الخميس، 16 يونيو 2011

لمناسبة الذكرى (142) لتاريخ الصحافة العراقية: رسالة الصحافة في العراق

لمناسبة الذكرى (142) لتاريخ الصحافة العراقية: رسالة الصحافة في العراق
بقلم : إبراهيم خليل العلاف
     يحتفل العراقيون بالذكرى ال(142) لصدور أول جريدة في تاريخ العراق الحديث، تلك هي جريدة الزوراء (البغدادية). ففي 15 حزيران –يونيو 1869 أقدم الوالي العثماني المتنور مدحت باشا (1869-1872) على استكمال خطواته في وضع أسس تحديث العراق بإصدار هذه الجريدة  في بغداد ، بعد أن استقدم المطبعة الحديثة وأسس المدرسة الحديثة ، والمستشفى الحديث. وافتتح أول ترام يربط بين بغداد والكاظمية، وابتدأ بتوطين العشائر وتشجيعهم على الزراعة وتوزيع الأراضي عليهم.
       وبين 1908- 1914دخلت الصحافة العراقية مرحلة متقدمة بعد إعلان العودة بالعمل بدستور 1876 ، وأخذت الصحف تتحدث عن الدستور، والشورى، والديمقراطية ،والانتخابات ومجلس المبعوثان (النواب).
     وبعد الاحتلال البريطاني للعراق 1914-1918عمل الانكليز على استخدام الصحافة لإيهام الناس أنهم ((رواد حرية ، وأساطين عدل)) وما كانوا هم كذلك ((وقامت ثورة 1920الكبرى، وكانت لها صحافتها ،وظهر من نتائج الثورة، أن نجح العراقيون بإقامة دولتهم الحديثة سنة 1921.

      وفي العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ،نضجت الصحافة في العراق ،وتطورت واتسعت المفاهيم التي كانت تكتب حولها وتشعبت فصدرت صحف  قومية ودينية واشتراكية وليبرالية.. وقد ظلت  المدرسة الصحفية العراقية متميزة، واتسمت بالصدق ،والرصانة ،والالتزام بقضايا الإنسان ،والوطن، والأمة.  

       وعندما قامت ثورة 14تموز-يوليو 1958وسقط النظام الملكي، حلم العراقيون بصحافة حرة، لكن ظروف الصراع السياسي الداخلي ، والتحديات الخارجية أعاقت ذلك، فانحسر الدور الوطني والتربوي والاجتماعي للصحافة في مايس –مايو سنة 1968 حين أممت الصحافة وأصبحت ملكا للدولة ، وتشكلت " المؤسسة العامة للصحافة" ، واستيقظ العراقيون على وقع المطابع وهي لا تطبع سوى بضع صحف يومية ومجلة أسبوعية واحدة . وكان من الطبيعي أن تكون ردود فعل الصحفيين العراقيين تجاه الأمر سلبية خاصة، فسرعات ما أكتشفوا  حقيقتان : أولاهما أن الدولة صارت لأول مرة مسؤولة وحدها عن إصدار الصحف .  وثانيهما أن من تولى الصحف الحكومية أناس لا علاقة  مباشرة لهم بالصحافة والهموم الصحفية. وظل الحال هكذا حتى الاحتلال الاميركي ، وتفكيك الدولة، وحل وزارة الإعلام في التاسع من نيسان 2003.
     ومع أننا لاننكر بان ثمة استثناءات خجولة هنا وهناك إلا أن الصحافة العراقية ، وبحق، منذ أن اصدر نوري السعيد  رئيس الوزراء العراقي في العهد الملكي ، مراسيمه سيئة الصيت سنة 1954 والتي خنقت الصحافة والحريات عموماً، واجهت ما وجهت من تحديات بل قل أزمات ، مادية ومعنوية أدت إلى تحجيم دور الصحافة .
    منذ التاسع من نيسان –ابريل 2003 وحتى ألان،صدرت المئات من الصحف ، بعضها توقف وبعضها الأخر لايزال مستمرا في الصدور. أنماط كثيرة من الصحف، والناس دخلوا عالم الصحافة سواء الورقية منها أو الالكترونية ، وعدد منهم يجهل ألف باء الصحافة لكن صحفا  جادة ورصينة وملتزمة بدأت تشق طريقها إلى القراء.. وسر نجاحها وديمومتها أنها تحمل رسالة.
   
     فالصحافة رسالة، والصحفي الجيد هو من يحمل رسالة نبيلة يريد أن يوصلها إلى الناس.. هذه الرسالة تنطوي على الدعوة إلى النهوض والحرية والاستقلال والتقدم والرفاهية ، والتمسك بوحدة الوطن، وإعادة حريته وسيادته واستقلاله . وبعبارة أخرى السعي للحفاظ على الثوابت الوطنية، والالتزام بقضايا أبناء الشعب، والتعبير عن همومهم ومشاكلهم، وإفساح المجال لهم لكي يعبروا عن طموحاتهم وآمالهم .. وكلما اقترب الصحفي من ذلك.. كلما اقترب الناس منه ومن صحيفته..
     فلنعمل سوية من اجل أن تظل الكلمة حرة ومقدسة،وعلى الصحفي أن يدرك بأنه هو نفسه (( سلطة)).. لكن سلطة لا تقوم على تقييد حرية الناس، وقمعهم ، وإنما تسهم في فك تلك القيود، وتدعو إلى أن يسهم الجميع .. جميع العراقيين في عملية إعادة بناء الدولة والمجتمع على أسس قومية تحقق لهم حريتهم وسيادتهم، وتحفظ لهم كرامتهم وترابهم الوطني، وتؤكد هويتهم ذات الجذور العميقة في التاريخ.      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...