·
في حلقة نقاشية
مركز الدراسات الإقليمية
يبحث في موقف جامعة الدول العربية من الثورات العربية
متابعة –لجنة السيمنار
اعتاد مركز الدراسات
الإقليمية في جامعة الموصل في كل يوم أربعاء أن يناقش موضوعاً جديداً وبحثاً
علمياً يدخل ضمن اهتمامات المركز من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
والقانونية، وانطلاقا من هذا الدأب المتواصل فقد شهدت مكتبة مركز الدراسات
الإقليمية اليوم الاربعاء 22 شباط-فبراير 2012 ، حلقة نقاشية حضرها الكادر التدريسي للمركز فضلا عن الأساتذة
المتفرغين من بعض كليات جامعتنا العزيزة، وقد جاءت الحلقة النقاشية بعنوان موقف
الجامعة العربية من الثورات العربية، للسيدة خالدة إبراهيم خليل، الباحثة
والتدريسية في مركز الدراسات الإقليمية.
وأشارت الباحثة في
البداية: من المعروف أن جامعة الدول العربية تأسست عام 1945 كمؤسسة رسمية جامعة
للدول أو الأنظمة العربية، فكلما كانت تُوجه انتقادات لجامعة الدول العربية
ولأمينها العام حول عجزها وفشلها في حل القضايا العربية ولحالة العجز التي تعيشها
الجامعة وكونها مؤسسة تظم عدد من العاملين فيها تعمل على تأمين رواتب وامتيازات
أكثر من مساندة قضايا الأمة العربية، كان الرد جاهزاً بان الجامعة مؤسسة رسمية
تعبر عن سياسات الأنظمة وليس عن رغبات الجماهير، وأنها مقيدة بميثاق الجامعة وبما
تتوافق عليه الأنظمة وأنها لا تتدخل بالشؤون العربية الداخلية إلا بطلب من
الحكومات،حتى استسلم الجميع لهذا الواقع لدرجة توقفت كل محاولات ومطالبات تغيير
ميثاق الجامعة ليصبح أكثر تجاوبا مع مستجدات الأحداث وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات
ملزمة تتصدى للمشاكل المطروحة،ولذلك فشلت الجامعة في حل أية قضية خلافية عربية
داخلية أو بينية عربية أو عربية في مواجهة طرف خارجي.
وأضافت : بالرغم من أن الجامعة عودتنا خلال
مسيرتها على النأي بنفسها، وعدم اتخاذ موقف حيال الأوضاع الداخلية في أي بلد عضو فيها، وقد
حملت نشأة جامعة الدول العربية، في عام 1945، أسباب ومقومات عجزها واختلافها. فهي
قامت، من جهة أولى، على احترام وحماية سيادة الدولة ، ومن جهة ثانية وضعت من بين
أهم أهدافها تقوية العلاقات العربية والتعاون العربي، حسبما ورد في
المادة الثانية من ميثاقها التأسيسي.
ويبدو أن المتغيرات والتطورات التي حملتها رياح التغيير،
مع الانتفاضات والثورات العربية، قد طالت -أيضاً- عمل جامعة الدول
العربية، وليس فقط الأنظمة والحكومات.
فما الذي جرى مع الربيع
العربي بحيث أصبحت الجامعة بنفس ميثاقها وبنفس أنظمتها لها دور في الشأن الداخلي
لأكثر من دولة عربية كسوريا وليبيا وتصدر قرارات بدون إجماع دولها تصل لحد تمهيد
الطريق للنيتو للتدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول.
كيف كان الإجماع
مطلوبا قبل ذلك لصدور قرارات وبات اليوم غير مطلوب.. والأهم من ذلك كيف باتت
الجامعة تعبر عن إرادة الشعوب الثائرة وغالبية أنظمة الجامعة نفس الأنظمة السابقة
المسئولة عن الهوان العربي وعن كل مشاكل العالم العربي وليست أنظمة جاءت بها ثورات
شعبية .
فإلى أى مدى ستتأثر
الجامعة العربية برياح التغيير التى تهب على الدول العربية. وهل ستنجح الجامعة فى
تطوير أدائها لتكون معبِّرة عن آمال الشعوب العربية وتطلعاتها.! أم إن الجامعة
التى اعتادت أن تكون صوت القادة لا الشعوب هى التى ستطبع الثورات العربية بطابعها
«الجامد» و«البطىء» خاصة أن كثيرًا من الدول العربية مازالت تبدو بعيدة عن رياح
التغيير.!
ففى أقل من عام واحد أطاح
«ربيع الثورات العربية» بثلاثة أنظمة (تونس، ومصر، وليبيا) من أعتى الأنظمة
العربية.
وحيال هذا التحرك الشعبي
الذي أخذ لأول مرة في تاريخ العالم العربي بزمام مبادرة التغيير وإزاحة أنظمة
مستبدة احتكرت لعقود سُدة الحكم.. كان موقف الجامعة العربية مختلفًا من ثورة
لأخرى؛ وتراوح بين الموقف السلبي، وتأييد مطالب الجماهير، وتجميد عضوية إحدى الدول
كما حصل مع النظام الليبي قبل إسقاطه.. الأمر الذي اعتبر مراقبون أنه يدل على
انعدام الرؤية الإستراتيجية للجامعة، وعدم وجود معيار واحد لديها تتعامل به مع
الدول العربية خاصة إذا تعلق الأمر بعلاقة الأنظمة العربية والشعوب
وفى سياق موازٍ، أعلن الدكتور
نبيل العربي- الأمين العام للجامعة العربية- خلال الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية
العرب فى القاهرة أنه سيبدأ حوارًا مع شخصيات عربية مستقلة من أجل تطوير الجامعة
وطريقة أدائها، وجعلها تواكب التطورات الدولية وتحقق المشاركة الشعبية فى عملها.
لقد تميز موقف الجامعة
العربية تجاه الثورات في الوطن العربي , بانه موقف اتسم بالاختلاف من دولة عربية
الى اخرى .
حيادٌ تجاه تونس ومصر
تؤكد الباحثة: انه ومع
تسارع وتيرة الأحداث فى تونس بعد أن أحرق محمد البوعزيزى نفسه فى 17 ديسمبر 2010م،
أعلنت الجامعة العربية أن ما يحدث هناك شأن داخلى، وإن كانت أعربت عن أملها فى أن
تتجاوز تونس الأحداث بسلام.
ولم يخرج موقف الجامعة
العربية عن هذا الإطار إزاء الثورة المصرية، بل كان الموقف أكثر حرجًا لاسيما وأن
الأمين العام للجامعة وقتذاك (عمرو موسى) هو مصرى وثار جدل «هامس» حول إمكانية أن
يلعب دورًا فيما بعد نظام مبارك، خاصة أن موسى كان قد أكد فى الأيام الأخيرة من
فترة أمانته للجامعة أنه لن يقبل التجديد لفترة أخرى.
فموقف الجامعة من
الثورتين التونسية والمصرية هو أقرب إلى «الحياد السلبى» الذى يأخذ فى اعتباره
العلاقة مع الأنظمة أكثر من الشعوب، وإن كانت الجامعة تحاول أن تغلِّف هذا «الحياد
السلبى» بشىء من الدبلوماسية حين تزعم أن ما يجرى هنا أو هناك هو «شأن داخلى».
إيجابية مع ليبيا
الخطوة الإيجابية
البارزة- إن لم تكن الوحيدة!- التى اتخذتها الجامعة فى تعاطيها مع الثورات
العربية، تمثلت فى موقفها من الثورة الليبية التى اندلعت فى 17 فبراير، وبدأت
سلمية- شأن بقية الثورات- لكن نظام القذافى الطاغية واجه مطالب الجماهير السلمية
بالرصاص والمدافع الثقيلة والصواريخ.
ففي خطوة غير مسبوقة،
قررت الجامعة العربية تعليق عضوية ليبيا لحين توقف القتال بين القذافى والثوار، ثم
طلبت من مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين، وبالتالى أصدر مجلس
الأمن قراره بفرض منطقة حظر جوى فوق الأراضى الليبية، وقدم «الناتو» مساعدات
عسكرية للثوار أسهمت فى إسقاط القذافى.
مواقف ملتبسة من اليمن
أما موقف الجامعة العربية
من الأوضاع فى اليمن فقد كان موقفًا ملتبسًا؛ إذ فضّلت الجامعة أن تلقى بالملف
برمته منذ البداية فى يد دول مجلس التعاون الخليجى التى تقدمت بأكثر من مبادرة
لتوفيق الأوضاع بين الرئيس اليمنى على عبدالله صالح والمعارضة، وفى كل مرة كانت
توافق فيها المعارضة على المبادرة كان «صالح» يرفض التوقيع فى اللحظات الأخيرة!
ومع ذلك لم تحمِّل دول مجلس التعاون الخليجى النظام اليمنى المسئولية وكأن شيئا لم
يحدث، الأمر الذى فاقم الأوضاع لدرجة خطيرة تنذر بحرب أهلية لولا حكمة الثوار
الذين يعتصمون إلى الآن بسلمية الثورة بالرغم من تكرار اعتداء مؤيدى صالح عليهم
بين الحين والآخر، وآخرها الاعتداء الذى أسفر عن استشهاد 26 فى ساحة التغيير
بصنعاء فى يوم واحد فقط .
من خلال هذا العرض الموجز
لمواقف الجامعة العربية تجاه الثورات العربية، نلاحظ أن هذه المواقف انحازت- فى
أغلبها- إلى رؤية الأنظمة العربية وتفسيرها لما يحدث بداخلها من فوران شعبى
ومطالبات بالإصلاح.
وقد يكون موقف الجامعة العربية
هذا مُتسِقًا مع شكل ومضمون الجامعة العربية؛ إذ إنها كما يرى البعض أقرب إلى
«هيئة بيروقراطية» وتجمّع إدارى للأنظمة، ولا تقدر الجامعة أن تأخذ موقفًا سياسيّا
مستقلاً عن محصلة رأى الدول العربية، أو على الأقل: رأى الدول ذات الثقل فى الشأن
العربي.
فالجامعة هى «محصلة قوى»؛
فإذا كانت الدول العربية دولاً ديمقراطية وتتمتع بحرية داخلها، وباستقلال أمام
الضغوط الخارجية، فإن محصلة قرارها- الذى تعبر عنه الجامعة- سيأتى قويّا ومواكبًا
للتحديات الداخلية والخارجية على السواء. وان تطوير الجامعة العربية فى ظل
التركيبة القائمة الآن، لن يفضى إلى أمر ملموس يمكن الاعتماد عليه فى تطوير الأداء
العربى المشترك.
إن لتغيير الواقع العربي
وكل الأنظمة المسئولة عما نحن عليه من غياب للديمقراطية وتفقير للشعب، وضعف في
مواجهة القوى الخارجية التي باتت تلعب في ساحتنا العربية في إطار مشاريعها القومية
الخاصة فيما غاب المشروع القومي العربي، فإذا كانت الأنظمة وجامعتها العربية
مسئولة عن هذه الأوضاع ،فكيف يتحول المشارك في الفساد لمنقذ ومصلح..
وختمت الباحثة بالقول :إن
اندفاع جامعة الدول العربية نحو التدخل بقوة في الثورات العربية يتطلب مراعاة عدد
من الملاحظات أهمها:
اولا: على الشعوب
الثائرة عدم المراهنة كليا على جامعة الدول العربية في بنيتها الحالية ولا على
التدخل الخارجي من النيتو وحتى من تركيا.
ثانيا :هدف بعض أنظمة الجامعة
من التدخل ليس حماية الثورات والثوار بل حماية نفسها من الحالة الثورية بركوب موجة
ثورات خارج بلدانها.
ثالثا: كان يفترض حدوث
ثورة في وعلى جامعة الدول العربية في بداية الربيع العربي، ثورة لتغيير
الميثاق والمؤسسات والشخوص القيادية فيها،ذلك أن الجامعة جزء من النظام العربي
القديم ولا يجوز أن تقود الربيع العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق