التي اعتمدت - ومثل ما اعتمدت سابقاتها وفي إطارها الجغرافي - على البيئة المحلية العراقية نفسها . وتحديداً منطقة طفولته وصباه، غير أنها إتصلت مع بعضها عبر وشائج تحاول بها ان تحيل القارئ الى أماكن أكثر اتساعاً والى زمن اكبر مما استغرقه فعلا . فأصبحت بذلك أعماله ترتبط بتاريخ واسع لجغرافية محددة قابلة للانفتاح.. وقد كانت روايته (سابع أيام للخلق) إضافة نوعية مهمة للرواية العربية والعراقية معا. لما تمتاز به من خصائص فنية على مستوى البناء والسرد فيها، والذي قال عنها قبل سنوات أنها تمثل  النقطة الأساسية في نتاجه الروائي خاصة وأنها اعتمدت الأسانيد التراثية والمعارف الصوفية، وتحديداً نظرية وحدة الوجود.

لم يتوقف الروائي الكبير الاستاذ عبد الخالق الركابي يوما عن متابعة الاحداث في العراق وقد وثق في روايته "ليل علي بابا الحزين " ما مر به العراق من تخريب وتدمير وسلب ونهب جراء الاحتلال الاميركي واسقاط النظام السابق يوم 9 نيسان 2003 والى شيء من هذا القبيل يشير الاستاذ سامي مهدي في مقال كتبه عن هذه الرواية اذ يقول :"تعد روايته ( ليل علي بابا الحزين ) امتداداً لرواياته السابقة أو لبعضها في الأقل . فهذه الرواية قراءة خاصة متأملة لحقبة معينة من تاريخ العراق الحديث ، هي الحقبة التي ما نزال نعيش اليوم امتداداتها ونتائج أبرز أحداثها ، أعني الإحتلال الأمريكي للعراق ونتائجه . فهي من هذه الناحية شهادة أدبية – تاريخية على ما أصاب العراق من جراء الإحتلال ، شهادة تنطق بها شخصيات الرواية . فهي تدين الغزو والإحتلال وأسبابهما الملفقة ونتائجهما المباشرة وتأثيرهما على الوطن وعلى قيم المواطن وسلوكه وحياته اليومية ، وتؤكد بوضوح أن السبب الحقيقي للغزو والإحتلال هو الهيمنة على نفط الشرق الأوسط ومنه : نفط العراق ، وتذكّر بالصراع الأمريكي – البريطاني القديم من أجل الوصول إلى هذا الهدف ، وتقدم صوراً عما عم العراق من فوضى بسبب الإحتلال ، ومن ذلك أعمال السلب والنهب التي شملت المؤسسات والدوائر الرسمية وبيوت الناس وممتلكاتهم ، والسطو على المتاحف ونهب موجوداتها تحت نظر الأمريكان وبتشجيع منهم ، والتهريب المتواطأ عليه عبر الحدود ، وجرائم القتل والإختطاف وغيرها . وفي ظني أن السبب الجوهري في استبعاد الرواية والحيلولة دون صعودها إلى القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة ، هو أنها تدين الغزو الإحتلال بصراحة لا مواربة فيها وتدين الدول " الشقيقة " التي انطلقت منها طائرات الغزاة وجحافلها التي غزت العراق " . 
   إن ما قدمه الروائي عبد الخالق ألركابي ، عبر السنين الماضية وخاصة رواياته التي وثق فيها تاريخ العراق  الحديث ،يعد انجازا ثقافيا متميزا يرتقى في كثير من جوانبه الشكلية ، والجوهرية إلى الأعمال الروائية العالمية  التي أحدثت نقلة نوعية في مسيرة الرواية التاريخية .والاهم من ذلك كله انه صار بمقدورنا –كمؤرخين –اعتماد "النص الركابي " مصدرا لكثير من بواطن الأحداث التاريخية العراقية الحديثة .ولايمكن إغفال الروح الجمالية التي تميزت بها روايات ألركابي ولغته القوية وأسلوبه الواضح ونفسه الوطني وغيرته على بلده وتصديه لكل من يحاول العبث بمقدراته .لقد عاش الرجل بعيدا عن السلطة والسلطان طيلة أربعين عاما ..كنت أراه وهو يستخدم عكازه نتيجة حادث تعرض له كاد يودي بحياته ، وجعله  طريح الفراش سنوات عديدة  ، يجلس بعيدا  عندما يضطر لحضور ندوة أو مؤتمر لايتقرب أحدا من المسؤولين  ..كان بسيطا في ملبسه ، متواضعا في جلسته ، يصغي ، ويناقش بصوت هادئ ..كنت أحبه عن بعد وأراقبه بعين مؤرخ ، وأقول بيني وبين نفسي بمثل هذا الإنسان يرتقي العلم وتتسع دائرة الثقافة ويبنى الوطن .     ومن الأمور المفرحة أن الرجل ، حظي بالاحترام من الجميع ، وان بعض رواياته حصلت على جوائز وتكريمات في العراق . كما أن بعضا منها قرر في المدارس  والجامعات العراقية ، وترجم عدد من هذه الروايات إلى اللغات العالمية الحية ،ورشحت لجوائز عالمية في الرواية التاريخية ،واختيرت بعض رواياته وقدمت سينمائيا وتلفزيونيا ومن ذلك ، على سبيل المثال ، فيلم العاشق   عن روايته "مكابدات عبد الله العاشق "وفيلم "الفارس والجبل "عن قصته الخيال  تحية لك أيها الروائي العراقي الكبير ، وجزاك الله خيرا على ما قدمت .


