مشروع الشرق الاوسط الكبير :الفكرة والتطبيق
بقلم:ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
تاريخ النشر : 2007-02-03
مقدمة:
يعتقد البعض من المراقبين ان مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي دعت اليه ادارة الرئيس الأميركي الحالي جورج دبليو بوش منذ سنوات ، ظل حبيس أدراج مكاتب وزارة الخارجية الأميركية والمؤسسات الأخرى، ولكن المتابعة الدقيقة للموضوع تكشف لنا بأن هذا المشروع في الوقت الحاضر قيد التطبيق وذلك من خلال آليات وأساليب كثيرة. ولنتساءل الآن أولاً ماهي أبعاد هذا المشروع وما ميادينه؟ ثم نوضح فيما بعد ماتم تنفيذه من بنود المشروع.
مشروع الشرق الأوسط الكبير كفكرة:
في شباط سنة 2001 انتهت لجنة استشارية فيدرالية أميركية عرفت باسم لجنة هارت- رودمان تحظى برعاية مباشرة من الرئيس الأميركي بوش نفسه والكونغرس من وضع تقرير بعنوان:"البيئة الأمنية الكونية الجديدة في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين" وقد تضمن التقرير عدداً من الدراسات عن المناطق المختلفة في العالم ومن بينها ما يسميه التقرير- الوثيقة "الشرق الأوسط الكبير". وأكد واضعوالتقرير ان هذه المنطقة التي تضم كلاً من العالم العربي واسرائيل وتركيا وآسيا الوسطى والقوقاز ومنطقة شبه القارة الهندية، "منطقة شديدة الأهمية" و "مصدر متاعب في الوقت نفسه"، خاصة وان "نظم الحكم في المنطقة، باستثناء كل من إسرائيل والهند وتركيا، هي نظم استبدادية، وتفتقر إلى نظم ديموقراطية مؤسسية". "بالإضافة إلى ذلك فان هذه المنطقة تعد موطناً للاتجاهات المتطرفة سياسياً، والتي ان لم تشكل مصدراً للتهديد لمجتمعاتها وجيرانها، فهي على الأقل مصدر مهم للقلق وعدم الاستقرار".
وفي العاشر من تموز سنة 2002 قدمت مؤسسة راند الأميركية للدراسات تقريراً وضعه (لوران مورافيتش) المحلل الاستراتيجي فيها، إلى هيئة السياسة الدفاعية في وزارة الدفاع الأميركية. ويتكون التقرير من أربع وعشرين نقطة، خصصت لدراسة الوضع في المنطقة العربية، ويخلُص التقرير إلى اقتراح مايصفه بأنه "الاستراتيجية الكبرى للشرق الأوسط". ويقول التقرير بالحرف مايلي: ان العراق يجب أن يكون المحطة الأولى التي ينبغي ان يحدث فيها التغيير ومن بعد ذلك تأتي السعودية ومصر وهكذا بالنسبة لبقية البلدان.. وقد رسم التقرير صورة قاتمة للأوضاع في العالم العربي تدل بما لا يدع مجالاً للشك على ان الولايات المتحدة عازمة على إجراء تغييرات جوهرية في هذه البلدان. ويضم التقرير تحت عنوان "ماذا انتج العالم العربي؟!" مجموعة من النقاط أبرزها:
1.ان هناك مشكلات اقتصادية وديموغرافية باتت مستعصية على الحل بسبب الفشل في تأسيس سياسات تضع الازدهار والرفاء هدفاً لها.. وفي كانون الثاني 2003 اطلق كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أمام مؤسسة التراث هيرتيج فاونديشن Hertiage Foundition مبادرة اسماها (مبادرة الشراكة الأميركية مع الشرق الأوسط" Us – Middle East Partnership Initiative وتتضمن المبادرة إعلان قيام الولايات المتحدة الأميركية بالمساعدة على إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية في بلدان الشرق الأوسط. وتتركز المبادرة على ثلاثة أسس وهي:
1.الإصلاحات الاقتصادية
2.الانفتاح السياسي والاجتماعي
3.التربية والتعليم
وفي السابع من آب 2003 تحدثت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية الحالية، وكانت آنذاك مستشارة للأمن القومي عن المشروع الأميركي الخاص بالتغيير في الشرق الأوسط وذلك عبر مقالها المنشور في صحيفة واشنطن بوست بعنوان "تأملات في التحول المنتظر بالشرق الأوسط" وأكدت بأن المنطقة العربية المكونة من 22 بلداً مع سكان يبلغ عددهم 300 مليون نسمة متخلفة وتفتقر إلى الحرية السياسية والاقتصادية والناس فيها يعانون من الإحباط واليأس والوضع أصبح يشكل "تهديداً متواصلاً لأمن الولايات المتحدة الأميركية" نفسها.
المهم، ودون الدخول في التفاصيل وردود الأفعال، فان الولايات المتحدة عرضت المشروع على قمة الدول الثمان الصناعية الذي انعقد في سي آيلاند بالولايات المتحدة في حزيران 2004 وجاء في نص مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي سمي لاحقاً بـ"مشروع الشرق الأوسط الموسع" ما يشير إلى ان الشرق الأوسط الكبير "يمثل تحدياً وفرصة فريدة للمجتمع الدولي، فالمنطقة تعاني من نواقص ثلاثة حددها المثقفون والكتاب والخبراء العرب أنفسهم في (تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية للسنتين 2002و2003 والنواقص هي (الحرية و(المعرفة) و(تمكين النساء) والنواقص هذه تخلق الظروف التي تهدد المصالح الوطنية لكل أعضاء مجموعة الدول الصناعية الثمان، و"طالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، سنشهد زيادة في التطرف والإرهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعية" على حد قول واضعي المشروع.
ويصف المشروع صورة الشرق الأوسط الموسع، بوضعه الحالي ويقول أنها "مروعة" وتتضح القتامة في الظواهر التالية:
*ان مجموع إجمالي الدخل المحلي لبلدان جامعة الدول العربية الـ(22) هو أقل من نظيره في إسبانيا.
*حوالي 40% من العرب البالغين 65 مليون شخص اميّون وتشكل النساء ثلثي هذا العدد.
*هناك حاجة لخلق مالايقل عن 6 ملايين وظيفة جديدة لامتصاص الشباب.
*يعيش ثلث المنطقة على أقل من دولارين في اليوم.
*لاتشغل النساء سوى3ر5% فقط من المقاعد البرلمانية العربية.
*في امكان1ر6% فقط من السكان استخدام (الأنترنيت).
*يرغب 51% من الشبان العرب الهجرة إلى بلدان أخرى.
*هناك أقل من 53 صحيفة لكل 1000 مواطن عربي بالمقارنة مع 285 صحيفة لكل ألف شخص في البلدان المتطورة.
*ان ما تنتجه كل البلدان العربية من الكتب لا يمثل سوى 1ر1% من الإجمالي العالمي.
*التعليم الأساسي في المنطقة يعاني من نواقص وتراجع.
مشروع الشرق الأوسط الكبير في التطبيق:
في أواخر شباط 2004 انطلق وكيل وزير الخارجية الأميركية المكلف بالشؤون السياسية (مارك غروسمان) في جولة هدفها شرح مشروع الشرق الأوسط الكبير وقد ظهرت ردود فعل عربية متواضعة على المشروع منها ان وزير الخارجية المصرية آنذاك أحمد ماهر قال بأن مصر لاتنتظر أحداً كي يدلها على الإصلاح ومضمونه وهي تشعر بأهمية الإصلاح. وقال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لنحلق رؤوسنا قبل ان يحلقها لنا الآخرون. وتحدث البعض عن مبادرة مصرية سعودية للاصلاح ستعرض على مؤتمر القمة في تونس (آذار 2003) وظهرت بعض محاولات الإصلاح الشكلية في مصر والكويت وسوريا والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية تتعقد..وحالات الغليان والإحباط تتزايد وحتى كتابة هذه السطور (16شباط2006) سمعنا الكثير من محاولات ومبادرات الإصلاح ومواجهة حالات الفساد في البلدان العربية لكن نتائجها ذهبت أدراج الرياح، فبنية النظم السياسية العربية بحاجة إلى الإصلاح وهي متهرئة والفساد مستشرٍ واذا ما استمرت الأوضاع على هذا النحو فان المستقبل العربي لن يسر أحداً.. وليس هذا هو موضوعنا في هذه الورقة التحليلية وانما نحاول ان نقف عند الجوانب التطبيقية للمشروع الأميركي المشار اليه آنفاً والمتعلق بالشرق الأوسط.
ابتداءاً لابد من الإشارة إلى ان الولايات المتحدة لم تنتظر كثيراً، فلقد بدأت مجموعة من الخطوات الإجرائية ومن ذلك ان الإدارة الأميركية أسندت مسؤولية مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط إلى ليز تشيني نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وبموجب هذه المبادرة تم تخصيص نحو 200 مليون دولار للعام 2003-2004 وذلك لعقد مجموعة من الندوات والاجتماعات وورش العمل Work Shop في الولايات المتحدة والبحرين والأردن حول الإصلاحات القضائية وحقوق الإنسان والمرأة. كما أعلن عن نية الولايات المتحدة افتتاح مكتب إقليمي لهذه المبادرة في تونس في وقت لاحق من العام 2004. وبعد أن تركت ليز تشيني منصبها تولت (الينا رومانوسكي) إدارة مكتب مبادرة الشراكة، حيث قامت أواخر كانون الثاني 2004 بزيارة مصر لبحث مقترحات أميركية تشمل تخصيص مبلغ 200 مليون دولار لمنظمات غير حكومية (منظمات المجتمع المدني) تعمل في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان، في الوقت الذي أكد فيه مسؤولون بوزارة الخارجية الأميركية ان الحكومة المصرية تضع قيوداً مشددة بشأن المنظمات غير الحكومية التي تستطيع تلقي مساعدات أميركية ومنها على سبيل المثال مركز بن خلدون للتنمية الذي يرأسه الدكتور سعد الدين إبراهيم والذي سبق ان سجن لمدة ( سنوات بتهمة تلقي أموال أجنبية لمركزه البحثي.
لذلك دعا كينيت بولاك الذي كان تولى منصب قسم العراق والخليج العربي في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الحكومة الأميركية إلى ممارسة ضغوط على الحكومة المصرية بهذا الشأن بالتهديد بخفض المساعدة الأميركية السنوية لمصر والتي تبلغ قرابة ملياري دولار. وذكرت مصادر مطلعه ان الوكالة الدولية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الأميركية تجريان مراجعة لبرامج المساعدة الأميركية طويلة الأمد في منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها المساعدة التي تقدم لمصر منذ سنة 1979، أي منذ السنة التي عقدت فيها المعاهدة المصرية- الاسرائيلية بعد مباحثات كامب ديفيد المعروفة، والتي أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي. كما أعلن قبل أيام في وزارة الخارجية الأميركية أنه قد تم تخصيص مبلغ خمسة ملايين دولار كمساعدات تقدم إلى المعارضين السوريين وذلك في اطار دعم ماأسماه بيان الخارجية الأميركية "الحرية الديموقراطية في سوريا"!!
ورغم ان المجلس القومي للاستخبارات الأميركية قد ذكر في مسودة "تقرير حول الاتجاهات العالمية حتى سنة 2020" "بأن قصة الفشل والأزمات في الشرق الأوسط ستظل إلى حد كبير قصة حكومات غير فعّالة"،فان مسؤولاً أميركياً أعرب في تصريح له، عن رفضه دعوات المنتقدين بضرورة ان تتحرك الولايات المتحدة بسرعة أكبر، وان تهدد بعواقب إذا دعت الضرورة وقال متسائلاً: "هل يبحث هؤلاء المنتقدين عن أنظمة للإحاطة بها، أنني لا اعتقد ان ذلك في صالح أحد". وكان العديد من النقاد ذوي الاتجاهات اليمينية والمحافظة الأميركية قد طالبوا في أعقاب الغزو الأميركي للعراق وإسقاط النظام السابق في التاسع من نيسان 2003، إلى تبني سياسة تغيير الأنظمة في كل من سوريا وايران والسعودية والضغط على مصر، فيما شكك خبراء امريكيون في شؤون الديموقراطية بنجاح خطط الرئيس الأميركي بوش وقال (توماس كاروترز) الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام في دراسة نشرها مؤخراً "ان أنظمة الحكم في الشرق الأوسط قد تقبل بإصلاحات محدودة كوسيلة للحفاظ على قبضتها على السلطة وليس من أجل الديموقراطية!!".
في آذار 2005 أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً أسمته بـ(بيان حقائق) يحدد معالم مشاريع تنفذ بموجب "مبادرة الشراكة الأميركية للشرق الأوسط" وإنجازاتها منذ تأسيسها في العام 2002. ومما جاء في هذا البيان ان "مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية" تبعث برسالة فحواها دعم الولايات المتحدة القوي لجهود الإصلاح في المنطقة، وتمول الشراكة أكثر من (100) برنامج في 14 بلداً ترمي إلى تحقيق أهداف الإصلاح التي رسم معالمها الرئيس الأميركي بوش لدى إطلاقه لهذه المبادرة في كانون الأول من العام 2002، وتدعم المبادرة الرئاسية التي استحدثت لمساعدة شعوب المنطقة كافة، وبشكل خاص النساء والشباب، إصلاحات سياسية واقتصادية وتربوية خلاّقة ومستمرة وتقودها جهات محليّة"!! ويبدو أن الهدف من التركيز على شريحتي الشباب والنساء هو لدورهما الفاعل داخل الأسرة العربية، واستعدادهما للتغيير.
وأورد البيان حقائق ومعلومات حول (التمويل) ومما جاء في هذا الجانب "حتى هذا التاريخ، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 293 مليون دولار لتمويل الشراكة على مدى أربع سنوات مالية، ويشمل هذا المجموع مبلغ 4ر74 مليون دولار في السنة المالية 2005 وهذه المبالغ هي إضافة إلى مساعدات اقتصادية ثنائية تزيد على مليار دولار تقدم سنوياً إلى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وحدد البيان "مخطط الإصلاح والنتائج حتى آذار 2005 بالإصلاح الاقتصادي والإصلاح التربوي والإصلاح الديمقراطي. ففيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي، "فان الشراكة تعني اقامة منطقة تجارة حرة للشرق الأوسط بحلول سنة 2013 من خلال توفير مساعدات فنية لمساعدة البلدان على التفاوض بشأن اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة والتقيد باتفاقيات التجارة والاستثمار والانتساب إلى منظمة التجارة العالمية".
كما "أسهمت المساعدات التقنية للشراكة في تحقيق نجاحين رئيسين هما عقد اتفاقيتين للتجارة الحرة مع البحرين والمغرب".
و"يدعم الركن الاقتصادي تغييرات في البيئة التنظيمية والقطاع المالي من خلال تمويل عمل فرق الخدمات المالية الطوعية وبرامج في القانون التجاري والتدريب من قبل خبراء أميركيين".
و"تساعد برامج الشراكة في تطوير مشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم، والتي تعد محرك دفع للنمو الاقتصادي، من خلال تدريب أصحاب مشاريع وانخراط نساء عربيات شابات في دورات تدريب في كبرى شركات العالم المندرجة على قوائم فورتشن – 500".
و"عملاً بمبادرة الشرق الأوسط فان الأموال من البرنامج الثنائي تعمل على دعم عمل المؤسسة المالية الدولية لانشاء مناخات اعمال أفضل للشركات الصغيرة والمتوسطة وانشاء مركز محلي للتدريب على التمويل المصغر من قبل المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء وتأسيس مراكز مشاريع في المغرب والبحرين".
و"اقراراً بأن الاصلاح والتغيير الديموقراطي سيستغرقان فترة من الزمن، فان الركن التربوي يشترك مع منظمات غير حكومية وحكومات أقليمية لوضع الأسس لتربية ذات نوعية وذات صلة يمكن ان يقام على أسسها التحول المستديم في جميع القطاعات".
"وبالاشتراك مع مبادرة التربية الأردنية تدعم الشراكة مايلي:
*"تطبيق الابتكارات التكنولوجية وخبرات في مواضيع متخصصة تعرض استحداث منهاج تفاعلي ووضع مواد تعليمية لمتلقي اللغة الانكليزية كلغة أجنبية تساعد على تزويد الطلاب بالمهارات الضرورية للتنافس في الاقتصاد العالمي".
*"مكتبتي العربية" وهو مجهود مستحدث لتشجيع المطالعة والتفكير ومهارات التحليل لدى الطلاب الصغار. كما أنه يشرك المدرسين وأولياء الأمور والمجتمع".
*توفر مبادرة "القادة الطلابيون:دراسة معاهد الولايات المتحدة"، "شبكة من الرجال والنساء الشباب والمحفزين ذوي تعليم عملي ونظري في القيادة وحل المشاكل ومهارات عمل المشاريع، تضاف اليها نكهة المجتمع الأميركي، والقادة الطلابيون هؤلاء هم القادة المستقبليون للمجتمع المدني والقطاع الخاص والحكومة والمجتمع. كما أنهم سيكونون أصحاب مشاريع ناجحين، وهو الأساس الذي سيمكن للمنطقة أن تشهد تحولاً عليه"
*تدعم الشراكة كذلك "شبكة المعلومات العربية الاقليمية لبوابة التعليم العالمية" التي "ستوفر مصادر تعليم ذات نوعية في العالم أجمع. كما ستطور شبكة الكترونية متعاونة تربط المدرسين والمربين والمؤسسات التربوية في العالم أجمع تشجيعاً لتبادل المعلومات والمعرفة، وتدعم هذه البوابة، التزام مجموعة الثماني الاقتصادية بالاصلاح التربوية في ظل مبادرة الشرق الأوسط الكبير شمال أفريقيا".
*"تعزيز دور النساء: في البلدان التي تحققت فيها اختراقات تشريعية مثل سن قانون الأسرة الجديد في المغرب، فان مشاريع تتم برعاية الركن النسائي لمبادرة الشرق الأوسط الكبير أفادت النساء من خلال دعم برامج تربية عامة للمساعدة في ضمان ان القانون سيكون معمولاً به ومفهوماً على نطاق كبير". تزود برامج في مجالات أخرى مثل معاهد الحملات (السياسية) لأقلية النساء بالمهارات والاستراتيجيات الرامية إلى خفض العقبات في وجه مشاركتهن على وجه أكمل في جميع نواحي الحياة بما في ذلك القيادة السياسية.
دعمت المبادرة العمل الميداني، واعداد مسح مؤسسة فريدوم هاوس Freedom House لوضع حرية المرأة في الشرق الأوسط… وسيسهم هذا المسح الذي يشمل غالبية بلدان المنطقة في زيادة الوعي في أوساط السكان وتمكين الجماعات النسائية من زيادة نشاطاتها الهادفة إلى تعزيز حرية المرأة وتحدد مجالات لبرامج نسائية في المستقبل".
في حزيران 2004 أطلقت مجموعة الثماني الاقتصادية مبادرة سميت بمبادرة "الشراكة من أجل التقدم ومستقبل مشترك مع منطقة الشرق الأوسط الكبير/شمال أفريقيا". والعنصر الأساسي في هذه المبادرة هو "منتدى المستقبل" الذي يعمل كاطار لاجتماعات منتظمة على المستوى الوزاري بين ممثلي الدول الثماني وممثلي بلدان مشاركة من المنطقة. وهدف هذه اللقاءات التركيز على مسائل الاصلاح.
ويلحظ منتدى المستقبل التواصل مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية. فضلاً عن ذلك فان هناك مبادرات محددة اتفق بشأنها في قمة سي آيلاند بالولايات المتحدة، والتي أشرنا اليها آنفاً، ومن بينها مبادرة التمويل المصغر، وبرامج لمحو الأمية، وبرامج للتدريب على إقامة وادارة المشاريع، ومساعدة حوار الديموقراطية، واقامة منشأة لتطوير المشاريع الخاصة ضمن مؤسسة التمويل الدولية، وتقدم الولايات المتحدة الأميركية، وفي الأساس من خلال "الشراكة" مايقرب من 22 مليون دولار لأربع من هذه المبادرات: مركز التمويل المصغر، التدريب على إقامة وادارة مشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم، مبادرة خاصة بالتدريب على تكنولوجيا المعلومات، ومركزين حول إقامة المشاريع في كل من المغرب والبحرين.
وفي 13 كانون الثاني/يناير2006 ذكرت نشرة واشنطن التي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية بأن ثمة برنامج تدعمه الولايات المتحدة يساعد في تدريب الشباب الشرق أوسطيين على ادارة الأعمال. وقالت كريس نورنتون، المحررة في النشرة بأن عدداً من تلاميذ المدارس الثانوية في ثماني دول شرق أوسطية أصبحوا على الطريق إلى التحول بسرعة إلى اصحاب أعمال مهرة بمساعدة من برنامج أميركي لتدريب الشباب على ادارة الأعمال.
وأضافت بأن هؤلاء التلاميذ تمكنوا بدعم من برنامج (انجاز – العربية) وهو الفرع الشرق أوسطي لبرنامج انجازات الشباب الأميركي، من انشاء مشاريع كثيرة بينها على سبيل المثال مشروع معالجة النفايات للاستفادة منها مجدداً، وافتتاح دار للسينما في قرية ريفية، وتأسيس مكتب خدمات وسفر. ولبرنامج انجازات الشباب الأميركي، الذي تم انشاؤه في الولايات المتحدة في العام 1919، نشاطات حالياً في (98) بلداً ويستفيد منه حوالي 6ر6 مليون تلميذ في مختلف انحاء العالم. أما التهمة التي يرمي البرنامج إلى تحقيقها فهي "تثقيف وتعليم والهام الشباب ليقدروا أهمية مشاريع الأعمال الحرة والتجارة والاقتصاد لتحسين نوعية حياتهم.
وقد أطلق البرنامج الأميركي، بالاشتراك مع مؤسسة إنقاذ الطفل برنامج "إنجاز" في الأردن في السنة 1999 وبدأ نشاطاته بثلاثمائة مشارك فقط، ولكن نشاطاته توسعت حتى أصبحت تشمل الآن كلاً من لبنان، ومصر، والضفة الغربية، وغزّة، والبحرين، وعُمان، والكويت، ودولة الامارات العربية المتحدة . كما ازداد عدد المشاركين فيه حتى وصل إلى 40 ألف شاب وشابة.
وعلى المستوى الاقتصادي كذلك، فان الولايات نجحت في عقد اتفاقية تجارة حرة مع البحرين، وتتفاوض الآن مع سلطنة عمان ودولة الامارات العربية المتحدة بشأن عقد اتفاقية تجارة حرة والهدف من ذلك خلق بيئة متقبلة لبرنامج انجاز الأميركي. وقد استهل البرنامج أول نشاطاته في الامارات العربية المتحدة في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2005 وهو البرنامج الذي سمي باسم (دورة دراسية لشركة) ويهدف إلى تعريف الطلبة على التحديات التي تواجه المرء في سعيه لتأسيس وادارة مؤسسة أعمال. وقد تم وضع المساق (المنهاج) الدراسي بالتشاور مع وزارة التربية والتعليم التي قامت بتعديله ليتناسب مع الظروف المحلية. كما اختارت الوزارة مدارس في خمس من الامارات السبع لتطبيق البرنامج.
وينتمي المرشدون في برنامج انجاز إلى شركات مختلفة متعددة الجنسيات مثل موتور وسيتي غروب وبنك HSBC ويعمد البرنامج، بهدف تقديم منظور عالمي في ادارة الأعمال للطلبة، إلى احضار مرشدين من المغرب وجنوب أفريقيا وايرلندا وكينيا فضلاً عن الامارات، لتعليم الطلبة في دورة الصفوف الأولى التي تستمر 12 اسبوعاً. وقد قالت سلاف الوغبي مديرة برنامج انجاز في دولة الامارات العربية المتحدة ان "دورة دراسية لشركة" يوضح المقصود بمفاهيم العرض والطلب والسرية والموازنة بين العمل الحياة ومجموعة مبادئ السلوك الأخلاقي، ويتم لمنح الطلبة تجربة شخصية في الادارة المالية، اعطاء الطلبة حسابات مصرفية وتدريبهم على وضع ميزانية وتخصيص الأموال لمشاريع تجارية صغيرة وسيتم التبرع بجميع الأرباح التي يجنونها من أتعابهم إلى منظمة خيرية محلية، وهو درس اضافي في مسؤولية الشراكة أزاء المجتمع.
خاتمة:
وأخيراً ، نحن من الذين يرون بأن الاصلاحات لكل شؤون البلدان العربية أمراً مهماً وضرورياً ومن الطبيعي ان الاصلاحات يمكن ان تعدل بعض ما أفسدته نظم الحكم العربية طيلة النصف قرن الماضية، ويقيناً ان ثمة حقائق لابد من الإشارة بها والتذكير بها وهي ان هذه المنطقة وعبر تاريخها الحديث شهدت تدخلات قوى أجنبية عملت على فرض فكرة الاصلاح، والمثال الأقرب الينا هو الضغوط التي مارستها أوربا على الدولة العثمانية منذ منتصف القرن التاسع عشر لادخال الاصلاحات، وقد استجابت هذه الدولة للاصلاحات فأصدرت مراسيم عديدة منها خط شريف كلخانة 1839 وخط شريف همايون 1857 والتي استهدفت اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية، لكن هذه الاصلاحات، وللأسف الشديد، جاءت في ظروف ضعف وانكسار وتدهور البنى الأساسية للدولة والمجتمع العثمانيين وكانت النتيجة سقوط الدولة العثمانية وتفككها.. ونخشى اليوم من أن تؤدي الدعوات الإصلاحية التي انطلقت من الخارج إلى مزيد من التدهور والتآكل والضعف في بنية المجتمعات العربية.. لذلك يتطلب الأمر من المسؤولين والمثقفين العرب في آن واحد ان يقدموا لبلدانهم ما يساعدهم على معالجة النواقص الكثيرة التي تعاني منها مؤسسات دولهم ومجتمعاتهم وخاصة على صعيد التنمية والحرية وحقوق الإنسان والمرأة.
ومع أننا لا ننكر بأن هذه النواقص جاءت نتيجة ظروف داخلية وخارجية يتعلق بعضها بطبيعة البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية الضعيفة، لكن البعض الآخر هو بسبب التحديات الخارجية التي تواجه العرب وأبرزها إهمال إسرائيل والمجتمع الدولي كله لحقوق الشعب الفلسطيني خاصة في مجال تقرير مصيره واقامة دولته الحرة المستقبلية،ولئن تعذر الحكام العرب بهذه القضية ورفعوا شعارات "ان لاصوت يعلو فوق صوت المعركة" ، فان المعركة الحقيقية، هي معركة التحرير والبناء والاعمار ، واذا ما تحقق ذلك وأخذ الحكام والمسؤولين والمثقفين العرب ذلك بنظر الاعتبار وأعطوا لثوابتهم وقيمهم الوطنية والقومية والدينية المكانة اللائقة بها فانهم سيتمكنون من أخذ المبادرة لاصلاح أوضاعهم بدل أن تترك بأيدي غيرهم، وإلا فالكارثة قادمة ولات ساعة مندم!!
*الدراسة منشورة لأول مرة في موقع (دنيا الوطن ) الفلسطيني يوم 3 شباط - فبراير 2007 ...........والموقع حاليا 22-10-2024 متوقف لهذا اعدت نشر الدراسة بناء على طلب احد الاخوان من الاعلاميين العراقيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق