الاستاذ نزار محمد سليمان المختار
سيرة رائد من رواد التربية والتعليم في العراق *
مرب ، ورائد من رواد التربية والتعليم في العراق .. ولد في الموصل سنة 1929 ، وانهى دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في مدارسها سنة 1946 . دخل دار المعلمين العالية ( كلية التربية فيما بعد ) ، وحصل على شهادة الليسانس( البكالوريوس) في العلوم (الرياضيات) بدرجة شرف سنة 1950 وكان الاول على دفعته .. ونظرا لتميزه ، فقد عين مدرسا للرياضيات في الغربية المتوسطة ببغداد ، وكانت من ابرز المدارس المتوسطة في العراق كله . وقد اتخذت لسنوات طويلة كميدان لتطبيق طلبة الصفوف الرابعة من كلية التربية بجامعة بغداد ، وكانت تضم خيرة المدرسين ، وتعد بحق مدرسة نموذجية فريدة .
وفي سنة 1952 رشح للبعثة العلمية التي حددتها وزارة التربية الى المملكة المتحدة للحصول على الماجستير في الرياضيات ، لكن الظروف الخاصة والروتينية في الوزارة حينذاك حالت دون سفره لاكمال دراسته ، مما اضطره الى طلب العودة الى مسقط راسه الموصل ، فنقل مدرسا للرياضيات في متوسطة المثنى ولفترة قصيرة ، نقل بعدها مدرسا للرياضيات في اعدادية الموصل للبنين 1954 ـ1957 .
وحين فتحت ( دار الملعمين الابتدائية ) في ما كان يسمى بـ( المجموعة الثقافية 1957م ، نقل اليها وفي سنة 1960 ـ 1961 اصبح معاونا لمديرها . وكان مدير المجموعة الثقافية الاستاذ محمود الجومرد . وقد اختير مديرا لمتوسطة المثنى (1961 ـ 1964) ، ثم مديرا للاعدادية المركزية (1964ـ1977) وكانت هذه الاعدادية تجتذب النابهين من الطلاب ، لذلك تخرج فيها صفوة من المثقفين والعلماء والادباء والقادة في المجتمع العراقي .
وفي اواخر العام 1977 ، نقل الى الاشراف الاختصاصي ، حيث عمل اختصاصيا تربويا لمادة الرياضيات وللمدة بين 1977 ـ 1990 وكان في الوقت نفسه مديرا لمركز فحص الدراسة الاعدادية في نينوى . وقد اسس هذا المركز لاول مرة في الموصل ،وهو المركز الثاني الذي أسس في العراق بعد مركز فحص بغداد للدراسة الاعدادية .. وتتضح قيمة مركز الموصل في أنه كان مسؤولاً عن فحص الدفاتر الامتحانية للدراسة الاعدادية لعشرة محافظات في السنوات الاخيرة .. وقد حظي المركز ، من خلال التقارير الرسمية ، بتقدير المسؤولين عن سير الامتحانــات العامة ( الوزارية) في وزارة التربية لما كان يؤدي عمله بكفاءة ودقة ونزاهة واخلاص ، ولما ارساه من اسس وقواعد واساليب ودقة في الاداء ومفاهيم رصينة وثابتة لدى اعضاء المركز والفاحصين من اعضاء الهيئات التدريسية .
التقيته مرة وسألته عن سر تقاعده الاول ، فقال انه احال نفسه على التقاعد لاول مرة في الاول من نيسان سنة 1990 وذلك بعد انتخابه سنة 1989 عضوا في المجلس الوطني ( الدروة الثالثة والتي استمرت حتى سنة 1995 ).. لكن وزارة التربية سرعان ما انتبهت الى ضرورة الاستفادة من خبراته التربوية والادارية ، فاصدرت امرا وزاريا اعادته فيه الى الخدمة مديرا لمعهد اعداد المعلمين في نينوى ، وقد استمر في ادارة المعهد لمدة عامين 2000ـ2002 بعدهما اعيد الى التقاعد ثانية بناء على طلبه .
لم يكن الاستاذ نزار المختار ممن يكتفي بما لديه من خبرة واطلاع بل كان يحرص على القراءة والتتبع في مجالات تخصصه الدقيق ( الرياضيات) وتخصصه العام ( العلوم) ، فضلا عن اتساع استفادته من نظريات التربية والتعليم . وقد شارك خلال خدمته في دورات وندوات علمية وتربوية وحلقات دراسية عدة داخل العراق وخارجه ، هذا فضلا عن اسهاماته الفاعلة في اعداد دراسات علمية وتربوية في مواضيع تهم الادارة ، والمناهج ، والامتحانات ، والكتب الدراسية ، وعلاقات الطلاب باساتذتهم ، والعلاقات بين الاساتذة انفسهم ..
وتتضح قيمة الاستاذ المختار اذا ما اطلعنا على التقارير الكثيرة التي كان يرفعها المسؤولون عن شؤون التربية والتعليم في العراق عنه ، وكلها اشادة بعلمه وباخلاقه وبسعة صدره وجهوده وتميزه في مجالات التدريس والادارة والاشراف وتدريب المدرسين والمدرسات ولقد كرم مرات عديدة كان آخرها تكريمه من قبل المديرية العامة للتربية في نينوى اواخر ايلول 2005 ضمن المكرمين في احتفالية الوفاء .
كان الاستاذ نزار المختار معروفا بتوجهه الوطني العروبي الاسلامي. وهو يتمتع بكل الصفات النموذجية التي يحرص التربويون المخلصون على التحلي بها .. كان متمكنا من مادته العلمية ، حريصا على معرفة الجديد حولها .. وقد رافق تمكنه من المادة ، سمو في الاخلاق .. وقدرة كبيرة على استيعاب الاخر وفهم مكنوناته واحترام آرائه وقد آمن الاستاذ المختار بالحوار .. وقد عرفه زملاؤه وتلاميذه ، مربيا فاضلا .. هادئا ، مرنا ، واضحا ، مستقيما في سلوكه وفي اقواله .. لذلك ظل يحظى باحترام الجميع . وقد احب مدينته ووطنه وامته .. ولا يزال ، اطال الله عمره ، يحب التعاون ويهرع الى نجدة من يحتاج الى النجدة .. لم يغلق بابه امام أحد ، وكثيرا ما يقصده الباحثون وطلبة الدراسات العليا ، فيمد اليهم يد المساعدة ويرشدهم ولي معه تجربة مهمة وهي انني عرضت عليه بحثي عن اعدادية الموصل 1908 ـ1954 فقرأه بدقة متناهية وأبدى الكثير من الملاحظات والتصويبات وقد اسعدت كثيرا لهذا الموقف العلمي ولازلت احتفظ بملاحظاته المؤرخة في 15 تشرين الثاني 2005 ، وهي ملاحظات جادة تنم عن سعة اطلاع وذاكرة قوية وقدرة على ربط الاحداث ووضعها ضمن تسلسلها الزمني الصحيح والدقيق ..
تمنياتنا للاستاذ المختار بالصحة والعافية ودوام العطاء والتوفيق المستمر خدمة للاجيال ولهذا البلد الامين والمدينة المعطاء ولنقف اجلالا لهذا المعلم .. المربي ..ولنفه حقه من التكريم والاعتزاز .
*من كتاب الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الموسوم : " شخصيات موصلية " ،دار ابن الاثير للطباعة والنشر ،الموصل ،2007 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق