الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي واسهاماتها في الكتابة التاريخية
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
من أوائل من اهتم بالتأريخ للثغور الإسلامية، وتوضيح دورها في حركة التاريخ العربي والإسلامي .ففضلا عن أنها كتبت عن مدينة طرسوس باعتبارها ثغرا إسلاميا متقدما على الحدود بين الدولة العربية والإسلامية والدولة البيزنطية ،فأنها قدمت أطروحتها للدكتوراه عن الحياة الفكرية للثغور والعواصم .وهي اليوم تدريسية وباحثة في مركز الدراسات الإقليمية ومحاضرة في كلية التربية للبنات بجامعة الموصل .
ولدت في 21 مايس 1969 في مدينة الموصل ووالدها هو المربي المعروف الأستاذ عبد الله عزيز الطائي.. وبعد أن أكملت الابتدائية في مدرسة الغزالي للبنات، والمتوسطة في متوسطة الجزائر، والإعدادية في إعدادية الطلائع.. دخلت" فرع الاجتماعيات واللغة العربية" في " معهد المعلمين المركزي في الموصل "، وتخرجت في السنة 1992 ، وعينت لفترة قصيرة معلمة في إحدى المدارس الابتدائية ، وبعدها اندفعت بأتجاه الحصول على البكالوريوس فدخلت قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة الموصل سنة 1995 . ولم تكتف بهذا بل واصلت دراستها وحصلت على الماجستير سنة 1998 ، وكان عنوان رسالتها :" مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي 172-354 هجرية -788-965 ميلادية " وبأشراف الأستاذ الدكتور طه خضر عبيد وقد قدمت الرسالة إلى مجلس كلية التربية بجامعة الموصل سنة 2002 ومنحت الشهادة بتقدير جيد جدا اعتبارا من 12اذار 2003 .
وفي كانون الثاني 2007 قدمت أطروحتها للدكتوراه إلى القسم ذاته وبأشراف الأستاذ نفسه وكانت بعنوان : " الحياة الفكرية في الثغور والعواصم حتى القرن الخامس للهجرة الحادي عشر للميلاد " .وقد منحت الشهادة في 7مايس 2007وكانت لجنة المناقشة تتألف من الأستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد، والأستاذ الدكتور محمود ياسين التكريتي ،والأستاذ الدكتور حسين علي الطحطوح، والأستاذ الدكتور طارق فتحي سلطان، والدكتور غانم عبد الله خلف فضلا عن المشرف على الأطروحة .
عينت باحثة وتدريسية في قسم الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بمركز الدراسات الإقليمية بموجب الأمر الجامعي المرقم 9-9-2331 في 18 شباط سنة 2008 وهي تحاضر في الوقت نفسه في كليتي الآثار والتربية للبنات –جامعة الموصل ولديها طلبة تشرف على بحوثهم للتخرج .كما أنها عضوة هيئة تحرير مجلة "دراسات إقليمية " التي يصدرها مركز الدراسات الإقليمية وهي مجلة علمية محكمة.
من كتبها المنشورة :
*مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي ،172-354 هجرية -788-965 ميلادية ،دار ابن الأثير للطباعة والنشر –جامعة الموصل ،2009 .
*الحياة الفكرية في الثغور والعواصم حتى القرن الخامس للهجرة –الحادي عشر للميلاد ،دار ابن الأثير للطباعة والنشر –جامعة الموصل ،2010 .
في كتابها مدينة طرسوس قالت أن طرسوس من الثغور الشامية التي كانت تمثل الخط الأول للدفاع عن بلاد الشام وقد تحدثت عن دورها البحري ودورها في الحياة العلمية والثقافية والتي شملت العلوم الدينية واللسانية ودراسة التاريخ المحلي للمدينة ، وأسباب تقدمها .. وبينت أهم مراحل سقوطها وأسبابه ونتائجه على مدن الثغور عموما .
وترى الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي أن تناول المدن بدراسات تاريخية توضح أسباب تسميتها ،وتاريخ إنشائها ،وحركة العلوم والفكر فيها خلال قرون من الزمن ، ستسهم،دون شك ، في تكوين دليل تاريخي لأهلها وللسياح الذين يزورونها ، فيتعرفون على مكانتها التاريخية وعلى حاضرها بشكل يساعدهم في تكوين فكرة شاملة وثرية عنها .
وقد كتب الدكتور زياد عبد الوهاب ألنعيمي عن كتابها طرسوس فقال مشيرا إلى مدينة طرسوس بأنها :"مدينة عتيقة تعبق بأريج التراث الإنساني الأصيل ، معالمها تحكي عن قصص علمها ،وسماؤها تحكي عن صمودها وبطولتها ،وترابها يتذكر كل انتصاراتها و كذلك الظلم الواقع عليها حتى سقوطها .وأضاف :التاريخ حين يبدأ بالكتابة عنها يقف طويلا ليتأمل عظمتها ،وروحها ،وإنسانها ، تلك هي طرسوس مسقط رأس بولس الرسول ، المعلم الذي درس اللاهوت واعتنق المسيحية وتم تعميده في نهر بردى على أيدي حنانيا،وراح يبشر بها في دمشق وانتقل يعلم حتى سنة 67 حين انتقل إلى روما فاعتقل واعدم هناك . كما إنها مدينة الزهاد والعباد ومدينة الثغور ،مدينة كان لها دور عسكري واقتصادي وسياسي مشرف بسبب موقعها وجهادها ودورها المتميز الذي حظيت به من خلال تاريخ اتسم بالمواقف البطولية لأهلها ، طرسوس هذه المدينة المضمخة بعبق الحضارة والتراث، لم يتناولها إلا قلة من الباحثين العرب وحتى في تناولهم لها لم يعطوا هذه المدينة ماتستحق ، لذلك نجد أن هذه المدينة تتعطش لمن يكتب عنها وعن بطولاتها ويؤرخ لمرحلة تاريخية مهمة عاشتها ، فأثرت في التاريخ الإسلامي وتأثرت بايجابيته وتطوره ،كان لابد من وجود نهج تاريخي أكاديمي تنطلق منه هذه المدينة لتبقى شاخصة في الإبصار ناظرة للوجوه حين يكتب عنها أستاذا أو باحثا عربيا ، عن تاريخها نقف عند انجازاتها،وتاريخها الطويل،وحين تبدع سطور الباحثين في الكتابة عنها نجد أن هذا المنجز التاريخي بدا واضحا أكثر فأكثر للاستعانة به والتا كيد على أهمية طرسوس .من هذه الأهمية وعند هذه النقطة بالتحديد كان الانجاز واضحا في تناول تاريخ هذه المدية الإسلامية لفترة تاريخية مهمة من حياتها، وهذا الانجاز العلمي والأكاديمي تحقق من خلال الكتاب الموسوم : "مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي" للباحثة الدكتورة سناء عبدالله عزيز الطائي التدريسية في مركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل التي كتبت فأبدعت ،ووثقت فأنجزت تاريخا مهما لمدينة أسلامية كان لها دورها في مجالات الفكر والعلم والجهاد .وقد الحقت المؤلفة بكتابها خارطة متخيلة لطرسوس أعدتها وفق ما توفر لها من مصادر .وهذا مما أضفى على الكتاب قيمة علمية .وقد أشاد الأستاذ الدكتور جزيل عبد الجبار الجومرد بهذا العمل وعده أصيلا ومتفردا وقال أن الباحثة تستحق الشهادة على هذه الخريطة وحدها .والكتاب غني بالمعلومات التاريخية ، وغزير بالإحداث التي وقعت في مدينة إسلامية كان لها الدور العلمي والحربي في إرساء الدعوة والدولة الإسلامية .
وقد كتب الأستاذ يسار محمد الدرزي عن كتابها الثاني الموسوم : "الحياة الفكرية في الثغور والعواصم " . وقال أن المؤرخين العرب أولوا الثغور والعواصم اهتماما بالغا ، فدرسوا أوضاعها السياسية والحربية والإدارية إلا أن الحياة الفكرية فيها لم تنل اهتماما كبيرا نتيجة للأوضاع التاريخية الصعبة التي مرت بها ، لذا كانت المعلومات عن جوامعها ومساجدها وطرائق التدريس فيها نادرة ومتناثرة في بطون المصادر .وقد شهدت الثغور والعواصم منذ مطلع القرن الثاني للهجرة –القرن الثامن للميلاد نشاطا فكريا واضحا في حقول العلوم المختلفة ، ونتيجة لقوة الدولة العربية والإسلامية آنذاك فقد عاشت الثغور فترات استقرار سياسي وإداري واقتصادي مما أدى إلى ازدهار الحياة الفكرية فيها ، فكثر عدد علمائها، وتعددت ألقابهم العلمية ، ولمعت أسماء الكثير منهم في سماء الفكر ، وتميزت نتاجاتهم بالتنوع والغزارة ، وفي الكتاب تم تناول الحياة الفكرية في الثغور والعواصم منذ نشأتها الأولى عام(84هـ/703م) حتى القرن الخامس للهجرة / الحادي عشر للميلاد . وقد اعتمدت المؤلفة في دراستها ..المنهج التاريخي القائم على البحث، والتقصي ،وربط الأحداث التاريخية، ومناقشتها ،وتحليلها ،واستنباط النتائج منها ، ومن الصعوبات التي واجهتها المؤلفة هي ندرة المراجع والبحوث الحديثة التي تناولت الحياة الفكرية في الثغور والعواصم ، باستثناء إشارات متناثرة هنا وهناك .وعدت المؤلفة كل عالم سكن الثغور والعواصم وتوفي فيها أو خرج منها مختارا أو مضطرا من علماء الثغور الذين تشملهم هذه الدراسة .ويصل الأستاذ الدرزي إلى نتيجة مفادها أن المؤلفة تستحق الإشادة والتقدير العاليين لأنها فتحت بعملها المتميز هذا للباحثين الجدد الباب لدراسات فكرية مستقبلية أخرى تتناول جوانب مهمة من حضارتنا العربية والإسلامية .
لها بحوث منشورة في مجلات "دراسات إقليمية " و"آداب الرافدين " ،و"مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية " ،ومجلة الدراسات الحضارية الصادرة عن مركز صلاح الدين الايوبي –جامعة تكريت .فضلا عن مقالات ودراسات منشورة في نشرات مركز الدراسات الإقليمية ومنها " نشرة أوراق إقليمية" التي تتولى سكرتارية تحريرها .ومن بحوثها :"قضية الحجاب في تركيا "وفيه تتحدث عن الحجاب في تركيا وتقول:إن من أبرز ما حرص عليه مصطفى كمال أتاتورك وهو يحث الخطى نحو جعل تركيا دولة علمانية , أبراز الجوانب المظهرية في الشخصية التركية من خلال إصدار سلسلة من الإجراءات والقوانين التي أكدت على قطع صلة بلاده بالشرق وبتقاليده , ومن بين ما أكد عليه هو ضرورة التزام المرأة التركية بنوع من اللباس الغربي الذي عكس إلى حد كبير ما شهدتهُ تركيا منذ مطلع القرن العشرين من تغيرات جوهرية في البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية , ومن هنا فقد شكلت قضية الحجاب الراهنة في تركيا إحدى المشاكل التي لا تزال تقض مضجع العلمانيين بل والمؤسسة العلمانية التركية برمتها .وبقدر ما يتعلق الأمر بالقوى والتيارات الإسلامية فأن قضية الحجاب تمثل لديهم حالة مهمة من حالات التمسك بالثوابت الإسلامية , لذا فأننا نلحظ باستمرار أن ثمة صراع ذو أبعاد مختلفة يدور في تركيا بين العلمانيين والإسلاميين حول قضية الحجاب، ولغرض فهم هذه القضية ووضعها في إطارها التاريخي لابد معرفة الكثير من جوانبها سواء من الناحية الشكلية أو الناحية الجوهرية .
وللدكتورة الطائي دراسة منشورة بعنوان : " مغزى نفي صفة الإرهاب عن حزب العمال الكردستاني التركي " أشارت فيه إلى عدة تحركات أوربية وغير أوربية تستهدف إعادة النظر في اتهام حزب العمال الكردستاني التركي بصفة الإرهاب وعده حركة تحررية وطنية بشرط أن يتواءم الحزب مع الواقع الدولي الجديد ،وان يقصر نشاطه على الأراضي التركية وان يغادر الأراضي العراقية ولايثير مشاكل لسكان المنطقة الآمنة ويدخل مع الحكومة التركية في حوار وتفاهمات سياسية تعود على الطرفين بالفائدة وهذا لايكون إلا إذا تحول إلى منظمة سياسية تتبنى النضال السلمي .
كما كتبت دراسة نشرت بعنوان : "موقف حزب العدالة والتنمية في تركيا من المسألة الكردية" قالت فيها أن حزب العدالة والتنمية التركي تأسس رسميا في الرابع عشر من شهر آب-أغسطس سنة 2001،وقد أعلن ذلك (رجب طيب اردوغان) رئيس بلدية استانبول الأسبق، والعضو في حزب الفضيلة المنحل.وقد أثبتت الانتخابات البرلمانية التركية للاعوام 2002 و2007 و2011،انه لا منافس قويا لحزب العدالة والتنمية .كما وان سياساته باتت تلقى قبولا من غالبية الشعب التركي ومنه بالطبع الأكراد أنفسهم ،خاصة بعد الإعلان عن توجهاته الاقتصادية الليبرالية المتماشية مع اقتصاد السوق، ودعمه لقطاع الخدمات، ووعوده بحل القضية الكردية. وقد جرت الانتخابات داخل الحزب لاختيار الأمين العام للحزب بعد الإعلان عن تأسيسه، ونجح اردوغان في أن يكون أول أمين عام للحزب.كما نجح في تولي رئاسة الوزراء، وأصبح زميله عبد الله غل رئيسا للجمهورية وفاز بولند ارنيتش برئاسة المجلس الوطني الكبير (البرلمان ) وبذلك أطبق الحزب على الرئاسات الثلاث في تركيا .وقد وقفت في هذا البحث عند سياسته تجاه إحدى المسائل المزمنة التي تشغل الأتراك في السنوات ال70 الماضية وهي المسألة الكردية، وبينت أولا الأسس الرئيسة لتوجهات حزب العدالة والتنمية .ثم تناولت موقف حزب العدالة والتنمية من القضية الكردية .وقالت أن الحزب يركز على عدة نقاط هي على التوالي:
1. أن الحزب سيبذل جهوداً مكثفة لتلبية احتياجات الناس الثلاثة التي تتلخص بالعدالة والحرية وضمان لقمة العيش.
2. العمل على مجابهة المفهوم الخاطئ بان العلمانية ضد الدين.
3. تأكيد أهمية الحريات والحقوق الأساسية في عملية إنهاض تركيا وحل مشكلاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وقد عد اردوغان، تأسيس حزب العدالة والتنمية نقطة تحول في تاريخ تركيا، وأكد أن الشفافية والديمقراطية ستسودان الحزب، منتقداً هيمنة القلة في الأحزاب التركية الأخرى ورفض أن يصنف حزبه ب(الإسلامي) وقال انه حزب محافظ، وأوضح أحد قادة الحزب وهو يشار ياكيش، وقد عمل سفيرا لبلاده في القاهرة والرياض ،بان الحزب الجديد سيلبي تطلعات الشعب التركي الذي يبحث عن حلول جديدة. ومما قالته في الدراسة ان الذي يهمنا من هذا كله، موقف حزب العدالة والتنمية من المسألة الكردية،فكما هو معروف ، ينتشر الأكراد في جميع المدن والمحافظات التركية وخاصة في شرق الأناضول وجنوبي شرق تركيا، ولا يقل عددهم عن ثمانية أو تسعة ملايين نسمة وهم يشكلون مابين 10% _11% من مجموع السكان الذي يقترب من (80) مليوناً. وفي هذا المجال لابد من الإشارة إلى برنامج الحكومة الذي قدمه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان يوم 18 آذار-مارس 2003 واستحضر فيه جهود مصطفى كمال أتاتورك في بناء الدولة التركية الحديثة ومن ذلك أن البرنامج تضمن عدة توجهات في مجال الإصلاح السياسي الداخلي المتمثل بـ(سياسة الاقتصاد والمشاريع القائمة على عدم التفريق بين أبناء الشعب ) .كما أكد على ضرورة تحديث الحياة السياسة من خلال تعزيز قيم الديمقراطية ودولة القانون. وفي إطار ذلك وضعت حكومة حزب العدالة والتنمية أهدافا عديدة في إدارة دفة الحكم كان من أبرزها تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ويقينا أن الحزب وضع المسألة الكردية ، نصب عينيه، وهو يسطر الخطوط العريضة لسياسته الداخلية. كما اخذ بنظر الاعتبار ما سمي بـ(الرزمة السادسة) المتعلقة بـ(معايير كوبنهاكن) وتهدف هذه المعايير إلى التوفيق بين بنية تركيا السياسية وبنية دول الاتحاد الأوربي وذلك بتاريخ 26 حزيران 2003 والتي نصت على ضرورة "تحسين مستوى حياة الأكراد وتوسيع سقف الحريات لهم ، والسماح لهم بتعلم لغتهم وفتح بعض المدارس الكردية، وتخصيص نصف ساعة للبرامج الكردية في التلفزيون التركي TRT ..." . ومن أجل وضع هذا موضع التنمية اختار الرئيس التركي الجديد عبد الله غل أربعة مدن كردية كمحطات في أول جولة داخلية يقوم بها منذ انتخابه رئيسا للبلاد في الثامن والعشرين من آب/ أغسطس 2007خلفا للرئيس الأسبق أحمد نجدت سيزر.
يقول الأستاذ طارق حمو في دراسة له بعنوان :" حزب العدالة والتنمية يريد حل المسألة الكردية"، أن سياسة حزب العدالة والتنمية في مناطق كردستان الشمالية تبتعد عن الخوض في الجانب السياسي، وإنما تركز على مسائل التنمية الاقتصادية وتحسين الخدمات ومنح القروض للناس. وقد نجح الحزب في هذا المجال كثيراً، وليس من شك في أن حزب العدالة والتنمية، وبعد سيطرته على المناصب الرئاسية الثلاثة الكبرى في تركيا وهي الدولة والحكومة والبرلمان، بات يركز على قضايا أخرى منها قضية عضوية تركيا في الاتحاد الأوربي،وترسيخ الدور الإقليمي لها والتطلع باتجاه الأسواق العربية والانغمار في قضية الصراع العربي_ الإسرائيلي من خلال الوساطة بين سوريا وإسرائيل وإيجاد موطئ قدم (سياسية واقتصادية) في العراق والخليج العربي.
كما قدمت الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي ورقة بحثية بعنوان:" الصراع بين فتح وحماس وتأثير ذلك على مستقبل السلطة الفلسطينية"، في حلقة نقاشية خاصة نظمها مركز الدراسات الإقليمية قالت فيها أن شرعية منظمة التحرير الفلسطينية اهتزت بعد مواجهتها لمشكلات داخلية وخارجية أبرزها تدخلات ممثلي النظام السياسي العربي وبروز قوى فلسطينية ذات طابع إسلامي ومنها حماس وتركز السلطة في السلطة الفلسطينية ودخول منظمة التحرير مسار التسوية وتوقيعها اتفاقات اوسلو سنة 1993 والتي أدت إلى حدوث انقسام حاد في الشارع الفلسطيني.
وكتبت عن" الأديرة في الموصل "وقدمت البحث إلى ندوة موروفولوجية مدينة الموصل التي عقدها مركز دراسات الموصل بجامعة الموصل قبل سنوات .ومما قالته في المقدمة أن الديانة المسيحية انتشرت في الموصل قبل الإسلام ، شأنها في ذلك شأن مناطق أخرى من العراق، ونتيجة لانتشارها ،كان لابد أن يكون لأتباع هذه الديانة كنائس وأديرة .وقد عاش في الاديرة الرهبان الذين جنحوا إلى العزلة وانقطعوا للنسك والعبادة . ومن الطريف القول بأن معظم الاديرة انشئت في أجمل المواقع وأحسنها هواءً وأجملها منظرا فكانت البساتين تحيط بها من جميع جهاتها، لذلك قصدها الشعراء والأدباء الذين كانوا يخرجون إليها وينظمون فيها قصائدهم ، وبذلك جمعت الأديرة بين ميزتين وأدت مهمتين الأولى دينية والثانية ثقافية .ووصلت إلى نتيجة مهمة وهي أن الموصل كمدينة وكمركز حضاري كانت من ابرز المدن العربية والإسلامية التي احتضنت عددا من الأديرة .ولاتزال هذه الأديرة تشكل معلما مهما من معالم الحضارة والانسجام بين المكونات الدينية والاجتماعية وكثيرا ما شارك الأهالي في الموصل بعضهم البعض في الاحتفالات التي تقام بهذه الاديرة لذلك فيه بحق عريقة في أنشاء الأديرة بل هي موطن الأديرة ومن هذه الأديرة الدير الأعلى ويسمى الدير الأعلى أو دير مار كوربيل ويقع هذا الدير شمال شرق الموصل وتحديداً على ضفة نهر دجلة اليمنى وداخل أسوار منطقة قلعة باشطابيا الحالية . ونقلت عن الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف قوله أن المؤرخ ورجل الدين المسيحي سليمان الصائغ قد تحدث في كتابه : ( تاريخ الموصل)وتحديداً في الجزء الثالث والذي كرسه للحديث من معالم مدينة الموصل، كثيرا عن قلعة باشطابيا وذكر أن الكلمة تتألف من مقطعين، ( باش أي الرئيسة وطابية أي القلعة)، وتقع باشطابيا شمال شرق المدينة، وموقعها داخل الموصل، وقد أشار صايغ الى أن بعض المصادر ذكرت أن القلعة كانت خارج الأسوار وهذا غير صحيح فباش طابية تقع داخل الأسوار المندثرة وملاصقا لها بذيل برجها الأعلى باشطابيا، ونقل الصائغ عن المؤرخين والبلدانيين العرب والرحالة الأجانب انطباعاتهم عن القلعة. ومن الجدير بالذكر أن لاوجود حاليا لهذا الدير، لأنه بمرور الزمن والأحداث الأليمة التي مرت عليه أصبح في ذمة التاريخ.وهناك دير مار بهنام: ويسمى دير الجب أيضا ويبعد حوالي 35 كم جنوبي شرق الموصل، وهو من الأديرة الكبيرة للسريان ،ودير سعيد : وهو من الديارات القديمة ويقع في جنوب الموصل وتحديدا جنوب معسكر الغزلاني ألان في واد جميل وقد أسس الدير في القرن الأول للهجرة، السابع للميلاد، على يد إيليا الحيري العبادي العربي، وجدد بناءه سعيد بن عبد الملك ويعرف اليوم بدير مار ايليا والدير الخربان، لأنه مهجور، ويسمى وادي الدير ويوجد حوله قلالي كثيرة، حسنة العمارة، وفي كل قلاية جنينات للرهبان ،وفيه عدد كبير من الزخارف والنقوش. وفي عام 1743م قام الفرس. بتدميره، فوقع فيه الخراب والدمار وبقي مهملا ولحد الآن ودير مار كور كيس ويقع على بعد 9 كم الى الشمال من مركز مدينة الموصل و 800 م عن يمين الطريق المؤدي من الموصل الى دهوك، كان في الأصل كنيسة باعويرة التي هجرها أهلها النصارى. ولقد ورد أول ذكر للدير سنة 1691،في مخطوطة محفوظة في دير السيدة لراهبات الكلدان. يدعى هذا الدير باسم دير مار كور كيس، وتجمع المصادر جميعها على هذه التسمية ، ويذكر أن شفيع الدير هو القديس ماركوركيس أو جرجس.اما دير ميخائيل فيقع على ضفة دجلة الغربية، يرجع تاريخ الدير إلى القرن الرابع الميلادي، وعرف بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسه مار ميخائيل الملقب بـ ( رفيق الملائكة ) وذلك بسبب تعلقه الشديد بالملائكة اشتهر هذا الدير لقرون عديدة، واحتوى على مدرسة حتى أنها ضاهت بأساتذتها وصيتها مدرستي نصيبين والرها . أما دير الربان هرمز فهو دير عامر يقع في شمال الموصل على بعد 33 ميلا وقريبا من القوش وموضعه في أعالي جبل بيت عذرى المعروف بجبل القوش وتعود ملكية هذا الدير للكلدان حيث أنشأه الربان هرمز الفارسي النسطوري في الربع الثاني من القرن السابع للميلاد. يحتوي الدير على بعض الغرف المنقورة بالصخر، وفيه كنيسة أثرية رممت وهناك دير مار متي ويعرف أيضا بدير الشيخ متي أو دير الألوف وذلك لان الرهبان الذين كانوا فيه بلغ عددهم سبعة آلاف راهب، ويقع الدير شرق الموصل ويبعد عنه بمسافة 35 كم، وتحديدا، عند سفح جبل مقلوب، وهو من أكثر الأديرة المسيحية شهرة ومكانة وصيتا عند الارثودكس، ويرتاده الناس جميعا من المسلمين والمسيحيين للنزهة والترويج، كما يحتوي الدير على مدرسة ومكتبة تحتوي كتبا ثمينة .
وختمت الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي بحثها بالقول أن الموصل ضمت عددا كبيرا من الأديرة، والتي تقع في مناطق متفرقة منها، معظمها تمتاز بجمالية عالية في النقوش والزخارف، والمتتبع لهذه الأديرة يجد أنها تعود إلى جميع الطوائف المسيحية ،ولكن ذلك لم يمنع المسلمين في الموصل من أن يشاركوا إخوانهم زيارة تلك الأديرة والاحتفال بأعيادها .وقد كان لهذه الأديرة دور كبير في اغناء حركة البحث والتأليف في موضوعات دينية وأدبية وعلمية وفلسفية وغيرها. وقد دعت في ختام دراستها إلى الاهتمام بالأديرة وتوثيق تاريخها، وصيانتها، والسعي باتجاه ربطها بطرق ومواصلات مناسبة، وتسهيل زيارتها من قبل الناس. ودعت الباحثين وطلبة الدراسات العليا لاختيار موضوعاتهم عن الأديرة. سواء من النواحي التاريخية أو الاثارية أو المعمارية أو الدينية أو الاجتماعية.
وكتبت الدكتورة الطائي عن علاقة حزب العدالة والتنمية بالمؤسسة العسكرية التركية وقالت أن حزب العدالة والتنمية - Justice And Development Party ) -AKP تعني بالتركية اختصارا الحزب الأبيض الخالي من الفساد تشكل في بادئ الأمر من قبل النواب المنشقين من حزب الفضيلة الإسلامي الذي تم حله بقرار صدر من المحكمة الدستورية التركية في 22 حزيران-يونيو 2001، وكانوا يمثلون –حينها - جناح المجددين في حزب الفضيلة. وتم انتخاب رجب طيب أردوغان Ardoganعمدة اسطنبول السابق، وأحد القادة البارزين في الحركة السياسية الإسلامية في تركيا أول زعيم للحزب، والحزب هو الثالث والتسعون بعد المائة ضمن الأحزاب السياسية التي دخلت الحياة السياسية التركية.
وقد تمكن حزب العدالة والتنمية من الفوز في انتخابات عام 2002 بأغلبية كبيرة وشكل الحكومة التي لم تقدم نفسها على أنها حكومة أسلامية، وان كان ابرز قيادات الحزب هم من الإسلاميين الذين عملوا بمعية نجم الدين اربكان- رئيس حزب الفضيلة سابقا- وسعوا إلى تقديم صورة جديدة للحزب على انه حزب إسلامي معتدل . ، وحرص أردوغان وحزبه على تقديم العلمانية على أنها غير معادية للإسلام ،خاصة وان ثمة احتياجات مهمة للشعب التركي تتمثل بالحرية والعدالة ولقمة العيش لابد من تحقيقها ، ويبدو أن هذا هو سر تقبل الإسلاميين والعلمانيين معا لحكومة حزب العدالة والتنمية، على الرغم من أن أردوغان وحزبه لايخفيان أن لديهما برنامجا إسلاميا للتعديل الجذري لقيم وتوجهات المجتمع التركي، فهم يعلنون- باستمرار- أن العلمانية المعتدلة لأتحارب الدين .كما أن أردوغان يؤكد بأنه يتمسك بعقلانية الاتجاه الإسلامي المعتدل الذي يتبنى الديمقراطية والليبرالية الاقتصادية، وقد صرح ،ومنذ اليوم الأول من فوز حزبه،" سنواصل العمل بتصميم، لتحقيق هدفنا بالانضمام للاتحاد الأوربي".
وعلى صعيد السياسة الداخلية لحزب العدالة والتنمية ، واجه الحزب تياران احدهما مؤيد والأخر معارض له، الأول وهو الأكبر ويتزعمه سياسيون دينيون ومن يمين الوسط والليبراليين. والتيار الأخر يتألف من العلمانيين الأقوياء والنخبة البيروقراطية العسكرية والمدنية وأحزاب مختلفة من القوميين ، وبالنسبة للتيار المؤيد فهو يؤيد حزب العدالة والتنمية تأييدا تاما، حيث يرى أنه قادر على مواجهة المؤسسة العسكرية، والوصول بتركيا إلى الانضمام لعضوية الاتحاد الأوربي ، وبناء الخطوط العريضة نحو تنمية البلاد.
ومما قالته ان حزب العدالة والتنمية لايزال يتمتع بشعبية كبيرة داخل البلاد، وأصبح هو الحزب المهيمن على تركيا، وقد نجح في تحقيق نمو اقتصادي سريع لتركيا، منذ فوزه من عام 2002، وهذا ماساعده أيضا في الحصول على دعم سياسي شعبي كبير وتحقيقه لانتصارات مذهلة اكثر من مرة وإعادة انتخابه في تموز 2007 وحزيران 2011 .
هذا فيما يخص حزب العدالة والتنمية، أما فيما يخص المؤسسة العسكرية التركية ، فلقد أكدت الدكتورة الطائي إلى انه كان لها دور بارز على الدوام في جميع الدول التي شكلها الأتراك في التاريخ، كالدولة السلجوقية، والدولة العثمانية، حيث كان لها فضل كبير في جميع الفتوحات التي تمت وجعلت من الدولة العثمانية إمبراطورية كبيرة تمتد فوق ثلاث قارات، ولكنها ما أن دخلت المعترك السياسي، وأهملت وظيفتها الأساسية ( وهي الجهاد في ساحات الحرب)، وبدأت تشترك في مؤامرات القصر وفي تغيير الصدور العظام والسلاطين، حتى تحولت إلى مشكلة كبيرة، والى داء عضال، وكانت من الأسباب المهمة في تأخر الدولة العثمانية وضعفها وبالتالي سقوطها في أعقاب الحرب العالمية الأولى .وبعد تأسيس الدولة التركية الحديثة سنة 1923 ، عادت المؤسسة العسكرية للتدخل في الحياة السياسية ، عندما قامت المؤسسات العسكرية بانقلاب عسكري ضد حكومة عدنان مندريس، وسجل التاريخ المعاصر لتركيا ثلاث انقلابات عسكرية في 1960، وفي 1972، وفي 1980، وحركة انقلابية عام 1997 عندما تدخلت المؤسسة وأسقطت حكومة السيد نجم الدين اربكان .
لقد تمتعت المؤسسة العسكرية في تركيا بوضع خاص.ففي جميع الدول تكون رئاسة الأركان العامة مرتبطة بوزارة الدفاع، وتتم جميع التعيينات والترقيات والإحالة على التقاعد، أو الفصل من الجيش من قبل هذه الوزارة، غير أن المؤسسة العسكرية التركية لاترتبط بوزارة الدفاع، بل برئيس الوزراء من الناحية الشكلية والنظرية فقط ، وألا فهي مؤسسة مستقلة قائمة بذاتها ، وتقوم باتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالجيش ( من تعيين أو ترقية أو طرد أو شراء أسلحة...الخ) دون أن يكون لوزير الدفاع أو لرئيس الوزراء أي علاقة أو تأثير على هذه القرارات .مع أن جميع الأحزاب السياسية في تركيا تشكو منه ، وتعده دستورا غير ديمقراطي، أن حزب العدالة والتنمية الذي يقوده رجب طيب أردوغان ، يتبع إستراتيجية ذكية للغاية لمعادلة دور الجيش التركي منذ وصوله للحكم، أو على الأقل تحييد تهديداته بالانقلاب،والتي مثلت خطرا دائما على التجربة الديمقراطية بتركيا وتنامي الدور السياسي للإسلاميين .. هذه المعادلة تقوم على استخدام ورقة الاتحاد الأوربي والمعايير المطلوبة تشترط للانضمام لعضويته سندا يؤمن لحزب العدالة أحداث التغييرات التدريجية في هيكل المجتمع التركي دون أن يتصدى لها الجيش كالمعتاد.
وتطرقت الدكتورة الطائي الى ان كلا من حزب العدالة والتنمية والجيش التركي أصدرا عددا من القرارات، اتخذها كل فريق من الفريقين في مواجهة الأخر ،فالإسلاميون بدأوا استفزاز الجيش والتمهيد لذلك ، فقد وجه نائب رئيس حزب العدالة( دينجير فرات) ،نقدا للمخصصات الضخمة للأمن والدفاع في ميزانية الدولة والتي تبلغ نحو 40% من حجم الأنفاق مقارنة08% من الميزانية لوزارة العدل، وقوله في حضور جنرالات الجيش:" من أي طرف تحمون أنفسكم ؟ ! وقد تركزت محاور الخلاف بين الجانبين في قضايا الحجاب واسلمة كوادر الدولة وتطويع مجلس الامن الوطني .ووصلت الدكتورة الطائي إلى جملة من الاستنتاجات أبرزها :
1. أن خيار الحكومة الوحيد لمنع نزول الجيش إلى الشارع وإسقاطها هو العمل على أجراء تغييرات وبشكل تدريجي والإصغاء لتقييمات الجيش وهذا هو ماقامت بفعله حكومة العدالة والتنمية، حيث اتبعت إستراتيجية ذكية للغاية لمعادلة دور الجيش التركي، واستخدام ورقة الاتحاد الأوربي والمعايير المطلوبة شرطا للانضمام لعضوية الاتحاد الأوربي كورقة رابحة وسندا يؤمن لحزب العدالة أحداث تغيرات جذرية في هيكل المجتمع التركي من دون أن يتصدى لها الجيش كالمعتاد.
2. أن الانقلاب تم على أيدي ضباط في الجيش التركي، والذين قاموا بدورهم في الكشف عن زملائهم المتورطين معهم، وهذه مسألة مهمة جدا للتعبير عن حرية الرأي في المجتمع التركي في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية.
3. هناك وجهات نظر تقول أن المؤسسة العسكرية التركية أصبحت أكثر واقعية في تعاملها مع حكومة العدالة والتنمية ، لذلك سمح بإجراء تحقيق في محاولة الاغتيال لنائب رئيس الوزراء، كما أن المؤسسة العسكرية رأت أن الصراع قد يؤثر على شعبيتها لدى قطاعات المجتمع التركي .
4. من خلال متابعة تاريخ حزب العدالة والتنمية، نلاحظ أن هناك حملة علمانية شديدة في تركيا ضده كونه صاحب جذور أسلامية وعلى الرغم من ذلك ألا انه حقق انجازات مثل فك الحظر عن الحجاب الذي أثار زلزالا وفي وسط العلمانية ، ورفع الإقامة الجبرية ، وفك الخطر عن حزب الرفاه وعزمه على إلغاء حظر الأحزاب في تركي.
وللدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي دراسة حول "موقف تركيا من البرنامج النووي الايراني " جاء فيها انه ليس من شك في أن البرنامج النووي الإيراني المتنامي ، لا يزال يثير الكثير من الإشكالات ليس على الصعيد الدولي وحسب وإنما على الصعيد الإقليمي كذلك . وكما هو معروف فأن الاهتمام بهذا البرنامج قد بدأ ،بعد إعلان الحكومة الإيرانية منذ أوائل أيلول 2000 نجاح كوادرها الفنية في إطلاق نوع جديد من الصواريخ ، وهي صواريخ شهاب 3 التي يصل مداها الى 1500كم . ومع أن وزير الدفاع آنذاك السيد علي شمخاني قال ان الصاروخ مصمم لإطلاق الأقمار الاصطناعية ، لكن خبراء عسكريون معرفون قالوا بان الصاروخ يمكن استخدامه لأغراض عسكرية وان بمقدوره حمل رؤوس نووية .
حاولت الدكتورة الطائي في هذا البحث الوقوف أولا عند أبعاد البرنامج النووي الإيراني ثم بينت موقف تركيا منه .ففيما يتعلق بالنقطة الأولى قالت أن معظم المصادر المتداولة أشارت إلى ان الحكومة الإيرانية فكرت في ان تبدأ برنامجاً نووياً منذ أواسط السبعينات في القرن الماضي ، فلقد وقعت إيران على اتفاقية للتعاون النووي مع فرنسا وبموجب هذا الاتفاق تعهدت فرنسا بالبدء بعمليات تركيز اليورانيوم . ولم تتوقف المجهودات الإيرانية عند هذا الحد بل اتسعت لتشمل التوقيع على اتفاقية تعاون نووية اخرى مع شركة سيمنز الألمانية تعهدت بموجبها هذه الشركة بإنشاء مفاعلين نووين بمدينة بوشهر جنوب إيران .. ويبدو أن ظروف قيام الثورة الإسلامية وإسقاط نظام الشاه سنة 1979 حالت دون استكمال هذا المشروع ، اذ توقف البرنامج او كاد ولكن الحكومة الإيرانية استطاعت منذ بين سنتي 1992 و 1995 مفاتحة الصين وروسيا في البدء بتطوير القدرات النووية الإيرانية ، وهكذا فان إيران أصبحت منذ ذلك الوقت تمتلك عدة محطات نووية أبرزها محطة بوشهر النووية ومركز التكنولوجيا النووية في اصفهان ومركز طهران للدراسات النووية وإدارة البحوث النووية بمدينة يزد . وتبرر الحكومة الإيرانية أسباب إقدامها على تطوير برنامجها النووي برغبتها في تعزيز مكانتها الإقليمية والحفاظ على أمنها القومي خاصة بعد تفاقم أخبار إقدام العراق على بناء قدرات نووية فضلا عن ان إسرائيل تمتلك ترسانة نووية ضخمة.
لقد واجه المشروع النووي الإيراني الكثير من العقبات لعل من أبرزها الموقف الأمريكي مع أن إيران ، وقعت على معاهدة انتشار الأسلحة النووية ( NPT ) منذ سنة 1968 كما أن معظم تقارير الوكالة الدولية النووية للطاقة الذرية تؤكد التزام إيران بالمعاهدة وكما هو معروف فان الولايات المتحدة حتى كتابة هذه السطور لا تزال تسعى من اجل الحيلولة دون وصول البرنامج النووي الإيراني إلى أهدافه الحثيثة وتقوم الإدارة الأمريكية بين وقت وأخر بمساع دبلوماسية لإقناع أعضاء مجلس الأمن بالوقوف ضد استكمال إيران لمشروعها النووي وخاصة في مجال تخصيب اليورانيوم والوصول إلى تكنولوجيا تصنيع القنابل النووية . وتتحدث الأوساط الأمريكية ، وخاصة وكالة المخابرات المركزية الأميركية منذ أواسط سنة 2002 عن أن إيران تمتلك منشأتين نوويتين الأولى لتخصيب اليوارنيوم في مدينة نطنز والثانية مصنع لإنتاج المياه الثقيلة بالقرب من مدينة أراك وكلا المنشاتين يقعان وسط إيران .. ويؤكد الأمريكان أن إيران تستطيع إكمال دورة الوقود النووية وبالتالي فهي قادرة على صنع أسلحة نووية.
وقد وقفت الدكتورة الطائي عند ردود الفعل على البرنامج النووي الايراني وقالت بأنه يثير ردود فعل ومواقف عربية وإقليمية ودولية متباينة ، والذي يهمنا هنا هو معرفة الموقف التركي من هذا البرنامج ، ومما يؤسف له أننا لا نمتلك الكثير من المعلومات عن هذا الموقف ، خاصة وان تركيا ،ومنذ حدوث التغييرات في الاتحاد السوفيتي السابق ومنظومة الدول الاشتراكية، بدأت تسعى من اجل إقامة مفاعل نووي في خليج اكويو جنوب تركيا ، وهو من ضمن عشرة مفاعلات نووية تنوي بناءها بحلول سنة 2020 .. وقد أشارت جريدة الحياة التي تصدر في لندن بعددها الصادر في 11 من أيار سنة 1998 إلى أن منظمة السلام الأخضر تتحرك منذ ثماني سنوات لمنع تركيا من إقامة ذلك المفاعل وقد نشرت المنظمة تقريراً تضمن احتمالات الخطر من بناء هذا المفاعل على الدول المحيطة بتركيا .. وقد نشرت جريدة تركش ديلي نيوز (6) ( Turkish Daily News ) مقالا قالت فيه كاتبته فيولا اوزيركان Fulya Ozerkan ان وزير البنية التحتية الإسرائيلية بن اليعاز حذر من أن اتفاقاً بشأن الطاقة بين تركيا وإيران سيعمل على تشجيع إيران في الإقدام على تطوير برنامجها النووي .. وقد انتقد الوزير الإسرائيلي - وبشدة - اتفاقاً للتعاون التركي - الإيراني حول الغاز الطبيعي قائلاً : (( إن إحراز التقدم في مثل هذه المشاريع يعمل على تشجيع طهران المتهمة من قبل الغرب بالسعي لامتلاك السلاح النووي !! )) . وأضاف الوزير الإسرائيلي يقول : (( ان ايران باتت تشكل خطراً على الاستقرار في الشرق الأوسط بل هي خطر على العالم كله ، هذا فضلا عن كونها تشكل تهديداً للاستقرار في العالم الاسلامي )) .
كما أن الولايات المتحدة انتقدت الخطوة التركية اتجاه التوقيع على اتفاق التعاون التركي _ الإيراني الذي جرى في السنة ( 2007 ) .وقالت إن الخطوة التركية جاءت في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى فرض عقوبات اشد ضد إيران بسبب برنامجها النووي .. وقد ردت الحكومة التركية على ذلك قائلة أنها تهدف من خلال علاقاتها الودية مع دول المنظمة والمجتمع الدولي إلى إشاعة أسلوب دبلوماسي مكثف سوف يساعد ، بدون شك ، على نزع فتيل التوتر النووي .. وقال احد المسؤولين الأتراك المعنيين بالبرنامج النووي الإيراني : (( أننا على استعداد لدفع الثمن مقابل السلام )) وقد علق الوزير الإسرائيلي بن اليعازر على ذلك بقوله أن تركيا ، كما يبدو ، تريد أن تنهمك في الدفع بجهود ترمي إلى تخفيف الضجة المتنامية بخصوص نشاطات طهران النووية .
ومما توصلت إليه المؤرخة الدكتورة الطائي أن إيران مصرة على إكمال برنامجها النووي بالرغم من اعتراضات الولايات المتحدة الأمريكية ، وترى في ذلك وسيلة من وسائل تأكيد مكانتها الإقليمية، وفي اطر سيادتها القومية .. وفيما يتعلق بتركيا، فمع أنها تدعو إلى إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط إلا أنها تسعى من اجل إبعاد البرنامج النووي الإيراني عن طبيعته العسكرية وتحاول تشجيع إيران على الاستفادة من هذا البرنامج لإغراض سلمية لان البرنامج النووي الايراني اذا ما كان ذا طبيعة سلمية فعلى الأرجح ، كما يقول الدكتور رياض الراوي . ان لايكون له تأثير على هذه المنطقة ، بل على العكس من ذلك ، فربما يشكل في هذه الحالة ، لاسيما إذا كان الهدف من هذا البرنامج هو حقاً لتوليد الطاقة الكهربائية ، على وفق وجهة النظر الإيرانية ، عاملا يفضي ، ربما ، إلى بناء نوع من علاقات التعاون بين دول المنطقة عندما يصدر الفائض في هذه الطاقة إلى الدول المجاورة ، التي تعاني نقصاً منها ، أو عن طريق الاشتراك بمنظومة ربط للطاقة الكهربائية مع دول من منطقة الشرق الأوسط . هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، فان عدم وضوح الصورة الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني، وعدم اكتماله في جوانبه الفنية ، فضلا عن استمرار الشكوك حول أهدافه يجعل من أي آثار يمكن أن يخلفها امراً مستقبلياً غير محدد الملامح ، مما يبقي الاحتمالات مفتوحة على نهايتها ، بالرغم من ان هذه الاحتمالات ستكون مرتبطة بالمتغيرات الإيرانية الداخلية والمتغيرات التي يمكن أن تحصل في بيئة إيران الخارجية ، إقليميا ودولياً .وقد أشارت الدكتورة الطائي إلى أن إسرائيل، التي ترتبط مع تركيا في تحالف استراتيجي، لا تزال ترى ان تركيا يمكن ان تعلب دورا كابحاً للتهديدات الإيرانية ،
وقدمت الدكتورة الطائي دراسة إلى المؤتمر الذي نظمته كلية الدراسات التاريخية بجامعة البصرة حول "البصرة في عصورها التاريخية المختلفة ". وكان عنوان دراسة الدكتورة الطائي "البصرة من خلال كتب الرحالة في القرنين الثالث والرابع الهجريين –التاسع والعاشر الميلاديين "قالت فيه أن الاهتمام بالبصرة ينبع ،من أنها المدينة الأولى التي مصرت خارج الجزيرة العربية عام 14 للهجرة -635 للميلاد . كما أنها كانت في عصور الازدهار من أعظم المدن العربية والإسلامية من حيث الاستقرار الحضاري والعطاء الفكري .لذا أولى المؤرخون، البصرة اهتمامهم، ووضعوا الدراسات التي تتناول أحوالها العامة في إطار شامل .فضلا عن ظهور دراسات أخرى تدور حول جوانب محددة من تاريخها وضمن حقب عديدة ولقلة الدراسات التي بحثت في ماكتبه الرحالة والبلدانيين عن البصرة الينا على أنفسنا أن نتعرض بالدراسة لما كتبه عدد من الرحالة وخلال الفترة التي اشرنا اليها .
وقد أولت في هذه الدراسة أن تقدم نبذة سريعة عن الرحالة والبلدانيين الذين كتبوا عن مدينة البصرة من خلال إشارتنا إلى مؤلفاتهم التي ترجع في تاريخها إلى القرنين الثالث والرابع الهجريين –التاسع والعاشر الميلاديين وحسب التسلسل التاريخي المعروف لتلك المؤلفات .ويعد أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري المتوفى 279 للهجرة -892 للميلاد من أوائل الرحالة الذين كتبوا عن البصرة وقد قدم وصفا لها في كتابه المشهور : " فتوح البلدان " .أما احمد بن أبي يعقوب المشهور باليعقوبي المتوفى 284للهجرة -897 للميلاد صاحب كتاب اليعقوبي، فيعد من المصادر البلدانية المهمة ليس في كتابة تاريخ البصرة وحسب بل في كتابة تاريخ المدن في الإسلام .ومما ينبغي التأكيد عليه أن اليعقوبي عرف بأسفاره العديدة التي وصل فيها إلى الهند من جهة المشرق والمغرب ومصر من جهة المشرق وبعد ان قام برحلاته عاد الى بغداد موطنه الأصلي .أما الرحالة الثالث فكان ابن الفقيه الهمداني المتوفى حوالي 300 للهجرة -912 للميلاد وله كتاب البلدان الذي ترك لنا فيه وصفا دقيقا لمدينة البصرة ومراحل تأسيسها وعمارتها . كما تطرقت الى ماكتبه المؤرخ والرحالة المعروف ابن رسته وهو أبا علي احمد بن عمر المتوفى أوائل القرن الرابع للهجرة العاشر للميلاد وهو صاحب كتاب : " الاعلاق النفيسة " واصله من أصفهان وقد قام برحلته الشهيرة إلى الحجاز وجاء البصرة ووصفها. وللأسف الشديد لم يبق من كتابه الخطير سوى جزء واحد هو الجزء السابع .
ومن الرحالة العرب المشهورين الذين كان للبصرة موقع مهم في كتاباتهم ابن اسحق إبراهيم بن محمد الفارسي المعروف بالاصطخري والمتوفى في النصف الأول من القرن الرابع للهجرة –العاشر الميلادي .والاصطخري مؤلف معروف بمنهجه المتميز عن منهج غيره من المؤرخين والرحالة والبلدانيين، فكثيرا ما كان يؤكد بأنه يسير في الكتابة على خطة مرسومة وابرز ما في هذه الخطة انه كان ينظر إلى المنطقة التي يكتب عنها على أنها وحدة قائمة بذاتها ومعنى هذا انه كان يراعي الموانع الطبيعية ويهمل المتغيرات الإدارية لذا جاء وصفه لما كتبه عن البصرة دقيقا ومطابقا للواقع في كثير من الأحيان .
ومن الرحالة العرب المشهورين محمد بن احمد المقدسي البشاري المتوفى 375 للهجرة -985 للميلاد .والمقدسي شامي الأصل وجد أن ما أسماه "المملكة الإسلامية " في القرن الرابع الهجري لم توصف وصفا كافيا من النواحي الجغرافية لذلك قام برحلته وطاف المدن الإسلامية وجاء البصرة وترك لنا وصفا دقيقا للنباتات والأنهار والحيوانات والبحيرات وألف كتابه : " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم " وفيه ترك وصفا للبصرة عرف بدقته وموضوعيته مما يجعلنا نفخر بجهده وجهد من سبقه من المؤرخين والرحالة والبلدانيين .ويقينا أن اختصاصات أولئك الرحالة لم تقتصر على جانب معين من المعرفة وإنما اتسعت لتشمل جوانب عديدة أخرى اختلط فيها التاريخ بالجغرافية والاقتصاد بالفلسفة وتلك كانت مواصفات أولئك الأفذاذ من علمائنا ومؤرخينا وهذا مما جعل كتاباتهم وما تركوه لنا من كتب ومؤلفات بلدانية تعد مصادر أساسية من مصادر دراسة تاريخ المدن في الإسلام ومنها مدينتا العزيزة البصرة .
وعن دور المرأة في الثغور والعواصم (132-354هـ) إلى نهاية القرن الرابع للهجرة/ العاشر للميلاد ،كتبت الدكتورة سناء الطائي بحثا نشر في مجلة "دراسات إقليمية " السنة 5 العدد 14 ،2009 واتي يصدرها مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل وقد قدمت له بالقول انه عندما جاء الإسلام، حرر المرأة مما كانت تعانيه من امتهان، وأعطاها حقوقها كاملة في مباشرة حياتها الخاصة والعامة، وذلك داخل إطار من العفة والحياء وبما يتفق وروح الإسلام وآدابه.وإذا كان القران الكريم قد نادى بان الرجال قوامون على النساء فانه لم يترك هذه القوامة مطلقة، وإنما حددها بدرجة معينة وذلك في قوله تعالى:(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) ، وان الهدف من هذا التفضيل المحدد هو لصلاح المجتمع وصلاح الأسرة. ومنذ عهد الرسول محمد( صلى الله عليه وسلم)، شاركت المرأة في الحروب، ونهضت بدور يتفق وطبيعتها في تضميد الجراح للمجاهدين وحثهم على الجهاد وإعداد الطعام وغير ذلك من الأعمال فضلا عن واجباتها الأساسية والتي أهمها تربية الأطفال والأعمال المنزلية.
وقالت الدكتورة الطائي ان البحث يهدف إلى إلقاء الضوء على دور المرأة في الثغور والعواصم لأنه سجل تاريخي مشرق و مشرف، خاصة في تلك المنطقة المواجهة لدولة الروم البيزنطيين والمسماة الثغور والعواصم، حيث كان للجوانب السياسية والعسكرية والإدارية في التاريخ العربي الإسلامي حظها الوافر من الدراسات والبحوث من قبل المؤرخين. أما الجوانب الاجتماعية والتي تشمل الجانب المشرق لامتنا العربية وتبرز دورها في المساهمة الحية في بناء الصرح الحضاري والإنساني فما زال قليلا، وتحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة.وبدافع من الشعور العلمي والذي يجب أن أتحمله كامرأة أولا، وباحثة ثانيا، تطرقت إلى هذا الموضوع لإبراز دور المرأة في بناء صرح الحضارة العربية الإسلامية.وعليه فان البحث في هكذا موضوع دقيق ويتعلق بجزئيات وتفاصيل عن حياة المجاهدين والمرابطين في الثغور والعواصم وبالذي تيسر لنا من التفاصيل الواردة في المصادر والمراجع.
أما عن دور المرأة في الحياة العامة في مجتمع الثغور والعواصم، فكان كبيرا ويسترعي الانتباه على الرغم من القيود الاجتماعية التي فرضتها التقاليد على المرأة، إلا أنها استطاعت أن تسهم بدور بارز، والحقيقة إن الرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه وسلم) كان يعلم جيدا ما سيكون عليه سكان تلك المناطق وما شابهها من سواحل بلاد الشام المواجهة للعدو من استعداد دائم للجهاد، فقد ذكر إن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قال: "إن أهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة رجالهم ونسائهم وصبيانهم وعبيدهم" .ومنذ بداية عمارة منطقة الثغور والعواصم التي شكلت خطوط الدفاع الأولى على حدود العالم الإسلامي المواجهة للإمبراطورية البيزنطية، سارت الخلافة الإسلامية في هذه الجبهة على سياسة واضحة استندت إلى الرد على تحديات الروم البيزنطيين المتكررة عليها وتمثل ذلك بتزويد المنطقة بالعناصر السكانية وتشجيعهم على الاستقرار في الأقاليم على أساس زيادة العطاء وإقطاع الأراضي للمقاتلين من اجل استقرارهم وزيادة حماسه في الدفاع عنها.
وكان لسياسة الخلفاء والولاة اثر كبير في استقرار وانتقال أعداد كبيرة من المقاتلين ،حيث نقلوا ونقلوا معهم عوائلهم (أطفالهم ونسائهم) واستقروا في الإقليم. وكان الخلفاء يكرمون المقاتلين الذين يكلفون لمهمات وواجبات في الإقليم وكانوا يميزونهم عن غيرهم في مناطق أخرى، وذلك بزيادة عطائهم ومنحهم القطائع ودور السكن.وكان لهذه الإجراءات اثر فعال في استقرار المقاتلين وعوائلهم في إقليم الثغور والعواصم .وختمت الدكتورة سناء الطائي دراستها بالقول انه عندما نقلب الصفحات البيضاء الناصعة من تاريخ المجتمع الإسلامي، علينا أن لا ننسى، ومن باب الأمانة التاريخية، أن هنالك اسطرا قد تكون قليلة، ولكن لا يمكن إغفالها، عما حدث في ذلك المجتمع، وخاصة في تلك البقعة المسماة الثغور والعواصم، والتي كانت مواجهة لدولة الروم البيزنطيين، والتي كانت منطقة جهاد ضد أعداء الدين، ونستشف من ذلك انه مجتمع كان قائم أساسا على الجهاد وإعلان النفير، وان هذا الأمر يخص أفراد المجتمع جميعا بضمنهم النساء، وبالفعل فقد أثبتت المرأة أن لها دور ا كبيرا، وحضورا مميزا من خلال المواقف الصامدة لها ومساندتها الرجل جنبا الى جنب وعلى كل فترتا البحث إلى ان سقطت مدن الثغور الواحدة تلو الأخرى بعد سنة (354هـ/965 م )، وعلى الرغم من ان المصادر لم تسعفنا بذكر عدد كبير من النساء، إلا أننا استطعنا أن نوفق في جمع أشتات المتفرق منها في معالجة جديدة للموضوع، خاصة وان معظم ما كتب عن تلك المنطقة كتب من الناحية السياسية والحربية ،في حين أهملت الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والفكرية.
وفي " مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية "التي تصدرها كلية التربية الأساسية في جامعة الموصل (المجلد 9 ،العدد 3 حزيران 2010 ) نشرت بحثها الموسوم : "اقتصاديات الثغور في القرنين الثالث والرابع للهجرة التاسع والعاشر للميلاد " رصدت فيه اوضاع الثغور الاقتصادية ووارداتها ( ومنها الخراج والجزية والموارد الاقتصادية والعشور والغنائم والصدقات) ، ونفقاتها واوجه الصرف فيها ومنها النفقات العسكرية والعطاء .ومما أكدته الدكتورة الطائي ان لدراسة التاريخ الاقتصادي للثغور أهمية كبيرة في رصد التطور الذي حصل في تلك الثغور وبنيتها التحتية وانعكاس ذلك على قدراتها في أداء وظيفتها الجهادية .
كما نشرت بحثا بعنوان : " عبد الله بن المبارك ودوره في الثغور " في مجلة الدراسات التاريخية والحضارية التي يصدرها مركز صلاح الدين الأيوبي بجامعة تكريت العدد 5 ،2010 أشارت فيه إلى أن الجهاد ركيزة من ركائز الإسلام وثمة أحاديث كثيرة على أهمية المرابطة في الثغور وبحكم موقع تلك الثغور والعواصم على حدود الدولة البيزنطية فأن الربط كان حصونا تشحن بالمقاتلين وقد ساعد ذلك على انتشار الإسلام وعلومه وقد تحولت الثغور إلى أماكن جذب للعلماء والفقهاء والمفكرين في مجالات عديدة وقد تخرج على أيدي أولئك العلماء تلاميذا حملوا الرسالة من بعد شيوخهم ومن الشخصيات التي كان لها دورها القتالي والتربوي والعقدي ..الشيخ المجاهد عبد الله بن المبارك
أسهمت الدكتورة الطائي في ندوات ومؤتمرات داخل العراق وخارجه منها :ندوة في مركز دراسات الموصل حول وندوة في بيروت حول الوسطية وندوة في أنقرة حول العلاقات العراقية –التركية التي عقدت بالتعاون مع مركز اتاتورك للأبحاث (أتام )ومركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية (اورسام ) والملحقية الثقافية العراقية في انقرة في حزيران 2010 وندوة في عشق اباد بجمهورية تركمانستان حول تراث وتاريخ تركمانستان وقدمت بحثا بالاشتراك مع زوجها الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف بعنوان "إسهامات مركز الدراسات الإقليمية في دراسة تراث وتاريخ تركمانستان " ولقي البحث اهتماما كبيرا من المشاركين في المؤتمر .كما حضرت ندوة الوسطية في بيروت .فضلا عن الندوات والمؤتمرات التي يعقدها مركز الدراسات الإقليمية سنويا .
كرمت الدكتورة الطائي بالعديد من كتب الشكر الموجهة لها من السيد رئيس الجامعة وعدد من العمداء لإسهاماتها العلمية .كما كرمت من كلية الدراسات التاريخية في جامعة البصرة بدرع الكلية لمشاركتها في نشاطات الكلية العلمية.
ترى الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي أنها تخصصت بدراسة الثغور والعواصم الإسلامية ،لاعتقادها أن هذا الموضوع في جوانبه السياسية والحربية والإدارية قد حظي بعناية المؤرخين والباحثين العرب والأجانب ،لكن الجوانب الحضارية وخاصة الفكرية والعلمية لم تنل ما تستحقه من اهتمام وتقول أن الثغور - كمدن وعواصم - قدمت للفكر العربي والعلوم العربية الكثير حتى صار ماقدمته جزءا من العطاء الفكري للمشرق والمغرب العربيين .وكما هو معروف فأن الثغور والعواصم لم تكن دور مرابطة فحسب بل أنها أسهمت من خلال عدد كبير من الفقهاء والعلماء والنحاة والمحدثين والشعراء والأدباء والمفسرين في ترصين الحضارة العربية والإسلامية وإعطائها بعدا إنسانيا .
كما أن تلك الثغور والعواصم كانت تضم مراكز دينية كالمساجد والجوامع والكنائس والأديرة والكتاتيب ودور الربط والحصون والمدارس ومجالس العلم وكل هذه كان لها دورها في التعليم والتأليف والقراءة والإجازات العلمية .ومما تؤكده الدكتورة الطائي بأستمرار ،كجزء من تقاليد المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة ،ان الرجوع إلى المصادر الأصيلة وتحليلها لهو من أهم مايجب أن يقوم به الباحثون والمؤرخون في كل أنماط الكتابة التاريخية .ولاتقتصر تلك المصادر على الكتب والوثائق التاريخية وإنما لابد من العودة إلى الكتب الجغرافية وكتب التراجم والطبقات ودواوين الشعراء وكتب الفقه والحديث والقضاء والأدب .وهذا مافعلته هي عند دراستها لتاريخ الثغور ودورها الفكري والحضاري .
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف