الجمعة، 26 فبراير 2021

عبد الاحد جلو وحفرياته المثيرة بقلم : إدمون لاسو

 

عبد الاحد جلو وحفرياته المثيرة

                                                                                  بقلم : إدمون لاسو

      يشكل الباحث عبد الاحد جلو ظاهرة ثقافية جديرة بالدرس والاهتمام لما يمثله منجزه المعرفي المخطوط في معظمه من فرادة مدهشة و تفرد مذهل كما سنرى بعد ان نتكلم قليلا ً على حياته .

أولا ً: سيرته : ولد عبد الاحد موسى داؤد جلو الذي تعود جذوره التاريخية إلى قبيلة جيلو الاشورية في شمال ما بين النهرين , ولد في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة السورية عام 1942 , درس الابتدائية والمتوسطة في مدينته وأكمل دراسته الحرة بجانب عمله , ثم نال شهادة الدبلوم متوسط في ادارة الاعمال عام 1958 , كما اكمل دراسة خاصة في دمشق , ونال شهادة الدبلوم متوسط في التاريخ عام 1961.             تعين في دوائر حكومية مختلفة حتى تقاعده عام 1986. هاجر إلى المانيا عام 1989 ومازال مقيما فيها بمدينة كيسن .

ثانياً : نشاطه الفني : للباحث عبد الاحد جلو بالاضافة إلى منجزه الثقافي نشاط فني يذكر يتمثل باقامة معارض فنية لطوابع وصور ونقود . إذ اقام في السنوات 1954-1984 عدة معارض لطوابع تذكارية في سوريا , كما اقام معرضا ً خاصا ً في (الموصل) العراقية عام 1964 واحرز المرتبة الثانية فيه . كما اقام عام 1964 معرضا ً ثقافيا ً تاريخيا ً وفنيا ً خاصا ً للأدب العربي و علاقته بالأدب السرياني في مجال الشعر والقصة و ادب الرسالة والخطبة .عام 1966 اقام معرضا ً لصور قديمة و حديثة التقطت من على صخور واحجار و كتب قديمة و حديثة لأثار سورية و عراقية ولبنانية و اردنية و تركية و نال شهادة وجائزة تقديرية . عام 1971 اقام معرضا ً للنقود القديمة والحديثة  لعدد من دول العالم ونال جائزة تقديرية.

ثالثا ً: تحليقاته الكتابية المخطوطة : للباحث عبد الاحد جلو تحليقات تاريخية مهمة لم ينشر منها سوى نتف ومقالات قليلة سنأتي على ما وقعنا عليه في الفقرة التالية .

فمن مؤلفاته المخطوطة نذكر :                 

1-    الموجز في تاريخ قبائل سوريا القديمة .

2-    الموجز في تاريخ قبائل العراق القديمة .

3-    الموجز في تاريخ قبائل مدينة بازبدي .

4-    الموجز في تاريخ قبائل مدينة حلب .

5-    الموجز في تاريخ قبائل مدينة ألقوش بالعراق .

6-    الموجز في تاريخ قبائل قرية صدد ( بسورية ) .

7-    مدينة افحل و قبائلها القديمة ( بمحافظة ماردين ) .

8-    قرية أركح و قبائلها القديمة ( بمحافظة ماردين ) .

9-    قرية بيدارو و قبائلها القديمة ( بالعراق ) .

10- رجال في ذاكرة الزمن .

11- نساء في ذاكرة الزمن .

رابعا ً: بعض حفرياته المنشورة : يعد الباحث عبد الاحد جلو من الكتاب المقلين جدا ً في النشر مما جعله في الظل من اهتمام الباحثين والدارسين و ما نشره هنا وهناك من نتف ومقالات كان بحث و تشجيع من بعض اصحاب الغيرة الفكرية و القومية .                                                                                                                   ففي عام 1997 نشر في مجلة ( حويودو ) المهجرية السويدية بحثا ً موسعا ً بعدة حلقات عن افراهاط الفارسي الحكيم . وفي عام 2000 نشر بحثا ً اخر في المجلة ذاتها عن الرائد القومي الاشوري نعوم فائق    ( 1868- 1930 ) . وفي عام 2004 نشر في ( حويودو ) ايضا ً مقالة اخرى عن شخصية اشورية ماردينية من القرن السابع عشر هي الشماس مراد يوسف قندقجي  ( 1649 – 1731 ) .                      و في عام 2005 نشر مقالة مذهلة في ( حويودو ) ايضا عن شخصية نسائية رهاوية بعيدة عن زماننا من القرن الثاني الميلادي هي ( سالومة بنت فيتئل آشور ) المتوفاة في ايلول عام 125 م . والمترجم لها هي من " بطلات الجيش الاشوري الذي كان تحت إمرة افراهاط  بن يعقوب اشخانا و مركز قيادته في مدينة الرها". يحيلنا الكاتب في ذيل المقالة على مصادره المخطوطة المذهلة هي الاخرى المحفوظة لدى بعض العشائر الاشورية و العربية و الكردية واليزيدية و التركية و الفارسية , شاهدها بأم عينيه خلال جولاته     و رحلاته في سوريا و العراق ولبنان و الاردن و تركيا و ايران مثل ( تاريخ الرها و امد و ماردين ) للشماس أداد سنحاريب ( بالسريانية ) و ( زهرة العشائر السريانية و الكردية ) لشتينو اوزال , و ( جغرافية الممالك الارامية ) للقس ميخائيل عيناداب , و مصدر مطبوع هو ( علماء الادب السرياني ) للراهب عبد النور الامدي ( ماردين 1718 ) . وفي تعقيب على المقالة لرئيس تحرير ( حويودو) الاستاذ

 ميخائيل ممو يقول مشيدا ً: " لا يسعنا في هذا المجال التوثيقي النادر الذي يسعفنا به زميلنا الباحث عبد الاحد جلو الا ان نثمن جهوده القيمة و همته العالية و دأبه الحثيث بتسليطه الضوء على أسماء نادرة لم نجد لها ذكرا ً في نتاجات أدابنا المعاصرة , وكان لها وقعها في تاريخ أبناء شعبنا في القرون الأولى بعد بزوغ فجر المسيحية".                                                                                                                      وفي عام 2006 نشر مقالة اخرى في ( حويودو ) ايضا ً عن شخصية نسائية نوهدرية ( نوهدرا – دهوك )  من القرن السابع الميلادي هي ( الشماسة هيلانة بنت شمعون اسرحدون 611 – 697 م ) . يقول الكاتب :   " عندما بلغت الرابعة عشرة من عمرها أرسلها والدها لدى خالها الملفان (آشور آل ممو ) في منطقة القوش لرقي مدارسها انذاك في علوم السريانية" . ثم يقول: " وفي ربيع عام 630 م عادت إلى منطقة سكناها في نوهدرا فشمرت عن ساعديها لتعليم ابناء قريتها علوم الادب و التاريخ . وقالت في احدى خطبها بين اهالي نوهدرا والقرى المتاخمة صباح عيد الفصح العظيم " علينا جميعا ً نحن ابناء نوهدرا ان نقدم كل ما لدينا من جهد وعطاء لاجل خدمة اطفالنا و شبيبتنا الاشورية بجميع قبائلها دون ان نضع حواجز بين فئة واخرى .   وتواصل القول في عبارة بليغة " كلنا امة واحدة , احفاد من وضع اسس دولة اشور التي دوخت العالم بالقوة و الحضارة و المعرفة ".                                                                                           وفي عام 2005 نشر مقالة مذهلة اخرى عن شاعرة القوشية مجهولة ومعمرة من القرن الرابع عشر الميلادي هي ( ايسيغا ايلاني  1350 – 1459 م ) يقول الكاتب : " هي ايسيغا بنت ميخائيل ايلاني من مواليد بلدة القوش سنة 1350 م و ان اصلها العائلي هو من قبيله اودو ( حكيم ) . ثم يقول : " بدت على ايلاني تباشير الفطنة والذكاء و العبقرية منذ نعومة اظفارها حيث انطلق لسانها وهي تتكلم عبارات مؤثرة  و كأنها شاعرة حكيمة و كاتبة جديرة بالتقدير والوقار". ثم يقول : " احرزت ايسيغا قسطا ً واسعا ً من علوم الدين من خلال دراستها الناجحة في المدارس , اضافة لإلمامها بعلوم اللغات السريانية والعربية واليونانية  والفارسية. كما ونالت قليلا ً من اللغة الروسية على ايدي آل ( خوشو ) الذي ينسبون إلى جدهم الروسي الاصل والمعروف بأسم ( ميخائيل تشرشينكو ) حيث هاجروا من روسيا إلى قرية ( آشوت ) من اعمال منطقة جيلو بالعراق وذلك سنة 141 ق.م  و في عام 311 م  نزحوا إلى بلدة القوش".                      ويقول الباحث:  " في ربيع عام 1377 ذهبت مع شقيقها ( اورنامو ) إلى مدينة نينوى ( الموصل ) ليصار إلى كسبهم مزيداً من علم اللاهوت في المدارس العليا , وبعد ستة اشهر عادا إلى منزل والديهما بالقوش".  ويقول كان لها " دورها الناشط في (جمعية نمرود الثقافية) التي أسسها الكاتب و المؤرخ ( هرمز بانيبال نعمان آل جيلو 1307 – 1396 م) من القوش " . ثم ينقل لنا الكاتب وصفا ً للمؤرخ صموئيل زيا في كتابه السرياني المخطوط ( قبائل آشور – ارام – ارفكشاد ) يصف فيه ايسيغا بالقول : " ناضلت البطلة المثقفة ايسيغا ايلاني نضال الابطال بسلاحها وقلمها إذ علمت اجيالاً من الشباب والفتيات حتى غدت مربية للشبيبة بعلمها و صمودها  و وقوفها إلى جانب حقوق المرأة في المجتمع الاشوري , فاصبحت امثولة لجميع فتيات القوش , كما ارست قواعد الفكر القومي في قلوب قبائلها " . ثم يحيلنا الكاتب إلى مصادره المخطوطة النادرة مثل مخطوطة بالسريانية للشماس بتيو يوسف آل ككا في القوش 1381 م  يقول الكاتب " شاهدتها اثناء لقائي بالمدعو خوشابا عمانوئيل بدمشق بتاريخ 30 آب 1962 " . ومخطوطة ( الكنز الكبير للقبائل الاشورية ) لدانيال هارصو عواد ( كركوك 1463 ) . كما يحيلنا الكاتب إلى مجلة نادرة مجهولة كانت تصدر في تكريت بأسم ( الشرق ) لعام 1821 م لمحررها صليبا جرير.    

     وفي عام 2004 نشر في مجلة ( رنيو حيرو ) السويدية, وجريدة ( نيشا) العراقية مقالة مهمة ايضا ً عن شخصيه صحفية مذهلة ماردينية من القرن السادس عشر هي ( سعيد حمورابي ملكي آل جوخجي 1506 – 1599 م ) . إذ يذكر بأن الناشط القومي سعيد جوخجي اصدر في عام 1530 م بماردين مجلة قومية رائدة بأسم ( بيث نهرين ) مسطرة في كتابة اليد , يساعده فيها شقيقه الملفان ارشنجال وشقيقته ايلونا باللغات السريانية و العربية والتركية . كما اصدر بعد سنتين في عام 1532 في تكريت مجلة رائدة اخرى هي  ( صوت اثور وآرام ) باللغات السريانية و العربية والفرنسية , والتي دامت سنتين و توقفت لأسباب مالية . ان ما ذكره الباحث جلو استناداً إلى مصادر خطية نادرة مثل ( السريان في طور عبدين 1400 – 1600 ) لحنو قادان و ( مذكرات ) الشماس كوريا خوشابا الحسكي يجعلنا نتوقف طويلا ً امام هاتين الصحيفتين الرائدتين إلى جانب مجلة ( الشرق ) المذكورة قبل قليل, بحيث نعيد أرخنة صحافتنا السريانية أو الاشورية أو السورثية ونؤخر ترتيب صحيفة ( زهريرا دبهرا ) الصادرة في اورمية الايرانية عام 1849م  إلى سياقها التاريخي الصحيح , والتي كانت تعد حتى هذه اللحظة باكورة صحافتنا القومية , كما ذكرت ذلك في مناسبات سابقة .                                                                                   ان صدور مطبوع في تركيا ثم في العراق في ذلك الوقت المبكر ليس بدعة أو خيال , إذ بعد اختراع المطبعة من قبل غوتنبرغ في ماينز بالمانيا عام 1445م استقبلت تركيا الطباعة في فترة مبكرة قبل غيرها من بلدان الشرق . يقول خليل صابات في كتابه ( تاريخ الطباعة في الشرق العربي ) القاهرة 1958 : "عرفت تركيا الطباعة قبل غيرها من بلاد الشرق الادنى و الاقصى و بعد اختراعها بحوالي اربعين سنة وإلى اليهود المقيمين في الأستانة يعود فضل ادخال الفن المطبعي إلى تلك المدينة " . كما يؤكد نزهت سليم في كتابه ( تاريخ الطباعة في تركيا ) نقلا عن أورام غالانتي في مؤلفه ( الاتراك و اليهود ) : " ان اليهود اتوا إلى تركيا من اسبانيا بمطبعتهم عام 1492م " . ( أنظر د.خالد عزب و احمد منصور , الكتاب العربي المطبوع , القاهرة 2009) .                                                                                    علماً أن كوريا عرفت الطباعة بالحروف المعدنية المتحركة قبل غوتنبرغ بحوالي قرنين من الزمان , كما يؤكد المصدر السابق , وايضاً مجلة ( رسالة اليونسكو ) العدد 211 ( شباط ,1979 ) .

خامساً: نتف تنشر للمرة الأولى : والأن وتتويجا ً لكل ما تقدم ننشر ادناه نتفتين ثمينتين لشخصيتين القوشيتين من القرنين الثالث والرابع الميلادي بعثهما الي االكاتب في رسالة خاصة مؤرخة في 24/3/2011 .

 

 

 

 

 

                    الشاعرة والمعلمة بابل بنت خوشو( ؟ - 298 م )

 

 

     من مواليد مدينة القوش العراقية من عشيرة ( نغو ) الآشورية, والدتها تدعى مريم من عشيرة ممو الآشورية من مدينة تكريت . كانت المترجمة لها من المعلمات النشيطات والبطلات في القوش .توفيت سنة 298م و دفنت بساحة كنيسة ماراسطيفانوس الشهيد بالقوش .(1)

 تعليق : من هذه النتفة البعيدة عن زماننا نستنتج بأنه كانت هناك في القوش كنيسة بأسم ( مار اسطيفانوس الشهيد ) أي قبل قدوم مارميخا النوهدري ( 309 – 429 ) شفيع البلدة إليها عام 414 م . (لاسو) .

 

الرسام انكيدو بيل ( 308 – 418 م )

     ولد الفنان أنكيدو بن بيل من قبيلة (شكوانا) الآشورية سنة 308م في مدينة القوش الواقعة في بلاد أشور ما بين النهرين . والدته تدعى عشتار بنت خوشابا من عشيرة برحذبشبا من مدينة بابل , وزوجته تدعى لريسام من عشيرة بدي أصلاً قرية باشبيتا العراقية .

علم أنكيدو مئات من فتيات و فتيان القوش و غيرها من القرى المجاورة فن الرسم اليدوي على الحجارة    وجلود الحيوانات والنحت الحجري . وله عشرات الأعمال الفنية من نقوش جدران الكنائس والمعابد المسيحية وصور وهياكل حجرية لملوك أشور وسومر القديمة , وهياكل للعديد من آباء الكنيسة المسيحية . توفي الفنان أنكيدو سنة 418 م بالقوش . (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)   القبائل الأشورية في بلاد مابين النهرين : ليونادم أوشيا 1311م أنطاكيا – سوريا ( مخطوط بالسريانية ) .

(2)   المصدر السابق , ص 57 .

 

 

 

     

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين

  كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل  لا ابالغ اذا قلت انه من ال...