الجمعة، 12 فبراير 2021

المملكة الاردنية الهاشمية في ذكرى تأسيسها المئوي 1921-2021 .......................بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف







المملكة الاردنية الهاشمية في ذكرى تأسيسها المئوي 1921-2021
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
اولا لابد ان اقدم التهنئة لاهلنا في المملكة الاردنية الهاشمية وهم يحتفلون بالذكرى السنوية الاولى لتأسيس الاردن الشقيق حفظه الله وحفظهم واقول انني كتبت عن نشأة المملكة الاردنية الهاشمية منذ سنة 1985 في كتابي ( تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر) والذي نشرته جامعة الموصل ويعد منذ ذلك الوقت كتابا منهجيا اساسيا لطلبة التاريخ كما اشرفت على اول رسالة للماجستير في التاريخ الحديث في كلية الاداب - جامعة الموصل عن الاردن .
في الفصل الموسوم ( تأسيس الكيانات السياسية الاقليمية ) وقفت عند امارة شرق الاردن وقلت على الصفحات 170-173 وقلت ان نشأة امارة شرق الاردن ارتبطت برغبة الاسرة الهاشمية في مقاومة السيطرة الفرنسية على سوريا وخاصة في اعقاب سقوط المملكة السورية المتحدة وازاحة الملك فيصل بن الحسين عن عرشه بعد معركة ميسلون 1920 ولم يمض على خروج فيصل من سوريا سوى بضعة اشهر حتى توجه الامير عبد الله بن الحسين من المدينة المنورة الى معان في شرقي الاردن ،وكانت حينذاك تابعة اداريا لمملكة الحجاز على رأس قوة عسكرية مؤلفة من (2000) الفي مقاتل . وصل معان في 11 تشرين الثاني 1920 معلنا تصميمه على الزحف الى دمشق واعادة فيصل الى عرش سوريا وطلب من السوريين التضامن معه واعلان الثورة .
لكن بريطانيا وفرنسا طلبتا من الامير عبد الله بن الشريف حسين العودة الى الحجاز بأسرع ما يمكن وابلغته بريطانيا انها سوف لن تسمح بأن تتحول احدى المناطقالخاضعة لنفوذها بموجب الانتداب الى (قاعدة ) لمحاجمة حليفتها فرنسا .رفض الامير عبد الله الطلب البريطاني وقال انه موجود في ارض حجازية عربية وساعده على ذلك حماس الاردنيين لقضية الاستقلال العربي وظهر ذلك من خلال عقد اجتماعات شعبية وارسال الوفود الى معان لدعوة الامير عبد الله والالحاح عليه بالتقدم نحو عمان .
وصل الامير عبد الله عمان في الثاني من اذار - مارس سنة 1921 واستقبلته وفود من مختلف مناطق شرقي الاردن واعلنت الولاء له لذلك اضطر وزير المستعمرات البريطانية انذاك ونستون تشرشل الى دعوة الامير عبد الله الى لقاء لهما في مدينة القدس واجرى معه اربعة اجتماعات في اواخر اذار سنة 1921 حاول خلالها الامير عبد الله اقناع تشرشل بضرورة العمل على توحيد فلسطين وشرقي الاردن في دولة واحدة لكن تشرشل ابلغ الامير عبد الله ان بريطانا لها سياسة معلنة من فلسطين ولاتستطيع تغييرها وتوصل الطرفان الى اتفاق كان بمثابة الاساس الذي قامت عليه امارة شرقي الاردن ومضمون هذا الاتفاق يقوم على تأسيس حكومة عربية وطنية في شرقي الاردن برئاسة الملك عبد الله تأخذ على عاتقها استكمال اجراءات الاستقلال التام وتعهد الامير عبد الله بالكف عن استخدام اراضي شرقي الاردن لمهاجمة سوريا وفلسطين ووافق ان تحتفظ بريطانيا بقاعدتين جويتين الاولى في عمان والثانية في زيزاء وان تسترشد الحكومة الجديدة برأي مندوب بريطاني يقيم في عمان .
كانت شرقي الاردن في ذلك الوقت الجزء الوحيد من سوريا الذي لم يكن خاضعا لاحتلال قوة عسكرية اجنبية بشكل مباشر وبالرغم من ان بريطانيا وضعته في صك الانتداب الا انها لم تضم المنطقة الى ادارة فلسطين بل اكتفت بتعيين مستشارين سياسييم للمساعدة في تأسيس حكومات محلية للمناطق الثلاث التي كانت تتألف منها البلاد وهي حكومة اربد وحكومة السلط وحكومة الكرك لذلك بدأ الامير عبد الله العمل لتوحيد هذه المناطق واختار عمان لتكون عاصمة لامارة شرقي الاردن .
وفي 11 نيسان -ابريل سنة 1921 شكل اول مجلس للوزراء وعين (رشيد طليع ) رئيسا لهذا المجلس الذي سمي بمجلس المشاورين ومنحه لقب الكاتب الاداري ومن بين المشاورين فضلا عن رشيد طليع حسن الحكيم وامين التميمي وعادل ارسلان ونبيه العظمة ورشدي الصفدي وخير الدين الزركلي وسامي السراج وخالد الحكيم ومعظم هؤلاء من زعماء وقادة (حزب الاستقلال ) السوري الذين تركوا سوريا بعد خلع الفرنسيين للملك فيصل مؤسس المملكة السورية المتحدة .
حدثت بعض المشاكل مع السر هربرت صموئيل المندوب السامي البريطاني في فلسطين الذي حاول الاعتراض على بعض الاجراءات لكن الامير عبد الله حسم الموقف واصر على ان يشكل مجلسا للوزراء برئاسة مظهر ارسلان ...كانت نظرة عربية وحدوية وكان الى جانبه نخبة من السوريين والعراقيين والاردنيين والحجازين ولم يكن يفرق بين اي من هؤلاء وكان يعمل في ظروف صعبة فلقد كان على الدولة الجديدة ان تعتمد على نفسها والبلاد فقيرة ومتخلفة ومعظم السكان من البدو ومن المزارعين حتى انه اضطر ان يعسكر في رابية ماركا وينصب لادارته خيمة واستمر ذلك فترة من الزمن ولم يكن هناك طرق معبدة ولا شوارع ولا ارصفة ولاشبكة مياه ولاكهرباء ولا اتصالات هاتفية ولاعمران فضلا عن الفريق العامل مع الامير كان قليل الخبرة ولم يكن مجلس الوزراء واسمه مجلس المستشارين يضم الا اردنيا واحدا في بدايته وكان معظم ما يعطيه الانكليز من مساعدات يصرف على تطوير الجيش العربي الذي اسس بامكانيات ضئيلة وكان قائده ضابط بريطاني اسمه الكابتن بيك CAPTAIN PEAKE .
في سنة 1928 تطور الجيش العربي واصبح يضم (859) فردا منهم (535) من اصل اردني والبقية سوريين وفلسطينيين وعراقيين .وفي سنة 1929 استحدثت (قوة حدود شرقي الاردن ) وفي سنة 1930 تأسست (قوة البادية ) وكانت جون باجوت كلوب الملقب بكلوب باشا وفي سنة 1936 عين كلوب باشا CLUBB قائدا للجيش الاردني .
وافقت عصبة الامم في 23 ايلول - سبتمبر سنة 1922 على استثناء امارة شرقي الاردن من نصوص الانتداب على فلسطين وهكذا تم الاعتراف الدولي بامارة شرقي الاردن دولة مستقلة وتبع ذلك اعترفت بريطانيا في 25 ايار - مايو 1923 رسميا باستقلال امارة شرقي الاردن وهكذا استطاع الامير عبد الله فرض الامر الواقع على بريطانيا ولكن نظمت العلاقة مع بريطانيا في معاهدات اولها المعاهدة الاردنية - البريطانية والتي وقعت في 20 شباط 1928 وصدر الدستور الاردني في 16 نيسان - ابريل 1928 وتضمن النظام الاساسي للامارة وكان هناك بموجب الدستور مجلس تشريعي مكون من ستة عشر عضوا وبالرغم من بعض النصوص القاسية في المعاهدة صادق عليها المجلس التشريعي في 4 حزيران - يونيو 1929 .
تأسست في شرقي الاردن معارضة شديدة تألفت من القوى الوطنية الاردنية وقد اجتمعت القوى الوطنية في 5 تموز -يوليو 1928 وانكرت المعاهدة ووضعت ميثاقا وطنيا وخلاصته التمسك باستقلال الامارة كدولة عربية ذات سيادة واحتجوا على تدخلات الانكليز وكان حزب المؤتمر الوطني يضم قوى سياسية وعناصر من زعماء العشائر ومن عدد من المثقفين وكان هناك حزب التضامن الاردني الذي اعلن عن نشاطه في اذار - مارس 1933 وهكذا تأسست الحركة الوطنية على اسس ثابتة ووطنية وبضغط من هذه القوى الغيت من معاهدة 1939ر البنود التي تحول دون توسيع الجيش العربي وتحديثه .كما عدل القانون الاساسي الاردني وهو الدستور في الخامس من اب سنة 1939 وبما يضعف الى حد ما من رقابة المعتمد البريطاني ويزيد من صلاحيات وقوة الامير .
تشكلت وزارة اردنية جديدة في 6 اب -اغسطس 1939 برئاسة توفيق ابو الهدى واستمرت الوزارة هذه حتى تشرين الاول - اكتوبر 1944 وخلفه في رئاسة مجلس الوزراء سمير الرفاعي وفي 25 ايار - مايو 1946 اجتمع المجلس التشريعي الاردني بعد عقد معاهدة جديدة مع بريطانيا هي (معاهدة الصداقة والتحالف الاردنية -البريطانية لسنة 1946) وتم اتخاذ قرار اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالا تاما وذات حكومة وراثية نيابية . وفي اليوم ذاته 25 ايار -مايو سنة 1946 توج الامير عبد الله بن الحسين في عمان ملكا على الاردن باسم ملك المملكة الاردنية الهاشمية وعند ذلك بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الاردن الحديث .
توفي الملك عبد الله بن الحسين في 20 تموز -يوليو 1951 وخلفه ولي العهد الامير طلال وتوج لكنه عزل عن الحكم لمرضه في 11 اب - اغسطس وولي الامير الحسين بن طلال وكان ولي عهد اخاه الامير الحسن لكنه عزله وولى ابنه عبد الله وبعد وفاة الملك الحسين في السابع من شباط -فبراير سنة 1999 .
في تاريخ المملكة الاردنية الهاشمية محطات مهمة لابد من ذكر تفاصيلها وهي كثيرة ولايتسع المجال الان لايرادها في هذا الحيز منها ما يتصل بالعلاقة مع بريطانيا ومنها مايتصل بالعلاقة مع العراق خلال العهد الملكي وما بعد سقوطه ومنها ما يتعلق بالعلاقة مع فلسطين والفلسطينيين ومنها ما يتعلق بالدول العربية الاخرى ومنها ما يتعلق بالعلاقة مع القوى والاحزاب الوطنية الاردنية . وقد اعود اليها ثانية ان شاء الله .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين

  كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل  لا ابالغ اذا قلت انه من ال...