فاضل زكي محمد وريادة علم السياسة في العراق

فاضل زكي محمد وريادة علم السياسة في العراق

أ.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث –العراق
من اساتذة العلوم السياسية الرواد في العراق .. ومن ابرز الذين كتبوا في الفكر السياسي، والعمل الدبلوماسي، وصنع القرارات. حظي قبل سنوات قليلة (2002) ، بتكريم مؤسسة بيت الحكمة له ببغداد تقديرا لجهوده في خدمة العراق في مجال الدراسات السياسية. والاستاذ الدكتور فاضل زكي محمد جاسم النعيمي موصلي، ولد في مدينة الموصل سنة 1928، واكمل دراستيه الابتدائية والمتوسطة فيها. دخل دار المعلمين وتخرج فيها سنة 1943 وقد عمل معلما في عدد من المدارس الابتدائية قبل ان يرشح للالتحاق بالبعثة العلمية الحكومية الى الولايات المتحدة الامريكية سنة 1947. وخلال دراسته هناك حصل على شهادة اللغة الانكليزية وآدابها ثم شهادة اخرى في العلوم سنة 1952. وفي سنة 1953 نال درجة الماجستير وبعدها الدكتوراه في العلوم السياسية وفي تخصص السياسة الدولية من جامعة كولورادو سنة 1956.
عاد الى العراق، وعين خبيرا في مجال الاعمار واستمر كذلك حتى سنة 1958. وحين تقرر فتح قسم للعلوم السياسية في كلية الاداب بجامعة بغداد ، كان له فضل تأسيس هذا القسم سنة 1959 وقد تولى رئاسة القسم وبعدها عمل عميدا لكلية الاداب وكالة، واختير سنة 1969 ليشغل وظيفة نائب رئيس جامعة بغداد ثم رئيسا للجامعة بالوكالة.
بين سنتي 1961 – 1962، سافر الى الولايات المتحدة استاذا زائرا وقد شارك في مناقشة العديد من رسائل واطروحات الماجستير والدكتوراه في جامعة هارفرد.
كما كان له دور كبير في تأسيس جامعة الامارات العربية المتحدة وذلك للمدة من 1977 – 1979 وبين سنتي 1985 – 1988 عمل استاذا في معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية السعودية.
كان الاستاذ الدكتور فاضل زكي محمد عضوا مؤسسا للجمعية العراقية للعلوم السياسية سنة 1967. وقد منح لقب عضو شرف من جمعية العلوم الاجتماعية بولدر، وهي المدينة التي تقع فيها جامعة كولورادو التي حصل فيها على شهادة الدكتوراه.
ألف عددا كبيرا من الكتب والدراسات، منها :
• الاستراتيجية الامريكية في الشرق العربي .
• السياسة من وراء الاستراتيجية .
• الدبلوماسية في العصر النووي .
• الدبلوماسية في عالم متغير .
• السياسة الخارجية وأبعادها في السياسة الداخلية .
• الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق .
• الكونغرس الامريكي ونكبة فلسطين .
• الدعاية العربية امام التحديات الصهيونية .
• الفكر السياسي العربي الاسلامي بين ماضيه وحاضره .
كما ترجم عن الانكليزية بعض الكتب منها كتاب (العلوم السياسية) لرايموند كافيله كيتين، ويقع بجزئين وقد طبع بين سنتي 1963 – 1964 . كما ان له مجموعة كبيرة من البحوث والدراسات باللغتين العربية والانكليزية منشورة في مجلات علمية عراقية وعربية وأجنبية.
اشرف على عدد من رسائل الماجستير واطروحات الدكتوراه في قسم السياسة في كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد .. وقد حصل سنة 1996 على لقب (استاذ متمرس) من جامعة بغداد. كما منح درع المجمع العلمي العراقي سنة 1997. وقبل ذلك منحته جامعة بغداد تقديرا لمجهوداته العلمية وفي سنة 1984 منح ميدالية ووشاح الاساتذة المتميزين .. ولا يزال، متعه الله بالصحة والعافية، يواصل عطائه العلمي باحثا واستاذا ومشرفا ومرشدا للباحثين ولطلبة الدراسات العليا.
حين كتب الاستاذ الدكتور فاضل زكي محمد جاسم النعيمي كتابه القيم والمتميز : ((الفكر السياسي العربي الاسلامي بين ماضيه وحاضره)) ونشرته له وزارة الاعلام العراقية سنة 1976 وطبع لاكثر من مرة، اكد بان على كل عربي ان يدرك اهمية تراث امته الفكري العربي الاسلامي في نهضتها الحديثة. وقال : ((بان الامة العربية لكي تستطيع ان تنهض نهضة فكرية وحضارية اصيلة مجددة لا بد لها ان تستمد اصول نهضتها الحديثة من الاصول الفكري والتراث الحضاري العربي الاسلامي)). وقال ان الافكار السياسية تعكس دوما الظروف والاحوال في بيئة الامة التي نشأت فيها، فهي جزء من شخصيتها وتراثها الذي تكون لديها عبر السنين والاجيال، وبعبارة أدق ان الافكار السياسية التي تتكون عند أي أمة عبر تاريخها تشكل الخط الفكري الذي ترسم به تلك الامة شخصيتها وتحدد به نظرتها الى السياسة. لذلك فقد اهتم الدكتور فاضل زكي محمد بدراسة الفكر السياسي العربي – الاسلامي بما يضمه من مبادىء وقيم ونظريات. فضلا عن القوى الرئيسية المكونة له، وهي القوى الطبيعية والقوى القدسية والقوى البشرية.
وقد اكد في ختام كتابه (( ان الفكر العربي الاسلامي فكر متفتح ومعتدل وانساني وقادر على التطور واحترام الآخر وفق كل هذا فهو فكر بناء وكل مايحتاجه ان يقوم ابناء هذه الامة من المفكرين لاظهاره على حقيقته، لكي يتمكن من ان يلعب دوره في بناء عالم لغد انساني سعيد كما لعب دوره المشهود في عالم الامس)).