السبت، 24 مارس 2012

الفريق الركن الدكتور شكري محمود نديم 1919-2012




الفريق الركن الدكتور شكري محمود نديم
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث- جامعة الموصل
توفي في عمان  العاصمة الاردنية يوم 22-3-2012  عن عمر ناهز ال90 سنة ، الفريق الركن الدكتور شكري محمود نديم المؤرخ العسكري المعروف .ولد في الموصل سنة 1919 ،  وانهى دراسته الابتدائية والثانوية فيها ، وتخرج في الكلية العسكرية عام1938 وواصل دراسته في الكلية العسكرية البريطانية وفي كليتي الاركان العراقية والبريطانية. وقد تخصص في صنف المخابرة ، وكان متفوقا في كل مراحل حياته على أقرانه .. عمل لفترة استاذا في كلية الاركان ببغداد  . كما اسس اللواء الثامن ،واصبح امره وكان مقره في الحبانية .وقد عمل  مديرا للحركات العسكرية في وزارة الدفاع قبيل احالته على التقاعد . كان مولعا بالتاريخ لذلك حرص على اكمال دراسته العليا وانخرط اول الامر في كلية الاداب بجامعة استنبول الا ان الظروف حالت دون اكماله الدراسة بسبب ظروف الحرب العراقية -الايرانية فعاد الى بغداد وحصل من  كلية الآداب -جامعة بغداد  على الدكتوراه في فلسفة التاريخ  سنة 1985 ، وكان موضوع اطروحته : " دراسة احوال العراق  في  مرحلة  المشروطية الثانية 1908-1918 "  بأشراف الاستاذ الدكتور ياسين عبد الكريم ، عين في مناصب عسكرية مختلفة اخرها مدير الحركات العسكرية برتبة عميد ركن واحيل على التقاعد عند قيام ثورة 14 تموز 1958 . وهو عضو في اتحاد المؤرخين العرب ، واتحاد الكتاب والمؤلفين ،حصل على وسام الرافدين واوسمة أخرى . شارك في حرب فلسطين سنة 1948 وجرح هناك .بعد تقاعده سنة 1958 مارس المحاماة وكان يحمل شهادة البكالوريوس في القانون من كلية الحقوق ببغداد منذ سنة 1963 .له مؤلفات وبحوث عديدة في التاريخ العسكري العراقي  وفي التاريخ العثماني منها :

  1. حرب العراق 1914- 1918
  2. حرب فلسطين 1914- 1918
  3. حرب أفريقيا الشمالية 1940 – 1943
  4. الإنزال في نورماندي ومعركة فرنسا 1944
  5. الجيش الروسي في حرب العراق 1914- 1917
كما ترجم كتبا عديدة من اللغة الانكليزية منها :
  1. سليمان القانوني – تأليف هارولد لامب
  2. فتح القسطنطينية – تأليف برناردين كايتي
  3. الحروب الصليبية – تأليف انتوني ويست
  4. مدخل إلى إسرائيل  :الأعمال التحضيرية للجريمة الدبلوماسية الصهيونية 1897-1947 ،مطابع شركة دار الجمهورية –بغداد ،1965  – تأليف آلان تايلور

.كما اصدر  في عمان قبيل وفاته كتابا بعنوان : " العراق في عهد السيطرة العثمانية " وطبع في دار دجلة 2008 ، ويقع في 288 صفحة .
كانت بيني وبينه ، رحمه الله، علاقة احترام وتقدير وكان يمتدح أعمالي  الاكاديمية . وعندما شرعنا في الاعداد لموسوعة الموصل الحضارية في مطلع التسعينات من القرن الماضي كلفته -بأعتباري محررا للتاريخ الحديث - بالكتابة عن الجيش في الموصل فكتب فصلا بعنوان : "التشكيلات العسكرية في الموصل " استغرق الصفحات 222-232 من المجلد الرابع من الموسوعة والتي طبعت في دار ابن الاثير للطباعة والنشر التابعة لجامعة الموصل سنة 1992 .
بعد نيله الدكتوراه انخرط في العمل الاكاديمي والخدمة الجامعية فتسلم مهام علمية منها رئاسة  قسم التأريخ العسكري في (معهد التاريخ العربي للدراسات العليا) التابع لإتحاد المؤرخين العرب في بغداد 1992 – 1998.وباحث تدريسي في (مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية -معهد دراسات الوطن العربي سابقا ) التابع للجامعة المستنصرية في بغداد 1998 – 2004.كان عضوا في  جمعية المترجمين العراقيين.وكان له اسهام فاعل في تأليف موسوعة "تاريخ القوات العراقية المسلحة " بعدة مجلدات وهي الموسوعة التي اصدرتها وزارة الدفاع .كان رحمه الله يتقن التركية والانكليزية والالمانية والفرنسية فضلا عن اللغة العربية .

للدكتور شكري محمود نديم في الكتابة اسلوب اخاذ فهو يمزج بين الروئ العسكرية والتاريخية والقانونية عند شروعه بتوثيق موضوع من الموضوعات المتعلقة بتاريخ العراق الحديث والمعاصر وسبب ذلك يرجع الى تعدد مراجعه الفكرية والثقافية ومعايشته لعدة ازمنة وحقب تاريخية فلقد عاش شطرا من حباته في ظل الاحتلال البريطاني وشطرا في العهد الملكي وشطرا اخر في العهد الجمهوري وقد وجدته قادرا على التكيف مع كل تلك الازمنة المتناقضة والمتباعدة وخاصة على صعيد التدوين التاريخي .
*الصورة المرفقة له عندما كان امرا للواء الثامن الذي أسسه عندما كان برتبة (زعيم ) عميد ركن وهو يسير وراء الملك فيصل الثاني 1953-1958 وهو يستعرض اللواء ..

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...